الأربعاء، 15 نوفمبر 2023

إضاءة. المتشابهون. أحمد طايل

 

إضاءة على رواية

"المتشابهون" للروائي أحمد طايل. مصر

 

بقلم الروائي محمد فتحي المقداد. سوريا

 

الواقعية الاجتماعية مدرسة نهل منها جميع الكتاب والأدباء، وهي ميدان فسيح يلتقطون منه الأفكار، وهو مصدر إيحاءاتهم الإبداعيّة بكافَّة صنوفها الأدبية.

رواية "المُتشابهون" للروائي "أحمد طايل" أنموذج جدير بالتوقّف في رحابه الفسيحة للاستمتاع والتذوّق، لاستخلاص رؤى متجددة اجتماعيّة مُتجذّرة راسخة في بيئة منفتحة تستقبل وترسل.

تتابعت سرديّة رواية "المتشابهون" بتسلسلها المنطقي الماثل في ذهن القارئ زمانيًا ومكانيًا، ليشكلا مساحة معقولة فُصّلت خصيصا لشخصيات تشابهت بسمات وأخلاق وتصرفات وعلاقات وتعالقات، شكّلت شبكة سرديّة متينة، من هنا تتجلّى موهبة الروائيّ "أحمد طايل"، حينما أفرع خبرته العريقة من خلال لغة مطواعة، استطاعت استيعاب تجربته المتصاعدة بتوتر متوائم مع العمود الفقري في كتابته الروائيّة.

"أحمد طايل" علامة روائيّة معاصرة محاكاة لتجربة "نجيب محفوظ" و"خيري شلبي" و"يوسف قعيد". هؤلاء الروائيّون استطاعوا انتشال القاع الاجتماعي من مستنقعات الضّياع والتهميش؛ ليكون أبطالًا فاعلين بحركتهم على مستويات المختلفة، وشكّلوا حالة تفاعلية بالشدّ والجذب مع فئات القراء داخل وخارج مصر.

للوهلة الأولى حينما قرأت عنوان الرواية "المُتشابهون"؛ أدخلني في نفق طويل من تداعيات الذاكرة إلى رواية "المقموعون" للروائي "عبدالسلام العجيلي". على الرغم من تباعد الحدث الروائي بينهما.

خاتمة رواية "المتشابهون" جاءت تفسيرًا ذكيًا مُريحًا للقارئ، بأوجه التشابه بين أبطال الرواية المتشابهين بميولهم واتجاهاتهم الاجتماعية المتقاربة في العموميّات، وتركت هامشًا واسعًا من الحريّة الشّخصيّة لكلّ بطل في مسارات حياته الخاصّة، وتجاذبات علاقاته بالمجتمع، كلّ بُني ضمن إطار روائي ببعده الفكريّ ذي النّهج الخيّر والإصلاحيّ. وفي هذه الاقتباسات ما يُؤيّد وجهة نظر، ومنحى الإضاءة:

 *(قد تتباعد بنا الحياة، وتأخذ كل منا إلى مسار مغاير لعمل مختلف لحياة مختلفة، ولكن بيننا جميعاً ما ينادينا، التشابه، لكل إنسان ما يشبهه، وليس المقصود تشابه الملامح والقسمات ولون البشرة التشابه هنا هو تشابه الأفكار، تشابه الأرواح، بالرؤى، بتحللات المشاهد والمواقف هناك فهم مشترك بيننا، التشابه متوارث عبر الأجيال) ص298.

*(لو راجعتم سيرة الآباء والأجداد ستجدون أن لكل منهم أصفياؤه والأصفياء يحملون تشابها مع الآخرين) ص299.

*(كان ارتباطنا الروحي والفكري والإنساني علينا إن كنا نريد الحياة الهادئة المتصالحة مع الذات أن نبحث دائماً وبلا كلل عن من يشبهنا) ص299.

وبهذا تكون المكتبة العربيّة قد حازت على خريدة أدبية أبدعت في تسطير رُؤى فكريّة للروائي "أحمد طايل" في عمل روائي جادّ هادف بمحاربة الظلم والفساد، ومناصرة قيم الحياة والحب المرتكزة على حقائق الحقّ والعدل والحريّة.

 

عمّان. الأردن

15/11/2023

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق