محمد فتحي المقداد
الدُرُّ المكين في كتاب المساكين
محمد
فتحي المقداد
الدرُّ المكين في كتاب المساكين
2024
التصنيف |
منصّة النشر الإلكتروني
لصحيفة آفاق حرة الثقافيَّة
المؤلف. محمد فتحي قاسم المقداد
الكتاب. الدرُّ المكين في كتاب المساكين.
أدب الخواطر
كافة الحقوق محفوظة للمؤلف والموقع حصرًا
v لا مانع من الاقتباسات من الكتاب، لكن مع
الإشارة إلى الكتاب كونه مصدر المادَّة المقتبسة. وذلك بقصد الأمانة العلميَّة
والمصداقيَّة لمن يأخذ أي معلومة من الكتاب.
المقدمة
استفتاح حول كتاب المساكين
Ø
"هذا كتاب المساكين، فمن لم يكن مسكينًا
لا يقرؤه، لأنَّه لا يفهمه، ومن كان مسكينًا؛ فحسبي به قارئًا والسَّلام"*[1]
Ø
"ينبغي أن تُقدّر ثروة الإنسان لا بماله
ومستغلَّاته، بل بعدد الأشياء التي ينبغي أن يعيش غير محتاج إليها".*[2]
Ø
إلى صاحب المساكين: "لقد جعلتَ لنا
شكسبير كما للإنجليز، وهيجو كما للفرنسيِّين هيجو، وغوته كمَا للألمان غُوته".*[3]
Ø أخرج
الرافعيّ كتابه هذا في سنة 1917م، وفرغ الشَّيخ عليّ من دنياه بعد ذلك بقليل، ولكن
روحه ظلَّت تعمل في نفس الرّافعي، وتُملي عليه وتُلهمه الرّأي إلى آخر أيَّامه بعد
ذلك بعشرين سنة، وهو الكتاب الرابع ممَّا ألَّف في المنثور، وثاني ما ألَّف في أدب
الإنشاء، ويُعرَّف به الرافعيِّ في الصَّفحة الأولى؛ فيقول: هو كتاب "أردتُ
به بيان شيء من حكمة الله في شيء من أغلاط النَّاس. حاولتُ أن أكسو الفقر من
صفحاته مَرقَعة جديدة"، وهو كتاب اجتمع على إخراجه سببان: أهوال الحرب التي
حطَّت على مصر بالجوع والقحط والغلاء، والشَّيْخ عليّ الجناحي.
Ø الرَّافعيُّ
كان يؤمن بفلسفة التَّسليم والرِّضا فيما لا طاقة له به، إيمانًا كان مادَّة ونظام
عمله*[4]
§
الجيش وحده مادَّة النَّصر.
(1)
الشَّيخ علي
§
وما حياة الفلاسفة إلَّا اِخْتيار للموت؛ فهم
يُميتون في أنفسهم كلَّ سبب إلى الشَّهوة، وكلّ داعية إلى اللَّذة، يحيون بالقسم
الأعلى، وتبقى مادَّة الأرض فيهم، كأنَّها أرضٌ بورٌ عارية المَحَاسِر، لا تُخصِب
ولا تُنبِت.
§
السَّعادة تبحثُ عن معناها في النَّاس
وأهوائهم وشهواتهم.
§
السَّعادة أهْنَأ من أن تُوفي شرَّ هذه
السَّعادة فلا تتطلَّع نفسكَ إليها، ولا ينالُكَ إلَّا ما تُحب أن ينالكَ، فأنت
بعدُ وادِعٌ قارٌّ آمِن في سِربِكَ، خارج من سُلطان ما بينكَ وبين النَّاس، من
خُلُق مُستبِدٍّ، أو رغبةٍ ظالمةٍ، أو صِلَةٍ عاتبَةٍ، ولا حُكم عليكَ إلَّا لمالك
المُلك.
§
ماذا أنت طالبٌ من السَّعادة، إذا هانَت
الحياة.
§
النِّعَم المُنافقة يأتي بها المال، حين
يأتيكَ بالجاه وأصحاب الجاه، ومن يُريدكَ لمالكَ وجاهِكَ.
§
وهل في النِّعمة خيرٌ من الكَفافِ حاضِرًا.
§
ولا أذلَّكَ للمال إلَّا خُضوعكَ للآمال.
§
ويحَكَ! وهل للبطنِ كبرياء، وهو ستارٌ على
أقذار؟.
§
النَّاس عبيد أهوائهم، وأينما يكُن محلُّكِ
من هذه الأهواء؛ فهناك محلُّ اللَّفظة التي أنتَ خليقٌ بها.
§
ليس شيءٌ في النَّاس يزيدُكَ كمالًا من غير
أن يزيدكَ نقصًا.
§
الطَّبيعة نفسها تُخرِجُ الجميل تفسيرًا
للقبيح، وتُظهِرُ القبيحَ تعليقًا على الجميل.
§
إنَّ شرَّ ما تكونُ حيوانيَّة الإنسان؛ حين
تكون عقليَّةً مَحْضَةً، وراءها عقلُ العالم، واختراع المُختَرِع، وفنُّ
المُتفِّنن.
§
ربَّما كانت التَّعاسة السَّامية خيرًا من
سعادة سافلة.
§
الفلاسفة الذين يعيشون في السُّحُب العالية
من فضائلهم؛ فيُمطرون الكَوْن مرَّة، ويرجمونَهُ مرَّة.
§
ما كانت الحقيقة أحد الخصميْن قطّ، إلَّا
كانت الهزيمة على الآخر.
§
البحرُ لا يُعادي الزَّوْرق الذي يجري فوقه،
ولكن يُعادي المِجداف الذي يُديره هاهنا وهاهنا.
§
أكثَرُ ما في هذا العالم من شرٍّ وفسادٍ،
إنَّما يرتطم في هذين الحرفيْن: "هات، و خُذْ".
§
وهل في الحياة أشدُّ غُموضًا من رجُلٍ يرى،
أو كأنَّه يرى، أنَّ كلّ نعمةٍ لم ينلها؛ فهي مُصيبةٌ لم تَنَلْهُ.
وقفة
(1). الشيخ علي |
(2)
في وحي الرُّوح
التراب المُتكلَّم أمام التراب الصَّامت
§
تُرى أيّهما هو الصِّدق في حقيقته: ما نفرح
به، أو ما نحزن له؟.
§
إنَّ في الحياة مِلحًا، وإنَّ في الحياة حُلوًا،
وكلاهما نقيض، فليس منهما شيء إلَّا هو ردٌّ للآخر، أو اعتراض فيه أو خلاف عليه.
§
تُؤتى الحُلو تُسيغه وتستَعذِبَه؛ فإذا هو بك
في الملح تمُجُّه وتغصُّ به، ثمَّ لا تضع من أمر على أحسنه في صورة، إلَّا رأيته
على أقبحه في صورة أخرى.
§
الحيْرة لا نفْيٌ ولا إثبات.
§
تحت الوسائد كنوز أحلام اللَّيْل.
§
آمالنا كأرقام السَّاعة: هي اِثْنا عشر رقمًا
محدودة، ولكنَّها في كلِّ دقيقة هي اِثْنا عشر رقمًا؛ فلن تنتهي.
§
النَّاس كالأرقام تُخَطُّ على هذا التُّراب،
ثُمَّ يُقال للعاصفة: اِجْمَعي واِطْرَحي المسألة.
§
الحياة ليست أكثر من تجربة الحياة زمنًا
يقصُر أو يطول.
§
الحقيقة في كلِّ شيء لا تزال تفرُّ من تحليل
إلى تركيب، ومن تركيب إلى تحليل، لأنَّ شعور أهل الزَّمن بالزَّمن لا يحتمل المعنى
الخالد.
§
الإيمان قوَّة جبَّارة، لا تُجمَعُ إلَّا من
ردِّ كلّ أطراف النَّفس المُنتشرة إلى عُقدتها الرُّوحيَّة.
§
ألا ما أحمَقَ الزَّهرة التي علمت: أنَّ
الدَّوحة لا تقتلعها إلَّا العاصفة العاتية؛ فقالت: الآن أهزأ بالنَّسيم! ثمَّ
لمسها النَّسيم؛ فرمى بها ورقة ورقة.
§
كأنَّ الحيّ على هذه الأرض هو القبر
الإنسانيّ لا الجسم الإنسانيّ، فإنَّكَ لتجدَ قُبورًا من ألف سنة، ولا تجد إنسانًا
في بعض عمرها.
§
عند القبر تبطُل كلّ اللُّغات البشريَّة في
الفم الأخرس، وهناكَ يتحرَّكُ اللِّسانُ الأزليُّ بسؤالٍ واحدٍ للإنسان: ما
أعمالك؟.
§
تنازُع البقاء مذهبٌ فلسفيٌّ بقريٌّ لا
إنسانيّ.. فإنَّها الثِّيران هي التي تجد القوَّة أن تنطحَ، وتنسى لِمَ هي في
المجزرة.
§
الأحياء يحملون في ذَوَاتِهم معانيهم
الميَّتة، وكان يجب أن تُدفَن وتُطهَّر أنفسهم منها.
§
ما في الإنسانيَّة من شرٍّ؛ هو معنى ما في
النَّاس من تعفُّن الطِّباع والأخلاق.
§
إنَّ أحزاننا وهمومنا ودموعنا، هي كلُّ
المُحاولة الإنسانيَّة العاجزة التي نُحاول بها أن نكون في ساعة من السَّاعات مع
أمواتنا الأعزَّاء.
§
كما يُجرِّد الموت الحيَّ من روحه؛ ينتزعُ من
أهله الشَّهوات.
§
أهل كلّ ميِّت وإن عَلَا، كأهل كلِّ ميِّتٍ
وإنْ نَزَل.
§
تموتُ بالموت الفُروق الإنسانيَّة في المال
والجاه والقوَّة والجمال.
§
الدَّمعة واللَّوْعة والزَّفرة، وهذه هي
أملاك الإنسانيَّة المسكينة.
§
وما يعرف الحيُّ أنَّ الذَّاكرة في حاسَّة
اللَّانهاية، إلَّا حين يموتُ له الميِّت العزيز؛ فلا يكونُ في الدُّنيا، وهو في
ذاكرته بمعانيه وصورته لا يبرحها.
§
ليس يُنزلُ الحيّ من أمواته في القبر إلَّا
من يقول له: إنَّني مُنتظركَ إلى ميعاد! أمَّا لو عَقَلَها الأحياء؛ لعرفوا أنّ
الموت هو وحده ناموس ارتقاء الرُّوح ما بقيت الدُّنيا.
§
حماقة الكأس التي تريدُ أن تغتَرِفَ البحر؛
لتكونَ له شاطئيْن من الزُّجاج.
§
ويْح الغريق الأحمق يرى الشَّاطِئ على بُعدٍ
منه، فيتمكَّثُ في اللُجَّة مُرتَقِبًا أن يسبح الشَّاطئ إليه، ويثبُت الشَّاطئ،
ويدعُ الأحمقَ تذوب مِلحةُ روحه في الماء.
§
اِسْبَحْ. وَيْحكَ واُنْجُ؛ فإنَّ روح الأرض
في ذِراعيْكَ، وكلّ ضربة منهما ثمنُ ذرَّة من هذا الشَّاطئ.
§
ويْحه من غريقٍ أحمق، يرى الشّاطئ على بُعدٍ
منه؛ فيتمكَّثُ في اللُجَّة مُرتَقِبًا أن يسبح الشَّاطئ إليه... ويثبُتُ
الشَّاطئ، ويدعُ الأحمقَ؛ تذوب مِلْحَة روحه في الماء.
§
اِسبَح ويْحَكَ واُنْجُ؛ فإنَّ روح الأرض في
ذِراعيْكَ ، وكلَّ ضربة منهما ثمنُ ذرَّة من هذا الشَّاطئ.
§
ساحل الخُلْد: يريدُ الإنسان الذي هو إنسانٌ
أن يبلُغَ إليه مُجاهِدًا لا مُستريحًا، عامِلًا لا وادِعًا، يلهثُ تعبًا لا
ضحكًا، ويَشرَقُ بأنفاسه لا بكأسه، وينضَحُ من عَرَقِ جهاده لا من عِطر لذَّاته.
§
إنَّ روح النَّعيم الأرضيِّ في ذِراعَيْ
الغريق الذي يُجاهد؛
لينجوَ، وروح النَّعيم الأزليِّ الحيِّ الذي
يُجاهد؛ ليفوزَ!
..**..**..
وقفة (2). في وحي الرُّوح. التُّراب
المُتكلِّم أمام الصَّامت التراب الصّضاك |
"حديث الروح للأرواح يسري وتُدرِكُه القُلـوبُ بلا عَنَاءِ
هتفت به فطار بلا جنـــــــــــــــــــــــــــــــــــاحٍ
وشقَّ
أنينُه صَدْر الفَضَاءِ"*[5] وعلى رأي الشَّاعر "محمد إقبال"
في عالم الأرواح تسمو الكلمات، وتتسامى لتُحلِّق بعيدًا في سماوات واسعة بلا حدود
لتُناطح الثُّريَّا، ومن شاهق عليائها تنظر للأسفل للتراب المُتكلِّم تعبيرًا عن الإنسان،
وصفة لازمة للخلق بأنَّ أصلهم من تُراب كما جاء في الخبر القرآني:
قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ
لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾*[6].
قال
تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا
خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾*[7].
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ
مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ﴾*[8].
فقد جاء الخبر الإلهيِّ الأكيد من خلال هذه
الآيات القرآنيَّة، لطريقة الخلق والتكوين البشري: تراب+ ماء= الطين، ثمَّ تأتي
مرحلة "الحمأ المسنون" المُتغيَّرة ببعض خواصها عن تشكيلة الطِّين
الأولى، ثم لتأتي المرحلة الصَّلْصَاليَّة المُتصلِّبة، ولكن من غير نار وحرارة، ثم
نفخ الله سبحانه وتعالى من روحه، ليصبح إنساناً، سويًّا بتكوين جديد حامل لخواصِّ
المادّة والرُّوح معًا، فكان العقل ميِّزة الإنسان العُظمى، وهو مناط التكليف وما
يتبعه من طرائق حريَّة التخيير ما بين الخير والشرِّ، وجعل الله القلب منبع العاطفة
الموزَّعة ما بين الحب والكراهة. مُحمَّلًا بالمشاعر والأحاسيس والفرح والحزن،
والقلب في هذا المنبع الأساسيّ الأصيل للمشاعر المائجة بالمحبَّة والرَّحمة
والتَّسامُح؛ لإنارة دُروب الحياة لما في خير بني الإنسان، وجع ذلك النَّهج
إيمانًا راسخًا لا يتزحزح، وحجر أساس لدروب تتمادى فيها أفعال الخير والإحسان
والتراحُم والشَّفقة. وبالعودة إلى مقولة الرَّافعيِّ في هذا الخصوص: "إنَّ
روح النَّعيم الأرضيِّ في ذِراعَيْ الغريق الذي يُجاهد؛ لينجوَ، وروح النَّعيم
الأزليِّ الحيِّ الذي يُجاهد؛ ليفوزَ!".
هذه الحالة السَّامية من جزء من حركة الرُّوح
المُتواثبة بنهجها الطبيعيِّ الذي يُمكن أن نطلق عليه الفِطرة السَّليمة. وإذا حاد
الإنسان عن النَّهج يكون قد عاد ورجع إلى طبيعة تكوينه التُّرابيِّ، ليسقط في
مُستنقع الحقد والكراهية والحسد، والغضب والتَّعالي والاستحواذ على مُقدَّرات أخيه
الإنسان، وليعود سيرة قابيل وهابيل، لتسطير سيرة الدم والقتل والموت.
وحي الروح: ينبع من ينابيع القلب، خالصًا
ونقيًا، يموج بمشاعر الحب والرحمة والتسامح. ينير الدرب ويهدي النفوس نحو طريق
الخير والجمال. يلهم الإبداع ويُطلق العنان للخيال.
يُقرب الإنسان من خالقه ويُعزز إيمانه. يُحفز
على فعل الخير وإصلاح المجتمع.
التراب المتكلم: هو لغة التاريخ، يروي
حكايات الماضي وآثاره على الحاضر. يُعبر عن حكمة الأجداد وتجاربهم عبر الزمن.
يُلهم الصبر والمثابرة في مواجهة صعوبات
الحياة. يُذكّر الإنسان بمصيره المحتوم، ويُحثه على التمسك بالقيم الأخلاقية. يُعزز
الشعور بالانتماء إلى الأرض والتاريخ.
وهكذا تبدأ الحياة وتنتهي ما بين هاتين
المنزلتين: الرُّوح والجسد، وتجليَّات الفرح والحزن في ساحاتهما، ومنهما تنبثق
القصص والرِّوايات تتلمَّس دوربًا ما بين الحقيقة والخيال، سابحة في عوالم الفكر
والفلسفة، لإظهار المحاسن والتأشير المُباشر، والمُرَمَّز غير المُباشر للمساوئ والاخفاقات،
لتجنُّب العواقب الوخيمة من اليد التي تضغط على مقبص العصا، ومن خلال إسقاطات
لإيصال رسائل مُشفَّرة تُحاول الإفلات من عين الرَّقيب. يجري ذلك في عالم لا يعرف
ولا يعترف بالرَّأي والرَّأي الآخر، ولا بالآخر المُغاير في المُعتَقد والسُّلوك، عالم
الدِّكتاتوريَّات العسكريَّة والإيديولوجيَّة والطَّائفيَّة والقبليَّة
والعشائريَّة والقوميَّة والدِّينيَّة والاستعماريَّة.
وفي قول "الرّافعي" رحمه الله
قريبًا مُعبِّرًا عن ذلك: "تنازُع البقاء مذهبٌ فلسفيٌّ بقريٌّ لا
إنسانيّ.. فإنَّها الثِّيران هي التي تجد القوَّة أن تنطحَ، وتنسى لِمَ هي في
المجزرة".
والتراب الصَّامت يُمثِّل الغموض والسر،
ويُثير تساؤلات حول معنى الحياة والموت. يُجسد الصمت الأبدي، ويُحاكي الفراغ الذي
يُخلفه الإنسان بعد موته. يُعبر عن عجز الإنسان عن فهم كل شيء في هذا الكون. يُحفز
على التأمل والتدبر في عظمة الخالق. يُذكّر الإنسان بتواضعه أمام عظمة الكون. مقارنة
بين وحي الروح والتراب المتكلم وحي الروح: ينبع من الداخل، يُعبّر عن مشاعر
الإنسان وأفكاره. التراب المتكلم: ينبع من الخارج، يُعبّر عن التاريخ والماضي. وحي
الروح: يدعو إلى الخير والجمال. التراب المتكلم: يدعو إلى الصبر والمثابرة. وحي
الروح: يُقرب الإنسان من خالقه. التراب المتكلم: يُقرب الإنسان من الأرض والتاريخ.
الخلاصة: وحي الروح والتراب المتكلم هما مصدران للإلهام والمعرفة. لكل منهما خصائص
فريدة تُثري حياة الإنسان. يسعى الإنسان إلى تحقيق التوازن بينهما لفهم الحياة
بشكل أفضل.
(3)
الفقر والفقير
§
إنّ في تاريخ الحياة سؤالًا، لم تزل تُلقيه
أطماع النَّاس في كلِّ عصر من عُصورها.
§
الطَّمع ليست له طبيعة محدودة؛ فهو يرمي
بسؤال غير محدود، ويريد بطبيعته جوابًا غير مُحدَّد.
§
حقائق الإنسانيَّة الضَّالة عن الإنسان نفسه
في غيْب الله.
§
الفقر ذلك القبر المعنويّ، الذي لم يخلق الله
نفسًا من النُّفوس، إلَّا ولها ميِّت من الأمل في تُرابه.
§
إذا كان في لُغات الأفواه لفظٌ خالدٌ؛
فإنَّما هو الفقر.
§
الحقيقة الأرضيَّة تدور حول قُرْصَيْن: قُرص
اللَّهب، وقُرص الذَّهب.
§
من هو الكائِن الضَّعيف الذي أحاط به الجهل،
حتَّى إنَّه ليجهلَ نفسه..!
§
من هو هذا الحيّ الذي قضت عليه شرائع
الاجتماع أن يُنفِق من حياته أضعاف ما يكسب لحياته.
§
البائس في بني الإنسان الذي يكثر عليه
القليلُ، ويقلُ منه الكثير.
§
الفقر كأنَّه مسألة في حساب النَّاس، لاهَمَّ
لهم فيها إلَّا كثرةُ الطَّرح والضَّرب، ثمّ الغلط في النتيجة.
§
الحقوق متى أصبحت إنسانيَّة محضة ليس فيها
شيء؛ فكلّ درهم يوضَع في يد الإنسان؛ يجعل فيها عقلًا يحكُم على عقله، وكلّ رغيف
يستقرّ في معدته؛ يخلُق فيها ضميرًا يستبدُّ بضميره.
§
عَدْل الله يقضي أن يكون للفقير قسمةٌ من
الثَّروة ، وإنَّما الجزء المُهمّ من هذه الثَّروة: هو الإحساس في ضمائر الأغنياء.
§
ليس أحدٌ أخيَبُ رجاءً، ولا أحقُّ بأن يخيب،
ممَّن يسأل المُتهالِكَ على الرِّبا.
§
المُرابي هو من يَسْتنبِتُ دَرَاهمه بين
الأحزان والدُّموع.
§
الذي لا يعرفُ الله فيما يأخُذ، كيف يعرفُ
الله فيما يُعطي.
§
إنَّ في الأرض شيئيْن بمعنى واحد: قبور
الأموات في بطنها، وأكواخ الفقراء على بطنها. ليس من فرق بينهما في النِّسيان.
§
موتٌ منسيٌّ كموت الغريب، وحياةٌ منسيَّة
كحياة الفقير.
§
متى خرج المال من يد أحدهم؛ خرج اسمه من
أفواه النَّاس، وخرج حُبّه من قلوبهم، ويكون من أهل السَّعادة لو خرج أيضًا من
الدُّنيا.
§
الغنيُّ إذا تصوَّر الفقر وهو لا يزال في
غِناه، لا يتخيَّل إلَّا اِخْتلال نظام الأقدار.
§
إذا كان الفقر كلّ شيء عند هؤلاء الحمقى؛ فما
هو الشَّيء الذي يُسمَّى الفقر.
§
يُعطي المال أهله حتَّى فضائل غيرهم.
§
الفقر يسلُب أهله حتَّى محاسن أنفسهم.
§
المال نعمة ناقصة، ولن تتمَّ النِّعمة إلَّا
إذا رُزق الإنسان مع الغِنَى أخلاقًا تكفيه شرَّ الغنى.
§
العقل أشدُّ اِرْتباكًا منه في جمع المال.
§
الوَسَطُ*[9]
مَدْرَجَةُ بيوتنا ومصانعنا وحوانيتنا، وبكلمة هو طريق بعضنا إلى بعض.
§
قاتل الله البخيل وقبَّحه، فما هو إلَّا
حِرْصٌ على المنفعة يُشبه عبادة الوثنيِّين لكلِّ ما توهَّمُوا فيه المنفعة.
§
إذا كان للحوَّاس نوعٌ من الكفر بالله، فكُفر
اليد في إمساكها.
§
إن لم يكُن البُخل بقيَّة من الوثنيَّة
القديمة؛ فهو على كلِّ حال. نقص من الإيمان.
§
من أمسكَ عن الإحسان؛ فإنَّما يشُكّ في وعد
الله.
§
يوم يخرُج الإيمان من قلوب الأغنياء؛ تخرُج
أرواح الفقراء من أجسامهم.
§
الفراغ الذي يجده الفقير في بيته، إنَّما هو
موضع النِّعمة الضَّروريَّة التي بخل
الغنيُّ بها.
§
الإنسان إنَّما خُلِق اِجْتماعيًّا، وهو
بشخصه لا قيمة له، ولا منفعة إلَّا حيث يكون شخصه جُزءًا من مجموع.
§
اليد الواحدة في الجسم، ولو كانت يَدَ ملِكٍ،
وكان فيها زمام العالم؛ فإنَّها لا يُفارقها عيْب أختها المقطوعة.
§
خلَلُ النِّظام الاجتماعيِّ؛ فإنَّما مردّه
إلى طُغيان بعض الأفراد، وجُنوحهم إلى أن تكون شخصيَّة الواحد منهم من الكِبْر
والعَظَمة؛ بحيث تُوازن المجموع كلّه، أو أكثر المجموع.
§
الشَّخصيَّة الهائلة (الشَّخص العظيم) تُشبه
ما كان في تاريخ الوثنيَّة من شخصيَّات الآلهة، وأنصاف الآلهة.
§
الاشتراكيَّة تُحاول محق الرِّبا بمحق رأس
المال، وتَعْمى عن نظام الزَّكاة.
§
الإنسانيَّة لا ترى في الأرض إلَّا
الضَّمائر، وممَّا هذه الأجسام إلَّا أدوات صناعيَّة رُكِّبت هذا التركيب؛ لتصلح لحياة
الضّمير.
§
لو أنصفت القوانين لما لبست مثل هذه الحريَّة
الإنسانيَّة على رذيلتها، ولجعلت من نُصوصها القاطعة ما يكفَح مثل هذا الغنيّ،
ويتلقَّاه بلجامه، لأنَّه في الحقيقة ليس رجلًا، ولكنَّه دابَّة اجتماعيَّة.
§
من بديع حكمة الله أنَّه وضع للإنسانيَّة
أصلًا من أصول نظامها في ضمير الإنسان.
§
اِضْطراب الضَّمير يتَّصل اتِّصال الكهرباء
بأيدي المُجرمين؛ فإذا هو شلَلٌ.
§
الضّمير الذي يشهد الذَّنب، إنَّما يتلقَّى
العقاب عليه.
§
درجة الضَّمير التي لو جازها الحيوان؛ لصار
إنسانًا، ولو نزل عنها الإنسان لَعَادَ حيوانًا.
§
أفقر الفقراء ليس هو الذي لا يجد غذاء بطنه،
ولكنَّه الذي لا يستطيع أن يجدَ غذاء شعوره.
§
لذَّة المال لا تتجاوز الحواسّ الظَّاهرة.
§
يوم يفقد المرء فيه ضميره كلَّ شعور بالخير؛
فيفقد معه كلّ شعور بلذَّة النَّفس، التي هي أقرب المعاني للسَّعادة.
§
الغنيُّ المَمْعُود*[10]
في كفِّه معنى الحياة، وفي جَوْفه معنى الموت.
§
لا فرق بين الغنيّ في غِناه، وبين الفقير في
فقره فكلٍّ منهما لذَّة ألم.
§
الفقير يتألَّم بإدراكٍ ووَهْمٍ وفلسفةٍ، إذ
يقيسُ حاضره على ماضيه، وعلى ماضي غيره من الفقراء.
§
من تمنَّى أكثر ممَّا يستحقّ؛ فهو يتألَّم
بأكثر ممَّا يستحقّ.
§
نصف الفقر فقر كاذب.
§
لو كان مع الفقر قوَّة الإرادة، إذن لوجد
الحكماء في الأرض شيئًا حقيقيًّا يُسمُّونه الغِنى.
§
رُبَّ غنيٍّ يزيد أهله بالحرص والدَّناءة فقرًا.
§
لا تطلب الفضيلة التي يمكن أن تكون بلا ثَمِن،
ولا يمكن أن يكون شيءٌ ثمنًا لها.
§
الأغنياء الذين تموتُ في قلوبهم كلّ موعظة
إنسانيَّة أو إلهيَّة؛ فلا تُثمر شيئًا، حتَّى إذا ماتوا نَبَتَتْ كلَّها من تُراب
قُبورهم؛ فأثمرت لنفوس المساكين والفقراء عزاءً وسلوةً وموعظة من زوال الدُّنيا.
§
عين الحقيقة التي تعطي هذه الطَّبيعة
النَّظر؛ فتعطيها محاسن الطَّبيعة البِكْر.
§
انظروا في باطن الإنسان بالفضيلة التي هي من
نور الله، وبالحقيقة التي هي من نور الطَّبيعة؛ فإنَّكم لا تروْنَ حقيقة الغِنى
تبتعدُ عن حقيقة الفقر، إلَّا بمقدار شِبْرٍ واحدٍ، هو مِلْء هذه المعدة.
وقفة (3). الفقر والفقير |
المقدمة:
يُعد الفقر ظاهرة
اجتماعية معقدة رافقت البشرية عبر التاريخ، تاركاً أثراً عميقاً على الفلسفة
والمجتمع. تُعنى فلسفة الفقر بدراسة أبعاد الفقر المختلفة، من تعريفاته وأسبابه
إلى آثاره على الفرد والمجتمع، باحثاً عن حلول عادلة تُخفف من وطأته.
التعاريف:
الفقر المادي: هو نقص
الموارد الأساسية كالغذاء، المأوى، الملابس، الرعاية الصحية، التعليم.
الفقر النسبي: هو
مقارنة مستوى معيشة الفرد بمستوى معيشة الآخرين في نفس المجتمع.
الفقر المُطلق: هو عدم
القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية للبقاء على قيد الحياة.
أسباب الفقر:
الظروف الاقتصادية:
كقلة فرص العمل، عدم المساواة في توزيع الثروة، الكوارث الطبيعية، الحروب.
الظروف الاجتماعية:
كالتمييز، نقص التعليم، ضعف البنية التحتية.
الظروف الشخصية:
كالإعاقة، المرض، الشيخوخة، العنف الأسري.
آثار الفقر:
على الفرد: الشعور
بالدونية، نقص الثقة بالنفس، ضعف الصحة الجسدية والنفسية، قلة فرص التعليم والعمل.
على المجتمع: ازدياد
الجرائم، انتشار الأمراض، زعزعة الاستقرار الاجتماعي.
فلسفة الفقر:
النظرة الدينية: تُركز
على أهمية التراحم والتكافل الاجتماعي، وتُقدم حلولاً أخلاقية للتخفيف من وطأة
الفقر.
النظرة الفلسفية:
تُناقش مفهوم الفقر وتعريفه، وتُحلل أسبابه وآثاره من منظور فلسفي.
النظرة الاقتصادية:
تُركز على الحلول الاقتصادية للفقر، كالتنمية الاقتصادية، إعادة توزيع الثروة، خلق
فرص العمل.
الحلول:
الحلول الفردية:
كالتعليم، التدريب المهني، العمل الحر.
الحلول المجتمعية:
كبرامج مكافحة الفقر، دعم الأسر الفقيرة، توفير الخدمات الأساسية.
الحلول السياسية: كسن
القوانين العادلة، مكافحة الفساد، تحسين البنية التحتية.
الخاتمة:
لا تزال فلسفة الفقر
والفقير مجالاً مفتوحاً للنقاش والبحث، سعياً لفهم هذه الظاهرة المعقدة وإيجاد
حلول عادلة تُخفف من وطأتها على الفرد والمجتمع.
ملاحظة:
هذه نظرة شاملة لفلسفة
الفقر والفقير، مع التركيز على أهم النقاط. يُمكن التعمق في كل موضوع من هذه
الموضوعات بشكل منفصل.
(4)
مسكينة!
مسكينة!
§
الحياة كما تقضي علينا أن
نشهد أموات الأحياء، ونحملهم إلى أبواب الآخرة من تلك الحُفرة.
§
الحياة تقضي علينا، أن
نشهد أحياء الأموات من أهل الرَّذائل، ونحمل من أخبار ضمائرهم الميِّتة إلى أبواب
السَّماء في أنفسنا!
§
أيَّتها الحياة الدُّنيا!
تقتلين بالشرِّ، وتجرحين بأخباره، ولا تُؤتين عسل الحكمة إلَّا بعد لسعٍ كثير.
§
الأسف على أهل الشرِّ لم يجد
طريقًا في هذه الحياة إلَّا من ضمائر أهل الخير، وبهذا يضرب الشرُّ أهله وغير
أهله.
§
البُقَع المُنتشرة في
ثيابها، كأنَّها أرقام للفقر يعدُّ بها ليالي عذابها.
§
خيطان: أحدهما من السَّماء،
وهو الأمل في رحمة الله، والآخر من الأرض، وهو إشفاقها على جُثَّتها التي كانت
تكدح منذ الصِّغر لقوَّتها.
§
الطُّيور تهزأ بالنَّاس
جميعًا، وهي على ضعفها أقوى من الشَّرائع والقوانين.
§
كأنّ كلَّ طائر إرادةٌ
مُتجسِّمةٌ تقذف بها السَّماء؛ فما تُبالي على أيِّ أرض تقع ومن أيِّ حبٍّ تلتقط.
§
الطُّيور لا تعرف إلَّا
أنَّ هذا الإنسان يعمل على السُّخرة ليُخرج لها من الأرض رزقها رغدًا.
§
ثرثرة الفقراء في الشُّكر
على المعروف كهذيان الأغنياء في التبسُّط على المنِّ به.
§
تنظر المرأة إلى المرأة
بعين جامدة، ليس فيها لغة، ولا فلسفة ولا شعر.
§
من شُؤم الغِنى على أهله،
أن لا يُذكِّرهم في الشرِّ إلَّا بأنفسهم، ولا يُنسيهم في الخير إلَّا أنفسهم.
§
الغنى نفسه نوع من الفقر
إلى الله.
§
يحسب المُبخلون من
الأغنياء أنَّهم يهينون فقيرًا لا يهينون إلَّا فقيرًا واحدًا، ولا يدرون أنَّ
الله يمتحنُ بمن يحمل حكمة من يحمل نعمته.
§
الحكمة الإلهيَّة في
الفقراء نعمة في بعض أشكالها، والنِّعمة الإلهيَّة في الأغنياء حكمة في بعض
أشكالها.
§
تكون المُصيبة جُنونًا،
وإن لم يكُن من أسمائها الجُنون.
(5)
لؤم المال
ووهم التَّعاسة
§
إذا جعلتَ الحصاة الهيِّنة
تحت مطرقة الزَّمن؛ فما تزال رخوًا مُنبعِثًا مُسترسِلًا في اِنْدفاق ولين،
كأنَّكَ رجُلٌ من عجين.
§
فلانٌ. كيف تمرُّ من فُرَج
أصابعه سُفُن الآمال في تيَّار المال، كأنّ يده قنطرة على نهر الأقدار، أو جسر
تعبره حُظوظ السَّماء إلى أهل هذه الدَّار.
§
فلانٌ. قبَّحه الله! كيف
صار شيْطانه في إنسانه، وطول عمره في لسانه، وكثرة ماله في قلَّة إحسانه.
§
فلانٌ. أخزاه الله؛ فما
بَرَّ ولا نَفَع، بل تفرَّق بالحرص ما جمع، وطمع في كلِّ شيء حتَّى الطَّمع.
§
فلانٌ. الذي جمَع وعدَّد،
وخلقه الله واحدًا، وهو الرَّذائل يتعدَّد، وقد انتفَخَ كأنَّه شدق إسرافيل،
وامتدَّ كأنَّه يد عزرائيل، واستكبر كأنَّه فرعون على النِّيل.
§
فلانٌ. وما أدراك ما فلان؟
جبل شامخٌ والنَّاس في سفحه رمال. ومجدٌ باذخ، ولا مجدَ لمن ليس له مال.
§
الكبرياء ميزانٌ مُعلَّق
يرفع من ناحية، ويخفض من ناحية.
§
الوجهُ القفْرُ جُحرٌ
للنَّحْس؛ تختبئ فيه الدَّاهية.
§
دابَّة الطَّاحون تلزم
دائرتها، ولا تفتأ تدور إلى غير انحراف؛ ثمَّ هي لعلَّها حين تسمعُ ذلك الهِزَبر،
وتلك الجعجعة تحسبها من نشيد الاحتفال بها.
§
الحرصُ جاءهم بهذا المال،
أمَّا الطَّمع فجاءهم بماذا؟.
§
ثلاثة من المُتجاورات
يُفسِّر بعضها بعضًا: الحرص مع الطَّمع، ثمَّ المال ورذائله، ثمَّ ما في المعدة
وما في الأمعاء.
§
أتحسَبُ أنَّ هذا العالم
يحفل برجُلٍ من الأغنياء قد أجْحَفَ به الدَّهر، وطحنته النَّوائب بأرحائها، وجاءه
بعد الدُّنيا المُؤنَّثة يومه المُذكَّر.
§
لِمَ لا يُعدُّون الغنى
شيئًا دون المال، ويحسبونه كلَّ شيء مع المال؟.
§
لعلَّ الحقيقة أيضًا ذات
وجهيْن في النَّاس.
§
نحتاج للغنيِّ صاحب المال
، كما نحتاج إلى بائع الملح.
§
ما أشبه النَّاس في إطراء
الغنيِّ، والزُّلْفى إليه بأطفال القرية، إذ يتزلَّفون إلى بائع الحلواء التي
تُلَفُّ بالعصا.
§
فلانٌ يصلُح أن يُكتَب على
وجهه "متحف الميكروبات المصريَّة".
§
كلُّ أطبَّاء الاجتماع
ألسنةٌ وأقلام ومحابر.
§
اليد التي تُزيل المُنكر
أو تُغيِّره؛ تمتدُّ من جانب الأُفُق، ولا تعمل إلَّا بعون الله وملائكته، وقد
انقضى عصر الأنبياء.
§
إن لم يكُن الغِنَى إنسانه
من النَّاس، يواسيهم ويُسعدهم، ويتَّخذ من المال سبيلًا إلى أفئدتهم بالإحسان
والمُساعفة، هو شخصٌ عليه لعنة من لعنات الملائكة والنَّاس.
§
اُنْظر اللَّعنة، أيَّ
مُنْقَلب تنقلِب.
§
الغنيُّ وجهه مرآة
الفقراء، يُبصرون فيها اِبْتسام الدَّهر على وجوههم العابسة.
§
ما أشبه المال أن يكون آلة
من آلات القتل؛ فإنَّه يُميتُ أكثر أصحابه موْتًا شرًّا من الموت. موْتًا يجعل
أسماءهم كأنَّها قائمة على ألواح من العِظام النَّخِرَة.
§
ربَّما كان الرّجل نبات
نعمة الله، لأنَّه سيكون حصاد نقمته.
§
خطأٌ كبيرٌ، أن تقضي لفُلانٍ
من (فُلاناتكَ) بمتاع الدُّنيا، لأنَّك لا تدري أشرٌّ أُريد به أم الخير.
§
لعلَّ مصيبة قادمة في
الغيْب، وكأنَّ غِناه مُقدَّماتها.
§
على قوَّة المُقدِّمة؛
تُقاس قوَّة النَّتيجة.
§
إذا مات الغنيُّ، ولم يعرف
في جُملة عمره همًّا، ولا غمًّا يعدل بؤس الفقر مهما اشتدَّ الفقر؛ فكفى بالموت
حينئذٍ من تلك الجملة.
§
الحياة مُدَّة ستنقضي؛
فسواء انقطع الخيْط من أوَّله، أو من وسطه أو من آخره؛ فقد انقطع.
§
ما أحسبُ الضَّجر من
اللَّذَّات قد خُلِق إلَّا للأغنياء وحدهم.
§
اللَّذَّة الأخيرة؛ تُسلِم
إلى الفقر أو القبر.
§
جعل الله في طباع أكثر
الأغنياء لُؤمًا خاصًّا، لُؤمًا ذهبيًّا يَكسِرُ من سوْرَة هذا الضَّجر؛ كما يُفثَأ
الماءُ البارد من الماء الحارِّ حين يمتزجان.
§
القوم إمَّا كريمٌ يضجَر
فيُسرِف، وإمَّا لئيمٌ يضجَر فيُمسِك، وكلاهما يحدُّ لذَّته، ويضجر من لذَّته.
§
كأنَّ أمَّ المُصيبة حين
ولدتْ؛ وضعت بِنتيْن: المُصيبة التي تُؤلم، والنِّعمة التي تَلِذُّ.
§
ليس أشقى ممَّن مُنِع
السَّعادة، وأُعطِي الرَّغبة فيها، إلَّا الذي أُعطِي السَّعادة، ومُنِع اللَّذَّة
منها.
§
إنَّ العصا لظُهور الفقراء
وحدهم.
§
السَّوْط رُتبة فوق رُتبة
العصا، ولذلكَ خُصَّ بشرفها... الأغنياء.
§
التَّعاسة. هذه الكلمة
حقيقة بأن تُنسي نفسها، وما اِدّعى أحدٌ معرفتها؛ لأنَّه لا يجدُ أحدًا يُعرِّفها.
§
كلُّ شيء مجهول؛ فما أسهله
أن يكون من علم كلِّ جاهل، وما أصعبه أن يكون من جهل كلِّ عالم.
§
النَّاس يأتون في وصف
التَّعاسة بكلام كثير، وما أهونها إذن، لو أنَّ كلَّ إنسان يُحسِن من وصفها
بسُهولة.
§
التَّعاسة التمسها في دار
الهُموم، عند من لم يبق له همٌّ يحمله، إذا قد يكون قد احتَمَل كلَّ همٍّ.
§
المخلوق المُلهَم يُخرجُ
من لُغة الأقدار، ما يُصحِّح به لفظًا واحدًا من
لغة النَّاس.
§
إنَّ الأرض لا تشهد كلَّ
يوم نبيًّا مثل أيُّوب يمتَحن الله صبره، امتحان الإلوهيَّة للنُّبُوَّة.
§
المُصيبة كأنَّها في باب
النَّقمة تاريخٌ غير إنسانيّ.
§
الفرق بين المُصيبة
والتَّعاسة، كالفرق بين رؤية السَّيف مسلولًا على العُنُق، وبين رُؤيته في
العُنُق.
§
تموتُ الفتاة، وتسير
الجنازة، ويُفتَح القبر، لعشرة قروش.
§
النَّاس ناسٌ لولا الوهْم،
وكان الوهمُ وهمًا لولا النَّاس.
§
ما الذي يجعل المرء جبانًا
في لقاء الحوادث، حتَّى يخاف الحياة؛ فيعوذ بالموت.
§
حرصٌ على الحياة يُخالط
بعض الأنفُس، ويستمكنُ منها حالةً بعد حالةٍ؛ فإذا هو قد انقلبَ في آخرة الأمر
خوفًا من الموت.
§
متى كان الحرص على الحياة
صار خوفًا من الموت، ورجع الخوف من الموت مع ذلك البلاء خوفًا من الحياة، فهذه
حالة من الجنون تستلب العقل.
§
ليس لهؤلاء الضُّعفاء كما
يشهدون على أنفسهم، إلَّا موتُ الجُبْن الذي يُسمَّى انتحارًا، أو حياة الجُبْن التي
تُسمَّى ذُلًّا.
§
خير للمرء أن يكون حمارًا
من صَنْعَة الله، وتعرفه الحمير. من أن يكون حمارًا من صَنْعَة نفسه، وتُنكره النَّاس.
§
لنا على هذه الأرض حياة
واحدة، عَلِمَ أهل العلم، أنَّها حقيقة مُسرعةً بين أوهام.
§
لا العلم، ولا الجهل يرتاب
أو يشكّ في الموت.
§
العالم والجاهل، والفقير
الغنيّ، والصَّحيح والمريض، كلّ هؤلاء يخافون الموت، ويحرصون على الحياة إلَّا
قليلًا منهم.
§
الإنسان يخافُ الموت؛ فَيَصِل
الخوف بالنَّفس.
§
ننصب الحبالة*[11] ثمَّ
نرتبك فيها، ونضطرب كأنَّنا لا نصيد إلَّا من أنفسنا.
§
لسنا نجهل أنَّ للنَّفس
حظًّا ليس للجسد.
§
الفارس لا يُربَط في
الإصطبل، وإن كان جوادُه فيه.
§
إذا خِفْتَ عاقبة طريق
أنتَ سائر فيه؛ قطعتَ الطَّريق خائفًا، وإن كنتَ موقنًا أنَّ ما يُخيفكَ لم يأت
بعد، لكنَّ علمكَ أنَّه آتٍ؛ هو سبب ما أنت فيه*[12].
§
إذا مشيتَ في ظُلة
شهواتكَ؛ خِفتَ من كلِّ شيء، طبع لا تدري سببه، وسببه في نظام الرُّوح، ونظام
الجسم، ونظام الكون.*[13]
§
متى فرغت النَّفس من
الحياة، فلا هناءة على ذلك الفزع، ولا تكون الحياة من ثمَّ إلَّا موتًا مُستمرًّا،
أو خوفًا من الموت لا ينقطع.
§
الحرص جُبنٌ، والجُبْنُ
ذُلٌّ، والذُلُّ استعباد.
§
كُن حُرًّا كما خُلِقتَ،
وكما خُلِقت الحُريَّة التي لا قيد لها من رذائل الدًّنيا.
§
في مصائب الحياة ما يموت
دونه الصَّبر الجميل.
§
عمرُ الصَّبر أطولُ من عمر
الصَّابرين.
§
الصَّالح ضعيف الشَّهوات
هادئٌ مُستريح، والسَّافل بالعكس. وكأنَّه من تعب الحياة يمشي في الأرض على رأسه
لا على رِجليْه*[14].
§
من لا يُبالي بشهوات جسمه،
هو الذي يستريح وادِعًا، ويتعبُ التَّعب في البحث عنه.
§
ما علمتُ*[15] ولا علم
الحُكماء والأطبَّاء غذاء تسمُن عليه المصائب والأحزان، إلَّا الحرص على
الشَّهوات.
§
الطَّبيعة الإنسانيَّة
تُعالج نفسها بما يُعينها على البقاء.
§
فما تُسمِّيه لذَّة من لذَّات الجسم، إنّما هو علاج طبيعيّ
من ألم طبيعيّ لا أكثر ولا أقلّ.
§
فما كانت الطَّبيعة لتُغري
بالأكل مثلًا هذا الإغراء، حتّى فات عند أكثر النَّاس حدّ اللّذّة.
§
إنّ الإنسان بما فيه من
شَبَه البهيمة؛ ينجذب إلى البهيمة غالبًا، ونسي أنّ للبهائم وازعًا طبيعيًّا، وهو
فضيلتها الخاصَّة.
§
ما تجد من مُستهترٍ
بالشَّهوات، إلّا وجدته من أجل ذلك راضيًا مُغتبطًا؛ يتمنّى لو أنَّه في هذه
الشَّهوات بهيمة البهائم كافّة.
§
أُفٍّ لهذه الدُّنيا!
يُحبّها من يخاف عليها، ومتى خاف عليها، خاف منها.
§
إنَّ اللَّفظة لا يلزم
منها أن تخلق معناها.
§
لا يسعد أكثر النَّاس
بالحياة، ولكنَّهم يشقون بالحياة والموت، ومن ثمَّ ظلموا التَّعاسة؛ فجعلوها أصغر
ممَّا هي، كما ظلموا السَّعادة؛
فتوهَّموها أكبر ممَّا تكون.
§
إنَّ القَدَرَ وإن كان من
السَّماء، ولكنَّ المحابر التي كُتِب منها تاريخ الإنسان، لا تزال كانت من قبل؛
تُشرِق بالدِّماء والدُّموع.
§
اليقين. إنَّ الله لم يخلق
فيما خَلَق مِقْراظًا؛ يُقلِّم أظفار الموت.
§
الإنسان كُلّه مُنطَوٍ في
رأسه، وما هذا الجسم إلّا أداة. منها ما يحمل الرأس، ومنهاما يحمل إليه، ومنها ممَّا
يحمل عنه؛ فالجسم دابَّة من الدوابّ لا أكثر ولا أقلّ.
§
الرُّؤوس لا يُمكن أن توزَن بميزان، حتَّى يُعلَم فرقٌ ما بين رأس
وآخر.
§
الإنسان مُختَبِئٌ
مُحجَّب؛ وكأنَّه لا يزال منه جزءٌ عند الله؛ فما ينفكُّ من نفسه يجد من نفسه ما يبعثه على النُّزوع إلى الغَيْب،
والفكر في المستقبل.
§
من العجيب أن يألم الإنسان
لحياته، وألَّا يرى أنَّه في جسمٍ لا راحة للرُّّّوح إلَّا بعد تحطيمه.
§
الجاهل الأحمق المخدوع؛
فكأنَّما يرى في مرآة خياله الغيْب كلّه، أو ما يظنّه الغيْب كلّه؛ فلا يعدو أن
يسترسل في ظُنونه، وأوهامه استرسالًا أشبه بالأبد الذي لا حدّ له.
§
يجني الإنسان على نفسه من
أثر الخوف والطَّمع مالا يستقبله أبد الدَّهر.
§
روح التَّعاسة في أشياء
كثيرة، ولا يكاد يُصيب العزاء في شيء قليل.
§
الحُفرة التي يُقبَر فيها
بعض الأحياء؛ ليعيشوا عيشة وهميَّة، أو ليموتوا موتًا وهميًّا، تلك الحُفرة التي
يقضي فيها الأحمق شطرًا من عمره؛ واثبًا بين شاطئ الدُّنيا والآخرة، حتَّى إذا
انتهى؛ تردّى فيها، وكان الرَّأي لو اِدَّخرَ لها بعض تلك الوثَبات.
§
الحكيم يعرف الحياة كما
يُمكن أن تكون، ويعرف أنَّ كلَّ حيٍّ من النَّاس؛ فإنَّما هو حيٌّ على شروط لواهب
الحياة، ثمّ للحياة، ثمّ لأهل الحياة.
§
الحكيم يجد في محنته لذَّة
الدَّرس.
§
لمن همُّه الحكمة واختبار
الأشياء، ومُعاناة خواصّها وأسرارها؛ كأنَّه من مصائبه "معمل" للتجربة
والاِخْتراع.
§
الأقدار من علم الله؛ فهي
مقسومة على الدَّهر كلّه.
§
ما تنالُ الشَّرارة من ماء
البحر؛ إذا هي اِنْطفأت في البحر.
§
الحكيم يعرف أنّ الحياة
ليست هي الانتهاء إلى الموت على أيِّ وجه، ولا هي بالهرب من الموت في كلّ وجه.
§
أشقى النَّاس من يتوقَّع
الشَّقاء، وهو لا يعلمُ من حاضره ما الله صانع به، ولا من مستقبله ما الله قاضٍ
فيه.
§
لا ينفع المرء أنَّه من
النَّاس، إذا لم يكن من نفسه.
§
يجزع الطِّفل من أرواح
المرَدَة، والشَّياطين التي تسكن ألفاظ التَّهويل، ونحوها يُفزَع به.
§
الخوف لا يجلب على الفكر
إلَّا ما يُشبهه إن استمرّ به*[16].
§
شدَّة الخوف تُفقِد ما
يكون من النِّعَم.
§
قوَّة اليأس صَنَم من
أصنام الحياة، يعرفه العاقل للتحطيم، ويحسبه الجاهل للعبادة.
(6)
وهم الحياة والسَّعادة
§ نحنُ أمثلة الحياة عليها.
§ لو استطاع الكاتبون من أهل العلم لأن
يخطُّو في كُتُبهم بمداد من أضواء النُّجوم التي يسكبها الخُلود كلَّ ليلة على
الأرض ملء محبرة اللَّيْل، لكان عسى أن تستنير مباحثهم في ظلمات الحياة.
§ ما دام هؤلاء العلماءُ يتعاقبون على
تفسير المعاني الإلهيَّة، ولم ينتهوا بعد؛ فمعنى ذلك عندنا نحن الجُهلاء أنَّهم لم
يبدؤوا بعد.
§ الحياة ليست طريقًا سافته كذا، ولا
قِياسًا ذَرْعُه، ولا وزنًا مبلغه كذا وكذا، ولا شيئًا من هذه المعاني التي تضرب
الأقلام والألسنة في فاصلها.
§ الحياة تبدأ من عالٍ إلى بعيد إلى غامضٍ إلى مُبهَم، حتَّى تنتهي إلى
منبع النُّور الذي تلتطم على ساحله موجةُ الأبد.
§ الحياة بكلمة واحدة: فتح السَّماء بفكرة
واحدة.
§ دعني يا بُنيّ من لغة هذه الكُتُب؛
فإنَّها متى انتهت إلى السَّماء رأيتها أكثر ما تراها ألفاظًا لا معنى لها، إذ ليس
هُناك من جلال الله إلَّا ما يشبه أن يكون معنى لا ألفاظ له.
§ الإشارات التي تتحرَّك بها جوارح الطَّبيعة،
هي مزيج من لغة البقاء الأرضيِّ الذي يريد أن ينتهي، ولغة الخلود السَّماويِّ الذي
يريد أن لا يفنى.
§ الحياة لا تخرجُ من الدَّواة ولا تقطُر
من القلم، بل أحسبُ هذه المِداد الكثير
الذي أراقه عليها النَّاس، هو الذي جعلها كما يقول النَّاس سوداء.
§ علم الحياة هو العلم الذي لا مادَّة له
إلَّا من الحوادث.
§ بناء المنطق لا يتَّخذه بيتًا إلَّا
ساكنٌ من الخيالات.
§ لستُ أعرف النَّاس غالوا بشيء قطّ
مُغالاتهم في قيمة الحياة هذه.
§ النَّظرات الوهميَّة التي يُرسلها
المخلوق من أرضه إلى عرش الله؛ كأنَّه لا يجرؤ على أن يشكَّ في نهاية الحياة.
§ الحياة إذ هي تنتهي على أعيُن النَّاس،
ولا أن يجزم بهذه النِّهاية، إذ لا يريدُ
الموت، وكأنَّ الحياة لا تكفيه.
§ ما دام للحياة غدٌ يُرتَقَب، وهو الذي
يُسمُّونه المُستقبل.
§ كلّ وَهْمٍ على الحياة يسهل على الحياة
أن تُهلكه أو تُمرضه أو تُضعِف منه، إلَّا تلك المُغالاة الممقوتة؛ فإنَّها أبدًا
في خصب وعافية ما بقي لها غذاءٌ من ذلك المُستقبل المحبوب.
§
إذا سألتَ رجلًا عن مسألة فسدِّد الجواب،
وأحكِم الصَّواب.
§ إذا سألت ما هي الحياة كما يفهم
النَّاس؟. هذا سؤال يحسن السُّكوت عليه.
§ اللُّغة هي التي أسمتها (الحياة)،
واستخرجت لهذا الاسم العذْب معانيه من أوهام الأحياء.
§ الزَّمن الذي يقضيه الإنسان من يوم يولد،
فلا يقدر أن يرفض هذه الدُّنيا إلى يوم يموت، فلا تستطيع هذه الدُّنيا إلَّا أن
ترفضه.
§ المهد يكبر شيئًا فشيئًا؛ حتَّى يصير في
الآخر قبرًا.
§ العمر الذي يمتلئ قليلًا قليلًا ؛ حتَّى
ينتهي إلى الفراغ؛ فيغيبُ فيه.
§ الحوادث التي تُزلزل النَّاس في طريق
القدَر حتَّى يخرُّوا على وجوههم؛ فتتحوَّل أجسامهم في الأرض إلى تراب في طريق
المنفعة، ويتحوَّل تاريخهم تُرابًا على طريق الموعظة.
§ نخادع أنفسنا إذا سألنا عن الحقيقة التي
يسوؤنا أن نعرفها؛ فنُحرف السُّؤال إلى جهة بعيدة؛ لكيلا نرى الجواب الصَّحيح
مُقبِلًا علينا، ولكن مُدبِرًا عنَّا.
§ ما عسى أن تكون الحياة بكلِّ ما فيها
إلَّا مُدَّة محدودة على ظهر الأرض؛ تجعلها أوهام الإنسان ومطامعه وحماقته وجهله
وكبرياؤه كأنَّها الأبد كلّه.
§ الإنسان الغرور مثل رجل جمع الله عليه
المُصيبتيْن في باصرته وبصيرته؛ فَضَلَّ في مكان ، فهو يُقبِل ويُدبِر في دائرة من
فضاء الأرض، لا يهتدي إلى الوجه، ولا يذهب على السَّمْتِ؛ فيتوهَّم أنَّ الطَّريق
لا ينتهي، وأنَّه وقع في صحراء لم تدرسُها عُكَّازته.
§ لا تكون الطَّريق عند الأعمى. إلَّا
عِلْم رِجليْه.
§ الحياة عند المُغفَّلين الذين يطمِسُ
الله على بصائرهم، هي علم بطونهم.
§ ما رأت الحكماءُ أحدًا قطّ. جهل حقيقة
معنى الحياة؛ إلَّا وجدوا هذه الحقيقة في بطنه.
§ قالوا: من كانت همَّته ما يدخُل جوفه؛
كانت قيمته ما يخرج منه.
§ إنَّما البطنُ جوعٌ فشِبَع، وشِبَع فجوع.
§ كيف يريد الإنسان أن يحيا كما يحبُّ،
ثمَّ يحبُّ ما لا يتَّفق مع سُنَن الحياة؟.
§ شقي أكثر النَّاس بالعقل، إذ يقبلون به
الأمور، ويحتالون منه الحِيَلَ، ويُكرهونه أن يعمل على السُّخرة في لذَّة الجسم،
ويُحضرونه من هَمِّ الشَّهوات الحيوانيَّة ما لا قِبَل لهذا الرُّوْح الإلهيِّ أن
يستكلب فيه، إذ يُخضِعونه بدلًا من أن يخضَعوا له، ويسيرون به بدلًا من أن يسر
بهم؛ فكان ذلك طُغيان الحواسِّ، وطمسها على الرُّوح.
§ تداخلت حدود المطامع بعضها في بعض؛ فصار
النَّاس كالأمواج: لا تقوم القائمة إلَّا من سُقوط السَّاقطة.
§ كان النَّاس يتعلَّمون كيف يَسْبَحون في
بحر الدُّموع؛ ليأمنوا الغرق فيه، وليستنقذوا منه الغرقى، فجدَّت بهم الحوادث
حتَّى تعلَّموا القتال عليه.
§ من لم يستطع أن يُنقذ نفسه؛ يجتهد أن
يُغرق غيره.
§ الإنسان حيوانٌ لولا العقل، فلَّما أخضع
لشهواته العقل؛ صار إنسانًا لا حدَّ له في الحيوانيَّة.
§ خلق الله الحواسّ ولا ضابط لها إلَّا
العقل يُحكم تحديدها، ويتولَّى تسديدها، ويستعين في أمرها بكلٍّ، ومن ثمَّ
يستقيم من هذا الإنسان شيء معقول.
§ هنالك من يرى كلّ عمل طيِّب ثواب نفسه،
لأنَّه من فضائله كأنَّه شريعةٌ لنفسه.
§ بعض فلاسفة الشَّهوات في التمدُّن
الأوروبي الفاسد؛ يُعدُّون حياة المرأة المُحصنة. ضعفًا، وعَفَافها مرضًا من أمراض
النِّفاق، ووفاءها لزوجها أثرًا من العبوديَّة، ثمَّ يروْن الأديان كلَّها مرضًا
أوهامًا يُقيِّد الإنسان بها نفسه*[17].
§ تصبح السَّعادة عملًا من الأعمال، يُمكن
أن يُمارسه الإنسان؛ فيسعد ما شاء الله أن يسعد.
§ متى صارت حياة رجل من النَّاس إلى أن
تكون واجبات يَتَنجَّزَها، ويستقضيها من نفسه؛ فما لشَّهوات البَدَن موضع إلَّا
كموضع النَّار من يديّ المُصطلي: لا يُراد من حرِّها، ولا يُطلَب من حرِّها إلَّا قدر
معلوم.
§ شرُّ العالم في لفظ واحد: هو طُغيان
الحواسّ، وبمعنى واحد: هو إذلال العقل، ولغرض واحدٍ: هو هذا الموت الأدبيّ الذي
يُسمِّيه المُغفَّلون سعادة الحياة.
§ منذ طغَت الحواسّ؛ أصبحت الحدود بين
مطالب الإنسان من فضائله إلى رذائله، ولا أثر لها.
§ الشّاطئ لا يُعرف تحت السَّيْل؛ إذا طمَّ
عليه.
§ صارت الكفاية وما ينطوي عليه تحتها من
ألفاظ القصد والقناعة والرِّضا وما إليها، ألفظًا خياليَّة يُساير ظلّها ظلّ
الإنسان.
§ الرَّغبة تجري مُطلَقة مُتخطِّية كلّ
الحدود! ومن ثمَّ يقع الاختلال بين مقدار القُوَّة وغاية القُوَّة، وبين الحقيقة
الواقعة التي لا تتغيّر ، والحقيقة المُتوَّهمة التي لا تتحقَّق.
§ لا يتحقَّق لصاحب الدِّرهَم من قُوَّة
الملك في دِرهمه، من صاحب الدِّينار من ديناره.
§ متى ما
طَغَت الحاسَّة، فاتت مقدار الجهد والطَّاقة، وترامت إلى البعيد البعيد
منهما؛ كان هذا البُعد هو بعينه مسافة انحراف الفضيلة عن نهجها وسبيلها.
§ الإيمان وفائدته هو تحديد الشَّهوات
والرَّغبات والتخلية بين كلِّ إنسان وحدوده التي بلغت إليها فضائله ومواهبه.
§ فلسفة الإيمان والسَّعادة والفضيلة؛
تجدها كلَّها في قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ).
§ السَّعادة هي دائمًا في الاستعداد
للسَّعادة.
§ إذا لم تعُد حقيقة الإنسان في نفسه، بل في مطامعه؛ فهو كالوعاء المثقوب،
تصبُّ البحرَ فيه ولا يزال فارغًا.
§ الحياة التي قوامُها من الغذاء لا تُفارق
الإنسان ما دام الغذاءُ في بيته، ولأنَّ الله يبيع المُستقبل لمن اجتمع له من
الدُّنيا ما يتوهَّم أنَّه يقوم ثمنًا للمستقبل.
§ نصْلٌ يُحمى في النَّار؛ فيكون ذلك أشدُّ
لِمُضَائِه.
§ الدِّينار الواحد نُواةٌ ذهبيَّة، ولكنّ
هذه النُّواة لا تُخرجُ لكلِّ إنسانٍ نخلة من الذَّهب.
§ أليس في الأرض غيرَ المال، ما يُمكن أن
يُستلَذّ به، وأن يُسمَّى نعمة؟.
§ فليعلم الإنسان أنَّ هذا العالم لا يصلح
على ما هو عليه، وما لا بدّ منه لنظام الحياة؛ فسيأتي إن خيرًا وإن شرًّا.
§ كلُّنا يُسمِّي الصِّعاب التي تعرِض له
في طريق الحياة عقبات: لأنَّنا لا نُبصِر ما وراءها.
§ رُبَّ صخرةٍ حالت في طريقك؛ لتلفِتَكَ إلى
هاوية من ورائها، أو تتَّقي بها عدوًّا يَدْلِفُ إليكَ من ورائكَ.
§ الأعرج الذي يتأبَّط سِناده*[18]،
ويتَّخذ منه رِجْلًا تبدأ من الكَتِف، لا
يكادُ يعرُج بُضع سنين؛ حتَّى يستفيض صدره، ويكتنز عضله ويتفتَّلَ، ويُصبِحُ
لحيمًا بادِنًا، كأنَّما جمع في زنده حجمَ يده إلى حجم رِجله التي رُمِيَ بها.
§ لولا الدَّاء الذي يُسمَّى العَرَج،
لهلَكْتَ بالدَّاء الذي يُسمَّى السلّ؟.
§ ما لم يُقضَ لي؛ فهو مقضيٌّ لغيْري.
§ لا بدَّ من الذَّهاب في هذه الحياة
بقِسطٍ من مصائبها، لأنَّه جُزءٌ من نظامها.
§ أنا بدنٌ يملأ الأرضَ، ورأسٌ طبَّق السَّماء؛
فيكون الفلَكُ عمامتي، والقضاء غمامتي، وكلُّ خير لهامتي.
§ الجنديُّ في العسكر نصَّبته الحربُ آلةً
حيَّة تُحرِّكها ألفاظ وإشارات من حيث تأتي! فهو يندفع إلى الموت، ويشوي من لحمه على النَّار متى أرادت خُطَّة الحرب أن تنبعث
وتتحرَّك.
§ إذا رُسمت فكرة أمير الجيش على صفحة
الميدان؛ فليس للجنديّ أن يسأل عند الحركة: لماذا؟.
§ متى أزِفَت الآزِفَة، وحُقَّت النِّهاية
بالنَّصر أو الهزيمة، رأى الجُنديُّ الذي وراءه، كأنَّما انقلب أحرفًا؛ يستوضح
منها فكرة القائد كما رسمها.
§ من الأسئلة في هذه الحياة ما يولَد حين
يموت جوابه*[19].
§ ما أقلَّ مَنْ ينتهز مِنْ يومه قبل أن
يذهب يومه، وما أكثر من يريد غدًا قبل غدٍ!
§ دونَكَ آمال النَّاس؛ فانظُر هل تجد في
هؤلاء الحمقى من يصُبُّ آماله إلَّا في قالب يسَعُ ضِعفيْها على الأقلِّ.
§ التمنِّي في عالم الحسِّ، وفي هذه الحياة
الأرضيَّة التي لا تزال تضرب جيلًا بجيل، وتدفُن قبيلًا بيد قبيل.
§ هل التمنِّي أن تكون حوادث الحياة ما
أريدُ أنا، وما تريدُ أنتَ، وما يُريد فُلان.
§ يتمنَّى الطِّفل حين يُجيبُ مُعلِّمه
خطأً، ويعلمُ أنَّهُ أخطأ، أن يكون الجواب
حقيقة كما أخطأ.
§ قد يُقال: إنَّه ليس في العلماء أحمَقَ
ممَّن يكدُّ ذهنه في اِبْتكار جواب غريب لمسألة لا تقع لإنسان، ولا يحتاج أحدٌ إلى
جوابها.
§ ليس في الجهلاء أحمَقَ ممَّن يسأل
الحياةَ سُؤالًا لا جواب عليه، أو لا يفهم الجواب عليه.
§ النَّاس من بين طامع جريء، إن نفعته
الجراءة؛ ذهب بمنفعتها الطَّمع، وقانعٌ ساكِنٌ إن أفادته القناعة؛ ذهب بفائدتها
السُّكون.
§ قليلٌ من النَّاس المؤمن الوثيق، الذي
يشعر بقوَّة الله في كلِّ ضيق، فإن لم ينصره الله على الحياة لا يخذلُه فيها.
§ ليس في هندسة مكانٌ مُختَلٌّ.
§ النِّعمة الصَّحيحة ليست في لذَّات
الحيِّ، ولكن في حياة هذا الإنسان.
§ الحياة الصَّحيحة هي التي توجدُ اللَّذة.
§ القُوَّة التي تسمو بالحياة حتَّى
تُسخِّر لها الطَّبيعة تسخيرًا؛ إنَّما هي قوَّة العقل.
§ إن وهن العقل؛ صارت الحياة طبيعة
حيوانيَّة لا لذَّة فيها، ممَّا خُصَّ به الإنسان دون الحيوان من روح الله.
§ اللَّذَّة هي فقدان الألم، أو إطفاءه إنْ
تسعَّرَ.
§ من سُنَن الطَّبيعة أنَّها تجعل
اللَّذَّة شرطًا في كلِّ عملٍ لا يقوم الكيان إلَّا به، فإذا لم يحدُث هذا العمل؛
ضربتِ الآلام على الجسم.
§ الطَّعام ضرورة ممن ضرورات الحياة، إذا
فُقِدَ كانت آلام الجوع، وإذا تيسَّرَ
كانت لذَّة الأكل.
§ كأنَّ اللَّذَّة في حقيقتها شيئًا غير
اِنطفاء الألم.
§ الحياة لا تتَّسع لأكثر من قضاء
الواجبات.
§ قيمة الحياة فيما فيه نذهب، لا فيما
يذهبُ بها.
§ كلُّ لذَّة لا تجدُ لروحكَ أثرًا فيها،
لذَّة ميِّتة.
§ السَّعادة في رأينا: كلُّ ما استشعرت
النَّفس أنَّها زادت فيه*[20].
§ الأصل الطَّبيعيِّ في الحبِّ يجعل سعادة
ما يناله المُحبُّ من حبيبه كسعادة ما يبذله له*[21].
§ التَّعاسة في كلِّ ما استشعرت النّفس
أنّها نقصت به، أو نقصت فيه؛ ومن ثمَّ فكلِّ فضيلة هي من السَّعادة وكلُّ رذيلة هي
من ضدِّها، ولو كان الألم والحِرمان في الأولى، وكانت اللَّذَّة والمُنالَة
الثانية*[22].
§ كلُّ ما في الحمار لا بدَّ منه لتكوينه
حمارًا ساويًا، إلَّا أُذُنيْه الطَّويلتيْن؛ فلو حملها إنسان رُزِق غنى
الحيوانيَّة؛ فهما بُرهانان على أنَّه ليس بإنسان صحيح، ولم يستطع أن يكون شيئًا،
حتَّى ولا حمارًا من الحمير؛ فإن ذهبتَ تعبره إنسانًا، لم تر فيه من الإنسان إلَّا
نصفه الأسفل *[23].
§
الحيوانات كلّها لا تراها إلَّا عاملة بنظام
الطَّبيعة كما تعمل الطَّبيعة لها.
§ الطَّبيعة لا تُغفِلُ خطأً، ولا تنسى
مُذنِبًا، ولا تصفحُ عن إساءة، ولكنَّها تضربُ بيدٍ ألطَفَ مسًّا من الهواء،
وأخفَّ موقعًا من الضوء.
§ لو أعطي الغنيُّ مِعْدةَ حمار، أو أعصابَ
بغْلٍ، أو قوَّة فيلٍ أو نحو ذلكَ؛ لتمَّ تمامه بالمال؛ فوجد في هذا المال مَسَدَّ
حاجته كيف مَستْ، غير أنَّهُ أعطيَ شَرَهَ الحمار دون معدته.
§ حين تُبالغُ الطَّبيعة في ترفيه الغنيّ
على ما شاء له الهوى من سُنَّة الحمار والبغل والفيل وجماعتها، كما بالغت صاحبة
الكلب في ترفيه كلبها على سُنَّة الإنسان.
§ الحياة مُدَّة، والمُدَّة ضائعة لولا
العمل، والعمل على مقدار المنفعة، والمنفعة بآثارها، وهذه الآثار هي تاريخ الحياة.
§ الأحمقُ الشَّرِهُ يعيشُ مقبورًا في
بطنه، والغنيُّ اللَّئيم يعيشُ مقبورًا في خِزانته، والدَّنيء السَّفِل يعيش
مقبورًا في جرائمه وآثامه. كلُّ أولئك لا تاريخ لحياتهم، ولا حياة لتاريخهم.
§ فلا الحامل أطاق فحمل، ولا المُعين
استطاع فأعان، إنَّما هما كحِمارَيْ العباديّ الذي قيل له: "أيُّ حِماريْكَ
شرٌّ؟. فقال: هذه ثمَّ هذا.
§ يُعينُ الغرور على طلب الدُّنيا،
ويُزيِّن للمغرور فلا تراهُ أبدًا إلَّا على زينةٍ من أمره، حتَّى تذهب الحياة في
باطلٍ كالحقِّ، أو حقُّ الباطل.
§ خُذ معنى الحياة من الأفواه الصَّامتة –الأموات-
التي لا تكذب؛ لأنَّها تحفظُ الحقيقة الإنسانيَّة؛ من هذه القُبور التي ينصبُّ
فيها فراغُ الحياة دائمًا؛ لأنَّ تحتها
مجرى التيَّار المُتَدَفِّع من النِّهاية الأرضيَّة المعروفة إلى الأبد، الذي لا
تُعرَف له نهاية.
§ اِسْمع للموت الذي يعرفُ كلّ إنسانٍ
لُغته.
§ الرَّجُل الحرُّ لا يعرف على أيِّ حالةٍ
يعيش، إلَّا إذا قرَّر لنفسه على أيِّ حالة يموتُ.
§ الحياة ليست في الوجه الذي توجَد عليه من
الغنى والفقر، ولكن في الوجه الذي تنتهي إليه من العمل الصَّالح إلى العمل
السيِّئ.
§ سَلْ هؤلاء الأحياء: أيُّكُمُ الحيّ؟.
(7)
سحق اللُّؤلؤ
§ المالُ مَشْغَلة عمَّا سوى المال.
§ الحِرْصُ على المال حقَّ الحِرْص لا يُداخِل أمرًا من أمور الحياة؛ فيعترِضُ بين وِرْدِه وصَدْرِه، إلَّا
ساء أحدهما أو كلاهما*[24].
§ ما الحِرْصُ إلَّا مَضيَعَةً، ولا تكون
الرَّغبة فيما يستخلف، إلَّا سَبَبًا في ذهاب ما لا يُستَخلَف.
§ المال شيءٌ غير الحياة، وأنَّ الحياةَ
شيء غير المال.
§ بريق المال يحسبه شيئًا، حتَّى إذا جاءه
لم يجده شيئًا.
§ لعلَّ الرَّجُل إنَّما يُمَدُّ له في
الغِيِّ مدًّا طويلًا، حتَّى إذا جاء يومه انفجر عليه بما لا يُطيق له سَدًّا، ولا
يستطيع له ردًّا.
§ رُبَّ كلمةٍ تعارَف النَّاس معناها،
وأجْروها على مذهبها في كلامهم؛ فإذا هي نزلت بعضَ منازلها من الحياة؛ كان لها
معنى آخر لا تُفسِّره إلَّا الحياة نفسها، ثمَّ لا تُفسِّره إلَّا ضدَّ مأخذهم
ومقصدهم.
§ الغاية من هذه الحياة كمالُ الحيِّ في
جسمه ونفسه، فإنْ تمَّ الفقرُ؛ فذلك غِناهُ، وإن نقص بالغِنى فذلك فقره.
§ لا شأن لإصلاح النَّاس فيما هو خاصٌّ بين
المرء وذات نفسه.
الرجل
البخيل:
§ البخيل لو مُسِخَ حجرًا؛ لتحطَّمت من
غيظها الأحجار.
§ نبيُّ أمَّة البُخل؛ فمُعجزته هي قُدرته
على أن يستنبطَ غير المألوف من المألوف. يستغلُّ الصُّفرَ؛ فيُخرِجُ منه ألفًا إلى
أُلوف.
§ البخيل كإبليسَ في أنَّه لا يموتُ إلَّا
متى هَرِم الدَّهْر، ولا يذهب من الأرض إلَّا حينَ يبقى في تاريخ الأرض ولا شهر.
§ إذا علِمَ البخيل أنَّه سيُعطى كتاب
أعماله في الآخرة. قال: يا ليْتَ صُحُفه من "ورق البنك".
§ البخيل. دِرْهمه في أيدي النَّاس همٌّ،
واسمه في أفواههم سمٌّ.
§ يوصَف كلُّ غَنِيٍّ كريمٍ أنَّه
"صرَّاف"*[25]
في خِزانة الله؛ فجُهْدُ القول في هذا اللَّئيم –البخيل-
أنَّه لصُّ الخِزانة.
§ البخيل. وهو على غِناه، كأنَّه في
النَّاس بُؤسُ المُفلِس في القِمار.
§ لو أنَّ هذا السِّمْسَار –البخيل-
كان امرأةً جميلةً؛ إذن لأدارني في يده كما يُرَقِّصُ الدِّينار على الظُّفْر.
§ المرأة خَصْمٌ عنيدٌ، لا يقتُل بالغَضَب
ولكن يقتُلُ بالضَّحِك، وشرُّ مما فيها: أنَّها إن م يكُن منها قتلٌ، فليس معها
حياة.
§ المِحراثُ لا يلتَمِع نَصْلُهُ، إلَّا
بعد أن يجدوا له الثَّوْر.
§ البقرة المُقدَّسة في المرأةِ لا تعرفُ
العِجْل المُقدَّس في الرَّجُل.
§ ما رأيتُ رجُلًا يهوى امرأة، إلَّا
اِعْتَدَّ سُلطانه، في أنَّه يشعر بسُلطانها عليه، وكان رِضاهُ في أنَّها راضية عنه.
§ جعلَ الرَّجُل حاجته الكُبرى في المرأة،
وبالَغَ في توهُّمِ هذه الحاجة، واِفْتَتَنَ في تصويرها ألوانًا وضُروبًا.
§ جعلت المرأة حاجته –الرَّجُل-
إليها سبَبَ كلَّ حاجةٍ لها، وبالغت في الطَّلَب، واِحْتَكَمَتْ فيما تطلُب.
§ إنَّ كلمة "هات"، وكلة
"خُذ" لولا كلتاهما لخَربت الدُّنيا، وتقاصرت الأمور والأحوال.
§ فالدُّنيا كلمتان: "هات،
وخُذْ"، والحياة كلمتان: "هات، وخُذْ"؛ والمرأة التي تصفونها
كلمتان أيضًا، ولكنَّهما: "هات، وهات".
§ وماذا تنفعُ كلمة الحقِّ؛ يُرادُ بها
الباطلُ؟.
§ ذكرى الحُلُم أرْوَحُ للنفس من الحُلُم
نفسه على الحقيقة؛ لأنَّها نَتاجُ ما بيْن لذَّة لم تكُن شيئًا، ولذَة صارت شيئًا.
§ لعلَّ الإنسانُ لا يُمكنه أن يُحبَّ، إلَّا
إذا هيَّأت له الطَّبيعة مجلسَ الحِسِّ على ما يشتهي، وعلى ما هو مذهبُ الحُبِّ
نفسه.
§ الحُبُّ لا يكون عجيبًا بلا شيء يُعجِبُ
منه.
§ كثيرًا ما يتملَّأ الرَّجُل بُغضًا؛
ليُحبَّ بعد ذلك بمقدار ما أحبَّ.
§ قوَّة البُرهان بطريقة اِسْتخراجه
العجيبة؛ أشدَّ منها في البُرهان نفسه.
§ بعضُ الأرواح ما يزالُ يتسلَّطُ على بعض.
§ عند العَصا تفرُغُ حيلَة الحِمار، لو كان
الحِمار أبِيًّا.
في
الرَّقص:
§ ما رقصُها إلَّا معركةٌ في الحُبِّ، قام
فيها اللَّحْظُ مقام السَّيْف؟.
في
الموسيقى:
§ لأن تكون نبتة مُهْمَلَة وتنمو، خير من
أن تكون زهرةً مَرْعِيَّة وتجفّ.
§ قلبُ المرأة ليس في يد أحد، ولا في يد
المرأة نفسها، بلْ هو يحتَكِمُ فيما يختار، ويختار على ما يحتَكِم.
§ ليس أشدَّ عُنفًا من هذا القلب؛ فهو إن
لم يُحي قَتَل.
§ يُحِبُّ المرأة عاشِقٌ غيرَ محبوب منها،
ويُريدُ مُراغمتَها على حُبِّه؛ فيقتله قلبُها لوْعةً، وضنًى بما يُطوِّعُ لها من
صَدِّه أو بُغضِه.
§ تُحبُّ المرأة، ثمَّ يمنعها قومُها،
ويُرغمونها على غيْر ما تُحِبُّ؛ فلا يقتُلها إلَّا قلبها.
§ المالُ أضعَف الوسائل في الحُبِّ
الصَّحيح، وإن كان أقواها في الحُبِّ المكذوب.
§ فلأن يقبِضَ المُحِبُّ على الرِّيح أيسر
من أن يضع يده على ظبية شاردة.
§ إنَّ عثرة تنتهض منها بعد حين، خيْرٌ من
عَثْرةٍ لا تستقيلُها.
يا
ليل:
§
في
الجنَّة قومٌ يُقادون إليها بالسَّلاسل.
§
إنِ
لم يخجَل الرَّجُلُ من شيء، أفلا يخجَلُ من أنَّه لا يخجَلْ؟.
§
قلبُ
المرأة كثير العَبَث، وهذا الذي يُسمُّونه دَلالًا، ويحسبونه في الحُبِّ إنَّما هو
شيء من عبثه.
§
القلبُ
إنَّما خُلِقَ ليُحبَّ، ولذلك أُعطِي قُوَّةً يخلِقُ بها الحُبَّ من العَدَم.
§
يجهلون
من أسرار المرأة، أنَّ ذلك القلب إنَّما جاءه العَبَث بالرِّجال، غير أنَّه لا
يُطيق أن يعبثَ به أحدٌ من الرِّجال.
§
أليسَ
النِّساء يُحبِبْنَ حتَّى الكلاب، ويُرَفِّهنها، ويُغالبن بها، ويُنزلنها منزلة
الولد في الحُبِّ، والانعطاف والتوجُّع والتحزُّن؟.
§
من
الرِّجال إذ يُحبُّون المرأة ليس فيه شيء من روحها
-حُبَّ الزَّانية أو الاستمتاع أو الخدمة- فكأنَّهم بذلك يُبغضونها
بُغضًا فيه كلّ روحها.
§ ضلَّ ضلالكم أيُّها النَّاس، إذ تحسبون
النِّعمة حقّ النِّعمة في الغِنى وحده.
§ إنَّ الله ينتقِمُ بالغِنى أشدّ ممَّا
ينتقِمُ بالفقر.
§ الجُنون قِتْلَةٌ لا وصْف لها في لُغة
الحياة.
§ كلمات القضاء لا تُقرَأ، ولا ينزلُ
بالنَّاس إلَّا معانيها.
§ إنَّ مُصيبة الأغنياء؛ لتكشف نفسها؛ فهُم
يحملونها، ويحملون آراء النَّاس فيها.
§ إن المُصيبة لتكون واحدة، ولكنَّها
ترتدُّ إليهم من قُلوب الشَّامتين من أعدائهم، والمُتربِّصين من حُسَّادهم،
والمُتوجِّعين من سائر النَّاس، وكأنَّها مصائبُ كثيرة لا تُعَدُّ.
§ المرءُ لا يأخذُ من الله بشرطٍ، ولا
يُعطيه الله على شرط.
§ ما رأيتُ اِضْطِرابًا من الماء الرَّاكِد
قُذِفَ بحجَرٍ؛ إلَّا الغنيّ الغافل إذا قُذِف بمُصيبة.
فصل
خامس في السَّنة:
§
كأنَّ
للحُبِّ الشَّديد، والبُغْضِ الشَّديد لٌغة واحدة.
§
منزلة
ما بين الُحُبِّ والاِسْتسلام، وبين ما يعُدُّه الرَّجُل وعْدًا بالفعل، وما يراه وعْدًا بالكلام.
§
الحُبُّ
سلاحٌ ذو حدَّيْن؛ فالمرأة تقتُل به من ناحية الرَّجُل؛ فإن غفلت مرَّة عن نفسها
قُتِلَت هي به أيضًا.
§
حُبُّ
الرَّجُل مجنون بطبيعته؛ فإذا لم يكُن حُبُّ المرأة عاقلًا؛ اِنْقلب كلاهما
حيْوانًا طامس القلب*[26]
لا يُبالي ما جَنَى على نفسه.
§
الرَّجُل
يُقاد من رغبته ما دامت أملًا في قلبه.
§
تحسب
الفتاة إذا هي أحبَّت؛ فاستأسرت لصاحبها، أنَّها تبذُل في مرضاته أعزَّ ما تملك،
وتُنوِّله خيْر ما اُستؤمِنت عليه، وتُعطيه ما لا يستعيض منه آخر الدَّهر.
§
ويحسب
الرَّجُل أنَّها لم تُنِلْه إلَّا شيْئًا هيِّنًا قريب المنالة.
§
السَّحابة
تنهلُّ بمائها، ثمَّ تُجمَع مرَّة أخرى سمائها.
§
الزَّهرة
تُقطَفُ لِحُسنِها، ثمَّ تثبت مرَّة أخرى في غُصنها.
§
العذراء
حين تُفرِّطُ في خِدْرها، واضعُ نفسها دون قَدْرها، لا تبرَحُ شقيَّةً حتَّى تنزل
في قبرها.
§
الرَّجُل
في عُتوِّه وظُلمه كالسَّاحل.
§
المرأة
في ضعفها ولينها كالموجة.
§
لو
أنَّ ألف موجةٍ عاتيةٍ يَصْدِمْنَ السَّاحل لاستباحهُنَّ، وما سَلَبْنَه مقدار
شِبْرٍ من الرَّمْل.
§
ما
اعترَضَ رجُلٌ وامرأة في خُلُق العِفَّة، إلَّا كانت هي السَّاقطة وحدها في
الاعتبار.
§
العِفَّةُ
إنَّما عُرِفَت بالمرأة من أصل الخِلْقَة.
§
يتصاوَنُ
الرَّجُلُ تشبُّهًا وتقليدًا؛ فإن هو زلَّ مرَّة وقارَفَ الإثم فقد أخطأ في
التقليد، ولم يفقد شيئًا من طبيعته، ولكنَّ المرأة متى فعلت ذلك؛ فقدت من نفسها،
وغيَّرت في تكوينها، وأخطأت في الأصل الذي بُنِيَت عليه طبيعتها، وقامت به شرائع
الله.
§
شرُّ
عُيوب المرأة ، ما عابَ فضيلتها الخصيصة
بها.
§
وقفة
العابد في المحراب يشعر بالقوَّة الأزليَّة، ولا يُحسِن وصفها.
§ ما اللُّغة إلَّا أداة؛ فكيف
(ويْحك)تستعمل هذه الأداة في صفة قوَّة تعجز عندها كلّ وسيلة، حتَّى الشُّعور الذي
أبدع اللُّغة؟.
§
إنَّ
هذه الأنفُس إنَّما تشعر بمقدار ما فيها من الإحساس، لا بمقدار ما في الحقيقة من
مادَّة الشُّعور.
§
المُصيبة
ليست مُصيبةً بمادَّتها، ولكن بما يُقابل هذه المادَّة من نفوسنا.
§
حين
لا يكون الحُبُّ إلَّا مُراغمةً وإكراهًا؛ فإذا الحُلُمُ قد اِنْهالَ، وإذا الوهم
قد اِسْتحال.
§
لا
يُرى سائقًا –الحُوذِيِّ-
ليس في يده سوطٌ، ما دام بين يديْه حيوان.
§
إنَّ
أقدَر خلق الله، ليكون معه الدرهمُ فاضِلًا عن حاجته؛ فلا يجد ما يمنعه أن يبتاع
به الزَّهرة النَّاضِرَة.
§
يعمد
الرَّجُل متى أصاب مالًا إلى الطيِّبات من صُنوف الطَّعام، وملذَّات الشَّراب
فيتضلَّع ويمتلِئْ، وليس في ذلك من حرَج، إذ هو ماله ينمو في باطنه؛ فإن ربِحَ أو
خسِرَ فإنَّما "المُضاربة" في مِعدَته.
§
لو
أنفقتَ ما في خزائن الأرض كلّها على الأليف بين الحُسْنِ المُبغِض، وبين القُبْحِ
المُحبِّ، ما ألَّفْتَ ذات بينهما، ولا زِدتَ كل واحدٍ إلَّا من طبعه.
§
أيريدُ
الرَّجُل لسعادته امرأةً لا نفْسَ لها ولا قلب؟.
§
مُعاشرة
الحزين للحزين شيئًا من الفَرَح يتنفَّس به الحُزن على الحُزن.
§
ليت
شِعري أيُّ مهنأٍ*[27]
أكثر لذَّة، وأحسن إمتاعًا من مُعاشرة اثنيْن كلاهما يهنأ بالآخر؟.
§
أيُّها
الهرِمُ الأحمق الذي يستبدُّ بالجميلة الفاتنة! إنَّكَ تعبث بذَنَب السَّفينة فإذا
انحرفت هنا وهنا؛ زعمتَ أنَّها تضلُّ الطَّريق لسوء تركيبها.
§
المال
أوسع طُرُق الحياة وأطولها، وفيه منفذ على إلى كلِّ طريق شِئت أو شاء الهوى.
§
الطَّريق
السُّلطانيَّة التي يُفضي كلٌّ إلى جهة بعينها، أو جهات لا يُخطئها من اِنْطلق
بسبيلها.
§
يا
عَجَبًا من غرام الشُّيوخ بالفتيات! فإنَّ
أكثر من أنت واجِدٌ من المُحبِّين، وأهل العشق متى أصابه الكَبَر وذكر حوادث
حُبِّه؛ رأى فيما يُسمِّيه جهلًا وما يُسمِّيه حماقة، وما يُسمِّيه غفلة وما
يُسمِّيه خطيئة.
§
يعشق
الرَّجُل الهرِم عِشقًا فاسِدًا يستوقد ضلوعه، فلا يرضى يقول مرَّة واحدة، ولا أن
يقول عنه أحدٌ: إنَّه أحبَّ بعد زمن الحُبِّ.
§
الفتى
رجُل يُبنى، والهرِمُ رجلٌ يُهدَم.
§
إنَّ
أحَقَّ النَّاس بالخيْبة رجُلان: رجُلٌ وُجِد قبل زمنه فلا يُحسِن أن ينفَع ولا
ينتفِع، ورجُلٌ أتى بعد زمنه فلا يُحسِن أن ينتفِع أو ينفَع!
§
متى
كان الرَّجُل حُقوقًا فقط، وكانت المرأة واجبات لا غير؛ فقد خلا الرَّجُلُ من
العقل، وخَلَتِ المرأة من الحُبِّ.
§
ويلٌ
للإنسان من هوى نفسه؛ فلو لا هذه الحماقة فيه لما وُجِد على الأرض خطأ.
§
كلُُّ
إنسان حين يُخطئ؛ فإنَّما يُريد حقيقة من الحقائق، غير أنَّه يجعل مركزها في رأسه،
ولا يعتبرها إلَّا من هناك، مع أنَّ مركزها في العالم.
شهر
النَّحْل:
§ كلُّ خَطْبٍ عظُمَ مُدَّة. هان بعده،
إلَّا خطْبَ المرأة السَّلِطَة إذا هي اِستكلبَت*[28]؛
فكأنَّما جعل الدَّهرُ الجائِرُ أيَّامها خطًّا من خُطوط مداره.
§ ما في خلق الله أعظم من المرأة، فهي
طبيعةٌ وحدها، غير أنَّها الطَّبيعة الدَّقيقة الحِسِّ.
§ ليس يُدرِك الرَّجُل حقيقة نفسه قبل أن
يخلطها بنفسه.
§ إنَّ أشجَع النَّاس الذي لا يخاف شيئًا
كما يخافُ أشياء كثيرة من نفسه.
§ لو لا أثر يَدُ الله في إضعافها –المخاوف-؛
ما قامت للرَّجُل معها قائمة.
§ ليست القُوَّة إلَّا شيئًا طبيعيًّا في
هذا الوجود كائنة ما كانت.
§ ما من رجُل يُداري امرأة نوعًا من
المُداراة؛ فترضى عنه وجهًا من الرِّضا، إلَّا تراآها في يده أضعف ما خلق الله.
§ إنْ جهِل الرَّجُل كيف يُداريها، واختلفت
الأسباب المختلفة بينه وبين رضاها، ولم يكُن أهلًا منها لما هي أهلُه منه؛
استوْقَد إحساسها، وبصَّرها كيف تناله، ومن أين تأتيه؛ فابتُليَ منها بفتنةٍ ما
تهدأ وقدَتُها.
§ فما ينال السَّابح في البحر، إذا أراد أن
يُقيِّدَ الموجة العاتية!
§ قلَّما كانت المرأة السَّليطة إلَّا
غالبة، إذ هي نفسٌ مُتفجِّرةٌ.
§ المرأة متى ثارت لا تعجز أبدًا أن تكون
نفسها، وما نفسها إلَّا أعظم ما في الخليقة من الخير والشرِّ.
§ أخلاق المرء؛ إنَّما هي أعصاب أعماله.
§ ما عسى أن يكون في البُغضِ أشدُّ من
أعمال امرأة أبغضت بعقلها وبقلبها.
§ اللِّصُّ الذي لا يُنكِر على ملأ من
النَّاس أنَّه سارقٌ، وهو مع ذلك يحرصُ على أن
لا يُؤخَذ منه ما تجشَّم في سرقته.
§ ما من شيء إلَّا وقد جعل الله فيه
النَّفع والضَّرَر.
§ ما معنى أن يتغنَّى الإنسان معرفة
الأشياء على حقائقها.
§ الإفراط من الدَّواء. داءٌ مع الدَّاء.
§ قد يجتمع من طعاميْن بلاء، لا يكون من
جوع يوميْن.
§ المرأة هي هي في حاجة الرَّجُل إليها،
ولكن كلُّ امرأة تكونُ جنسًا بعينه في حاجتها إلى الرَّجُل؛ فمن ههنا أحبَّت
وأبغضت.
§ لو أنَّ المرأة ممَّا تُنبِتُ الأرضُ
وتسقي السَّماءُ، لقد كانت تصلُحُ مع كلّ رجُل، كما تصلُحُ لكلِّ رجُلٍ.
§ يُحِبُّ الرَّجُلُ من هذه الجهات الأربع،
لا تكون قد أحبَّته ذلك الحُبّ الرُّوحيّ العجيب الذي يوصَف بأنَّه: حُبُ المرأة*[29].
§ الحكيم: "مَنْ أراد مُصاحبة الملوك؛
فليدخُل كالأعمى، وليخرُج كالأخرس".
(8)
الحظ
§ كلمة الحظِّ من بين الكلام ضلَّ بها
النَّاس ضلالًا بعيدًا، لا أعرفُ كيف استُحدثَت ولا من أين انصبَّت على الدُنيا*[30].
§ كيف تُلقى فينفس هذا الإنسان معاني
الغيب؛ فيردَّها ألفاظًا يحمل منها السَّماء بأفلاكها على بضعة أحرف.*[31]
§ الإنسان متى أحسَّ القوَّة، كأنَّما
يُحاول أن يُسمِع السَّماء بطنين ألفاظه أنَّه موجود على الأرض، ويُحاول أن يُظهِر
للأرض بصراحةٍ هذه الألفاظ، أنَّ الألفاظ أنَّ له إرادة تعمل مع الأقدار في تسخير
الطَّبيعة.
§ ضعفُ الإنسان لا حدَّ له؛ فلا لما يستعمل
من الكلام المُبهَم الذي يحملُ ما شئت أن يحمل، ولولا ذلك صحَّ أن تكون الفصاحة
نفسها وسيلةً من وسائل التعمية في مُحاورة الخُصوم.
§ الحظُّ كلمة يستوي عندها خطـأ الإنسان
وصوابه، ولهذا يراها واقعةً موضعها وفي غير موضعها، ولا معنى لها عند الإنسان
إلَّا أنَّها اتِّجاه حركة القدر.
§ الحظُّ كلمة غامضة غموض النَّفس غموض
النَّفس الإنسانيَّة يتعزَّى بها أهل الأرض جميعًا، ويُظهرون فيها إيمانهم
الفطريِّ الذي لابدَّ منه للقلب.
§ ما دام الإعجاز وُضِع حَيْرة للعقل، فلا
بُدّ في اللُّغات من ألفاظ تُصوِّر كلَّ ذلك وتصفه على تلك الوجوه العجيبة، بحيث
اللَّفظة إقرارًا من الإنسان وإن جَحَد، وصورة لإيمانه وإن كفَر.
§ من لا يُؤمن بالله وجَدَ في لُغته لفظًا
للقَدَر، وهو الإيمان بعمل الله فإن كفَر بالقَدَر اعترضته نفسه بكلمة "الأمل"
وهو الإيمان برحمة الله؛ وإن جَحَدَ هذه اعترضته طبيعته الإنسانيَّة بكلمة "الحظ"
وهو الإيمان بقدرة الله، ولا أحسبُ أنَّ في الأرض رجلًا يكفُر بهذه الأربعة
جميعًا*[32].
§ الكُفُر نفسه لا يخلو من الإيمان.
§ ما أشبه الإيمان بجبل راسِخٍ يحمل
النَّاس كافَّة؛ غير أنَّ المُؤمن يصعدُ مُرتَقِيًا من جهة، والكافِر ينزلُ من الجهة
الأخرى.
§ العجيب أنَّ كلمة "الحظ"
نفسها يضعف معناها، ويقوى بعكس ما يكونُ في الإنسان من قوَّة الإيمان وضعفه.
§ الرَّجل المؤمن القويُّ في إيمانه بالله
قلَّمت يفهم من هذه الكلمة "الحظ" إلَّا أضعف ما تُريدُ النَّفس
منها.
§ ضعفاء الإيمان لا يفهمون من كلمة "الحظ"
إلّا القوَّة المُسخَّرة لحوادث الدُّنيا.
§ لا يُمكن أن يُحصَر الضَّمير بين
حائطيْن.
§ الإيمان هو ذلك الاعتقاد الكبير الذي
تصغُر عنده الحياة بما فيها من الخيْر والشرِّ.
§ الأبطال يستهينون بالحياة، إذ هُم أهلُ
الموت.
§ العُظماء يتنزَّهون عن الدَّنايا، إذ هثم
أهلُ الأخلاق.
§ الحكماء يزهدون في حُطام الدُّنيا إذ هُم
أهل النُّفوس.
§ الإيمان الصَّحيح حُريَّة صحيحة.
§ العقل السَّماويُّ هو الذي يُلهمُ
الإنسان حكمة كلّ مُصيبة، أو يُلهمه الثِّقة بالحكمة التي يجهلها.
§ لو أنَّ للفضيلة عبادة؛ لكان لها من
أخلاق كلِّ رجُلٍ صحيح الإيمان مسجد تعبَّد الله فيه.
§ لا يصحُّ إيمان المرء حتَّى يتبيَّن
لنفسه طريقًا إلى ربِّه؛ فيرى كأنَّ قطعة من السَّماء تضيء له الحياة.
§ للقدَر طريقيْن: فواحدة يندفع بها، وهذه
لا تُعرَف إلَّا بعد أن تقع الواقعة؛ فتدلُّ عليها بنفسها، والأخرى هي التي
يتصرُّف إليها القدَرُ في حركة الدَّهر، وهذه لا يُوفَّق إلى معرفتها غير
السُّعداء، ومن كتَبَ الله لهم أن يكونوا مظهَر حكمته، أ, مظهر حمده.
§ المُؤمن إنَّما هو صورة عقليَّة نت
الرَّجُل الحكيم.
§ المُصيبة متى وُجِدَت كالحياة متى
وُلِدَت: لا محلَّ للعقل في أوَّلها.
§ ما أرى أنَّ المصائب في نظام الكون إلَّا
حركات زاهرة تسير بها نِعَمٌ مجهولة لا تزال ومن وراء الغيْب.
§ ليست النَّازِلَة هي المُصيبة، ولكنَّ
المُصيبة من جهلنا وضعفنا*[33].
§ كلُّ نعمة من الجهل والضَّعف كيف تحمُقُ*[34]
وتضعُف حتَّى لا تكون مع صاحبها إلَّا
قريبًا من ممَّا المُصيبة مع صاحبها.
§ من لم كُفُؤًا لما يناله. هلَكَ بما
يناله.
§ الحظُّ توفيق، والتوفيق أن لا يكون لكَ
إلَّا ما تصلُح له، فأنت بذلك مُطمئِن.
§ غاية الرِّضا أن تستمتع بما أنتَ فيه.
§ أيُّما رجل أصاب فاطمأنَّ فرضيَ
فاستمتَعَ، فهذا هو ذو الحظِّ.
§ كلُّ امرئٍ يُريد لنفسه لا لِسِواه.
§ أوَّلُ التوفيق أن تُريد ما يُصلحكَ،
وأوَّل الخُذلان أن تُريد ما لا يصلُحُ لكَ.
§ الطَّمعُ فقرٌ خاضِرْ، ولو كان طمعُ الغِنَى.
§ النُّفوس تَبْلى من طول ما يلبسها قَدَر،
ويجعلها قَدَر.
§ العمر بمقدار الزَّمن الذي يعيش فيه.
§ هل سمعتَ برجُلٍ كان يحفِرُ قبره منذُ
عَقَلَ معنى الموت! وقد نَذَرَ أن لا يحول عنه، ثمَّ لم يزل يُوسِّع الأرض من
عمله، ويُفسح في جوانب هذا القبر، وعُمِّر طويلًا من دهره، حتَّى أصبح قبره يأكل
القُبور أكلًا*[35]،
ثمَّ أدركه الموت؛ فانْطَرَحَ فيه رمَّة
بالية؛ فإذًا لا يملأ من جوفه عمل يوم واحد ممَّا كان يعمل.
§ الحُفرة فَمٌ مفتوحٌ تصيحُ منه
الأبديَّة: أين الميِّتُ العظيم الذي أعدَّ كلَّ هذه الجيفة.
§ ما هذا النُّبوغ الميِّت الذي ضاعت فيه
الحياة، ولم يعظُم به الموت؟.
§ حُسن الحظِّ رغبة مجنونة لا يُقرَّها
العقل السَّليم، ولا يستقيم بها نظام الدُّنيا.
§ عرَف النَّاس في كلِّ وجوه الحياة كيف
تكونُ الخيبة، وكيف يمرض الأمل، وكيف يهلكُ الطَّمع، وسمُّوا ذلك "سوء
الحظ".
§ كلُّ واحد يمتنَّى لنفسه هذا الضدُّ،
ويُسمِّيه "حُسن الحظّ"؛ لأنَّه زعَم لا سوء فيه.
§ من يسمَعُ بالموتِ؛ يحسب أنَّه يعرف
الموت.
§ يأبى كلُّ أحمق إلَّا أن يختطَّ لله
خُطَّة يبني له عليها مُستقبله، فكأنَّما يريد أن تمشي يد الله في التَّقدير على
أجزاء الصُّورة التي في خياله.
§ لو جمع الله أبنية الأماني من أوهام
النَّاس، ومثلها، وكشف عنها الغطاء؛ فأبصرناها لرأينا ثمَّ (مدينة المستقبل) التي
لا يملكُ أفخم قُصورها إلَّا الصًّعاليك.
§ كلمة الحظ فيما نأمله، وفيما نتعلَّلُ
به، إلَّا لحنًا من الألحان الطبيعيَّة التي خُلِقَت في أفواهنا؛ لنتغنَّى بها تحت
الأحمال الثَّقيلة من مصائب الدُّنيا وأطماع النَّاس.
§ ما الإنسان إلَّا دابَّة للحمل، وعليه أن
يحمل من معاني المادَّة التي يعيش فيها أو
يعيش بها.
§ الزَّمن نفسه بحكمته وعلومه وحوادثه،
إنَّما يُعلِّمنا كيف نحتمل الأسوأ، والهموم أكثر ممَّا يُعلِّمنا كيف نتَّقيها.
§ ما الخَيْبة إلَّا ردَّ الأقدار علينا
حين يقول: "لا"*[36].
§ الحظ هذا. من وضع الإنسان لا من وضع
القدر.
§ صرخة الألم قطعة طويلة من كلام النَّفس،
يجمعها الحِسُّ الثَّائر المُتألِّم.
§ صوت صرخة الألم يشرحه لكَ الطَّبيب من
أسباب ذلك الألم وعوارضه في كلام طويل، وعبارة سابِغَة لا يتأَّلمُ منها حرفٌ.
§ الحيوان العاقل كان يشعر بمعاني الأشياء
قبل أن يضع ألفاظها.
§ إذا تعادى الرَّجُلان أو فئتان؛ فبغى
بعضهما على بعض، أحسَّ الغالب منهما، أنَّ قوى الطَّبيعة معه، وأيقن المغلوب أنَّ
قوى الطَّبيعة عليه.
§ الأمم القديمة كلّها تتوسَّلُ إلى الغيب
المجهول بوسائل غريبة من الطَّلاسم والتَّمائم والتَّعاويذ، ونحوها من الأعمال و
العادات المأثورة في تاريخ كلِّ أمَّة.
§ حكم الإنسان في اجتلاب الخير ودفع
الشرِّ، والزَّمن لا يأتي على الغرائز فيمحوها، ولكنَّه يُحوِّل شيئًا منها
ويُهذِّب منها شيئًا، ومن هنا كانت كلمة
"الحظ" فاشِيَةً في المُتمدِّنين؛ لأنَّها آخر صورة مُهذَبة من تلكَ
الغريزة الأولى!
§ إنَّ في حوادث القَدَر أشياء لانفهم وجه
الحكمة فيها.
§ الشُّذوذ فيما يقع من حوادث الدُّنيا،
وفيما نشهد من تصاريف القَدَر أمر معلوم، ولكن لماذا لا يكون قاعدة الأشياء نجهلها
ما دُمنا نجهل الغيب كلَّه ولا نعرف منه شيئًا.
§ إذا أراد اللهُ أمرًا هيَّأ له أسبابه.
§ ربَّما سعى المرء بكلِّ سببٍ فلم يُفلِح،
ثمَّ يقع له سببٌ لم يمتهِدْ له وسيلة قطّ؛ فإذا هو عند بُغيَتِه.
§ ليس الكلمة التي تسلبُ الإنسان قوَّة
نفسه، وتكاد في إيهامها تسلبُ الأقدار قوَّة الحكمة أيضًا، وهي كلمة "الحظِّ".
§ ألا ترى أنَّ أحدًا من النَّاس لا
يتعلَّل بكلمة "الحظ"، ولا يحتَجُّ بها، ولا يسكن إليها إلَّا من غيظ أو
سخط أو حسد أو عجز أو ما هو بسبيل من هذه المعاني؟.
§ لم يبق من معنى "الحظِّ" إلَّا
أن يُقال: ولِمَ وُفِّق فلان، ولِمَ خُذِلَ الآخر، وما هو به بدونه.
§
انظُر. لمَ أساء بعض الأغنياء حمل الغنى دون بعض؟ ولِمَ أحسَنَ بعض
الفقراء حمل الغنى دون البعض، ولِمَ ابْتُليَتْ طائفة بالتمنِّي، وابتُليَتْ غيرها
بالضَّجر ممَّا تتمنَّاه الأولى، وحُبِّبَ إلى تلكَ ما بُغِّضَ إلى هذه، ولِمَ
انتُزِعَتْ نعمة بعد أن استمكنَ حبلها، وأقبلت الأخرى بعد أن استيأسَ أهلها؟.
§ وما النَّاس إلَّا خُطوط في لوْح الغيب
يستقيم منها ما يستقيم منها، ويعوَجُّ منها ما يعوَجُّ؛ لأنَّ كلّ ذلك ممَّا لا
بُدّ منه في جملة الوضع وإحكامه.
§ إذا أردتَ أن تسأل لِمَ استقام هذا ولِمَ
اعوجَّ ذاك، ثمَّ ما قصُر وطالَ، ثمَّ ما دَقَّ وجَلَّ، ثمَّ ما علا وسفُلَ، ثمَّ
ما انفرَدَ واختلَطَ؛ فَسَلْ: لِمَ خُلِقَت الدُّنيا، ولِمَ خُلِق النَّاس، وسَلْ
الخالق، ولا تَسَلْ "الشيخ عليّ".
§ ظفر العلماء في حركات النِّظام بما
سمُّوه "الانتخاب الطَّبيعيِّ"، وعرفوا أن ذلك سرّ من أسرار التقدُّم
والارتقاء.
§ ما نحنُ فيه من معنى "الحظ"
إنَّما هو "انتخابٌ إلهي"، وذلك سرٌّ من أسرار الحياة والبقاء.
§ ما من حركة لي ولكَ ولكلِّ إنسان، إلَّا
هي تمسُّ قطعة من تاريخ الحياة وطائفة من الأحياء.
§ ليس من حيٍّ لنفسه وحدها، وليس من حقيقة
هي لنفسٍ واحدة.
§ عرف الإنسان بعض الحقيقة من نفسه، فأكثر
الحقيقة لا يعرفها إلَّا من سِواه.
§ قوَّة الحركة وضعفها على حسب ما يُراد
بها في الدَّفع والجذب.
§ الثِّقة وحدها حظٌّ عظيم.
§ الله –تعالى-
يُصيب النَّاس بنِيَّاتِهم، إذ هي حقائقهم الصَّريحة.
§ ربَّما كان زمامُ العافية بِيَد البلاء،
وكانت النِّعمة في عاقبة المُصيبة.
§ إذا لم يكُن للأقدار نواميسُ أرضيَّة تجري
عليها، وتقع بحسبها، فإنَّ أقرب ما يصحُّ أن يُعَدَّ من نواميسها فيما أرى هو
نِيَّاتُ النَّاس.
§ النِيَّةُ خُلاصة الفكر والضَّمير، ونتاج
ما بينهما.
§ حسبُكَ من المُتاجرة مع السَّماء، بضاعة
صالحة من الإيمان الذي لا غِشَّ فيه، ومن المُتاجرة مع الأرض بضاعة طيِّبة من
النِيَّة التي لا دَنَسَ فيها، فإنَّ ربحكَ من هذه البضاعة التي لا تكسدُ في
أسواق السَّماء والأرض.
§ إن رأى النَّاسُ أنَّكَ خسرتَ شيئًا من
الغنى أو الجاه أو متاع الدُّنيا؛ فإنَّما تعلم أنت يقينًا أنَّكَ لم تخسر إلَّا
الهمَّ والشَّقاء والتَّعب بالدُّنيا وأهلها.
§ إذا كان لكَ من حُسْن الإيمان، وحُسْن
النِيَّة، وحُسْن الأخلاق، ستعرف كيف يكونُ "حُسْن الحظِّ".
(9)
الحرب
§ ساحة المعركة: رقعة من الأرض كأنَّ فيها
شيئًا من الطِّينة التي خُلِق منها الإنسان؛ فهي تُمطَرُ من دمائه.
§ ساحة المعركة ينجذب إليها الجُنديُّ
لأنَّ فيها ترابه. بل لأنَّ فيها من تُرابِها، وينطرحُ عليها، لأنَّ منيَّته في
اِقترابها، ولا تزال تصرعه، وكأنَّها من شوقها تضمُّه، تُلقيه على صدرها ميِّتًا
أو جريحًا؛ كأنَّها تُعلِّمه بذلك أنَّ الأرض أمُّه.
§ ساحة المعركة: هي مزرعة الموت، نباتها الرُّؤوس
فمنها قائمٌ وحصيد، وثمراتها النُّفوس؛ فمنها داني القِطاف ومنها بعيد.
§ ساحة المعركة: روَّاها الدَّمُ الحيُّ؛
فنبت فيها العظم وأثمَر فيها الحديد.
§ ساحة المعركة. ساحة الموت ترفع القُوَّة
راية وتنزل راية.
§ في ساحة المعركة. يُحشَر إلى مسرحها
النَّاس؛ ليُمثِّل لهم الموت كلَّ يومٍ راية.
§ اِضْطرَبت في ساحة المعركة الآجال؛
فكأنَّها أمواج في بحر القَدَر زاخرة،
وتناثر فيها الرِّجال؛ فكأنَّهم عِظامٌ في بعض المقابر ناخرة.
§ إذا ظهرت تلك السَّاحة، وكشَّرت عن أنياب
من السُّيوف، وأسنانٍ من الأسنَّة، كأنَّها لأهل الدُّنيا فمُ الآخرة.
§ الجنود إذا رأيتهم يلتحمون. قلتُ: زلازل الأرض قد خُلِقت على ظهرها، وإذا شهدتهم
يقتحمون خِلْتُ نُفوس الكِرام قد حُملَت على دهرها.
§ أيقن الجنود أنَّهم إن لم يكونوا للموتِ
كانوا للأَسْر، ولم لم يُبنَ على "الفتح" بُنِيَ على
"الكَسْر".
§ ما من الجنود إلَّا من يحمل رأسًا كأنَّه
لا يملكه، على عُنُقٍ لا يدري كيف يُمسكه؟
§ الجنديُ لا يُبالي أظلَّته الشَّمس، أم
أظلَمَ عليه الرَّمْس، ونهضَ للتاريخ مع
الغدِّ، أم ذهَبَ في التَّاريخ مع الأمس؟.
§ إذا كان من صفة الميِّت أنَّه في الحياة
بغير جسم؛ فمن صفة هذا الحيُّ أنَّه جسمٌ يعيش بغير اسم.
§ ما الجُنديُّ إلَّا عدد في حساب الحرب،
فَسِيَّان قطعة "الطَّرح" أم أخذه "الضَّرب"... وإنَّما هو
حيثُ يتهيَّأ له انتظار الأقدار.
§ ليس للجُنديّ إلَّا الصَّبر، ولو في بطن
القبر، وحيثُ يُطبَخُ له النَّصر على "النَّار" فثمَّ المكان، ولو في
جوف البُركان.
§ آيةُ عقل الجُنديِّ، أن يكون كالآلة
المُتقنة تعمل بلا عقلٍ، فلا يخشى الحَيْف، ولا يسأل لماذا وكيْف، ومن ذكائه أن
يكون من صِحَّة الذِّهن... بحيث لا يُفرِّق في الموت بين الجمْر والتَّمر.
§ ما الحرب؟ إلَّا أن يتنازع النَّاس على
الحياة؛ فيُقيموا الموت قاضيًا، ويطلبوا من الشَّريعة المُدوَّنة في صفائح
السُّيوف حَكَمًا على الحياة ماضِيًا.
§ يتكلَّم الجُنديُّ بألسنة الرُّوح من
أفواه الجروح، ويأتي من بلاغة الموت في خِصامه بكلِّ "ضرب"؛ ويُجري
الحياة مجرى "الاستعارة" في "بيان" الحرب.
§ كلُّ فارس كأنَّ الموت من سيْفه سُمٌّ
خُلِقَ في ناب.
§ إذا هاجت الحرب الجُنديّ، لم يفُتْهُ من
ضروب النَّقمة فَوْت، وإذا نظر في مقتَل عدوِّه، حسِبتَ عينيْه نُقطتيْن على تاء
الموت.
§ عُقول الجُنْد في أيديهم و أرجلهم.
§ رمَتِ الأرض تلك المدافع بزلزالها، وألقت
على الجنود صُورًا من شرِّ أفعالها؛ فتركتهم كالغابة المُلتفَّة إذا استطار فيها
الحريق.
§ كلّ مدفع في صبيحة الحرب، إنَّما هو
عُنُق شيطان رجيم.
§ المدفع كأنَّه نشيدٌ فخمٌ تفتخر به الأرض
على الرَّعد والصَّاعقة.
§ وحسب المدفع رُعبًا أنَّه شكلٌ
"عصريٌّ" من عذاب الخَسْف القديم؛ أعدَّه الله لهذا الإنسان الجديد.
§ الرَّصاص فهو من سماء الموت حَبُّ غمامه،
وله صفير كأنَّه ترنُّم الشيطان ببعض أنغامه.
§ إذا تناثر الرَّصاص فكأنَّ في السَّماء
نجمًا تفتَّتَ فسقط.
§ الرّصاص كأنَّه قطعة ذابت من الشَّمس؛
فألقت على وُجوه النَّاس هذه النُّقَط، أو هو فَوْجٌ من ذُباب النَّار.
§ الرَّصاص كأنَّه زفراتٌ غير أنَّها لا
تخرُجُ من الصَّدْر بل تنزلُ فيه.
§ ما العذاب الرَّفيع إنْ كان من المدفَع
إلَّا هو العذاب الغليظ.
§ لوكان البحر الأسود في المحبرة، لما بلغَ
وصفَ هذه المقبرة.
§ القُوَّة التي رُزقها العقل؛ فكانت بلاء
على الأبدان.
§ إذا سَمَتِ "الطيَّارة" خفَض
لها السَّحاب جناح الذُلِّ.
§ ما هذه الحياة الأرضيَّة التي عرَجَت في
السَّماء فخرجت من حُدود دهرها.
§ ما هذا العقلُ الإنساني الذي يُوزِّع
جأشه*[37]،
والذي يرفعه إلى السَّماء اِرْتعاشه، وهو مع ذلك يندفع على أهله بالويْل اِندفاع
السَّيْل، ويطلع نصفه كالنُّور على الأرض*[38]؛
ليطلع نصفه الآخر كاللَّيْل؟.
§ الحرب. اِشْتعل من هولها رأس الأرض ببياض
السُّيوف شيبًا.
§ الحرب. جعلت من البُيوت قبورًا لأهلها.
§ الحرب. أظهرت لعقول العلماء أنَّ أكثر
علمها من فُنون جهلها.
§ الحرب.
كلُّ حرف منها جيْشٌ، وكلُّ كلمة أمَّة، ووراء ذلك معنى رائع هو استجماع
الحياة الأرضيَّة لمُقابلة الموت.
§ لو أنَّ لهذا الكون مرَضًا يعتريه، كما
تعتري النَّاس أمراضهم؛ لقلتُ إنَّ شقَّ الأرض قد ضُرِبَ بالفالج؛ فأصبحَ شقا
الآخر، لا يكادُ يجرُّ ظِلَّه حول الشَّمس، لأنَّ الركة مقسومة بينه وبين النِّصْفِ
الميِّت.
§ الحرب. لها سَفَر بين أُمَم الأرض، وسبب
كلّ ما يخرجُ من رأس الإنسان، وما ينتجُ من يده.
§ المعركة الأخيرة التي يحقُّ بها النَّصر؛
فتكون هي تاريخ الحياة، ولا يكون ما سَبَقها إلَّا تاريخًا للموت.
§ لو كان لحوادث الدَّهر منذ نشأ الدَّهر
تاريخ صحيحٌ يصِفُ لنا ما كان سبَبًا في كلِّ حادثةٍ، وما صارت كلُّ حادثةٍ سببًا
فيه؛ لأنبَتَ يقينًا أن ليس في الأرض شيءٌ من خيرٍ أو شرٍّ غير ما يلزم؛ لبناء هذا
التَّاريخ الأرضيّ على الوجه الذي يتَّفق مع بناء الإنسان.
§ التاريخ يطرُدُ حينًا، ثمَّ يعطفُ ههنا
وههنا في مجراه من الغيْب؛ فلا يتحوَّل إلَّا إذا اِنْشقَّت له ناحية من العالم.
§ إن خربت دولة أو سقطت أمَّة؛ فما هي
بصاحبة الدَّهر كلَّه.
§ لن يُجدَّدَ البناء القديم، حتَّى يكون
الهدمُ أوَّل العمل في تجديده.
§ الحربُ شرٌّ لا بُدَّ منه؛ لأنَّها من
عوامل التَّحليل والتركيب في تاريخ الإنسانيَّة.
§ إذا لم يكُن لنا مُستقبَل التَّاريخ،
وكُنَّا في عمر محدود؛ فما نحنُ والرأي في بناء هذا المُستقبل.
§ كيف نُقدِّم لله آلات البناء، ثمَّ
نُحكِمُ الشَّرْط أن لا يكون في هذه الآلات ما يحتقِرُ أو يكسِر أو يَرُضَّ؟.
§ الحرب يطير لها في كلِّ أرضٍ صوتًا*[39]
بالذَمِّ والسُّوء، أنَّها لا تأتي إلَّا بغتة، ولا تطبُق إلَّا في غفلات العيْش،
وأنَّها تثور في بياض الأمن حمراء من لوْن الموت، وتطلع في خِصْب النِّعمة سوداء
من لوْن القَحْط، وتنبثقُ بالشرِّ من حيث يكون الشرُّ مأمونًا، وتصُبُّ المِحنة
على من لا يُطيقها، ثمَّ لا تُصيب الذين ظلموا خاصَّة بل تلفُّ من جانبيْ
الأحاديث*[40]،
وتضرب فيها الألسنة.
§ كم يترضرَضُ النَّاس*[41]
كلَّ يوم، وكم يجدون من صُنوف الدَّمار في الأعمار، ومن ضُروب الأرزاء في الأرزاق،
كما لو جُمِع بعضه إلى بعض في نَسَق واحد؛ لطَمَّ على هذه الحُروب كلّها.
§ في السِّلمِ يظهرُ ما هو شرٌّ من الحرب،
وإن لم يصرخ به صوتُ الموت.
§ ضروب القتل الخفيِّ (البغي. الظلم.
الكيد. الفتنة. الاستبداد)، ونحوها مما يشمل أكثر وسائل الحياة الإنسانيَّة،
وربَّما عُدَّ الموتُ في بعضها راحة.
§ كأنّض باطل الأمم غير باطل الأفراد.
§ الاجتماع قضى منذ أوَّل العهد به، أن لا
تكون الأمَّة مظهر الشرع، وأن يكون الفرد مظهر العقاب.
§ الحرب عقاب الجماعات.
§ ما أرى الحرب إلَّا البُرهان الذي تُقيمه
الطَّبيعة أحيانًا على فساد. كلَّما أوشكَ الضَّعف الإنسانيّ أن يتوهَّمه حقيقة.
§ كيف لعَمْري يخلُق الكُتَّاب والفلاسفة
هذا الإنسان الجديد (فترة ما بعد الحرب). من عناصر السِّلْم وحدها؟.
§ الإنسان لا يولد ساكنًا ولا نظيفًا،
وإنَّما يخرُجُ من بطن أمِّه في ثورة دمويَّة؛ تنفجر حوله ههنا وههنا.
§
ما أرى الحربَ أكثرَ ما تكون إلَّا ولادة
للتاريخ على هذا الأسلوب.
§ فكأنَّ من التَّاريخ ما يولَد إلَّا في
ثورة من الدمِّ، ومنه ما يوجد على أسلوب النَّبات في تحوُّلٍ ساكنٍ غير منظور.
§ الإنسان في الحقيقة هو الطَّبيعة
الرَّفيعة، وما القُوَّة المُركبَّة فيه التي تخرُجُ من مجموع غرائزه، إلَّا تهيئة
حربيَّة في نفسه*[42].
§ الإنسان مُهيَّأٌ للحروب بأدواتها
الطَّبيعيَّة، وأنَّ هذه الأدوات هي كذلك من أسباب بقائه اللَّازمة له، لما قامت
في الأرض حربٌ قطّ.
§ الحربُ القائمة بين الأحياء، إنَّما هي
حربٌ قائمةٌ بين مذاهب الحياة.
§ كما يجتمع العلماء وأهل السِّياسة،
لتنقيح الأنظمة والقوانين؛ تجتمع الأمم المُتحاربة لتنقيح الطِّباع والعادات؛ وما
أعجب أن يكون القتل تنقيحًا في قانون الحياة.
§ الرُّوح الإنسانيَّة متى أصبحت
مَوْتُورَةً ساخطةً مُتبرِّمةً بأسباب، مُختلفة كأسباب هذه المدنيَّة من سياسيَّة
واجتماعيَّة، لم تكُن روح هذه الحياة، ولكن روح القتل وما في حُكمه.
§ لا بُدَّ لهذه الحضارة من انفجارات
حربيَّة مُستمرَّة، ولا بُدَّ لها أن تجِدَ من تقتله، ومن تظلمه ومن تستعيده!
§ وإذا تحاجزت الدُّول وتاركت زمنًا؛ فإنَّما يُسمِّن بعضها
بعضًا في مراعي السِّلم والعيْش، وكلُّ أمَّة عيْنُها على شحم الأخرى.
§ كانت الحرب العُظمى. (المقصود بها: الحرب
العالميَّة الأولى والثانية). تنقيحًا إلهيًّا عنيفًا لهذه الحضارة الزَّائغة؛
فوضع الله يده عليها؛ فمحت أكثر حسناتها ورقائقها وطُرَفها البديعة.
§ إذا أُميتَتْ طِباع التَّرف؛ انبعثْ طباع
القُوَّة، وقَرَّ في الرَّجُل معنى الرَّجُل، وفي المرأة معنى المرأة، وكانا قبل
ذلك: إنَّ الرَّجُل نصف امرأة، وإنَّ المرأة ضعف نفسها.
§ فكأنَّ الحربَ مصفاةٌ للحضارة، ثُقوبها
الخرائب والخنادق والقُبور، ومتى جُمِعَت الأوساخ بعد زمنِ؛ فالمصفاة باقية.
§ العقل أحيانًا يكون أوَّل ما ينهزمُ في
الحرب*[43].
§ ترى الصَّلوات والأدعية والتَّسابيح
تصَّاعدُ إلى الله، وفيها ريح الدمِّ والنَّار والغازات، كأنَّها قنابل صُنِعَت من
العواطف؟.
§ كم من الإسراف الطَّبيعيِّ والأخلاقيِّ
في بقاء النَّاس موفورين بعلومهم وفنونهم وشهواتهم ونعيمهم ومصائبهم ونحوها.
§ تكاليف الحياة الاجتماعيَّة السَّامية
تُحاول أن تجعل الإنسان حيوانًا على شكل مُختَرِع.
§ الإنسان يقضي العمر وهو يتعلَّم؛ كيف
يصير إنسانًا.
§ أكرهُ الحربَ لأنِّي أراها تصوّر بكلِّ
ألوان الهلاك والخراب؛ فكرة العدم المُبهَمَة على قطعة من أديم الأرض.
§ وأمقُتها (الحرب)؛ لأنَّها تُلوِّثُ
الحياة بدماء الرِّجال؛ ثمَّ لا تغسلها إلَّا دموع النِّساء والأطفال.
§ وأُبغضها (الحرب) لأنَّها تدفُن تاريخها
الصَّحيح المُستقبل، ولا تترك للحاضر
إلَّا تاريخها المُشوَّه في أعضاء الجرحى.
§ البُغضُ لا ينفي الحكمة ممَّا تُبغِضه،
وما سرور نصف النَّاس إلَّا بما يكره النِّصف الآخر.
§ أكبر شخص اجتماعيٍّ وهو الأمَّة، وكأصغر
شخص اجتماعيٍّ هو الطِّفل: كلاهما يبكي ويتألَّم حين يُضرَب لتأديبه.
(10)
الجمالَ والحبَّ
(هذا
هو الفصل ننقله عن كتابنا "السَّحاب الأحمر". الرافعي)
§ أنَّما أنظرُ الآن في قلب رجُل لا في
وجهه، إذ تهلَّلَ على السَّحاب وجه "الشيخ عليّ" شيخ المساكين.
§ لو أراد الله بالنّاس خيرًا لوضع في
أبصارهم تنبثُّ في أطواء القلوب؛ فتعرفُ ألوان العواطف، وتُميّزها لونًا من لَوْن.
§ جعل الله من الوجه غطاء على معاني القلب؛
ثمَّ سلّط الفكر على معاني الوجه ومعارفه.
§ الله سُبحانه قد أوجد الخير والشرِّ
صريحيْن فقد أوجد الإنسان ثالثًا لهما، وهو تلبيس أحدهما بالآخر.
§ جعل الله للإنسان آلة واحدة للصِّدق وهي القلب، وآلتيْن
للكذب وجهه ولسانه.
§ أفمَن جِلْدَةٍ على وجه امرأة يجيء
الشِّعر ولجُنون معًا، ويجتمعان في هذا الخيال الذي يُسمّى الحُبّ، ويستنزلان
معاني التقديس من أعلى السّموات إلى عيْن تلحَظُ لحظة، وشفَّة تبتسم بسمة؟.
§ الحياة لا تعرفُ البشرة إلَّا غطاءً على ما وراءها اِسْوَدّ أو
اِبيَضّ، ولو كان من لوْن المرمر أو من هيئة الطِّين.
§ لو أنَّ كل وجه في نساء الدُّنيا خُلِق
دميمًا نافِرًا على أبشع ما نتصوَّرهُ من القُبح؛ لكان كل نساء الدُّنيا جميلات.
§ الجميلات والقبيحات كُلُّهنّ سواء في
أنَّهنّ نساء هذه الإنسانيَّة.
§ تتفاوت النِّساء في أسباب الشَّقاء
الإنسانيّ الذي يبتلي الرّجُل والمرأة، ويمتحنُ المرأة بالرَّجُل.
§ لو سما عقلُ الرَّجُل إلى الغاية العُليا
من كماله؛ لرأى المرأة الجميلة الفاتنة في نصف جمال مقارنة بالمرأة القبيحة.
§ من شِقوَة الطَّبع أنَّه سخِط القُبحَ؛
فأحاله فسادًا، وعَبَد الجمال فأحاله فسادًا من نوع آخر.
§ الأهواء والشَّهوات فهي دائمًا لا تقع
إلَّا مُتخطِّية حدود العقل، إمَّا إلى النَّقص أو إلى الزِّيادة، ولا تُغري بشيء،
إلَّا إذا أو قعت به السُّوء.
§ لا يستوي في القصد ما خَرَج عن الحقيقة،
وما هو مُقيَّدٌ بالحقيقة.
§ أزلَّني شيْطان الحبّ مرَّةً فقلتُ:
أفتُرى الشَّوهاء على ما بها ممَّا ركَعَ الدَّهرُ وسَجَد، ثمَّ تلك المرأة التي
سَمُجَ تركيبها فَتَحَامَتْها العُيون؛ ثمَّ الأخرى التي قُمِعَت في بيتها تختبئ
فيه من القُبح؛ فصارت سِرًّا في صدر الحيطان.
§ بعض النِّساء كالسَّطر المضروب عليه
أفْسَدَهُ الخطأ.
§ المرأة الغانية المُتشكِّلة في ألوان
الثِّياب بَدَنًا معنويًّا يدُلُّ على معانيه.
§ المرأة الحسناء اللَّعوب المزَّاحة؛
كأنَّما اجتمعت طباعها من نور القمر، أطلَّ في ليلة من ليالي الرَّبيع يُداعب
أوراق الورد النَّائمة.
§ لعلَّ من أمتَع اللَّذَّات وأبهجها لقلب
المهموم؛ أن يتصوَّر في همِّه من يعرفه طَروبًا فَرِحًا.
§ القُلوب لا تُؤتى من مأتى هو أدَقُّ
وأخفى من تَوَهُّم ما فيه اللَّذَّة,
§ وما هي السَّرِقة مثلًا، إلَّا أن يضع
اللصّ عينيْه على المال، أو المتاع، ويتذوَّق طعم اليُسْر والفائدة؛ فتُجَنُّ
أعصابه جُنون الحاجة.
§ الفاسقُ متى نظر إلى المرأة واشتهاها،
ونبَّه معانيها في معانيه، وقُل هذا في كلِّ طَارَ قلبه، اِلْهَ عن وهمكَ يا بُنيّ،
و ضَعْ الأمر على قاعدته.
§ سدِّد نظَرَكَ إلى الحقيقة، ودَعْ حبل
الباطل الذي تَجُرّ فيه شيْطان هواكَ، أو يجرُّكَ فيه.
§ ذهاب العقلُ في المجنون المُختَلِّ، هو
نصفُ الجنون الإنسانيِّ، أمَّا الآخر فهو تجرُّد العقل في العاشق المُتَدَلِّه.
§ ليس للمجنون عند نفسه ماضٍ ولا مُستقبَل.
§ سعادة المجنون في هذا النِّسيان الذي طمس
عليْها وتركها، كأنَّما تعيش في غير عُمرها، بل في أعمار الإنسانيَّة، بل بغير
عُمُر,
§ ليس العاشق مع الحبيب شخصًا آخر ممَّن
مضى، وممَّن يأتي، مادام الحبُّ قائمًا.
§ الحبيب هو الحبيب.
§ كلُّ النَّاس أدوات، وشخص واحد هو الألف
واللَّام والحاء والباء، والنَّاس نُقطة مُلقاة تحت الباء فقط.
§ يُبغِضُ المُحِبّ ويبرأ من وهْمِه في تلك
المرأة، فلا يرى إلَّا أنَّه كان مجنونًا.
§ الحُبُّ و الجنون من أُمٍّ واحدة، وإن
اختلف أبواهما.
§ رأي العاشق في كلِّ النِّساء كرأي المجنون
في كُلِّ النَّاس.
§ سُئل "الحلَّاج" وهو
مصلوب يُعاني غُصَّة الموت: ما التصوُّف؟ فقال لسائله: أهونه ما ترى.
§ الحلَّاج رجلٌ يموتُ في سبيل حقيقة تقتله
بغموضها السَّماويُّ العجيب.
§ لم تتغيَّر الحقيقة في رأي الرَّجُل
(الحلَّاج)، و لا فَسَد موضعها في نفسه، ولا رأى من الألم مكروهًا في ذاته؛ فيميلُ
عنه، ولا ما يُحبُّونه من اللَّذَّة محبوبًا فيميلُ إليه، ولا تسحَبُ قلبه حركة
واحدة بالسُّخط على الحكمة الإلهيَّة؛ فانتقضها برأي أو اغتمز فيها بكلمة، بل نظر
نظرة الحكيم من وراء الحدِّ الإنسانيّ المُنتهي فيه، إلى ما يبدأ عنده الحدّ
الإلهيُّ الذي لا ينتهي، ورجع آخره إلى أوَّلهُ فكأنَّما يقول بلسان حكمته فيما نزل به: اللَّهمّ إنَّكَ
بدأتني طفلًا غِرًّا، جعله فُقدان العقل لا يملكُ مع أحدٍ إلَّا صياحه؛ فخُذني
غليكَ طفلًا عاقلًا جعله العقلُ لا يملكُ مع أحد، ولا صياحه.
§ التصوُّف كالحقيقة نفسها، هي موضع
المعرفة وموضع الجهل معًا.
§ ربَّ مُعضلةٍٍ من أمور هذه الدُّنيا في
آخرها، وهي محلولة من أوَّلها.
§ الأطفال الأساتذة الذين يُعلَّموننا، وهم
يتعلَّمون منَّا، غير أنَّنا لا نأخذ عنهم، ولا نصلُح، ويأخذون عنَّا فيفسدون.
§ ولدُ الشَّوهاء لا تعرفُ عيناه في كلِّ
ما طلعت عليه الشَّمس أجملَ من وجه أمِّه، أو يرى طائلًا في وجه سواها، أو يحِنُّ
إلى غير طلعتها، أو يسكُن إلى غير صدرها، حتَّى كأنََّ الله لم يخلق وجه حبيب
لقُبُلات مُحِبِّه إلَّا وجهها هي لقُبُلاته.
§
القلبُ إذا لم يكُن بهيميًّا مُنعكِسًا؛ أشرَقَ
صفاؤه فيما حوله؛ فلا يرى إلَّا خيرًا.
§ الشُّعاعُ الذي يُلقى على حائط من مصباح،
بين هذا الحائط وبين المصباح فيُغشيه النُّور، وإن كان الحائط نفسه من الطِّين.
§ إذا كان القلبُ بهيميًّا زائغًا عن
الإنسانيَّة إلى حيوانيَّته؛ استفاضت ظُلمته وشهواته على ما حوله.
§ الوجود في عين بعض النَّاس، كما يكون
الطَّعام كلَّه في فم بعض المرضى.
§ البعض. يعشقُ أجمَلَ النِّساء ؛ فلا يرى
فيها جمالًا البَتَّة، وإن خدع نفسه في ذلك، واختدع النَّاس، وإنَّما يرى فيها
شهوات، شهواتٌ جميلة ليس غير.
§ القلبُ البَهيميّ غير المُنعكِس، وهو ذاك
الذي تحمله البهائم، فلا يحتفل فيه عقل، ولا يحتشد فيه خيال، وما هو إلَّا أن يُنَصَّب الحيوان به على محض المنفعة،
لأنَّه عامِلٌ في الطَّبيعة يُعَدُّ من عُمَّالها لا من شُعرائها.
§ سلمت إناث البهائم من شرٍّ يملأ لغة
الحياة النِّسائيَّة بمعانيه، وتجمعه كلمتان: الجمال والقُبْحُ.
§ الحبُّ الصَّحيح الذي يُمكن أن يُسمَّى
حُبًّا لا يكون فيما ترى من لوْن وشكلٍ
وتركيبٍ وتناسُقٍ وغيرها.
§ شخص المحبوب على أيِّ أشكاله وهيآته؛
كأنَّه تمثالٌ سماويٌّ وُضِع لروحكَ خاصَّة؛ فهو مجبولٌ من مادَّة واحدةٍ: هي
مادَّة الفتنة. ولو كان في أعيُن النَّاس كافَّة تمثال الأرض السُّفلى يُصوِّرُ
كلَّ ما تشتَّت فيها من القُبْح.
§ كلمة مرويَّة عن المأمون*[44]:
"إنَّ الجمال إذا وقع في ظاهر الرُّوح كان صباحةً، وإذا وقع في باطنها كان
فصاحة"، فزدنا –
أي الرَّافعيّ- عليها ما هو فوقهما, ممَّا لا يعرف إلَّا بالتحليل ولا حقيقة له في
الواقع.
§ إذا لم تظهر لك خصائص روح المرأة ظُهورًا
يستفيضُ على وجهها وجسمها، ويجعل كلّ شيء فيها ذا معنى، وكلّ معنى منه ذا معنى
فيك، فما أنتَ من حُبِّها في شيء.
§ لا يخلو الحُبّ من بعض معاني الوحي، ولا
تخلو الحبيبة من بعض المادَّة الملائكيَّة في النَّفس التي تعشقها.
§ الوحيُ مَلَكَ قوَّة المزج السَّماويّ في
نُفوس الأنبياء.
§ سرٌّ من أسرار الاحتراق في بعض الأرواح
العاشقة التي تيَّمها الحُبّ؛ فإنَّ تلك القُوَّة المزجيَّة متى أفرطَتْ على نفس
رقيقة حسَّاسة أذابتها واشتعلت فيها؛ فأكلتها أكل النَّار للهشيم، وتركتها تحترق،
لتنطفِئ أسرَعَ ما تنطفِئ.
§ لن يتأتَّى لكائن من كان أن يُقسِّم
النِّساء إلى جميلات وقبيحات، إلَّا إذا طُوِيَ في ذلك معنى القسمة إلى شهوات
جميلة، وشهوات قبيحة.
§ أفرأيتَ قطّ ألفاظ الجمال والقُبح تشيعُ
في أمَّة من الأمم، وتعلو بالأعيُن عن النِّساء، وتنزل وتمتدّ بها، وتتقبَّضُ،
إلَّا أن تكون أُمَّةً ضعيفة القُوَّة قد اِختلَّت أجسامها، أو ضعيفة الدِّين قد
اِختلّت أرواحها.
§ القمر نفسُه لم يمنعه كلّ ضياء الشَّمس
عليه أن يسودَّ في عيْن الرَّجُل الذي ينظُر لروحه؛ فما الذي يمنعُ من أن ينظُر
لروحه وخصائصها، أن تصير المرأة القبيحة في عينه كالقمر الأزهر.
§ في البدْر ظهرت كلمة الإلوهيَّة
"أنا وحدي"، وفي وجه الحسناء تقرأ كلمة الإلوهيَّة: "أنا
وحدي".
§ فهل يمكن أن تقع الدَّميمة من الحسناء
أقبَحَ، ويقع ظلام القمر من نوره؛ فلا تكون
في وجهها هي أيضًا كلمة الإلوهيَّة: "أنا وحدي"؟ لم يبق مع
الحكمة العُليا شيء يُسمّى الجمال!
§ المرأة الحسناء يكون فيها شيء أجمَلُ من
القمر؛ فهي مثله ليس فيها مع تلك الحكمة شيء اسمه الجمال. أفيمكُن أن يكون من
الحكمة نفسها في وجه القبيحة شيء اسمه القُبح؟.
§ القمر طالعٌ مُشرِقٌ كما كان. والجميلة
الحسناء لا تزال فاتنة كما هي. لم ينقُصِ الكون من ثلاثتها شيئًا. ولكن أين عيْن
الرَّجُل الكامل؟.
الفصل الأخير. الدِّين ولادة ثانية
§ لقَبُ اللصِّ يكون أشرف من الشَّرف
أحيانًا، بحيث يسمو كثيرًا على الرَّجُل المُلحِد.
§ الرَّجل من النَّاس قد يكونُ سافلًا حتّى
من الجهة العالية فيه، وقد يكونُ فاسدًا حتّى من بعض جهاته الصَّالحة.
§ يا عجَبًا لسُخرية الأقدار من القُوَّة!
ألَا يَرْتَعُ النَّسْرُ في الجوِّ؛ ليبحث أين تكون الجيفة؟.
§ من النَّاس عالم، ولكنَّه كبعض النَّبات
، يُرزَق من النُّموِّ قُوَّة يُفسِد بها ما حوله.
§ لا ثقة لي بمُختَلِقٍ لا دين له، فإنَّ
الخُلُق يصله بحظ نفسه أكثر ممَّا يصله بواجبات النَّاس.
§ ولا ثقة لي بفيلسوف مُلحِد؛ لأنَّ
الفيلسوف تمزجه بالمادَّة أكثر ما تمزجه بالإنسانيَّة.
§ ولا ثقة لي بمُصلِحٍ ينسلخُ من الدِّين؛
لأنَّ صلاحه صوَر من غروره.
§ ولا ثقة لي بعالمٍ جاحد، لأنَّ علمه
كهندسة الشَّوْكة كلَّها من أجل غيرها.
§ الأشجار لا تجدُ لها في المقبرة ما تجدُ
لها في الحديقة. كأنَّها لمَّا قامت في موضع الموت. قامت حيَّة، ولكن ماتت روح
الحديقة فيها.
§ الدِّين الصَّحيح هو خُروج بالفرد من
شهواته، التي تفصله من غيره إلى واجباته التي صله بغيْره.
§ الإيمان في حقيقته إنْ هو إلَّا دِرْبة
للإنسان على الدُّخول في اللَّانهاية.
§ إذا عمل الفرد على أن يُقفل حدوده عليه،
ويستغلق بها، ويمتنع من ورائها؛ صار كالقلعة المُحصَّنة لا تصلُح إلَّا حربًا لما
حولها، أو دفاعًا عمَّا فيها.
§ ليس في الأرض إنسان لا أجداد له.
§ الحلقة المُفرغَة لمَّا غاب طرفاها؛ صار
كلُّ موضع فيها طَرَفًا، وعَلَت كلّها، ونزلت كُلّها.
§ العقوبة جزء من نعيم الدِّين.
§ تُعجبني كلمة في الإنجيل، لا أعرفُ أحدًا
أحسَنَ تأويلها، وبلغ حقيقتها. قال: "يجب أن تُولَدُوا ثانية".
§ لن تُطاق الحياة إلَّا إذا تبدَّلت؛
فاتَّخذت لها أسلوبًا غير أُسلوبها الآتي من تركيب المادَّة.
§ كلُّ ما يُراد به أن يسُدَّ في
الإنسانيَّة مَسَدَّ الدّين، ويُغني عنه، هو في رأيي كطعام أهل الجحيم.
§ الحُبُّ دينٌ على أُسلوب خاصٍّ ضيِّق.
§ ليس في طبيعة النَّفس إلَّا شيئين: هوًى
هي دائمًا أعظمُ منه، وإيمانٌ هو دائمًا أعظمُ منها
محمد فتحي
المقداد في سطور:
*(محمد فتحي المقداد) من مواليد 1964 بصرى الشام جنوب
سورية من محافظة درعا. ناشط ثقافي مُتعدّد المواهب الأدبية، إضافة لعمله الأساسي
بمهنة حلّاق.
*عضو اتحاد الكتاب السوريين الأحرار. عضو اتحاد الكتاب
الأردنيين. عضو رابطة الكتاب السوريين بباريس. عضو البيت الثقافي العربي في
الأردن. مدير تحرير موقع آفاق حرة الإلكتروني.
*فقد أنجز العديد من الأعمال الأدبية، حملت عناوين
لكتابات في الرواية والقصة القصيرة والقصيرة جدًا والخواطر والمقالة. نشر منها ستة
أعمال ورقية، ونشر جزء منها إلكترونيًا، وما تبقى ما زال مخطوطًا طي الأدراج.
*المؤلفات:
1-كتاب (شاهد على
العتمة) طبع 2015 في بغداد.
2-رواية (دوامة
الأوغاد) طبعت 2016 في الأردن.
3-كتاب (مقالات
ملفقة ج1) طبع 2017في الأردن.
4-رواية (الطريق
إلى الزعتري) طبعت 2018 في الأردن.
5-رواية (فوق
الأرض) طبعت في 2019 في الأردن.
6-مجموعة
أقاصيص(بتوقيت بصرى) طبعت في 2020 في الأردن.
7- كتاب خواطر
(أقوال غير مأثورة).
8- كتاب خواطر
(بلا مقدمات)
9- كتاب خواطر
(على قارعة خاطر)
10- كتاب مقالات
نقد أدبي (إضاءات أدبية).
11- كتاب تراث
(رقص السنابل)
12- مجموعة قصصية
(قربان الكورونا) خاصة في أدب العزلة زمن الكورونا.
13- حوارات
متنوعة بعنوان (على كرسي الاعتراف).
14- قراءات أدبية
سورية\ ج1
15- قراءات في
الأدب العربي الأفريقي
16- قراءات أدبية
سورية ولبنانية\ ج2
17-المحرر
الثقافي .ج1. (بطاقات تعريفية بكتب صدرت حديثًا)
18- تقديمات
لكُتُب.
19- قراءات في
الرواية الأردنية.
20- قراءات في
الأدب الأردني الحديث.
21- حديث المنجز .
22- قراءات في الشعر الأردني الحديث.
23-قراءات روائية
في الأدب العالمي.
24- (بين بوابتين)
رواية تسجيلية.
25- (تراجانا)
رواية فنتازيا تاريخية متزاوجة مع الواقع بإسقاطاتها.
26- (دع الأزهار
تتفتح) رواية بين الماضي والحاضر.
27- (زوايا
دائرية) مجموعة قصة قصيرة.
28- (رؤوس مدببة)
مجموعة قصة قصيرة.
29- (سراب
الشاخصات) مجموعة قصة قصيرة جدا \ق.ق.ج.
30- (قيل وقال)
مجموعة قصة قصيرة جدا \ ق.ق.ج.
31- (مياسم)
خواطر أدب نثري.
32- (جدّي
المقداد) سيرة الصحابي الجليل المقداد بن عمرو.
33- (الوجيز في
الأمثال الحورانية) تراث حوراني.
34- (الكلمات
المنقرضة من اللهجة الحورانية).
35- (مقالات
ملفقة ج2).
26- (دقيقة
واحدة) مجموعة قصة قصيرة.
37- رواية خيمة
في قصر بعبدا.
38- رواية خلف
الباب
39- قراءات في
الأدب العربي الحديث.
40- كتاب قراءة
في رواية يابانية ((1Q84 للروائي
هاروكي موراكامي
41- كتاب خواطر
(كيف، وكاف وياء وفاء).
42- موسوعة (دليل
آفاق حرة للأدباء والكتاب العرب) خمسة أجزاء، بالتعاون محمد الأديب محمد حسين
الصوالحة.
43- كتاب: حوارات في المنفى (حوارات أدبية).
44- رواية:
(بنسيون الشارع الخلفي)
45- كتاب (حوارات
سورية في المنفى)
46- كتاب (صريف
الأقلام) ما بين الفكرة والكتابة
47- كتاب
(تغاريد) خوطر تويتريَّة
48- كتاب المحرر
الثقافي ج2 (بطاقات تعريفية بكتب صدرت
حديثًا)
49- كتاب حول
تجربة محمد زعل السَّلوم.
50- كتاب فضاءات
محمد إقبال حرب الأدبيَّة.
51- الدرُّ
المكين من كتاب المساكين. للرافعي.
52-رواية
"سكلمة" قيد الإنجاز.
*دراسات
كتبت عن أعماله:
-بحث (الواقعية في الأدب العربي. أنموذجًا رواية دوامة الأوغاد- للروائي محمد فتحي
المقداد) تقدم به الباحث طالب عبد المهدي الفراية في جامعة مؤتة، خلال دراسته
الماجستير.
- "أدب اللجوء" بحث كتبه الكاتب والباحث محمد
زعل السّلوم، لصالح مركز حرمون للدراسات، ودخلت كتابات الروائي محمد فتحي المقداد
(كتاب شاهد على العتمة, ورواية الطريق إلى الزعتري) ضمن بحث أدب اللجوء هذا
المصطلح الذي قُنن نتيجة ظروف الحرب في
سوريا والمنطقة.
-بحث لنيل شهادة الماجستير في جامعة مؤتة، تقدم به
الباحث مالك الصرايرة، بعنوان (الأزمة السورية وانعكاسها على الأدب في بداية
الألفية الثالثة- رواية الطريق إلى الزعتري للروائي محمد فتحي المقداد).
- بحث لنيل
رسالة الماجستير بعنوان(أثر الحرب في تشكيل صورة المرأة في الرواية السورية دراسة
في نماذج مختارة) تقدمت به الطالبة: "سلسبيل الزبون" في جامعة العلوم
الإسلاميّة في الأردن، وكانت رواية (الطريق إلى الزعتري- للروائي محمد فتحي
المقداد) إحدى النماذج المختارة. تحت إشراف الأستاذ الدكتور: "موفق
مقدادي". ومناقشة الأستاذ الدكتور: "عماد الضمور".
-بحث مُحكم في مجلة الرسالة للبحوث الإنسانية، جامعة
محمد الصديق بن يحيى جيجل الجزائر، كتبته الباحثة "سعاد طبوش" بعنوان
"كورونا منعرج جديد للأديب حول العالم. هاجس الخوف والضياع في قربان
الكورونا. لمحمد فتحي المقداد ".
-بحث لنيل درجة الدكتوراه، بعنوان (الجملة المشهديَّة
بين الشِّعر والرواية. الشاعر عبد الرحيم جداية، والروائي محمد فتحي المقداد نموذجًا)،
وقد سلطت الدراسة الضوء على مجموعة روايات (دوامة الأوغاد. والطريق إلى الزعتري.
فوق الأرض).
* كتب العديد من الدراسات النقدية عن مجموعة أعماله
الأدبية المطبوعة، قدّمها أدباء ونقّاد عرب . كما صدرت له العديد من النصوص في كتب
مشتركة عربيًّا، ونال العديد من شهادات التقدير، والتكريمات خلال مشاركاته من
الهيئات الثقافية الواقعية والافتراضية. ونشر الكثير من أعماله في المجلات
والجرائد الورقية والإلكترونية.
*له العديد من المقابلات الحوارية التلفزيونية على قناة
الأورينت، وقناة العربي وسوريا، وقناة الرافدين، وقناة الحوار، وقناة الغد وغيرها.
*وقريبًا- تحت الطبع رواية (خيمة في قصر بعبدا) دخول في
محاولة إشاعة مفهوم السّلم الاجتماعي بين الشعبين السوري واللبناني على ضوء ما حصل
في ظروف الحرب واللجوء، بعيدًا عن مخرجات السياسة القذرة.
-تحت الطبع رواية (خلف الباب) الخاصَّة بحياة اللَّاجئين
في المخيَّم.
* عمل على جمع وإعداد (دليل آفاق حرة) للأدباء والكتاب
العرب، بأجزائه الخمسة التي وثقت لألف اسم أديب وكاتب عربي، وهذا العمل يعدُّ
موسوعة عربيَّة. بالتعاون مع الأستاذ محمد حسين الصوالحة من الأردن، مؤسس ومدير
موقع وصحيفة آفاق حرة.
ملاحظة: هناك العديد من المشاريع الكتابية التي يجري
الاشتغال عليها. سترى النور قريبًا.
الفهرس
الفصل الأخير. الدِّين ولادة
ثانية
[1] الرافعي. قلَّ أن يوجد في أهل الفهم رجل واحد لا تفهمه طبيعة
الحياة الدُّنيا أنَّه مسكين.
[2] مقولة الفيلسوف ديوجينيس الكلبي، وهو
ذاك الذي رآه الإسكندر الأكبر.
[3] أحمد زكي باشا.
[4] الأستاذ محمد سعيد العريان. من فاتحة
الكتاب.
[5] الأبيات لشاعر الباكستان. محمد إقبال رحمه
الله، من قصيدته ذات الثلاثة والعشرين بيتًا "حديث الروح". التي غنتها
أمُّ كلثوم. وهي مجموعة أبيات اختيرت من قصيدته المطوَّلة "شكوى وجواب
شكوى".
[6] [سورة ص. الآيات 71\72]
[7][الحج: الآية 5]
[8] [الحجر: 26]
[9] من الوسطية. الوَسَط بمعنى
المنزلة بين العالي والمنخفض، والجيَّد والرديء.
[10] مريض المعدة
[11] الحبالة. شبكة الصَّيد، وارتباك الطَّير
فيها، حتَّى يقع فيها.
[12] منقول من الحاشية أسفل الصَّفحة رقم 122. من الفصل (5) لؤم المال ووهم
التَّعاسة.
[13] منقول أيضًا من الحاشية أسفل الصَّفحة رقم
122. من الفصل (5) لؤم المال ووهم التعاسة.
[14] منقول من حاشية الصفحة رقم 123من
الفصل(5) لؤم المال ووهم التَّعاسة.
[15] ضمير المتكلّم (أنا) هنا بلسان الرَّافعي
رحمه الله تعالى.
[16] منقول من حاشية الصفحة رقم 131الفصل(5)
لؤم المال ووهم التَّعاسة.
[17] قول الرافعي منقول من حاشية الصَّفحة
(139) من فصل (6) وهم الحياة والسعادة.
[18] وضعنا لهذه الحمَّالة التي يعرج عليها
من اُصيب في رجله، لأنَّها تسانده.
[19] أي مثل هذا الجندي، وسؤاله:
"لماذا؟" عندما يُؤمَر بالحركة الحربية.
[20] الكلام للرافعي رحمه الله، وهو مكتوب في
حاشية كتاب المساكين. فصل(6). وهم الحياة والسعادة. ص151.
[21] أيضا هذه المقولة من نفس الحاشية
والصفحة نفسها.
[22]المقولة من حاشية الصفحة
152.
[23] يتنابز النَّاس بأذني الحمار الطويلتين،
ويجعلون طولهما مسبَّة، ويقولون مثلًا: فلان حمار بأ{بعة آذان، وماذا لو نقس
الحمار طويل الأذنين؟ لا شيء اعتبارًا أدبيًا يخدع النّاس؛ فيوهمهم بأذنيْه
القصيرتين المُرهفتين، أنّه يشبه الجواد الكريم. في حين لا يشبه إلا البغل العقيم.
[24] أي الوِرْد والصَّدر، وهما
كناية عن مبدأ الأمر وغايته.
[25] وقد ظنَّ البعض أن كلمة
الصرَّاف عاميَّة؛ عربيَّتها "الصيْرف"، ولكنَّهما صحيحتان فصيحتان.
[26] لا يعي شيئًا.
[27] هو ما يُعبّر عنه النَّاس
بلفظ الهناء، ولم الهناء في منقول اللغة بهذا المعنى الذي يستعمل فيه، ولكن
المولّدين أجروه في أدبهم، وفشت الكلمة في النظم والنثر.
[28] يقال استكلبت المرأة
واستسعلت: إذا أشبهت الكلاب والسّعالى، والمراد البذاءة والشرّ كسلاطة اللِّسان.
[29] نحسب أننا استوفينا من
معاني الحب وأوصافه الجميلة في كتاب "رسائل الأحزان" في فلسفة الجمال
والحب، وصنوه "السحاب الأحمر".
[30] ضمير المتكلم بعود للرافعي رحمه الله
(هو القائل).
[31] كلمة (حظ) مثلًا؛ فهي ثلاثة أحرف وتحمل
معنى الغيب.
[32] ضمير المتكلم يعود للرافعي رحمه الله.
[33] ضمير المتكلم يعود على الرافعي رحمه
الله، حيث أنَّه هو القائل.
[34] بمعنى تكسُد من قولهم: حمُقَت
السُّوق(بضمِّ الميم) أي كسُدَت.
[35] كناية عن السَّعة. كأنَّ القبور في
جوفه.
[36] هذه المقولة من كتاب "السَّحاب
الأحمر" للرافعي. فصل "الصَّديق".
[37] كناية عن عدم الاضطراب والخوف.
[38] كناية عن المخترعات والأعمال النافعة
مما به قوام العمران، ومنه قولهم: "العلم نور".
[39] كناية عن تحدُّث النَّاس بذمِّها.
[40] تذمُّها وتُشهِّر بها.
[41] يتكسَّرون، يُقال: ترضرض
الحجر إذا تكسَّر.
[42] لو لُبِست الغرائز
الإنسانيَّة مادَّة، لما لُبِست إلَّا الأسلحة.
[43] كانت الحرب العظمى حرب
مخترعات فاتكة جهنميَّة لم يعرفها تاريخ الإنسانيَّة من قبل، كأنما يجرّبون أن
يخترعوا جهنّم.
[44]المأمون هو: عبد الله بن
هارون الرشيد سابع خلفاء بني العباس، ولد عام 170 هـ 786 وتوفي غازيا في 19 رجب
عام 218 هـ 10 أغسطس سنة 833 بطرسوس،
شهد عهده ازدهارا بالنهضة العلمية والفكرية في العصر العباسي الأول وذلك لأنه شارك
فيها بنفسه.