الاثنين، 24 فبراير 2020



تقديم
(وقالت الصفحات) للمفكر والباحث (محمد زعل السلوم

بقلم الروائي – محمد فتحي المقداد

العالم يحتاج لإيقاظه من غفوته، وإنارة دربه بعض الرّجال المُميّزين الثّوريّين، وهم يحملون أقلامهم، ويثبّتون أفكارهم ورؤاهم على صفحة الكون، كأمثال  الكاتب والمحلّل السياسيّ (محمد زعل السّلّوم)، وفي كتابه الذي بين يديّ (وقالت الصّفحات)، وقفتُ على رؤى، وأبعاد فكريّة مستندة إلى وقائع تاريخيّة، وجغرافيّة، وسياسيّة، واقتصاديّة، واجتماعيّة، جاءت ضمن سياق مقالات تحمل عناوين بدلالات عميقة السّبر  في أغوار الواقع المؤلم في سوريّة، وتداعيات مرعبة بمخرجات الحرب القذرة الأخيرة، التي قادها نظام أسد على الشّعب منذ مجيئه مع الفريق الطائفيّ المُتستّر تحت ستار القوميّة في عام 1963.
وحسب عالم الاجتماع الفرنسيّ (غوستاف لوبون): (فإنّ عقليّة الجماهير تتميّز بالسطحيّة، والضّعف في المُحاجّة العقليّة، وضعف قدرة الحوار المنطقي. وأمّا عواطف الجماهير وأخلاقيّاتها، تتميّز بسرعة الانفعال، وسرعة التأثّر والسّذاجة العقليّة، وإمّا تكون مُعقّدة أو بسيطة، وأيضًا تكون مُتعصّبة مُستبدّة).
من هذا المُنطلق رأى (محمد السّلّوم) الكاتب والمُترجم، أن يُثبت في مقالاته أن الحقائق بإسقاطاتها التاريخيّة، وتطبيقها من خلال نظريّته على نهج دكتاتوريّ، حين اختلفت جماهير الشّعب السّوريّ ما بين مُؤيّد، ومعارض، وحائر في المنطقة الرماديّة. فإذا فقد الأمل من حالة التذبذب، فقد كتب وأرّخ، وأظهر، وأبان، ونفض غبار الأيّام عن كثير من المجهول والمخفي، والمسكوت عنه من الأكثريّة الصّامتة، مقابل أن تكون على قيد حياة فقط. وعلى رأي من يقول: (كُنّا عايشين).
محمد السّلّوم بجرأته أراد أن يكون منبرًا، يعلو صوته ليُخاطب العالم في الحاضر والمستقبل. ومرآة نظيفة صافية تعكس دواخله بشفافيّة الباحث عن الحقيقة، من خلال معطيات، ووثائق، وإحصاءات، وحوادث، ووقائع، بنظرة خبيرة صنعت مما تقدّم تقاطعات، ربّما فسّرت أشياء غامضة بلا أثر دالّ على شيء من دروبها.         
كلّ ما كُتب هو جزء بسيط جدًا من الحقيقة، وما قالته الصّفحات وأثبتته إنّما هو خط بسيط في سبيل الباحثين عن الحق.
وعلى رأي الشاعر (محمود درويش): (ستنتهي الحرب، ويتصافح القادة، وتبقى تلك العجوز تنتظر ولدها الشّهيد، وتلك الفتاة تنتظر زوجها الحبيب، وأولئك الأطفال ينتظرون والدهم البطل. لا أعلم من باع الوطن، ولكنّي رأيتُ من دفع الثّمن). ستبقى سوريّة هي هي..!! وإن جار الزّمان عليها، ولكنّها كبوة.. وستنهض من جديد، ولا شيء يدوم.  وختامًا فإنّ في التّاريخ عبرة. ومنهاج. على اعتبار أن كتاب (وقالت الصّفحات) سيكون هو التاريخ مٌستقبلًا.

الأردن  - عمّان
ـــــا 22 \ 2 \ 2020

مسرحية (قصة قصيرة)

مسرحيّة
قصة قصيرة

بقلم الروائي/ محمد فتحي المقداد

- أعرَبَ لي: "سروري عظيم بانتهائي من مطالعة مسرحيّة(مغامرة المملوك جابر).
-" بخبرتكَ العريقة، هل تستطيع إعطائي فكرة واضحة عن رسالة كاتبها سعدالله ونّوس..!!؟".
أخذ نفسًا عميقًا.. اعتدل في جلسته.. سحَبَ سيجارة من علبتي، فقال:
- "الممثلون يتحرّكون بإشارة من المُخرج القابع في زاوية لا يُرى منها، أوامره صارمة، وبعصبيّة".
- "هل عسكريٌّ سابق؟".
- "ومن أخبركَ بذلك؟".
- "من وصفكَ له، تراءت لي الأيادي الخفيّة التي دائمًا ما تُحرّك المشهد وفق أجندتها".
- "أثرتَ مواجعي من جديد، وإنّ ليل العبيد.. وليل الظّالمين قاسمهما المشترك الظّلام. كعربات نقل الموتى.. مملوءة بالملح والصديد. كلاهما مؤرّقان.
النصّ موجوع ينثر الآهات. الأبطال فاقدو النّطق.. الإيماءات والإشارات ملأت صفحات رسالتهم الطويلة كالإلياذة.
العناكب تتدلّى فوق السّتارة الباهتة غير آبهة ببؤسها. لهاث الأنفاس يتشارك العرض مع الممثّلين، شبيهًا بقصص احتضار الموتى التي لا تُنسى.
ختامًا.. أُسدِلت السّتارة، من سّادن مبتور الكفّ اليمنى، واليسرى بلا أصابع.
حرارة التصفيق مُتوهّجة تهزّ الأركان على وقع صدى:
- (موطني..!!)
.
بُحّ صوتي، نمتُ واستفقتُ، وأنا ما زلتُ أردّد معهم:
- (موطني.. البهاء والجمال.. !!".

الأردنّ - عمّان
24 / 2 / 202‪0