الجمعة، 23 يوليو 2021

عداوات مجهولة (7/ جريدة أخبار اليوم السودانية)

 

 

 

عداوات مجهولة

(لجريدة أخبار اليوم السودانية)

(7)

 

بقلم – محمد فتحي المقداد

   كثيرًا ما تحدُث خُصومة غير مُبرَّرة مع المعرفة، أو مع المعلومة قبل مُحاكمتها صحّتها أو خطئها. العداواتُ هذه مُستندة إلى تسليم العقل للغير، والاستسلام لأحكام ذهنيّة مُسبقة الصّنع قاطعة غير قابلة لمحاكمة العقل.

ماذا ستكون نتائج المُقاربات المُستفهِمَة المُرتكِزة على مُحاكمة عقليّة بمنهج علميّ يُثري العقل؟. يبدو أنّنا ضحيّة ضجيج تاريخيٍّ؛ استحوذ بقيوده على قلوبنا وعقولنا ونفوسنا، وعدم قبول الآخر، وإن كان حقًّا.

من الملاحظ أنّنا ما زلنا مختلفين على التاريخ. حِرابُه تقطِر دمًا مسفوحًا طازجًا؛ يُشهرها كلّ فريق في وجه الآخر المُناقض له بالرأي والمنهج. حروب طاحنة تُدارُ رَحَاها تحت مِلَاءَات القوميّة، والدّين والعلمانيّة، والحزبيّة العمياء، والعشائريّات القبائليّة، والمناطقيّة، وذلك من أجل التاريخ، وعليه؛ فالقاتل لا يعلم عن أي شيء يُقاتل، والمقتول لا يعلم فيم قُتِل، والمنتصر تصدح أبواقه ليل نهار بأوهام لا قيمة لها، والنصر على مَنْ تَحَقَّق؟، ومن هو المهزوم؟.

التمترُس خلف حواجز واهمة؛ يُشكِّل مانعًا بمن يُعلن أنّه يمتلك الحقيقة، وربّما يعتقدُ أنّ مُفوَّض الحقّ الإلهيّ، يدخل من يشاء في الجنة، ويرسل الآخرين إلى جهنم، ويُكرّس نفسه زعيمًا مُخلِّصًا، يجثم على قلوب وأنفاس العباد، ليُذيقهم مرارة الحياة، ويُسيمَهُم خَسْفَها، وهَوَانَها بذُلٍّ أَمَرُّ من لُؤْم وحقد الأعداء. 

وإطلاق الأحكام على الآخرين، رغم تشاركنا في المُتقاربات والأساسيّات، والاختلاف في الفروع أو فروع فروعها. التشبّث بالآراء حدّ الاتخام، وعدم الإنصات لصوت العقل، والصوت الآخر، ورفض كلّ طاولات الحوار فضلًا عن الجلوس إليها؛ للخروج بحلول رضائيّة للجميع، مُكلّلة بالتسامح، والجُنوح للعيش المُشترك بأمان وطمأنينة.

حالة عامّة شاملة للجميع.. ليست بخصوص فئة دون غيرها.. التشظّيات المُنفّرة وسّعت الهُوّة بين فُرقاء الإقليم الواحد الذين يُواجهون التحدّيات نفسها. وما هي السُّبُل المطلوب اتّباعها لمواجهة هذه التحدّيات؟.

صوت الجنون هو المُسيطر على السّاحات عمومًا شرقها وغربها، ويُعزّر هذا المنحى التعصّب العنصري البغيض من الإنسان لأخيه الإنسان، الذي هم شركاء في هذا الكوكب، ولكن إذا غاب الوازع الأخلاقي والديني والإنساني؛ وانحسرت كلّ المعطيات الإيجابيّة؛ لا شكّ أن فكرة التَوَحُشِّ ستُنهِكُ الكون بمآسيها، ومُخرجاتها القذرة، بإطفاء مشاعل الحقّ والعدل، وإشاعة الفوضى، وما من شيء اسمه الفَوْضى الخَلّاقة.

 

عمّان – الأردن

ــــا 24\7\ 2021

 

***