الاثنين، 3 فبراير 2020

شهادة ملفقة
شهادة ابداعية/بقلم - الشاعر و الناقد عبدالرحيم جداية

عندما ولد محمد فتحي المقداد في بصرى الشام أقسم أهل بصرى بأن الحارث ملك الأنباط فرح لمولده.. وأعدت الموائد وأقيمت الأفراح.. ذلك ما حدثتني به الحاجة منيفة جدته لأبيه التي التقيتها خارجة من الحمامات الرومانية هناك متوجهة لصلاة العصر في مسجد بصرى.
وبعد الصلاة وحلقة الذكر قامت إحدى المتفقهات بتذكير النساء بقيمة استشارة الزوج حتى في خروجها للمسجد .. وقبل أن يؤذن شيخ المسجد لصلاة المغرب سألت الحاجة منيفة زوجها أن يأذن لها بصلاة المغرب في المسجد.. تفاجأ الحاج محمد من سؤلها وهي العجوز التي تطوف بيوت القرية ومسجدها.. ومن هول المفاجأة قال لها الحاج محمد «صلي بالمسجد الأموي» فضحكت بصرى كلها من تلك الدعابة.

فتحي المقداد.. هكذا أحب أن أناديه وأحيانا أناديه بكنيته «أبو هاشم» ولكن لم يخطر ببالي أن أناديه البصراوي مع أني أناديه كثيرا بالحوراني وهو الذي يصر دائما أن ينادي «أستاذ» ربما لأني علمت الصبيان في المدارس وأدبتهم وربيتهم حتى أصبحوا بمقام أبنائي ومع هذا يناديني «أبو حمزة» وأحياني يناديني بالحوراني فكلانا ننتسب لهذه الأرض الطيبة التي كان شيخها ومفتيها أحد جدودي الشيخ عبدالرحمن الطيبي الذي سكن طفس.
سادتي القضاة ها أنا أتقدم لكم بشهادة ملفقة حول موكلي الذي ذرع الأرض في ليبيا والإمارات واستقر به المقام في الكرك بعد أن خط طريقه إلى الزعتري برواية تفتح مغاليق الحكاية لكن أم الخنافس تمثلت أحد أحلامة وامتشقت قلمه لترسم نفسها مجتمعا مصغرا عن المجتمع السوري في رواية لاقت نصيبها من الحضور الثقافي حيث كانت إربد «الداية» التي تلقت روايته في حفل توقيع بهيج في جاليري أرب آرت فتملحت روايته ما أن أبصرت النور بكلمات ومداخلات وشهادات إبداعية ودراسات نقدية لم يداخلها التلفيق ولا التزوير بل نبعت حبا وفرحا في قلوب حورانية فرحت بوالدة فارس وروائي مع أن العرب كانت تفرح لولادة فارس أو شاعر في القبيلة وكانت القبائل تفتخر بشعرائعها حتى أن قريشا كانت ترى نفسها أقل شأنا إذ لم يكن فيهم شاعر فحل حتى ولد عمر ابن أبي ربيعة يوم مقتل عمر بن الخطاب.. فقالت العرب: «أي حق رفع وأي باطل رفع» من وقتها ونحن نحتفل بحوران بولادة روائي.
درعا التي احتفلت بالعديد من الشعراء لم تحتفل إلا بالمقداد روائيا ومحمد الحفري إبن قرية (معرية) الصغيرة في القنيطرة على حدود الجولان التي اتخذتها قوات الأمم المتحدة مقرا لها ولم يذكرها التاريخ ولم تعرفها الجغرافيا لولا ذلك العلم الذي رفرف فاستوحى منه الروائي السوري الحوراني محمد الحفري رواية العلم التي لم أقرأها بعد رغم حث فتحي المقداد لي على قراءتها لكني لم أفعل بعد وأنا الذي زرت سعسع والقنيطرة والمعرية وشاهدت السياج العازل البسيط الذي يفصل بين السهل والجبل فهل كنت شاهدا على العتمة حينذاك.. والسؤال يلاحقني ما الذي منعك أن تخترق السياج وتقبل العلم الذي قبله محمد الحفري.
كيف لي أن أكون شاهدا رغم الدعوة الالهية بقوله تعالى: «لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا» فهل نحن الأمة الوسطا الذي ذكرها رب العزة في محكم تنزيلة  .. ومع هذا كيف لي أن أشهد الزور وأنا لم أر أو أسمع إلا القليل..فهل تقبلون شهادي سادتي القضاة وهنا أتذكر الحديث الشريف «القضاة ثلاث واحد في الجنة وإثنان في النار» وقد ورد في القرآن «شاهد من أهله وشاهد من أهلها» فلست يوسف وليس هو يوسف وليس بيننا امرأة العزيز لألفق شهادة رائعة كما لفقها فتحي المقداد القاص والروائي والكاتب والباحث في مقالاته مجمعا اللغة والتاريخ والسياسة والدين في أسلوب جديد طور فيه المقالة لتلبس ثوب الجدة والابداع كما ألبس الحريري ثوب التجديد في مقاماته والجاحظ في كتاب البخلاء.


رواية " فوق الأرض" للمقداد: تنميط فكرة الأثر ومعالجته إربد- الرأي- أحمد الخطيب


رواية  " فوق الأرض" للمقداد: تنميط فكرة الأثر ومعالجته
إربد- الرأي- أحمد الخطيب

   " التُّهم تلاحقني، تمنيت أن لا يلاحقني أحدٌ في حياتي" بهذه العبارة الموجزة تتفتح أيقونات العمل الروائي الجديد " فوق الأرض" للروائي محمد فتحي المقداد، وهو يحاول اقتناص كل ما هو جوهري وتاريخي وامتلاك الشكل الروائي الصارخ بذاتيته.
   الرواية ذاتها والتي تقع في "256" صفحة من القطع الوسط، الصادرة عن مكتبة الطلبة الجامعية في إربد، تتناول في سرودها المتنوعة بين اللغة الدالة والصورة المتخيلة للشخوص والأمكنة، والرمز وإسقاطاته، والوهج الشعري وملحقاته من تشكيلات لغوية قارّة في بنية السرد والحوار، تتناول الحدث السوري والتأكيد على فكرة الثورة السورية في بداياتها قبل أن يرفع السلاح ليبدأ العنف والعنف المضاد، مما خلق حالات فظيعة من التهجير القسريّ انتشرت على مختلف بقاع الدّنيا.
يبتعد الروائي المقداد في عمله الجديد، وبأسلوب حداثي، عن النقل المباشر للحدث المنبثق من الواقع، مقدماً الفكرة فيها من خلال الاشتغال على المونولوجات الداخليّة للأبطال، مما يساهم في خلق وتيرة من التعاطف مع الشخوص وهي تسعى إلى تجذير فكرة الأنا القلقة التي تعيش في سياقات المرايا المتحوّلة.
   تتلمس الشخصيات في عبورها لأنماط التفكير في العمل الروائي الذي استوحى الكاتب عنوانه من خلال مهنته، إذ يعمل حلاقاً في مدينة إربد"، حينما سأل زبوناً جلس على كرسي الحلاقة لقصّ شعره عن حاله، أجابه: (فوق الأرض)، ولم تكد الكلمة تلامس سمعه حتى سارع إلى تدوينها في دفتره الخاص، ليقفو أثرها بعد بحث مستمر في الذاكرة المرئية والمعرفية لتحولات الذات، مزيجاً من الواقع والخيال، الخيال الذي يستند بجملته إلى كثير من الواقع المرئي والمحسوس، حيث يقف الروائي على نمطية تساوى الأمور فوق الأرض أو تحتها، كما هو في الحالة السورية التي يطل على شرفاتها.

   وفي مقابل دوائر الظلم والسجن والقمع والتهجير ينتبه الروائي إلى مسارب الكتابة، تباريحها ونواحها وحزنها وسرورها، لأنها مرارة الذكريات التي استدار معها إلى مونولوج سردي لتخرج من عباءة الطابع الشخصي، مقدما بنيتها المعرفية والدلالية من خلال إقامة شبكة من العلاقات النصية المتداخلة فيما بينها، وإبراز الملامح الكلية للعمل من خلال تفريغ السردي الخالص في عملية الاستدراك التي ربما تضيع معها عمومية الفكرة التي جمعها في سياق حوار تلفزيوني يقف على البدايات والنهايات لكل شخصية في العمل، الشخصية التي اجتمعت في شخصيات متعددة تميزت بأداء أدوارها دون فوارق تذكر لأنها محمولة على جناح متفق عليه، فمن الهجرة، وأثر سنوات الغربة، واختلاف النمط المعيشي بين الأمكنة، وتجدد الرؤية لما يحدث من نظرة المهاجر لهذه البوتقات المغلقة، وتتبعه لرومانسيات الأعمال الفنية لتنميط فكرة الأمل، إلى جانب استلال الأحداث وتعقبها، كل ذلك كان مبنياً على لحظة أمل واحدة تحددها أجراس العودة.

   يشار أن الروائي المقداد أصدر قبل هذه الرواية عددا من الروايات، وهي: "بين بوابتين"، و"دع الأزهار تتفتح"، و"دوامة الأوغاد و"شاهد على العتمة" التي صدرت في بغداد، و"الطريق إلى الزعتري"، إضافة إلى مجموعتين قصصيتين إحداهما بعنوان "زوايا دائرية"، والأخرى "سراب الشاخصات"، إلى ذلك أصدر كتاباً نقدياً بعنوان "مقالات ملفقة"، وكتاباً يضم مجموعة من أقاصيص جعل لها عنوانا لافتا هو " بتوقيت بُصرى"، وهو عبارة عن التقاطات حياتيّة من واقع المجتمع السوريّ المرير فيما قبل 2011م.
______

رواية (فوق الأرض).. تنميط فكرة الأثر ومعالجته - صحيفة الرأي
http://alrai.com/article/10517663/ثقافة-وفنون/رواية-(فوق-الأرض)-تنميط-فكرة-الأثر-ومعالجته

خبر جريدة الدستور الأردنية عن رواية فوق الأرض


صدرت حديثًا رواية (فوق الأرض) للروائي محمد فتحي المقداد. عن مكتبة الطلبة الجامعية في إربد. بحجمها المتوسط، وعدد صفحاتها ٢٥٦
٦ صفحة.

جاءت الرواية مقسّمة على ستّة فصول استوعبت كلّ الحدث السّرديّ للرواية، بقصديّة التأكيد على فكرة الثورة السورية السلمية في بداياتها، قبل رفع السّلاح لينشأ العنف والعنف المضادّ، مما تسبّب في مأساة كبيرة تأثّرت بها كلّ الشّرائح الاجتماعيّةِ، والإثنيّات الدينيّة والقوميّة، وخلق حالات فظيعة من التهجير القسريّ، انتشرت على مختلف بقاع الدّنيا.

الظلم السياسيّ الذي تعرّضت له معظم فئات المجتمع السوريّ على كلّ الأصعدة، ساهم في تشتيت شمل المنظومة الاجتماعيّة إلى فئات متناحرة ما بين تأييد ومعارضة، وظهرت مصطلحات جديد ناتجة عن الحرب التي امتّدت لسنوات ناهزت التّسع.

الرواية ركّزت على مخرجات الحرب بنتائجها السلبيّة على جميع المستويات، مُسلّطة الضّوء على شريحة من الأصدقاء كنماذج لما حصل لفئات عديدة.

* بداية نموذج الأم المكلومة بفقد ابنها الذي قتل أثناء اجتياح بلدتهم، وعاطفة الأم الرّافضة لكلّ أنواع التسويات التي تتجاهل الدم المسفوك ظلمًا وعُدوانًا.

* ثم نموذج (نصّار) الشّاب الموظّف المحايد، حفاظًا على وظيفته وحياة أسرته، مقتل أخيه أثناء ذهابه إلى عمله، جعله ينقلب إلى معسكر. المسلحين المعارضين.

* والشّاب(فاضل) الذي اعتقل وخرج بعد فترة زمنية محطّمًا،؛ فضّل الهروب من الجحيم إلى ملاذ آمن في الأردن إلى المخيم، ومن ثم تابع طريقه إلى الهجرة واللجوء الإنساني إلى أوروبا، بطريقة التهريب عبر القوارب وقراصنتها.

* والشاب المهندس معن الذي استشهد، وبطريقة بشعة قتل بعدما أشهر ضابط أمن مسدسه ليجهز عليه وهو جريح على جانب الرّصيف.

* المهندس سعيد الذي أصيب بشظية استقرت في مكان حساس من جسمه، فجعلت منه معاقًا عاجزًا يعتمد على كرسيّ متحرّك في تنقّلاته.

* النّاشطة (هالة نجم الدين) المقيمة في إيطاليا، واختفائها المفاجئ بطريقة غامضة، أثناء سفرها إلى بيروت لحضور معرض للفنون التشكيلية بدعوة من الجهة المنظّمة للفعالية.
منذ البداية أعلن الرّاوي على لسان بطل فصل الأم،  الشاب (فطين)، بعدما سرد حالة والدته وحزمها وألمها، أعلن خروجه من الرواية، مُفسحًا المجال لأصدقائه أبطال الرواية فضاءات الرواية ليسردوا قصصهم بكل حريّة وشفافية حسب نظرتهم للأمور. ليعود (فطين) في الفصل السادس من الرواية، مؤكدًا أن ما حصل ويحصل للأن هو (فوق الأرض)، وكشف للقارئ مصائر أبطال الرواية الذين انقطعت تفاصيل نهاياتهم.
وبصراحة غير قابلة للتأويل، أعلن: أن المسلحين المعارضين أو أتباع النّظام هم على شاكلة السّوء الواحدة.