الثلاثاء، 13 أبريل 2021

الفكرة المستهلكة (14)

 

الفكرة المُستهلكة..

(14)

 

بقلم - محمد فتحي المقداد

 

اضطررتُ لشرح فكرة المقال لزوجتي قبل بدء الكتابية، وكيف سأقود فكرتي مُنطلقًا بها إلى مُنتهاها، ومُستقرّ مقاصدها الرساليّة. هزّت رأسها علامة إعجاب بعد دهشتها من سؤالي: "هل تعتقدين أن المرأة هي الفكرةُ المُستهلكة الأعظم في الدنيا؟".

أكّدَت لي تأييد رأيي؛ لأنّي لن أحتمل مُعاداة ثلاث مليارات امرأة في الدّنيا، ولن أستطيع مقاومة عدائهنَّ لي. وسأفقدُ معظم جمهوري من القُرّاء في العالم الافتراضيّ. وهل من مجنونٍ يقومُ بما قمتُ به، لو كان بدون إذن وتصريح؟.

أعتقدُ جازمًا أنّ المرأة هي الفكرة المُستهلكة الأعظم على الإطلاق في تاريخ البشريّة، أقصدُ ما كُتِب عن المرأة. وفي أدبنا العربيّ الذي وصل إلينا؛ فقد كان الغَزَل هو أحد أغراض الشّعر الرّئيسة، التي لم تنفَدْ وسائلها، ووصلنا أشهر قصص العُشّاق العربيّة (قيس ولبنة)، و(مجنون ليلى)، وقصص ألف ليلة وليلة.

ومن يُطالع كتاب (تاج العرس ونُزهة النّفوس) و(أخبار النّساء)، سيجد العجب العُجاب من أوصاف جسد المرأة، ولم يتركوا أيّ عضو، إلّا وله وصف تفصيليّ مُثير غاية الدّهشة. إلى هُنا يبقى الأمر ضمن المقبول.

في حاضرنا شاعت موضة الأدب الإيروتيكيّ، أدب غرفة النّوم، والرّوْب الأحمر والأصفر والأزرق، هذه الظّاهرة هبطت إلى مُستويات، المواخير والمراقص وشواطئ العُراة، هادرة لكرامة المرأة وقُدسيّتها كأمٍّ، وأخت، وعالمة، ومُفكّرة، والانتقال بها من عوالم الفضيلة والاحترام، إلى مُستنقعات آسنة لا تليق بإنسانيّتها.

الانتقال من عالم الفضيلة، إلى جعل المرأة وسيلة تجاريّة رابحة. تجارة الرّقيق الأبيض، والإعلانات التجاريّة، والعلاقات العامّة، واتُّخذت غايات تتخفّي خلف يافطة تحرير المرأة، ومناهضة العنف الذّكوري (الجندريّة)، وانتشار موجات الشّذوذ على نطاقات عالميّة واسعة. وبالتأمّل فيما يحيط بنا بشكلٍ عامٍّ، نخلص إلى: أنّ المرأة فكرة مُستهلكة، وهي الخاسر الأكبر في كلّ ما يحدث، ويتجلّى ذلك في موجات الحروب التي أعادت استرقاق النّساء عالميًّا.

*تساؤل مُهمّ:

هل العالم الرجوليّ مُتآمر على كيان المرأة، وهتك إنسانيّتها؛ لإرضاء غرائزه ونزواته؟.

(من كتابي: كيف.. كاف.. ياء.. فاء)

عمّان – الأردنّ

13\ 4\ 2021

الفكرة بين المنع والانتشار (13)

 

 

الفكرة بين المنع والانتشار

(13)

 

بقلم محمد فتحي المقداد

 

كلّ فكرة تبوحُ بمحتواها المليء، ولها قيمتها التي ستُبقيها على قيد الحياة، تعيشُ مع النّاس على اختلاف أماكنهم وأزمانهم؛ فإذا ما لها توافرت شروط النموّ؛ تزدهر في مناخ من الحُريّة، التي تُفسح كُلّ الطُّرق؛ لتسير بخُطًى ثابتة واثقة.

وفي يقيني أن الصّراعات البشريّة تتمحورُ غالبًا على الأفكار؛ فالفكر التسلّطي القهريّ لمن يملكُ للقُوّة وأدواتها من حاكم أو سلطان، يُريد أن يُثبّت نفسه ساعيًا لاستقرار كُرسيّه له ولمن بعده من أبنائه إن استطاع. ولا يتأتّى له ذلك إلّا من خلال التُرغيب والترهيب، واستحمار الآخرين، واستغفالهم، يُقرّب الموثوقين بإخلاصهم، ولا أظنّ إخلاصهم إنمّا السّعي خلف مطامعهم، ليكونوا عصاه الغليظة المأمورة، فتُطيع بلا تردّدٍ.

أمّا الفئة الواعية حاملة الأفكار، قسمُ منها عنيد صلب خلف لائحة فكره، لا ينحني أبدًا، يستميتُ أمام فكرته فِداء لها يُقدّم  روحه لها بلا تردّد، رغم العروض السخيّة بالإغراءات التي لا تعني له شيئًا، بكلّ تأكيد أن فكرته ممنوعة التداول، مُعادية للسّلطان الخائف منها، فيأمر بمحوه من المشهد، بالسّجن والقتل والتّشريد، لأنّ قانونه لا يرضى إلّا بمن يكُن معه، مُعلنًا ولاءه له بصراحة، فيصنع من صاحب الفكرة عدوًّا، وشهيد قداسة الفكرة. (الأمثلة لاتُعدّ ولا تُحصى).

بالمُقابل تطفو الأفكار الرّخوة ذات الطّبيعة الرّغويّة الخادعة بمظهرها البرّاق، ذات طويّة خاوية، لا خير فيها، تتصدّر المشهد متلألئة تحت الأضواء، والطُّبول تُقرع لها، ويرقص أصحابها على وقع الإيقاع النّشاز، بفرح وسرور، فيُشكّلون حالة إبهار للأغلبيّة المُضلّلة، التي سترقص وتُصفّق بانفعال مُثير.  الفكر لا يُقاوم إلّا بفكر أقوى بالإقناع والإفحام، والعصا تُخمِد وهج الفكرة إلى حين، فتبقى حيّة تحت الرّماد. والحريّة هي المناخ الوحيد لانطلاق الفكرة الأصيلة الواعية المؤثّرة،

(من كتابي: كيف.. كاف.. ياء)

عمّان – الأردن

13\ 4\ 2021