لوحة إرشاديَّة
قصة قصيرة
بقلم. محمد فتحي المقداد
وَقفا قبل مسافة تحت لوحة إرشاديَّة تحذيريَّة لسائقي السيَّارات؛ تُنبِّه لتخفيف السُّرعة. تناهشتني الأسئلة المشروعة وخلافها. اِبْتسامتهما لا تخفى على كاميرا الموبايل. كان ذلك بعد ذهاب الورشة التي ركَّبت اللَّوْحة المعدنيَّة مُربَّعة الشَّكل.
لونُها الأصفر المائل للبُرتقاليِّ، لكنَّ المُثلَّث الأحمر اتَّخذ من وسطها قاعدة له، هويَّة اللَّوْحة في وسط المُثلَّث.. شكلٌ على هيئة مُنحنيات سَوْداء. ميَّزها عن مُحيط الشُجَيْرات المُنفَلِتة بِهَيجان نُموِّها خارج سياج حديقة المنزل الفخم.
بعد أشهُر عاد الرَّجُلان لأخذ صوَرٍ تِذكاريَّة لهما بنفس النُّقطة. قبل مجيئهما بنصف ساعة جاءت سيَّارة البلديَّة بكامل تجهيزاتها. خِلَال دقائق لا تتعدى العشرة، فكَّكوا اللَّوحة، وأخذوها معهم.
عاين الرَّجُلان صوَرَهما بإمعان. صَرَخ أحدهما. سمعتُ صدَى صَوْته رنَّ في أُذُنيِّ. توقفَّتُ عن مُتابعة شُغلي؛ تذكَّرتهما:
-"أين اِختَفَت اللَّوْحة؟".
عامِل الحديقة أجاب من خَلْف السُّور:
-"ما زال المطبُّ بمكانه لم يتزحزح..!!".
تساءلتُ بِصَوْتٍ أظنُّ أنَّني لم أسمعه, لم أَلْحَظ تفاعلهما مع كلامي:
-:"أماكنُ المدينة الجميلة كثيرة. ما الذي أعجبكما في هذا المكان؛ حتَّى تعودا إليه بعد كلِّ هذه المُدَّة؟".
العَمودُ المعدنيُّ رجع وحيدًا، تائهًا بأحضان أشجار الحديقة المُلتفَّة حَوْل خَصْره. الشَّارعُ مُعْتِمٌ في هذه النُّقطة منه عند مغيب شمس النّهار. زعيق فرامل السيَّارات يملأ المكان بضجيج لافِتٍ لأنظار الجِوَار.
ــا 23\ 5\ 2025