استطلاع
"مجلة الدوحة" أجرته الصحفية
اليمنية"ريا أحمد"
بقلم الروائي محمد فتحي المقداد. سوريا.
التسارع التقني مُبهِر للعقول في اختراعاته،
ولكي لا ننسى أنّ الذّكاء الاصطناعيّ هو اختراع ومحاكاة لقدرات العقل البشريّ، فما
دام العقل البشريّ هو المُنشِئ لهذا المسار التقنيّ، وغيره من المُخترعات والابتكارات،
فمن غير المُتصوّر في الوقت الحالي على الأقلّ أن تتفوّق تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ
على العقل البشريّ مُبتكرها.
وفي الاتّجاه الأدبيّ تساؤلات قلقلة ومُقلقة،
ومنها على سبيل المثال: - "هل يمكن أن يكون
الذّكاء الاصطناعيّ أديبًا في المستقبل القريب؟".
مع
كلّ التقدّم التقنيّ سيبقى الإنسان هو الذي يُعطي الإشارة الأولى للتشغيل،
واستخلاص المُعطيات والنتائج المُراد تطبيقها في مناحي الحياة عُمومًا، وكون الأدب
جزء لا يتجزّأ من الحياة، والأديب هو المُحرّك للأفكار والتدوين؛ فهو المقصود بجُزئيّة
السّؤال.
معطيات
كثيرة من الأفكار والتعابير مُتاحة أمام تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ، والعالم
بأجمعه يسير محمومًا بهذا التوجّه، لوضع قاعدة بيانات واسعة فيها كل أو معظم معارف
البشريّة. فبذلك سيكون الذّكاء الاصطناعيّ قادر على جمع معطيات ومحدّدات أيّ طلب
بحثيّة.
بهذا
المنحى الظاهر. هل يمكن لأيّ شخص أن يُصبح شاعرًا أو روائيًا أو قاصًا؟. إذا ما انطلق بإعطاء أمر، وبضغطة كبسة واحدة على لوحة هاتفه النقّال أو حاسوبه الشّخصيّ،
وخلال وقت قصير جدًّا لا يتعدّى الدّقائق، بإظهار كافّة النتائج المطلوبة، وخلال
ساعة وعلى سبيل المثال، يكون قد أنتج ديوان شعر أو رواية أو غير ذلك.
فهل
بهذا أصبح شاعرًا أو روائيًا؟ بكل تأكيد: لا.. وألف لا.
المادّة
الأدبيّة المُنتَجة بهذه الطريقة لا شكّ أنّها تفتقد الرُّوح واللَّمسة الشخصيّة، ونَفَس
وأسلوب الأديب الحقيقيّ الحيّ، كما أنّ الموهبة المميّزة لكلّ كاتب مفقودة، وكذلك
المشاعر والأحاسيس الداخلية للكاتب، وهواجسه وقلقه ومخاوفه، وفرحه وحزنه، ولمسته
الناعمة، وإحساسه المُرهف. كيف تستطيع هذه الكتابة الجافّة، أو بتعبيرآخر: "هي
سِقطٌ تقنيٌّ" قادم من مُحركات ومُخدّمات البحث. حلّ هذه المُعضلة؟.
وعلى
سبيل الافتراض لو أنّ شخصًا آخر تشابه بنفس مع آخر في بُقعة ما، بمعطيات ومُحدّدات
عمل أدبيّ، وتشابهت، بل وتطابقت تمامًا مع مُعطيات شخص آخر في مكان ما من العالم،
بلا شكّ ستكون نسخة أخرى عن العمل الأوّل.
باعتقادي:
سيبقى الإنسان هو محور، ومُحرّك أيّ تقدم تقنيّ مهما كان، ولن ينتفي دوره إنّما
يتقلّص، وستكون هناك الآثار الإيجابيّة والسلبيّة للذكاء الاصطناعيّ، وانعكاساتها
على حياة البشر، وسيبقى الجانب الأخلاقيّ للمُستخدِم والمُسيطر على هذه التقنيّات،
هو فيصل الخير والشرّ في الأفعال والنّوايا.