الثلاثاء، 6 أبريل 2021

تشاركية الفكرة (7)

 

تشاركيّة الفكرة

(7)

بقلم – محمد فتحي المقداد

 

   بِولادة الفكرة تُصبح حقيقة ثابتة بين يديّ صاحبها، ومالكها الأوّل المُبتكر لها؛ وسيحصل على براءة حقّ الملكيّة الفكريّة لها، من خلال التّوثيق لها في دوائر المكتبات الوطنيّة في البُلدان المختلفة، ويُسمح له بنشرها من خلال كتاب مطبوع للجمهور عُمومًا.

   وما دامت قد أُتيحت من خلال نوافذ البيع، أو التوزيع المجانيّ، وذلك بهدف نشرها لتعميم فائدتها المعنويّة، والماديّة لصاحبها، والتأثير برسالتها إذا كانت تحمل مضمونًا مُعيّنًا في أيٍّ من مجالات الاجتماع والاقتصاد والسياسة والدّين والجغرافيا والتّاريخ.

   من خلال ما تقدّم: لا يُمكن أن تكون قضايا الفكر والآداب خاصّة بمؤلّفها أو مُبتكرها، لم يكتبها، ويعمل على نشرها من أجل نفسه، بل يقينًا من أجل الإنسان، وهو بذلك يتنازل طوْعًا عن خصوصيّتها الحصريّة بنفسه؛ ليتشاركها مع الآخرين؛ ليتناولوها بالقراءات والدّراسات النقديّة والتطبيقيّة.

   فهم بذلك أصبحوا شركاء في الفكرة مع صاحبها الأساسيّ، ومن  الممكن أن يشتغل عليها مُشتغِلٌ، بالتطوير والتحديث، لإنتاج واحدة أخرى تتصّل بجذورها مع السّابقة، ورُبّما تسبق الأصليّة، وتأخذ مكانها من خلال نظريّة، أو اكتشاف جديد، وتتحوّل الأنظار، وتُسلّط الأضواء على المُطوّر، ولا يُذكرُ أبدًا مُبتكرها الأوّل.

   الفكرُ يبدأ فرديًّا، ويترعرعُ جماعيًّا، بصيغة ما تتجاوز الحدود والحواجز والموانع؛ لتأخذ أبعادًا ومداياتٍ إنسانيّة أعمّ وأشمل، وبذلك لا مَوْطن للفكرة، بل هي مُلْكُ البشريّة عامّة.   

(من كتابي – كيف.. كاف.. ياء.. فاء)

عمّان – الأردنّ

ــــــا 6\ 4\ 2021

الفكرة تحت مطرقة الأستيطيقيا

 

 

الفكرة تحت مطرقة الأستطيقيا

خاطرة (6)

بقلم – محمد فتحي المقداد

 

   الغرضُ النَقديُّ بشكلٍ عامٍّ يتناول الفكرة ومُنتجاتها؛ فإذا لم يوجد لها أساسًا، فما الذي سيدرسه؟. لذلك لا بُدّ من وجود مُستوى أفكار ذات مُحتوى أصيل، تحتوي على الجمال بذاتها، ليست بحاجة لمُحسّنات لتجميلها، وعلى هذا تكون الفكرة الذهبيّة؛ وهي الأقوى الأرقى، وهناك ما دونها إلى أقلّ المُستويات دُنُوًّا لتلتصق بالقاع الموحل.

     فالمساقات العقلانيّة بفلسفتها لعلم الجمال، ذات بُعدٍ زمانيّ تعود إلى عصر النهضة في القرن الثامن عشر، وأخذت بتطوير رؤيتها للتقييم على أساس أنّه علم له أصوله ومناهجه، القادرة على رؤية الأفكار بشكل مختلف عن ظواهرها، ولكن من خلال الغوص العميق في دلالاتها، وسَبْرِ كُنهها، وأخذها بطرائق تشابهاتها ونظائرها القياسية، بتطبيقاتها للخروج بتوليفة أدبيّة ذات قيمة يُعتدّ بها.

   نعود لاتفاقنا على مصطلح الكاتب: (الشاعر والروائي والقاصّ والمفكّر والفيلسوف والصحفي.. إلخ).

   الفكرة لدى الكاتب هي معرفة بالدّرجة الأولى، وغالبًا ما يكون واعيًا لها، يستطيع الكتابة عنها تأصيلًا وتوثيقًا، والأروع إذا كان قادرًا للدّفاع عنها من باب معرفته الدّقيقة بمساراتها ومُنْعرَجاتِها، وقد تبنّاها عن قناعة تامّة، لتكون مشروعه الرّساليّ، المُراد له الحياة، وهو راجيًا لها الخلود.

   فالفكرة الذهبيّة خالدة بهذا المفهوم، ولا تأتي من فراغ أبدًا، ولا من العدم أو المجهول، بل هي رؤية الكاتب المُنبثقة عن خلفيّات، ذات أبعادٍ اجتماعيّة واقتصاديّة وسياسية ودينيّة واثنيّة وعرقيّة؛ تحمل بين يَديْها أسباب بقائها ونمائها، وتألّقها وجمالها، وهي الفكرة التي تستحقُّ أن تُدرَس وتُدرَّس جماليًّا على أيدي عُلماء الجمال.

   زمن المُمكن أن تحمل أسباب فنائها؛ إذا كانت حاملة فيروسات الطّيْش الغاضب، بردود الأفعال المُتعصّبة، وبثّ الكراهيّة الإنسانيّة، والعنصريّة، واللّعب على أوتار الخلافات وتأجيجها، وإثارة النّعرات، وتحريك الرّاسب الآسن في مُستنقعات القذارة البشريّة، فاتحة لأبواب الشّرور الجهنميّة الحارقة لأسباب العيش المُشترَك،  وبذلك تكون مِعْوَل هَدمٍ لمجتمعاتها.

وبالعودة إلى مصادر ويكبيديا، لمعرفة نبذة تاريخيّة عن علم الجمال، والجماليات أو علم المحاسن: (علم الشهوات والزين أو الأستطاقية (بالإنجليزية: Aesthetics)‏، أحد الفروع المتعدّدة للفلسفة، لم يُعرفْ كعلمٍ خاصٍّ قائمٍ بحدِّ ذاته، حتّى قامَ الفيلسوف (بومجارتن) (1714–1762) في آخر كتابه "تأملات فلسفية" في بعض المعلومات المتعلّقة بماهيّة الشِّعر 1735، إذ قام بالتّفريق بين علم الجمال، وبقيّة المعارف الإنسانيّة، وأطلقَ عليه لفظةَ الأستاطيقا ‘‘‘Aesthetics‘، وعيّن له موضوعًا داخل مجموعة العلوم الفلسفيّة.

   وهناك من قال بأنّ: الجماليّات هي فرعٌ من فلسفة التّعامل مع الطبيعة والجمال والفنّ والذّوق. علميًّا، عُرّفت على أنّها دراسة حِسيَّة، أو قِيَمٍ عاطفيّة، التي تسمّى أحيانًا الأحكام الصّادرة عن الشعور، والباحثون في مجال تحديد الجماليّات اتّفقوا بأنّها: "التّفكير النّقديّ في الثقافة والفن والطبيعة".

   *اليونانيون كانوا يرون أنّ الإله يجمع بين الجماليّات البشريّة الكاملة، وأنّهُ المثال المتكامل السّامي للإنسان.

    *هربرت ريد، عَرّف الجمال: "بأنّهُ وحْدةُ العلاقات الشّكليّة بين الأشياء التي تُدركها حَواسّنا.       أمّا هيجل، فكان يرى الجمال: "بأنّه ذلك الجنّيُّ الأنيس الذي نصادفه في كلّ مكان".).

(من كتابي - كيف.. كاف.. ياء.. فاء)

عمّان –الأردنّ

5\ 4\ 2021