الكاتب
بين الفكرة والتدوين
خاطرة
بقلم
– محمد فتحي المقداد
كما اتفّقنا على مصطلح الكاتب هو لمجموعة مُسميّات (الشّاعر والروائيّ والقاصّ والمُفكّر والفيلسوف.. إلخ).
تبدأ
المرحلة بمخاض صعب عند ميلاد الفكرة، تُؤرّقه..
تُحرّقه.. تقضّ مضاجعَه؛ فلا راحة ولا استراحة، تحرمه النّوم، كلّ ذلك حتّى تتضّح
معالمها، وتفتح أبوابها المُسْتَغلِقة على صاحبها، وتُسلمّه مفاتيحها، وتبسطُ له
أرديتها بِسَاطًا له، تَحُنُّنًا منها وإشفاقًا؛ لتأخذ مكانها في ورقة، فتخلُد
بحبورها لخلودها الأبديّ ماثلة في عقول وقلوب القُرّاء.
بالانتقال إلى إدارة الفكرة، وهو ما نُطلق
عليه: المهارة والتألق والإبداع، ولكلّ كاتب طريقته في التّعبير عنها، ولو أعطينا
الفكرة نفسها لعشرة كُتّابٍ، وطلبنا منهمُ الكتابة في نفس النّقطة؛ لجاءتنا عشر
نسخ إبداعيّة مختلفة تمامًا، رُبّما تتشارك أو تتقاطع بقليل أو كثير من
مُؤدّياتها.
مؤكّد
أنّ لكلّ فكرة مكتوبة أو مقروءة أو مرئيّة رسالة، واضحة جليّة، أو مُستترة فيما
وراء الخطاب للترويج.. للتغيير.. لإعادة تشكيل الرأي، وهذا النوع يقف وراءه أساطين
تشتغل عليه ليل نهار، بلا كللٍ أو ملَلٍ، لإيصال رسالتهم ورؤاهم، مُنتظرين ساعة
الصّفر عند التنفيذ، وإن تباعد الزّمن بهم.
وما
جدوى الحياة إذا لم تُؤسّس على فكرة هادفة، لتكون مُنطلقًا بنائيًا حضاريًّا يمتلكُ
أسباب قوّته الذاتيّة الضّامنة للبقاء، والانفتاح على الآخر بتلاقحات مُنتجة
للسّلم الاجتماعيّ، وإرساء قواعد المحبّة والتّعاون بين شُعوب العالم, والابتعاد
عن التوحُّش والخُشونة، لتحيا الإنسانيّة عُمومًا بخير وأمان وسلام. حياة بلا
أفكار لا تُعتبر حياة، فينطبق عليها قول الحقّ سُبحانه وتعالى:
-(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ
يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَٱلْأَنْعَٰمِ ۖ بَلْ هُمْ
أَضَلُّ سَبِيلًا) *سورة
الفرقان-الآية 44.
من كتابي
(كيف.. كاف.. ياء.. فاء)
عمّان-
الأردنّ
2\
4\ 2021