السبت، 10 أبريل 2021

الفكرة الرسالية (11)

 

الفكرة الرِسَاليّة

(11)

 

بقلم محمد فتحي المقداد

 

   الفكرة تتقلّب في ذهن الكاتب غَلَيانًا حارقًا على مَجْمَرِ القارئ بعد تدوينها، وهُو ما يُمكن أن نُطلقَ عليه القلق الإبداعيّ للكاتب؛ فهل نستطيعُ تبريرَ دَوافعه القلقة؟. بكلّ تأكيد لا. لماذا؟. لأنّنا لم نقف على حقيقة مخاوفه قطعًا.

   الموضوع يتناقل صُعودًا وهُبوطًا ما بين مقاصد الكاتب في التّعبير عمّا يدور في ذهنه، فمن هو من ليس واثقًا من جودة فكرته، وربّما تسرّب الخوف إلى دواخله بتوجيه كلمة ناقدة إلى ما كتبَ، ظنًّا منه أنّه فوق النّقد، لكنّه تناسى أنّه لم يكتبْ لنفسه عندما نشر، والنشر يعني برسالته، أنّ الفكرة لم تعُد مُلك كاتبها.

   إذا الكتابة من أجل الكتابة فقط، أعتقدُ أنّها مُصطنعةٌ مفتعلةٌ ووصفيّة شخصانيّة، لا شكّ أنّها مخنوقة الأنفاس غير قادرة على الاستمرار. إدارة الفكرة إذا انطلقت بذهن الكاتب من ساحة القارئ إلى وعيه، وملء ساحة أفكاره وشغله بالتّفكير بإثارة فضاءات تساؤليّة.

   حياة أيّة فكرة تبثّها في طيّات رسالتها، وبما تُلامس وجدانه، ودغدغة عواطفه، وزرع حقول الأمل المُتفائل بمستقبل حالم، ومُحاربة الظّلم، والانحياز للإنسانيّة عمومًا، وبثّ الطمأنينة، وتشجيع روح العمل الجماعيّ في مقاومة الفقر والجهل والمرض، ومُحاربة السّلبيّات، وإبراز دور الإيجابيّات، ودعم مقاصد وسُبُل السّلم الاجتماعيّ، والسّلام العالميّ.

   الفكرة الذهبيّة بمضمون رسالتها أو رسائلها بطابع الحُب, والجمل والخير. خلاف الظلاميّة اللّاعبة على أوتار الحروب والطائفيّة والمذهبيّة؛ والدّاعية للتحلّل والتفسّخ القِيَمي، لا أستطيعُ أن أصفها إلّا أنّها: معول هدم، بيد مُتربطة، مُعادية لمُجتمعها، وتكتبُ تاريخًا تشخُب الدّماء من زواياه.

(من كتابي – كيف.. كاف.. ياء.. فاء..)

عمّان – الأردنّ

10\ 4\ 2021