أزمة ثقة
خاطرة
بقلم الروائي- محمد فتحي المقداد
افتقاد الثقة بكلّ الذين نتعامل معهم مصيبة عظمى، أبْردَتْ جميع أشكال التواصل الإيجابيّ؛ فكان التوجّس والخيفة والحذر، وتبطيئ الخطوات المُندفعة للأمام باتّجاههم، وحلّ الشكّ والرّيبة من كلّ شيء فعلًا.
تولدّت لديّ متلازمة الشكّ حسب تشخيص أحد الأصدقاء، فإذا أردتُ الذهاب إلى أيّ دائرة حكوميّة، حتّى لو كانت مكتب دفن الموتى، بلا وعي منّي أبحثُ عمّن يعرفُ أحدًا هناك؛ لتسهيل مهمّتي دون أيّة عقبات، أو أضطرّ لدفع رشوة.
وإذا أردتُ شراء غرضٍ ما للبيت، سأبحثُ عن صديق يعرفُ تاجرًا مُحترمًا، كي لا أقعَ فريسة الغشّ السّائد على نطاق واسع.
بجردة حساب بسيطة لقائمة أرقام الهواتف التي أحتفظُ بها في هاتفي (الموبايل)، خانتني الذّاكرة في التعرّف على الأسماء، أحاول تذكّر السبب الحقيقيّ وراء الاحتفاظ بهذا العدد الهائل، وتكبُر دهشتي مُتسائلًا كيف لي لا أتذكر من هو (أبو محمد) المتشابه مع أكثر من خمسين اسم، مؤكّد أن كل اسم يحمل رقمًا مختلفًا عن الآخر.
الهلع والخوف يجعلني أتشبّثُ بأي سبب خلفه نجاتي من الغشّ، وخشية الإرباكات في الدّوائر؛ فالحذف لها كان سيّد الموقف الذي أملاه عليّ.
أطمئن لحديث التاجر المعسول؛ وثقتي الزائدة به، وحسن ظنّي به؛ تأتي النتيجة مخيّبة بأنّني اشتريت بزيادة عن السعر المُتاح في المحلّات، هل هي غفلة منّي، أمام شطارة البائع؟.
أصبح الحذر والترقب في معظم تعاملاتنا.. أين الخطأ؟
من كتابي (من أول السطر)