جوجل
ومئويّة الدولة الأردنية
بقلم
الروائي محمد فتحي المقداد - سوريا
ملاحظة
جديرة بالاهتمام خاصّة في هذه الأيّام، موضوعٌ مهمٌّ لمُستخدمي شبكة الأنترنت، من
خلال الهواتف الذكيّة بكافّة أشكالها وأنواعها، ومتابعي أخبار شركة الجوجل، هناك نوعيّة
من الأخبار المحجوبة في مواقعها النّاشرة عن القرّاء، وعلى الأخصّ كلّ ما له علاقة
بدول الخليج عامّة، وأخبار الفنّانين القُدامى منها الفضائحيّ والاجتماعيّ.
في المقابل أتابع المواقع الأردنيّة التي
تتعاطى مع الشأن الداخليّ العامّ بتفاصيله الدّقيقة؛ لتوضيح حقيقة المشهد الأردنيّ
بأطيافه المُتفاوتة اجتماعيّا وسياسيًّا واقتصاديًّا. دون أدنى حرج من سُلطات
الرّقابة في حجب هذه المواقع ذات السّقف العالي في مناقشة مواضيع ساخنة وحسّاسة،
حتّى كثيرًا ما أشاهدُ مواضيع تخصّ العائلة المالكة في الأردنّ، ولمنظومة الدولة
الأردنيّة في جميع مُستوياتها الوظيفيّة.
وهلْ تُجدي سياسة الحجب والمنع أمام الانفتاح
المُتسارع بوتيرة يعجز الفرد من مُتابعتها؟. فضلًا عن المُراقبين والمُختّصين في
مراقبة الشّبكة المُتعدّدة المنافذ التي لا تُعدّ ولا تُحصى، وذلك من ضمن مهمّاتهم
الوظيفيّة.
إنّ السياسة الرّشيدة التي تنتهجها المملكة
تجاه الحريّات الشخصيّة، وصيانتها للأردنيّين والمقيمين على أراضيها، ضمن ما
تُتيحه القوانين النّاظمة لهذا الجانب،
استنادًا إلى دستور يكفل هذه الحقوق بوضوح لا لبس فيه. كما السّلطات التنفيذيّة السّاهرة على التعامل
مع القضايا اليوميّة مع مختلف الانتماءات الجماهيريّة.
فما بين النظريّ المكتوب على الورق من قوانين
ومواد دستوريّة، وما بين حقيقة واقع المُمارسة، تتجلّى رؤيتي كمقيم على أراضي
المملكة منذ عشر سنوات، ما بعد الأزمة السوريّة ورحلة اللّجوء القسريّة، إلى
الملاذ الآمن الأردن، والشعب الأردنيّ المُتعاطف إنسانيًّا وما قدّم للسّوريّين
عمومًا.
تجدُر الإشارة إلى موضوع الحُريّات الشّخصيّة
الذي تتميّز به الأردنّ، أستطيعُ المُقارنة بين أساليب القمع المُمنهجة على جميع
المُستويات، وبين التّسامح الرّسميّ الأردنيّ مع حالات المُعارضة الآخذة أبعادها
في إبداء الرأي، وممارسة العمل السياسيّ بتنظيمات حزبيّة تلتقي أو تختلف كثيرًا مع
توجّهات الدّولة الأردنيّة، بشكل واضح تغيب معه الخطوط الحُمْراء الخطرة، لمن
يقتربُ منها أو يُلامسها في مُحاولة انتهاكها.
أمّا مؤسّسات المُجتمع المدنيّ، وعلى الأخصّ
المجال الذي أرغبه، المنتديات والجمعيّات ذات البعد الثقافيّ، وقد كان لي شرف الانتساب
لبعضها، وإقامة النشاطات من أمسيات وحفلات
توقيع لرواياتي، كلّ ذلك كان على سبيل العلاقات الشخصيّة والمعارف، ولم ألحظ طيلة
مسيرتي في هذا المضمار، الرّقيب الأمنيّ والقبضة الخانقة الماسكة على الأنفاس، لا
تسمح بالقَدَر الضّئيل من الحركة.
من السّهل جدًا عندما أريدُ طبع كتاب لي،
استخراج رخصة إجازة للنشر والتوزيع، دون تعقيد أو مماطلة، فما أن أدخل إلى المكتبة
الوطنية، أكتبُ الطلّب, ثم أقوم بتسليمه للموظفة المسؤولة، حيث أجلسُ قليلًا لفترة
لا تتجاوز الرّبع ساعة، حتى أستلم المُوافقة بكل احترام وتقدير من الإدارة هناك.
هذا
المناخ الإيجابيّ بأريحيّته المُيسّرة الكافلة للحريّة الشخصيّة، يعطي الأمان
والاطمئنان على النّفس أولًا؛ وخلق حالة التفكير الإبداعيّ الحُر. ممّا جعل من
عمّان خلال المواسم الثقافيّة الصيفيّة من كلّ عام، خليّة نحلٍ على مدار السّاعة،
جاءها الأدباء والكُتّاب والشّعراء من دول العالم أجمع العربيّة وغيرها، فأفسحت
لهم المنابر الثقافيّة المكان والاحتفاء، وهيّأت لهم اللّقاء مع مختلف الفعاليّات
الأردنيّة والعربيّة المُقيمة، دون تمييز أو استغلال.
هذا ويُعتبر الأردنّ دوحة تسامح، ومناخ ملائم
للحريّات الشخصيّة، تحيط به مناخات دكتاتوريّة قاسية مُتوحّدة أحاديّ الرّؤية، لا
تحمل الرأي الآخر فضلًا عن الآخر صاحب الرأي. ولا تحترم حقوق الإنسان، ولا مكان في
قواميسها للحريّات العامّة، التي تنص عليها الدساتير الموضوعة على الأرفُف مع
مستودعات العفن. وعليه يكون الأردن مُتقدّمًا بسنوات ضوئيّة على مُحيطه العربيّ.
عمّان
– الأردنّ
١٥/١/
٢٠٢١