الجمعة، 16 أبريل 2021

علم الأفكار (1)

 

عالم الأفكار

(1\1 )

 

   أنا أُفكّرُ إذن أنا موجود, ولكن ما أُفكِّرُ به ليس هو على سويِّة واحدة من الأفكار تجاه القضايا المختلفة، وما هو ارتباطي بها, بما لها من تأثير على خصوصيّة حياتي، وما يتعلَّق بها من الطُّرُق الاجتماعيّة أو الاقتصاديّة أو السياسيّة أو الدينيّة, وما يُمكنني في تلك المقالة من رصد هذه الجوانب، التي أرتبط بها من خلال تواجدي في هذا الكون، ولا يمكن أن يخرج عن دائرتها أيًّا كان.

   فإذا أطلقنا الأحكام على تلك الأفكار، ممكن أن نقول عن بعضها: إنّها أفكار حيّة, بما لها من قابليّة على التعامل بها، وتطبيقها في يُسْرٍ وسُهُولة, ويقابلها الأفكار الميّتة التي أثبتت أنّها غير ممكنة التطبيق, كما أنَ الأفكار الخالدة تستلهِمُ روح الحياة فتبقى ببقائها, بينما الأفكار الاِسْتهلاكيّة تأتي كوجبة خفيفة لمرحلة مُؤقَّتة؛ تستنفد حاجتها الوقتيّة.

   وإذا كانت الأفكار تعمل لما هو خير المجتمع ورفعته، فتكون أفكاراً خيّرة, على خلاف تلك الشِّريرة التي تغرس الشرَّ، وتحرض عليه.

   وإذا كانت أفكاراً تستشرف رُؤى المستقبل توصف بأنّها تقدميَّة, وإذا قابلتها الأفكار التي تريد أن تعود بنا لجُمود قُرون خَلَت؛ فتُعدُّ رجعيَّة؛ لجمودها، وعدم اتّساقها مع تقدم الحياة, أي مُتَكلِّسَة غير قادرة على العطاء.

   وإذا جاءت الأفكار بالسِّلم الأهليّ والاجتماعيّ؛ فهي أفكار مُسالمة نابذة للعنف, وتقابلها الأفكار العُدوانيّة الهادفة لزرع الخراب والدّمار؛ لتحقيق المصالح الشخصيّة على حساب الآخرين.

   أما الأفكار التي تُقدِّم الجديد، وتنبذُ العنف والشرّ؛ فهي بنّاءة، بينما الحاضّة على الخراب والدمار في مختلف الجوانب لا شكّ أنّها هدّامة.

لكن إذا وصفنا بعض الأفكار بأنّها عمليّة؛ فلأنها سهلة التطبيق بعيدة عن التَكلُّف, ويقابلها العقيمة التي لا تأخذ بها لا حَقًّا، ولا باطلاً.

أما إذا كان المفكّرون؛ يفكرون بالتخطيط للرُقيَّ ببلدنا فنقول: إنّها أفكار وطنيّة ترتكزُ على حُبِّ الوطن، وصاحبها مُستعدّ للتضحية من أجل وطنه بالغالي والرَّخيص, وإذا ما أتت من خارج الحدود؛ فَنَصِفَها بالأفكار المستوردة، ولا تتطابق مع واقعنا بالكثير من جوانبها.

   ومن خطط ودرس في الجانب الاجتماعيّ توصف أفكاره: بأنّها اجتماعية, وإذا خطّطت، ومشت في طريق السِّياسة؛ تعتبر أفكاراً سياسيّة.

   وإذا كانت تُخطط في المجال الاقتصاديّ، وتدرسُ نظرياتِه، وخططه، فهي ذات نهج اقتصاديّ, وإذا وضعت القوانين النَّاظمة لحركة المجتمع؛ فتكون أفكاراً قانونية.

   وإذا جاءنا أحد المفكرين بفكرة قد أخذها أو سرقها من أي مصدر فنطلق عليها أفكاراً مقتبسة في أحسن الأحوال، بينما في حقيقتها هي مسروقة, وإذا كانت خلاف ذلك قد ابتكرها من فكرة فتكون مبتكرة.

   وإذا كانت تتثاءب غير قادرة على العطاء فتكون أفكاراً كسولة على خلاف تلك النشطة, أما إذا كانت الأفكار مُشرقة نديّة خيّرة سهلة, فهي تكون جيدة صالحة للحياة، أو إذا كانت على غير ما وصفنا لا شكّ بِردَاءتها؛ لأنّها سيئة، ولا تُقدم أيّ شيء، وتستهلك الوقت والجهد.

   أما إذا كان هناك مُفكرون لا يؤمنون بالوحدة، وانحصر تفكيرهم في إطار القُطريّة الضيَّقة، التي لا تتطلّع لما يقطن وراء الحُدود، مما تجمعنا بهم أُخوَّة الدِّين واللُّغة والتَّاريخ والمصير، فتكون تلك الأفكار قطرية, بينما إذا كانت تعالج هُموم الأمَّة، وتتطلَّع لما وراء الحدود؛ لتشمل كلَّ مجتمعات الأمَّة؛ فتكون أفكارًا قوميّة.

   بعد فترة القرون الوسطى ظهرت الأفكار الرأسماليّة، التي عملت على قيادة المجتمعات الأوربيّة باتجاه الثورة, وعلى الجانب الآخر كانت الأفكار الاشتراكيّة، التي عَمِلت على تأميم المصانع والشركات لصالح العُمَّال والفلَّاحين, ولكن الأفكار التي عملت على نشر الثقافة في ربوع مجتمعاتها؛ فنطلق عليها لقب ثقافيّة، على خلاف أفكار الجهل.

***

الفكرة المفتاحيّة (16)

 

الفكرة المفتاحيّة

(16)

 

بقلم – محمد فتحي المقداد

 

   الفكرة المفتاحيّة، التي يُستولَدُ منها جُملًا مفتاحيّة، خاصّة في بعض الكتابات الأدبيّة، ذات القيمة العالية المُثقَلة بحمولتها؛ وتأتي مهارة الكاتب في إدارتها باِقْتدار، لتجلو الغامض، وتفتح آفاق رُؤًى نوعيّة بِطَرْحٍ فذٍّ غير عِملاق، باعثة على التَنَبُّه للتمهُّل في رحابها،  لأخذ فُسحةٍ تأمليّة، فاتحةً شهيّة التّساؤلات، ومُحرّضة على البحث والنّبش فيما ورائِيّاتها؛ لقراءتها بالشّكل الحقيقيّ لها.

    عند ذلك يكون مُنتجها قد بدأ بالتكوّن الجَنِينيّ لُمعَةً في عقلٍ واعٍ، يتمتّع بموهبة مُختلفة عن مُحيطة؛ فيعتنقُها بِشَغفِ جُنونيٍّ، حتّى إذا اِسْتحوَذت على منافذه جميعها؛ ستتوّلدُ الجرأة في دواخله انفجارًا؛ ليكون رُبّانها إلى بَرّ وساحات عقول الآخرين بأمان وسلام؛ فيغدو مُنظّرها, وربّما تُنسَبُ له فيما بعد.

   و"الفكرة المفتاحيّة" على خلاف "الفكرة الخُردة": وهي حسب ما أعتقد تُنتجُ مزيدًا من التراكمات الضّارّة، وغير الضّارة، أو غير النّافعة، الموسومة بنمطيّتها المكرورة، دروبها مُنزلقات إلى مُستنقعات قذرةٌ مُسْتقذَرة، أقرب لحالة المَوات من الحياة، تُجيد أداء عزفها الجماهير المُسْتَأدِبَة بما يُشبهُ الأدب.

   وفي منحًى تقنيّ بحت؛ مُترافق مع أدوات ومُحرّكات البحث الإلكترونيّة؛ فإن الجملة المفتاحيّة: (الكلمات المفتاحيّة: هي الكلمات التي يستخدمها الأكاديميُّون؛ للكشف عن البُنية الداخليّة للورقة البحثية. سواء في الأبحاث الأكاديميّة، أو في مواقع الأنترنت. الكلماتُ المفتاحيّة يجب أن تُعبّر بأفضل شكل عن المقال، أن تختصره، بالإضافة إلى ما هو موجود في العنوان (لا يجب استخدام نفس العبارة في العنوان والكلمات المفتاحية معاً).

   الكلمات المفتاحية الصحيحة قد تزيد من فرصة العثور على المقال أو البحث، ومن فرص وصوله لعدد أكبر ممن ينبغي أن يصل لهم. تكمُن أهميّة الكلمات المفتاحية، وخُلاصة البحث وعنوانه بصورة أساسيّة في جذب هؤلاء الكُتّاب شديدي التَّخَصُّص، وشديدي التأثير في مجالاتهم، والذين يتخصّصون بقراءة ما يحمل الخصائص المناسبة، لكنهم لا يقرؤون، ولا يمكن أن يقرؤوا كلَّ شيء، ويُذكر أن الكلمات المفتاحيّة انحسرت أهميّتها مؤخراً بعد الثورة في مُحرِّكات البحث، التي تشمل ببحثها التلقائيِّ كلّ ما في المواقع من نصوص بالإضافة إلى تحقيق الربط المعنويّ والسِّياقيّ بين العبارات) هذا باختصار شديد عن الموضوع للتوضيح فقط. *عن مصادر ويكيبيديا.

(من كتابي: كيف.. كاف.. ياء.. فاء)

عمّان – الأردنّ

16\ 4\ 2021