الجمعة، 12 نوفمبر 2021

بطافة شرفات الشوق خالد الفهد الميّاس

 

لصحيفة آفاق حرة:

 

بطاقة تعريفية بالمجموعة الشعرية

"شرفات الشوق" للشاعر الأردني . د. "خالد الفهد الميّاس"

 

المحرر الثقافي – محمد فتحي المقداد

 

صدر حديثًا كتاب "شرفات الشوق" للشاعر. د. "خالد الفهد الميّاس"، وهو ديوان شعريّ، تنوعت مواضيع قصائده ذات النمط الخليليّ "العموديّ" وبعضها الآخر نصوص تفعيلة.

المجموعة متنوّعة القضايا التي عالجتها شعريًّا، وهو ما أغنى المجموعة وأثراها، وما أدلّ ذلك إلّا عن غنى تجربة الشاعر، ورسوخه المتراوح ما بين الموهبة بحسن الأداء، وما بين إتقان صنعة الشعر، والتمكّن من أدواته. وهو ما تجلّى في مقطوعة الغلاف الأخير للكتاب الشفيفة الآسرة: "الشعر في قلبي انكتب// مع كل نبضة خافق مزج الأدب// وتدافعت كلمات أبياتي لترقى فوق أجنحة اللهب// الشعر إحساسي شعوري بهجتي// فرحي وحزني لوعتي// ألمي وآمالي وتبع مودتي// شوقي وأحلامي ودمعة مقلتي// بالشعر أشعر بالحياة// وأسطر الأشواق للقمر الحبيب// وأحش بالأمل القريب// وتدغدغ الأبيات أوردتي وتصنع بسمتي."

أما العنوان الرّئبس للمجموعة، جاء من عنوان لأول نص داخل المجموعة: "شرفات الشوق أحلامي// وصدى الآهات وأوهامي- سلبت أنماطًا من لغتي// وتوارت ألحان كلامي- نغمات العشق يأغنيتي//جارَتْها نغمات هيامي". ص13.

وفي الإهداء الذي كتبه الشاعر، لعلنا ندرك شيئا من رسالته للقارئ: "إلى كل الذين يبحثون عن الحقيقة بموضوعية تامة، ويعترفون بالحق في هذا العالم الغامض، ويتذوقون جمال الشعر ويشعرون بجلاله، أهدي " شرفات الشوق " مشفوعا بمحبتي وتقديري لمن يقرأ حرفي ويتدبره"  ص7.

 

وللمتصفِّح للكتاب يجد أن "شرفات الشوق" شرفات الوجدانيات تترابط مشاعره وأحاسيسه مع ثنائية الوطن والمرأة عند الشاعر. ومن نص"أنت الحبيب"، نتوقّف منه مايلي:" شِعرًا كتبتُكَ يا نبض الشرايين// نورًا رأيتُكَ في كل الأحايين- أنتَ الحبيب الذي ما زلتُ أعشقُهُ// دون الخلائق عشقًا كالمجانين" ص24.

وعلى شرفة الوطن، نقف على تلّ إربد وتنسّم عبيرها الآصيل، ونتفرّس تقاطيع عرارها وشاعرها الأوّل "مصطفى وهبي التل"، وهو يتأمل الأردن من تل إربد، ليرى سفح "شيحان" في الجنوب، وفي ذلك يتماثل الشاعر خالد المياس مع عرار في رؤيته للوطن في نص:" سهول إربد": "سهول إربد يا صاح الهوى// مذ كان وَهبي، وكان الحب يُشجيها – قد كان زينها شيح وقيصوم// واخضرّ مُزدهيًا خُبّيزُ واديها – وعانق التلَّ من دُحنون ديرتنا// حمراء شمّاء ماءُ الحصن يرويها- وزغردت من بنات السهل فارعة// غرّاء تسبي سواد الليل عاليها - والإربديات في دبكاتها انتظمت// تحدو بأغنية تحلو معاميها- عرار شاعرها يشدو بأبحره// يُعطّر الجو شعرا في مغانيها" ص20. وهذا النص محاكاة حقيقية للنفس الشعري لعرار شاعر الأردن.

ومن شرفات الشوق نطلُ على شرفة المرأة، هي قاموس اللهفة والأشواق، والحب والحياة، ومن نص"لم يبق إلا أنت سيدتي" اقتباس يوضح الرؤية لشرفة المرأة: "لم يبق إلا أنت سيدتي هنا// ترقى سويدائي وتسكن في دمي// وتعانق الجوزاء فوق الأنجم// من عينك انبلج القمر// وتفتح الدحنون من خديك في سَمْت السَّحر// لم يبق إلا أنت سيدة مبجلة لها فكر.. قرار" ص53.

كل الشرفات تتقابل للشاعر، لينظرها جميعا بأعين وبنظرة واحدة، وبُفرّق بينها في أشعاره؛ فتعالى كل شرفة بأشواقها، وجميعها متاحة للشاعر كالضرورة الشعرية؛ فيجوز له ما لا يجوز لغيره. وبتتبع عنوانات المجموعة نجدها تذهب في ربوع وطن وبيئة الشاعر الأردن، فتتجلى الربوع ما بين شمال وجنوب، وتخرج بعيدًا برؤاها إلى ديار العروبة على حد سواء. كما نلحظ أن كثيرا من تراكيب وجمل وتشابيه لغة القصائد من بيئة المحلية، فكما كان الشاعر "عرار" هو لسان الأردن والناطق، لوخظ أن شاعرنا "المياس" اقتفى آثار إمامه الإربدي "، ".

 

عمّان – الأردن

11/ 11/ 2021

تقديم (خبايا المرايا) رائد العمري

 

تقديم

الروائي محمد فتحي المقداد

ليست المشكلة أن تكتب؛ فالأهمّ لماذا تكتب ؟ ولمن تكتُب ؟ تساؤلات مشروعة تكتسب أهميّتها لدى المُتلقّي، وربّما تثير تساؤلًا أعمق، ما الجدوى من الكتابة في ظلّ ثورة تدفّق المعلومات في عصر وسائل التواصل الاجتماعيّ بلا ضوابط ولا موانع؟ الثورة التي خلطت الأوراق، فضاع الحابِلُ بحُجّة النابِلُ. يُكتَب الكثير بِغَثِّه وسمينه، وأقلّ القليل هو المُعتَبَر والهادف والأرقى؛ ليتصدّر المشهد برمّته بجدارة.

"خبايا المرايا" هل الخبايا هي خفايا؟ ربّما يجنح خيال القارئ ومن باب التطفّل أو حب المعرفة للبحث عن كُنه وطبيعة المخبوء. [خَبَايَا (اسم) جمع خَبيّة أو خبيئة أو الخُبْأَةُ، وهي مؤنَّث خَبِيء: شيء مستور أو مُخْفى, لا يعرف خبايا السِّياسة، وخبايا الأَرْض: كنوزها أو معادنها وما في بطنها من موارد الزّرع، وفي الحديث الشريف: "اطلبوا الرزقَ في خَبايا الأرض". وخبايا القلب: ما يُكِنُّه من مشاعر وأحاسيس، وخبايا النُّفوس: أسرارها وخفاياها وأعماقها). أمّا الخفايا هي: ما خَفَى الشيءَ: أَظهرهُ واستخرجه، وفي الحديث النبوي: "أَنّه كان يُخْفِي صوته بآمين" أي يُظهِر صوته..//خَفيّة:(اسم)، الجمع : خفايا]"المصدر معجم المعاني الإلكتروني". والخفايا لا تكون معروفة بل مجهولة وغير مقصودة.

بينما الخبايا مُخبّأة ومخفيّة بمكان ما بفعل فاعل، وتكون معروفة لدى من خبأها في الغالب، ومعروفة ومعروف مغزاها، ولإخفائها أسباب ربّما تكون مُعلنة أو ستبقى طيًّا للسرَّ والكتمان، لحين زوال أسباب المنع، ويبقى الزَّمن هو الكفيل بافتضاض الأسرار، والانتظار سيّد الموقف إجمالًا.

إشكاليّة العنوان الأخرى كلمة "مرايا"؛ فالمرايا تعكس ما يقع على سطحها، ويُعتَقد بأنّه نقلٌ وانعكاس صادق، بلا كذب ولا رُتوشات مُجمّلة للصورة، تعكس الصورة كما هي بلا كذب ولا مُواربة، ولا تعدو أن تكون شاهدة صدق إذا ما استُدعِيتْ للإدلاء بشهادتها، وربّما تتحوّل شاهد زور إذا ما تمّ تغيير أبعادها وزواياها العاكسة.

إشكالية الأنا والآخر: لعلّ الإشكاليّ: هو المختلف عن السّائد والمألوف، ربّما ببعضه أو أجمعِه.. يتقارب أو يتباعد، وذلك يأتي استجابة لفكرة الكاتب التي أرادها، وإيمانه بالطريقة والأسلوب الخاصّ به. وفي "خبايا المرايا"  تتأجّج إبداعات الأديب "رائد العمري"، مُنطلِقًا من دواعي رؤيته "للأنا" للتعبير عن ذاته، و"الأنا الأعلى"؛ محيطه الاجتماعيّ القريب والبعيد، يُخاطِبَه بلسان الأنا، والتورية بضمير الغائب، على محامل نصوص أدبيَّة، تحمل هُويَّة القصّة القصيرة جدًا (ق.ق.ج) في القسم الأول من كتابه "خبايا المرايا"، وفي الثاني جاءت ومضات عميقة المعنى بدلالة توقيعاتٍ مُحكمَةٍ بانتقاء كلماتها بعناية فائقة، كلّ ذلك؛ جاء على بساطٍ مُزركَشٍ بألوان الطيف، التي شكّلت ظاهرة في نصوصه، باستخدام جميع الألوان، ورغم تكرار بعضها، لكنّها لم تفقد فعاليّتها بتوليد معنى جديد، وإيصال الرِّسالة بيُسر وسهولة.

صعوبة هذا اللّون الأدبيّ جديد التشكّل استسهل الكثير خوض غماره، لكنّه بحاجة لخبرة أديبٍ مُتمّرسٍ مُتمكّنٍ من أدواته بإجادة انتقاء المُفرَدَة الضرورة. قادرٍ على الاختزال غير المُخلّ والمُجحِف بحقٍّ المعنى الداخليّ والخارجيّ للنصّ، وتناغم موسيقى المفردات؛ ليتعشّقها القارئ، وهو ما وجدتُه عند الأديب "رائد العمري".

عمّان - الأردن

11/ 11/ 2021