السبت، 20 فبراير 2021

في جوار سيف (خاطرة)

 في جوار سَيْف (خاطرة)


بقلم الروائي ~ محمد فتحي المقداد


بقيتُ عُمرًا في نيّة:  أستلُّ سيفًا. بعد كفاحٍ؛ خرج المِقبضُ في يدي، بقيَ النّّصْلُ في غِمْدِه يتألّمُ.  مُكابدًا ظُلمة الغِمْد.

شقيتُ زمانًا في اشتقاق السّيف؛ فهو: سَفّ، يسِفُ، سيْفًا؛ كأنّه هفّ، جَزّ رأسا. وحُكمه (حُكْمُ السّيف) جبرًا وقسرًا، وظُلمًا وقهرًا، دُموعًا وحُزنًا.

من كتابي (كيف.. وكاف وياء وفاء)

ربما تفاءلت يوما (خاطرة)

 ربّما تفاءلتُ يومًا (خاطرة)


بقلم الروائي - محمد فتحي المقداد


لا تجزع إنْ لم تُباركني بعيد ميلادي.

سأنادي غَدِيَ القادم؛ لأرى إن كان سيكون..!!. 

مانَفْعُ ميلادِ كائنٍ من قَحْطِ السّنين..؟.

جاء عَطِشًا..

يطلبُ ماء للحياة: "ليْتَ.. وليْتَ، ويا لَيْت.. لو كانت بتعمّر بيت".

صدى صوتُ فرحة أمّي ما زال قائمًا يُصلّي في أُذُنيّ.

يتلو صلاة الخوف علَيّ.

يجوبُ الكونَ خلفي بأحمال تمائمه الثقيلة.

"أين الشّموع؟".

في زمن الخوفِ ذاكَ البعيدُ الحاضرُ.

" عيدُ ميلادٍ سعيد".

هززتُ رأسي مُجاملةً لهم، ولكنّي غيرُ سعيد.. وأنا أفتقدُ الشُّموع. 


من كتابي (كيف.. وكاف.. ياء.. فاء)

منخفض جوّي (خاطرة)

 منخفض جوّي (خاطرة)


بقلم الروائي-  محمد فتحي المقداد 


منخفض. اذا انخفض اي شيء إلى الأسفل.


قِلّة الفَهْم (قليل الفَهْم): انخفاضُ وتَدنّي مستوى الفهْم، عندما يتوقّف مؤشّره عند الحدّ الأدنى (الصُّفر) للعدّاد؛ يُصطلَح عليه مُنخفض فهمي.


وعليه يمكنُني التجرُّؤ بقياس الأشياء على نظائرها، وأتمنّى أن يصاحبَه الصّواب، ولا يكون فاسدًا؛ فالمُؤدّى: أنّه إذا انخفض المستوى الفكريّ، وتدنّى إلى درجة الإسفاف، من المُمكن تسميته بالمنخفض الفكريّ.


وإذا ما انخفض مُستوى الأدب سُلوكيًّا (قِلّة الأدب)، وأدبيًّا (مُجرّد تهريج.. وصَفُّ حَكْيٍ مُنمّقٍ): نُطلقُ عليه صفة مُنخفضٍ أدبيٍّ.


أعتقدُ جازمًا أنّ كلّ سِلعةٍ كثُرت، وازداد عرضُها للجُمهور المُستهلك؛ فترخص وتَبُور.


إلّا العقل كلّما ازداد نشاطه الإيجابيّ؛ نعُمَت البشريّة بخيره. على عكس السِّلبيِّ منه؛ المُشقي.


من كتابي (كيف.. وكاف.. ياء.. فاء)

نوران الحوراني . يا ثلج

 

=========={ تساقط الثلوج}=========
بدأ الثلج يدور كالعصفور ثم يرتاح فوق الدور
من خاطرة الروائى :
محمد فتحي المقداد
(ثلج)
على صفحة الثَّلج البيضاء، قرأتُ بإمعانٍ تحدّي البرد، والبرد قاتل، وسببٌ لكلّ علّة.
بللّتُ بدُموعي صفحات المُهجّرين في خيامهم المعزولة في العراء، خلف كُثبان الثلوج بلا دِفْءٍ.. بلا خُبز.. بلا أمان.. ربّاه رُحماك بهم.
حفظت الطُّهرَ.. النّقاء.. الصّفاء.. البياض النّاصع من كتاب الثّلج.
ولساني حالي يُردّد: "يا ثلجُ قد هيّجتَ أشجاني.. ذكّرتني أهلي وأوطاني.
توقّف نوبة فرحي بالثلج، من جديد استبدّت الأحزان بي، أخذتني بعيدًا في متاهاتٍ سوداء، لم يستطع الثّلج تبييضها، أو تطهيرها من نجاساتها المُستقذَرة.
(من كتابي/ كيف.. وكاف.. ياء.. فاء)
=======. ========. ======
تساقط الثلج على خيم المهجرين
من مختارات :
نوران الحوراني
أبو رامز
(La neige est tombée sur les tentes des camps
Où est assis un enfant syrien
Il y est resté malgré le froid et les vents
Il est restée là jusqu'à la fin de la journée
Il y est resté malgré le froid et les (vents
Toutes les Nations Unies conspirent contre sa patrie
تساقط الثلج على خيم المهجرين
حيث يجلس طفل سوري
بقي هناك رغم البرد والرياح
بقي هناك حتى نهاية اليوم
بقي هناك رغم البرد والرياح.
ومازالت الأمم المتحدة متآمرة على معاناته تبحث في ثلوج سوتشي واستانا عن حل لقضيته.

يا ثلج (خاطرة)

 يا ثلجُ (خاطرة)

بقلم الروائي- محمد فتحي المقداد

على صفحة الثَّلج البيضاء، قرأتُ بإمعانٍ تحدّي البرد، والبرد قاتل، وسببٌ لكلّ علّة.
حفظت الطُّهرَ.. النّقاء.. الصّفاء.. البياض النّاصع من كتاب الثّلج.
بللّتُ بدُموعي صفحات المُهجّرين في خيامهم المعزولة في العراء، خلف كُثبان الثلوج بلا دِفْءٍ.. بلا خُبز.. بلا أمان.. ربّاه رُحماك بهم.
ولساني حالي يُردّد: "يا ثلجُ قد هيّجتَ أشجاني.. ذكّرتني أهلي وأوطاني".
لم أجدْ تفسيرًا: بأنّني كلّما عِشتُ حالة الثّلج؛ تُراودني ذكرى ذاك السّجين النّاصريّ بانتمائه السياسيّ. الذي كان مُعتقلًا في سجن المزّة متحف الرّعب بعد انتهاء صلاحيته، وتحويله من صفة سجن، إلى أيقونة رُعب تُزار، عندما أرادوا تجميل صورتهم القبيحة.
بعد سنوات من خروجه، أنشد على مسمع زائريه المُهنّئين: "يا بعثُ قدْ هيّجتَ أشجاني.. ذكّرتني أهلي وأوطاني).
توقّفت نوبة فرحي بالثلج. من جديد استبدّت الأحزان بي، أخذتني بعيدًا في متاهاتٍ سوداء، لم يستطع الثّلج تبييضها، أو تطهيرها من نجاساتها المُستقذَرة، لا سَبْعًا بالتراب، ولا كلّ ما عُلِم في الحياة من مُطهِّرات.
سوادُ الذكرياتِ مِمْحاةُ البهجةِ.. و إطفاءُ لشمعة أملٍ سعيدة عمرها لحظة واحدة فقط.
(من كتابي/ كيف.. وكاف.. ياء.. فاء)

التعلي

قراءة ميسون حنا. على رواية فوق الأرض

 



قراءة لرواية (فوق الأرض)
للأديب محمد فتحي المقداد

بقلم د. ميسون حنا
فطين الشخصية الرئيسة في رواية فوق الأرض، هذه الشخصية المختفية خلف الكواليس، يتقمص فطين شخصية المقداد كاتب الرواية؛ لينوب عنه في سبكها، ولكنه يتمرد، ويأبى أن يكون السارد؛ ليتوارى خلف شخوص الرواية، ويتيح لهم أن يروُوا حكاياتهم، وينسجوا خيوطها من واقعهم المظلم المليء بالقصص والأحداث.
فنتذكر رواية (ميرامار) للأديب العالمي نجيب محفوظ، و (راشومون - للياباني ريونوسوكي آكوتا جاوا) ففي الرائعتين، يروي كل شخص من شخوص الرواية الحادثة من منظوره الشخصي؛ فتختلف الروايات والتأويلات، ولكن في رواية المقداد تتشابه الروايات، وإن اختلفت بأحداثها، ولكنها جميعها تعبر عن مضمون واحد: ألا وهو الظلم الذي يقع علينا، يا من نعيش فوق الأرض.
ويرى فطين أن هناك حاجز وهمي يفصلنا عن هؤلاء الراقدين تحت الأرض، إذ يقول: (ما يلاقيه الميت تحت الأرض في قبره من عذاب وحساب لا يقل عما يحدث فوق الأرض من ظلم وتظالم)، والظلم يدل على أن هناك أناس يقع عليهم فعل الظلم؛ فَهُم مظلومون، والظالم يبقى ظالمًا، والمظلوم سيبقى مظلومًا، وهما نقيضا وجه العملة واحدة، والانتهازيون والعملاء هم من تحولوا بمواقفهم المعادية للنظام؛ وأعداء الأمس هم أصدقاء اليوم كما ورد في الرواية،
أبطال الرواية جميعهم يعانون من الظلم، منهم من استشهد مثل فادي الرائد بالجيش، ومنهم من استشهد بيد النظام مثل نادر، وكلاهما شهيد بعرف الدولة والشعب.
وأشخاص الرواية يروون حكاياتهم النابعة من معاناة الشعب السوري؛ فمنهم من استشهد كما سبق وأشرت، ومنهم من أصيب بعاهة جراء إصابته بشظية مثلا، ومنهم من اضطر ليهادن (من جعلت يده تمتد لمصافحة الأيادي السوداء اللابسة القفازات البيضاء الأنيقة سعيا للوصول إلى رغيف الخبز رمز البقاء الأعظم) ص ٢٤٠.
وهناك الرحالة القادم من ليبيا، عند عودته يظهر الولاء عكس ما يضمر في قلبه من أحقاد (داخله المأزوم بصراع ما بين الذات والواقع المفترض أن يعيشه) ص ٨٢ ، وعليه استخدام طاقاته الهائلة للتوفيق بين حالتيه الحقيقية والزائفة، ومنهم من فضل الهجرة والهرب مثل فاضل، وخير مثال لرفض الواقع والهروب منه هو هالة نجم الدين الفنانة التشكيلية المهاجرة إلى إيطاليا، وهالة تتميز بثقافتها العالية، وطموحاتها الكبيرة إذ تسعى لإقامة معارض للوحاتها التشكيلية في بلاد الحرية.
وبذكاء الروائي يعلن أحد شخوص الرواية نصار: عن تشابه كبير بين وجهي هالة وحبيبته حمدة، والتشابه هنا ضمني، هو تشابه في القلب والوجدان حيث أن حمدة لا تختلف عن هالة في رفضها للظلم، ولكن طريقة التعبير عنه عند هالة تتخذ مظهرًا مختلفًا، تعبر عنه هالة بتعابيرها الواعية، والتحليلية لواقع الحال مع أنها ترى الفرق شاسعًا بين حياتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية، وبين التقاليد والحياة في الغرب، ومع ذلك تسعى للانتشار في بلاد الغرب ، ويهييِّء لها فكرها أنها تستطيع أن تعبر هناك بحرية عن آرائها الرافضة للظلم، ومع ذلك هي لا تختلف عن الأم الثكلى بولدها الشهيد ؛التي تعبر عن حبها بفقد ولدها إذ تقول: (دموعي غير قابلة للدخول في مزادات المتسلقين على الواجهات الإعلامية وأرفض التفاوض عليها وستبقى لعنة للتاريخ) ص٢٣. هذه المرأة البسيطة تعبر بشفافية عن وجعها، وتعكس ثقافة أكسبتها إياها التجربة والمأساة والإحساس بالظلم، والمعاناة.
اكتسبت هذه المهارات بالفطرة عكس هالة التي نهلت ثقافتها من علمها وفنها، ولكن فطين يفاجئنا في النهاية، إذ يعلن اختفاء هالة الغامض، لنستنتج أن القمع يمارس في بلاد الحرية تمامًا، كما يُمارس في بلاد القمع، ولكنه يُمارس هناك بفنية عالية يُمارس بهدوء، وصمت، وسرية تعلن عن ذاتها بالتواء؛ فالظلم عام وشامل، ويتخطى الحدود؛ ليعم العالم إذ يعبّر الكاتب، بقوله (البؤس لا يستحي بالإعلان عن نفسه سواء كان في روما، أو الدنمارك ، أو باريس، أو دمشق، أو بغداد، أو صنعاء) ص ١٣٩.
الرواية كتبت بأسلوب شائق، ينم عن خبرة ودراية بفن الرواية، وجاءت بمضمونها لدعم الإنسان أينما وُجد، والسعي لحياة حقيقية يحلم بها المواطن العربي ليعمّ السَّلام، وتنتهي الحروب، ولكن أبطال الرواية يقفون على شفا الهاوية بين السُّقوط والصُّمود، ويتوقّف الكاتب عند هذا الحد؛ ليترك للزمن والتاريخ رسم المستقبل المنشود.

الزرقاء – الأردن
18\2\2021