الاثنين، 10 فبراير 2020

"بتوقيت بصرى" مجموعة قصصية ترصد جوانب من واقع المجتمع السوريّ المرير قبل الحرب

"بتوقيت بصرى" مجموعة قصصية ترصد جوانب من واقع المجتمع السوريّ المرير قبل الحرب


فارس الرفاعي-زمان الوصل:
صدر حديثاً للروائي والقاص السوري " محمد فتحي المقداد" مجموعة قصصية بعنوان" بتوقيت بصرى" وهي عبارة عن التقاطات حياتيّة من واقع المجتمع السوريّ المرير فيما قبل 2011. وترصد اقاصيصها التي جاءت بلا عناوين حالات كثيرة من الظلم والتظالم فيما بين أبناء الأسرة الواحدة، وأبناء العمومة والجيران وأهل القرية المفترض بهم أن يتناصحوا ويناصروا بعضهم برد الظلم عن المظلوم. وتأجيج الصّراع الاجتماعيّ على أشده لتفتيت المنظومة الاجتماعيّة، وتعهير قِيَمها الدينية والأخلاقيّة، ووضعها في مطحنة لا تُبقي ولا تذر-كما يقول المقداد- لـ "زمان الوصل" مضيفاً أن الكتاب عبارة عن مجموعة أقصوصات تعود بنا زمنيًّا بأثر رجعيّ إلى سابق أيّامنا المتميّزة بقبضة أمنية قاسية، لا تتردّد بإحصاء الأنفاس على الناس جميعًا بلا تفريق. وتشابه الحال في بلدنا-كما يقول- ما بين الشمال والجنوب، والشرق و الغرب، المُتّسم بالخوف والرّعب على جميع الأصعدة.
ولفت الكاتب الذي يعيش في الأردن إلى أن معظم  أبطال قصصه من المخبرين والجواسيس الذي باعوا ضمائرهم، ولم يكن لكن رادع.. ولم يلتفتوا لأواصر الدم والقربي، مقابل مصالحهم الشخصيّة الضيّقة، وتابع أن "أكثر هؤلاء  لا مصالح مكتسبة لهم، إلا أن يكونوا أعوانًا وأزلامًا وعصا ومخالب لعنصر أمن. إضافة لبعض الخواطر والتساؤلات التي ما زال أثرها راسبًا مؤلمًا في مخيّلتي، وللأجيال القادمة كامل الحق أن تعرف الكثير عن دقائق حياتنا، وضيق فُسحتها من الحريّات العامّة".
وحول ذاكرة المكان وحميمية ارتباطه ببصرى بعد سنوات من الابتعاد عنها أبان المقداد أن "المكان عزيز على قلوبنا  جميعاً بما جرى فيه من أحداث، والحدث هو ما أكسب قيمة عليا للمكان الجامد، وبما تركنا من ذكرياتنا فيه. واضاف أن بصرى بخصوصيّها بالنسبة لكاتب مثله، هي الكون بأجمعه .. وصورتها أزهى صورة في ذهنه.. وهي ملهمته بآفاق واسعة وبما أدرك من صور الحياة المختزنة في ذهنه. وختم مؤلف " الطريق إلى الزعتري" أن "الأماكن مرتحلة فينا معنا.. وإن غادرناها. وفي البعد تزداد ألقًا وسمُوًّا في أرواحنا، وزهوًّا في قلوبنا، وعلى رأي الشاعر محمود درويش: (الطريق إلى الوطن.. أجمل من الوطن).
وفي جعبة المقداد الذي يعمل حلاقاً في مدينة إربد الأردنية ليكسب قوت يومه العديد من الروايات والأعمال الأدبية المنوعة ومنها رواية "بين بوابتين"، و"دع الأزهار تتفتح"، ورواية "دوامة الأوغاد ورواية "شاهد على العتمة" التي صدرت في بغداد ورواية "الطريق إلى الزعتري"، إضافة إلى مجموعتين قصصيتين إحداهما بعنوان (زوايا دائرية)، والأخرى (سراب الشاخصات)، إلى جانب كتاب نقدي حمل عنوان (مقالات ملفقة).

إضاءة على مسرحية (فلستيا) د. حسام العفوري


إضاءة على مسرحية (فلستيا) د. حسام العفوري

بقلم الروائي/ محمد فتحي المقداد


إذا جاء الفجر لا يستأذن أحدًا، والغروب مهما طال، لا يحول دون الشروق، والفجر سينشقّ عن شروقه.

وهل اسشتراف المستقبل هروب للأمام من استحقاقات الواقع، وطبيعة المرحلة؟.
بادرني هذا التساؤل منذ أوّل صفحة قرأتها في مسرحية (فلستيا) للدكتور (حسام العفوري).

عنوان لافتٌ بدلالته التّاريخيّة. فلستيا: هو مصطلح عبريّ توراتي  للإشارة إلى جغرافيّة أرض الأرباب الخمسة الفلستيّون في العصر البرونزي ١٧٧٥ ق. م.
تشمل كلّ من (عسقلان، إسدود، عكا، غاث، وغزة) ، في جنوب غرب بلاد الشام.

وفلستيا هي أصل كلمة فلسطين. القضيّة المركزيّة للعرب والمسلمين على حدّ سواء. والعمل المسرحيّ الذي نحن في رحابه (فلستيا) عمل أدبيّ استشرافيّ للمستقبل، تكون فيه عزة العرب والمسلمين، وزوال الخارطة الحاضرة، وإعادة تشكيلها في دولة عربية تمتلك قوّة عسكريّة تستند على التقنيّات المتقدّمة. وهو ما عبّر د. العفوري (الرقمطيفيّة)، مصطلح نحته للدلالة على التقدّم العلمي والتقني.

وفي الإهداء نستجلي رسالة المسرحيّة المخلصة في أهدافها لمصلحة الأمّة:
(إلى كلّ المصلحين.. ارفعوا من قيمة الإنسان). خطاب العقل للعقل.. والضمير اليقظ للضمير الحيّ. فالإنسان هو مادة وقوام الحياة بما وهبه الله من عقل.
***

المسرحيّة (فلستيا) أبدعت في قراءة التّاريخ بوعي متتبّعة المستقبليّات من خلال ما ورد من قصص الفتن والملاحم في آخر الزّمان مترافقة مع تفتّت بيضة الأمّة، وتكالب الأعداء عليها، وظهور الدّجّال والمهدي.
ومن خلال شخصيّة السّفياني ذات المدلول التّاريخيّ، بمرجعيّته الأموية القرشيّة. ويظهر من الاسم أنّه من سلالة أبي سفيان زعيم مكّة. والأسرة الأمويّة المفترى عليها، قدّمت فرسانها ومحاربيها؛ ليكونوا قادة جيوش الفتح.
وفكرة السّفياني جاءت في زمن تاريخيّ بعيد عن عصر الرّسول صلى الله عليه وسلم، في ذروة الصّراع بين أتباع (الحسين بن عليّ) و (معاوية بن أبي سفيان) على الحكم.
***

(فلستيا) مسرحيّة تُقدّم رؤية جديدة مستقلبيّة حافلة مُشرّفة من خلال (جمهوريّة فلستيا).
وبتقاطعاتها مع اختلاطات الماضي بالنسبة لزمن المسرحيّة، وهو حاضرنا وما سبقنا بسنوات.
وتلفت النّظر لرمزيّة أسماء المدن، دمشق وبغداد وحمص والرّملة والقدس وكاترينا. وهي التعبير التاريخي لاسم (فلستيا).
وفي سياق دراميّة المسرحيّة بأزمنتها وأماكنها المُتسارعة بقفزات ربّما تكون مُبرّرة بغطاء التقدّم التقني لجمهورية (فلستيا).

عمّان - الأردنّ
٨ / ٢ / ٢٠٢٠