الاثنين، 30 مايو 2022

مذكرة بحث. ونقد للالتفات

 

 

 

مُذكّرة بحث ..




قصة قصيرة
بقلم - ( محمد فتحي المقداد (



الظلام يلفّ المكان، و مشاعر ( فطين ) متناقضة حيال عبوره الطريق من الحارة القديمة مروراً عبر القناطر الأثرية، خطواتُه يتلاشى زخمها فتتراخى، خَطَرَ له تغيير الاتجاه، الساعة تشير للواحدة بعد منتصف الليل، على بُعْد خمسين متراً منه، لمعانٌ وبريقٌ، أصواتٌ غريبة تصدر من هناك، تجمّد الدم في أوصاله، وتيبست عروقه، شعرُ رأسه انتثر واقفاً، سَرَتْ قشعريرة في جسده، توقف عقله عن التفكير..
-
يا إلهي هل أتابع، نظرتُ إلى خلفي، وجدتُ حائطاً من الظلام أغلقَ الأفقَ أمام عينيّ، لا مناص لي لو أردتُ الفرار من هذه الورطة، سأنتظر قليلاً، عسى أن يبعث الله عابراً آخر، يؤنسني، لأجوز معه هذه المفازة.
تتالى شريط الذكريات حاضراً أمام عينيه، متخيلاً أحاديث سهرات العجائز في مضافة جدّه، عن الغولة و الجن، و إمكانية تشكلهم بأشكال غريبة الأطوار.
-
اللعنة، يدي تمتدًّ إلى خصري، تسحبُ المسدس من تحت الحزام، وبسرعة أتوماتيكية بلا وعي فكَكْتً الأمان، متهيئاً لمباشرة الإطلاق.
بلا مقدمات، جاءني صوتاً هاتفاً ، سادت لحظات صمت مُذْهلة، أربكتني.
-
إياك أن تطلق النار، هيّا تقدّم، لا تَخَفْ – و بلهجة حازمة - .
-
من أنتَ.. ؟.
-
صديق .. أأتقدم إليك ؟.
-
لا .. بل أنا سأتقدم لمتابعة طريقي.
سُرِّيَ عني قليلاً، فتنفست الصعداء، أتقدمُ خطوةً خطوةْ، حذري الشديد دفع بِحَوَاسّي للتأهب في حالتها القصوى، وما إنْ خطوت الثالثة, حتى أضيء المكان، انشق الظلام عن جسم غريب، كأنه روبوت آلي - هواجس الخوف تعصف ذهنه وقلبه- وأخيراً ترجحت لديّ فكرة الجن، و قدرته على التشكّل، وما إن صِرْتً على مسافة خطوات قليلة منه، صحتُ بوجهه:" من أنت ؟.
-
ألا ترى أنني روبوت .. و اسمي شمشون ؟.
-
روبوت ..!! هنا بين البيوت القديمة والخرائب..!!، غير معقول، أأنت جِنِّيٌ متحوِّل؟.
-
لا عزيزي، سلامةُ فَهْمِك.
جاء كلامه برداً على صدري، شيءٌ من الطمأنينة تسرّب إلى قلبي، تفَرَّسْتُهُ بِدقّة .. تأكدّتُ الآن، يا إلهي ..!!.. فِعْلاً، كما قال ..، هيا أخبرني:" ما الذي جاء بك إلى هنا، أيها الأحمق ؟".
-
سأحدثك بقصتي التي تتشابه مع عالم الأساطير، وأظنك ربما تًكذِّبني.
-
لا عليك، كُلِّي آذان صاغية، على فكرة ما رأيك أن آخذك معي إلى بيتنا؟.
-
لا مانع لديّ، هيّا على بركة الله.

***_ ***


الدّارُ مُعتِمة، الجميع نِيَام، تسلّل فطين بحذر شديد، لاستكشاف الأمر و الاطمئنان، رجع مُسْرعأ إلى شمشون, مُوصياً إياه بعدم إصدار أية أصوات مثيرة، من شأنها إخافة أهل البيت، وحفاظاً على السر، حتى يجدَ مخرجاً آمناً لك.
-
ها .. لم تخبرني للآن، كيف وصلت إلى هنا؟
-
ولن تسمع ذلك في نوادر ( شارل هولمز)، يا سيدي، أنا في ألأساس كنت في مركز للأبحاث العلمية، ومنذ أيام حصلت اشتباكات، وإطلاق نار كثيف، بين الجيش الحر، والحراسات و المتحصنين في المركز من قوات الأمن، وحدثت حالة من الهلع و الفزع، وما كان منى إلاّ أن تسللت خلسة، بعد أن كلفوني بمهمة المراقبة على الحاجز المتقدم، في الليل اشتد البرد وتدنّت درجات الحرارة جداً، وبدأ الثلج يتساقط، وفرّ العساكر من الخدمة، ولحقتُ بهم، وها أنا صرت ملاحقاً لفراري من الخدمة.
-
من يومين، قرأتُ إعلاناً على الفيس بوك، في صفحة الجيش الإلكتروني للنظام ، عن هروب روبوت من مركز البحوث، ورصدوا جائزة مالية كبيرة لمن يجده أو يرشد عن مكانه، ومن غريب الصُّدَف أن تكون أنت بين يديّ الآن.
-
أفهمٌ من كلامك، أنني مطلوب لهم.
-
نعم، مذكرة البحث صدرتْ بحقك، وتكليف للجهات المعنيّة بملاحقتك للقبض عليك، لأنك عسكري. وما المهمة التي كانت مناطة بك ؟.
-
في الأساس كنت أعمل على مراقبة الأقسام المنتجة للغازات الكيماوية السامة، ثم نُقلتُ إلى قسم المراقبة الإلكترونية لشبكة الأنترنت، واختراق الإيميلات، و حسابات الفيس بوك.
-
وهل يوجد من جنسك الكثير عندهم، يا شمشون؟.
-
في الحقيقة، لا ، فقط نحن على عدد أصابع اليد الواحدة.
-
المهم الآن، البحثُ عنك يجري على قدمٍ و ساق، واستنفارٌ كبير على كافة الأصعدة، ولو أن الوضع غير هذا الوضع، لقمت بتسليمك لهم، وحصلتُ على الجائزة الضخمة، التي ربما تحلّ كل مشاكلي المالية المستعصية من سنين عديدة, يجب أن يبقى أمرك بسرية تامة، وأن أجد المكان المناسب لتختبئ فيه.
-
سأخبرك شيئاً هائلاً، فقد رصدتُ في تلك الزاوية التي كنتُ قابعاً فيها، فهناك بعض الأشخاص من يحمل البارودة على كتفه، ويحمل بين يديه مسروقات من بيوت، وهناك من سرق دراجة نارية من أحد الثوّار، وثائر آخر كان غاضباً وهائجاً لسرقة سلاحه ، بعد أن دفنه في حفرة بحضرة فيمن يظن أنهم ثوّارٌ أمناءٌ مثله.
-
وهل لديك الدليل ؟، لأنني من الصعب تصديق ما سمعتُ منك.
-
بكل تأكيد، هيّا افتح جهاز اللابتوب، واشبكْ منه وصلة( اليو إس بي ) إلى هذه الفتحة التي بجانبي، لتسمع بالصوت، وترى بالصورة، الحقيقة المؤلمة التي لا تدعُ مجالاً للشك أبداً، بإمكانك الاحتفاظ بها على جهازك من أجل المستقبل. و ها أنا أعلن انشقاقي.
-
هل تحتاج لشحن كهربائي لتجديد طاقتك، لأن موعد قطع الكهرباء بعد ساعتين، ولا ندري كم من الوقت حتى تأتي مرةً أخرى.
-
أنا طاقتي ذاتية، تتولد من خلايا نووية تتجدد باستمرار.
فطينٌ في حالة ذهول وشرود ذهن، وأفكار سوداء تعتمل في عقله، ويأس وإحباط سيطرت عليه تلك الحالة لفترة من الزمن، ضربَ كفّاً بكفِّ متأسِّفاُ.. "يا حيف على الشباب ".

تمت

ربّةُ عمُّون ــــا 25\ 5\ 2014


....

كتب الأستاذ: علاء سعد حسن. ملتقى الواحة الثقافي.

أسلوب الالتفات سيدي الأديب أسلوب مستعمل في القرآن الكريم.. وعند العرب القدامى.. ونادرا ما اجده في أسلوب الأدباء المعاصرين ولذلك استوقفني بشدة في قصتك .. ومثال عليه الانتقال من أسلوب الراوي العليم الذي يروي عما حدث مع فطيم .. إلى فطيم نفسه الذي يستخدم أسلوب الراوي البطل اي القص على لسان البطل .. وهذا ما استخدمته أنت في قصتك .. مثال

وسأتابع بدراسة مختصرة عن أسلوب الالتفات في المشاركة القادمة .. لو سمحت لي سيدي لتعم الفائدة .. آملا أن يكون هذا مما يثري الحوار عن قصتك الثرية.. ولا يسحب البساط من تحت مناقشتها المناقشة الواجبة ..
دمت مبدعا كريما

الكلام في لغة العرب، إما أن يصدر على جهة التكلم، أو جهة الخطاب، أو جهة الغيبة. كما يصدر عنها، إما على جهة الإفراد، أو جهة التثنية، أو جهة الجمع. وقد يصدر عنها، إما بصيغة المضارع، أو بصيغة الماضي، أو بصيغة الأمر.

ومن عادة العرب أن لا تسير على أسلوب واحد في كلامها، بل تنتقل من أسلوب لآخر، لدفع السآمة عن المستمع، أو لغير هذا من المقاصد التي تتحراها في كلامها. وهذا الأسلوب في الانتقال في الكلام فن بديع من فنون نظم الكلام البليغ عند العرب، وهو المسمى في علم الأدب والبلاغة (الالتفات).

وللعرب عناية بأسلوب (الالتفات) في الكلام؛ لأن فيه تجديد أسلوب التعبير عن المعنى بعينه؛ تحاشياً من تكرر الأسلوب الواحد عدة مرات، فيحصل بتجديد الأسلوب تجديد نشاط السامع، كي لا يمل من إعادة أسلوب بعينه، قال السكاكي في "مفتاح العلوم" بعد أن ذكر أن العرب يستكثرون من (الالتفات): "أفتراهم يحسنون قِرى الأشباح، فيخالفون بين لون ولون وطعم وطعم، ولا يحسنون قِرى الأرواح، فيخالفون بين أسلوب وأسلوب".

تعريف الالتفات

يُعرِّف أهل اللغة (الالتفات) بأنه "انصراف المتكلم من الإخبار إلى المخاطبة، ومن المخاطبة إلى الإخبار". ويُعرَّف أيضاً بأنه "إخراج الكلام من أحد طرق التعبير الثلاثة: التكلم، والخطاب، والغيبة، إلى طريق آخر من هذه الطرق الثلاثة". وبعبارة مختصرة فإن (الالتفات) يقصد منه نقل الكلام من أسلوب إلى آخر.
موقف المفسرين

اعتنى المفسرون، خاصة من كان منهم له اهتمام بالجوانب اللغوية، كـأبي حيان، والآلوسي، والرازي، وابن عاشور، بإبراز هذا الأسلوب في القرآن، وأبانوا الفوائد واللطائف المبتغاة من وراء هذا الأسلوب. والقارئ لكتب التفسير، لا يعجزه أن يقف على قول المفسرين: "وهذا على سبيل الالتفات"، أو قولهم: "وهذا من باب الالتفات"، أو قولهم: "وهذا على جهة الالتفات".

فوائده

يقرر أهل اللغة أن لأسلوب (الالتفات) فوائد؛ وذلك أن العرب -كما قال حازم القرطاجني- "يسأمون الاستمرار على ضمير متكلم، أو ضمير مخاطب، فينتقلون من الخطاب إلى الغيبة، وكذلك أيضاً يغاير المتكلم بضميره، فتارة يجعله تاء على جهة الإخبار عن نفسه، وتارة يجعله كافاً، فيجعل نفسه مخاطباً، وتارة يجعله هاء، فيقيم نفسه مقام الغائب؛ فلذلك كان الكلام المتوالي فيه ضمير المتكلم والمخاطب لا يستطاب، وإنما يحسن الانتقال من بعضها إلى بعض".

نقلا عن موقع اسلام ويب قسم دراسات قرآنية .. من مقال بعنوان أسلوب الالتفات في القرآن

 

علاء الأديب شاهد على العتمة

 شاهد على العتمة

مجموعة من المقالات التي كان يكتبها مدونا لتأريخ حقبة مريرة من الزمن شاهدا عليها .
كان المرفأ الأخير في حينها ملاذ تلك المقالات التي أثارت إعحابي لمضامينها الحية التي تزخر بالأحداث المحيطة ببلد تربطني به علاقات لا يمكن ان تحد بحدود.
أضف إلى ذلك الأسلوب الأدبي الملفت الذي كتبت فيه.
سكنتني هذه المقالات و جعلتني افكر مليا في تخليدها كجزء مهم من تاريخ بلد عربي ذاق ما ذقناه في العراق .
كنت أعلم يقينا بان رغبتي كانت رغبة كاتب تلك المقالات في ان تطبع وتنشر .لكن الظروف الصعبة التي كان يعيشها الكاتب
في مخيمات النزوح تحول مؤكدا دون تحقيق تلك الرغبة المشتركة.
فلم ادخر وسعا في تحقيق رغبتي ورغبة صديقي واخي الاديب السوري محمد فتحي المقداد في طباعة واشهار كتابه البكر شاهد على العتمة.
وقد حدث ذلك فعلا.
وبقيت محتفظا بهذا الكتاب حتى شاءت الاقدار ان يكون طريقي إلى تونس عام 2015 عبر المملكة الأردنية الهاشمية التي اختارها صديقي للإقامة فيها.
حملت له جميع النسخ التي طبعت في العراق وهبطت بها هناك واتصلت به كي يحضر لتسلمها. فكان اللقاء الاول بيني وبينه. وبينه وبين مولده البكر الذي طال انتظاره.
كنت أحدق بعيني صديقي وهو يتلقى بين يديه ذلك المولود المنتظر.
ادركت من خلال ما قرات في عيونه بان سعادة الانسان يمكن ان تبرعم وتكبر و تترعرع حتى في واقع مليء بالوجع.
فشعرت من خلال شعوره بانني قد أديت شيئا من رسالة الأديب التي أحملها مضمونا ولقبا.
أما صديقي فقد ظل محتفظا لي بهذا الى يومنا هذا لأنه ببساطة انسان وفي صادق في مشاعره أمين في خلقه.
على عكس العديد ممن مددنا لهم أيادينا فما كان لنا منهم الا الجحود و النكران.
وليس ذلك بضائرنا مادامت الأيام شاهدة علينا وعليهم فدائما هناك شاهد يشهد وتأريخ ينطق.
أقول لصاحبي...إن كنت كريما معك مرة ..فقد كنت كريما معي مرات ومرات. ولا ينكر المعروف إلا من لا أصل له .
ستبقى وأبقى ويبقى كل مخلص وأمين وصادق شاهدا على زمن العتمة والانحلال والانحطاط.
ولك من قلبي تحية اخ مخلص.
علاء الاديب
تركيا ..سامسون
29/5/2022