مشاغبة حلم..
قصة قصيرة
بقلم. محمد فتحي المقداد
من غير المعقول أبدا عدم توقف هاتفي عن إصدار
أصوات نغمات الإشعارات.. حاولت إغلاقه بعدما أقلق منامي، لأنني عجزت عن معرفة مصدر
ها. وبعد جُهد جهيد جاءتني فكرة الاستعانة بصديق ممن تأخروا بسهرتهم مثلي في فضاءات
العالم الافتراضي؛ أرشدني لاتجاه آخر غير التطبيقات المُفعّلة على هاتفي.
أخيرًا، ومع شقشقة الأفق عن خيوط النور، ومع
نسائم الصباح التي فتحت آفاق ذهني إلى أن اهتديتُ للسبب. انتبهت لتواجد هذا الشخص
(محمد الصمادي) الذي في الصورة كأنه حاول مشاغبتي في الحلم مع أول إغفاءة النوم، ولم
أدر أنّه تحرك عكس الاتجاه بشكل غير مألوف، عندما انخرط بحديث طويل. كنت أستمع له بانبهار
من اتساع خياله. وهو يقول: "شعرت بالعطش أثناء كتابة نص" جرعتان والبقية
تفاصيل"، كنت في حالة تجلٍّ نسيتُ نفسي، ولم أشعر بشدّة العطش وحاجتي لكأس ماء،
ولمّا خذلتني كفّة قدمي اليُمنى الخَدِرَة وكأنَّ النمل ينهش أعصابي، عجزتُ تمامًا
عن القيام، مددتُ يدي إلى قاع الوادي السحيق. أسفل بيتي الذي يتربع على القمّة في بلدة "عنجرة"؛
فاغترفتُ بيدي أوّل مرة وثانية وثالثة، إلى أن انطفأ ظمئي". قلقي في الصورة اِنْعكس على الهاتف مما تسرَّب من
كلامه. وتابع حديثه بعيون مُتحفّزة وبثقة عميقة: " وفي جلسة أخرى، ومع أوَّل رشفة
من فنجان قهوتي، مددتُ يدي لأتلمَّس حجارة بُرج قلعة عجلون المُواجه لي على الجهة الأخرى،
أحسستُ بنبضِ الحجر السّاخن، الذي لم تتسرَّب إليه بُرودة السِّنين الطَّويلة، إلى
أطلّ بوجهي وجه مُعلِّمُ البناء أثناء تركيبه لهذا الحجر الكبير، وحدجني بنظرات مُرعبة
اخترقت خلايا دماغي، بينما عيناي مُركَّزتان على راحة يده الضَّخمة على زاوية الحجر.
لم أستوعب ضخامة حجمه الذي يحتاج لرافعة حديثه لتضعه في مكانه. صحوتُ وبيدي الولَّاعة،
النَّار اشتعلت بأوراقي، وضاعت الجرعتان النسخة الأساسيَّة". رنين الهاتف لم يتوقف
إلا بعد قيامي واستعادة نشاطي وتجهيز نفسي لصلاة الفجر.