الخميس، 1 يوليو 2021

ملف المحرر الثقافي آفاق حرة (الكتاب كامل)

 

الروائي محمد فتحي المقداد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المُحرِّر الثقافي

(لموقع آفاق حرة)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رواية (فضيحة في شريحة) للروائي .د. عصام أبو شندي

 

والفكرة الرئيسة فيها هي مقاربة مساوئ مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تنقسم الرواية إلى ثلاث شرائح، وكل شريحة منها تحمل بين ثنيّاتها حكاية.

 

الشريحة الأولى:

تروي قصة فتاة في سن المراهقة يوقع بها شاب هو الآخر في سن المراهقة مثلها، فيتبادلان الرسائل والدردشة بالماسنجر، حتى يتمكن من الحصول على صور ومقاطع فيديو لها ويبتزها بها، ليتبيّن بعد ذلك أن عمل هذا الفتى كان ردة فعل على عمل مشابه، قام بها والد الفتاة مع والدة الشاب .

 

الشريحة الثانية:

تنطوي على قصة تحاكي الأجواء التي تجري في الانتخابات البلدية، والدور الفعال الذي تلعبه برامج التواصل الاجتماعي في إثارة النعرات في هكذا أجواء.

 

الشريحة الثالثة:

تروي حكاية شاب آخر تم الإيقاع به عن طريق برامح التواصل الاجتماعي، ليمسي فردا في خلية إرهابية تتسبب في الأذى للوطن الآمن المسالم .

وقد اتخذت الرواية لهذه الأحداث كلها بلدة " الخالدية " في محافظة المفرق فضاء مكانيا لها .

 

 

 

 

 

كتاب 

(الفضاء الفلسفي في شعر نضال القاسم)

للدكتور سلطان الخضور

صدر حديثا كتاب نقدي جديد عن تجرية الشاعر الأردني نضال القاسم بعنوان(الفضاء الفلسفي في شعر نضال القاسم) للدكتور سلطان الخضور.

الكتاب أخذ جهدا تتبعيًّا؛ ليأخذ شكل قراءات مونتاجية في ديوان (أحزان الفصول الأربعة)، أخذت وقتًا طويلًا، وبجهود دؤوبة من د. سلطان الخضور حتى ظهر هذا العمل النقدي، الذي يعتبر جزءًا مكملًا في تاريخ الحركة الأدبية على الساحة العربية.

حيث تصدرت المقدمة بوابة الكتاب، ومن قم إضاءة وافية عرفت بالشاعر "نضال القاسم"، وبتوثيق بعضًا من كتابات تحدثت عن تجربة الشاعر، ومقابلات حوارية معه أيضًا. جاءت كوثيقة أرخت لتجربة للشاعر. بعيون ورؤى الأدباء والنقاد. استغرقت الفصلين الأول والثاني.

وفي الانتقال إلى الفصل الثالث الذي ابتدأ في "د. سلطان الخضور" بتسطير رؤاه الأدبية والنقدية لديوان "أحزان الفصول الأربعة" على محمل "القراءة المونتاجية" بإعادة قراءة قصائد الديوان، وتدويرها من خلال مونتاجية قرائية أفرزت رؤى فلسفية جديدة، أفضت في الوصول إلى الرؤى السينمائية والمشهدية والوصف والرمز والحوار والتكرار، في ديوان الفصول الأربعة.

وجاءت هذه القراءة المونتاجية على جميع قصائد الديوان لتؤسس قاعدة انطلاق للقارئ، لتسهيل الولوج إلى عوالم الشاعر نضال القاسم.

 

 

 

 

 

 

 

 

مجموعة "أمواج الرفيف" الشعرية للشاعر. د. خليل إطريّر"

صدرت المجموعة حديثا، وبالتوقف أمام العنوان المكوّن من كلمتين الأولى" أمواج" دلالتها واسعة البحر واتساعه، كما أن الأمواج متوترة بديمومتها متفاعلة مع محيطها، فالرياح محركها، والرياح آبة من آيات الله، لتسيير السفن والقوارب، قبل ظهور المحركات البخارية.

والكلمة الثانية ًالرفيف" دليل الطيور والطيران والتحليق، وتلاقح فكرة الأمواج والرفيف، فكرة الانطلاق بفضاءات الحرية بعيدًا عن القيود.

وقصائد المجموعة الشعرية كانت في جميعها عمودية مرتكزة على أوزان الخليل.

وبتتبع موضوعاتها، كانت جادة تحمل قضايا اجتماعية، بفكر جاء على محمل إصلاحي، بعيدا عن الابتذال والإسفاف. وكما ورد في مقدمة الأستاذ "إطريّر"، فإن استقراء لهوية المجموعة الشعرية: (عصارة سبعين عاما سكبتها بين ثنايا هذا الديوان ، وطرزت كثيرا من أبياته بزخرفات الحكمة ، والتجربة بشقيها الحلو والمر).

ويبدو أنه المنجز الأدبي الأول، وهو خلاصة تجربة حياتية مليئة بالخبرة والدراية. بهدوء وحكمة الشيوخ.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رواية

"فلبس" للروائي الأردني "توفيق أحمد جاد"

صدر حديثا رواية "فلبس" للروائي "توفيق جاد"، وهي العمل الروائي الثالث له، بعد رواية "الغداء الأخير" و "بنش مارك". وجميعها من مدرسة الأدب الواقعي.

رواية "فلبس" جاءت في معظم أحداثها على محمل الذاكرة، فهي تعبتر جزءًا من سيرة ذاتية للأديب توفيق جاد.

الماضي والحاضر يمتزجان في عمل روائي نبعت فكرت من سؤال يجول في ذهن "توفيق جاد" منذ صغره: "من يحلق للحلاق". مكان الحدث الروائي كانت قرية "نور شمس" هي المسرح الأولى، وهي مرابع الطفولة الأولى لتوفيق جاد. ففيها ذكريات الطفولة الخالدة، لم تُمح من ذاكرته، رغم تباعدها زمنيا لأكثر من خمسة عقود، وامتداد مسرح الرواية في الحاضر في الأردن، ليكون فضاء مكملا لفضاء القرية في فلسطين.

وجاءت رواية "فلبس" كذلك دفقة وفاء للقرية والذكريات ومربع الطفولة، وأحيت ذكرى الحلاق "فلبس" و"أبو العبد"، عندما ثبتت صورتهما في ملحق في نهاية الرواية مع محفظة عدة الحلاقة لكل منهما. وامتداد الرواية للحاضر أضاف لها امتدادات فكرية وعلائق اجتماعية، لتصبح وحدة متكاملة، كما أنها وثيقة تأريخيّة ألقت الضوء على مهنة الحلاقة بشكل جيد. والحلاقة تاريخيا منذ القديم، وأنواع الحلاقات المحرمة ومنشأها. وتسطير بعضا من العادات والتقاليد. وطبيعة التطور الاجتماعي والتقني خلال السنوات الأخيرة.

 

 

 

 

 

 

كتاب "فوضى فراشة" للأديبة الأردنية "غادة العزام"

 

كتاب "فوضى فراشة" للأديبة الأردنية "غادة العزام" وقد أعطت بمفتاح العنوان، والتدليل على طبيعة "فوضى فراشة" أتبعته بعبارة "فضاءات نثرية"، وبذلك تكونت الفكرة الأولية للقارئ، بأنه في رحاب أدب النثر.

وقد افتتح الكتاب بدراسة للأستاذ الدكتور "عبدالرحيم مراشدة" عبارة عن قراءة بدائية بين هوية نصوص الكتاب بأنها خارج إطار الشعر الكلاسيكي، ولا في ركاب التفعيلة. بل كانت في رحاب النثر، وبأنها تنطوي على بتشكيلاتها البنائية لسياقات النصوص المتموجة في بحار الذات وما يجول من عوامل نفسية.

ومن الإمضاءات صفحة بخط اليد للأستاذ "رافع العزام" والد الأديبة غادة. وانتقلت لإمضاء آخر للأستاذ عبدالرحمن الريماوي بعد مطالعة النصوص، يمتدحها فيه. والامضاء الثالث للدكتور حسين مناور، ايضا يمتدح فيه النصوص. والامضاء الرابع للدكتور زياد أبو لبن. وقد اتخذ مكانا له على الصفحة الخلفية الغلاف، جاء كبطاقة تعريفية. مهدت السبيل أمام القارئ للتعريف بطرائق نصوص كتاب "فوضى فراشة" الرومانسية والواقعية بأبعادها اليومية ببناء سردي كان اطارا لها. موشى بصور إيجابية.

كما أن نصوص المجموعة النثرية المتوشّحة بطابعها الوجداني المفعم بالحياة. عبرت فيها "غادة العزام" عن أحاسيسها ومشاعرها. ورؤيتها للعديد من مفاصل الواقع، استطاعت من خلال فوضى فراشتها العبث بزهور الحقول، والانتقال من زهرة لأخرى. وهو ما عبرت عنه بنص وعناوين مجموعتها.

 

 

 

 

كتاب "وحدي أنا والناي" للشاعر الأردني "عبدالرحيم جداية"

 

"وحدي أنا والناي" مجموعة شعريّة متخصصة في نوع أدبي ما زال جديدا بوفوده إلى الساحة الأدبية والفكرية العربية، إنّ الفنّ الشعريّ الهايكو، وأطلقوا عليه مصطلح "الهايكو العربي".

وللشاعر "عبدالرحيم جداية" تجربة شعرية طويلة تنتقل ما بين الشعر العمودي القائم على أوزان الخليل، وشعر التفعيلة والنثر.

وهذا الكتاب "وحدي أنا والناي" فهو تجربة جديدة، في مسيرة الشاعر الشعرية، وإضافة مُهمَّة دالّة على رسوخ قدمه في فنون الشعر التقليديّة والحداثيّة. وفي خوضه غمار الهايكو، فقد قدّم في كتابه نصوصًا واضحة المعالم بالتزامها في قضايا الأصالة والمعاصرة.

وتأكيد على القضايا الفكريَّة والأساسيَّة الثابتة، كالقضيَّة الفلسطينيَّة ومآلاتها التفاعليَّة في القدس وغزة، حيث نالت حظًّا وافرًا من اهتمام الشَّاعر، وتأكيد أنَّه ما زال قائمًا على معتقداته تجاه قضيّة الصراع العربيّ الإسرائيليّ.

وجاءت المجموعة "وحدي أنا والناي" على محمل عربيٍّ خالص، وهو ما يمكن تسميته: تعريب الهايكو، الذي في الأصل فنًّا يابانيًّا في الأساس.

واشتغل الشاعر "عبدالرحيم جداية" على إعادة تدوير أفكاره، ورُؤاه في واقع الحياة إلى  شعر ذي مسار مُحدَّد حصره في الهايكو مُعتمِد على قدرته في الإحاطة بفنيَّات وتقنيَّات ورموز هذا الفنِّ، المُتأتِية من مفردات الطبيعة والحياة والمحيط الكونيِّ.

في خوض غمار هذا الفن، أثبت "عبدالرحيم جداية" قدرته الفائقة، وفهمه  العميق المسارات الأدبيّة عمومًا، وقد كتب  بها سابقًا نَتَاجات، وكان مُتألقًا في تجديد مُستمرٍّ خلال مسيرته الطويلة، ولم يكن ذلك إلّا على محمَلٍ فلسفيٍّ دَلَّل على عميق تجربته الجديدة.

 

كتاب "منازل المعنى" للدكتور "حسام العفوري"

 

وهو عبارة عن دراسة موسعة في ميكانيزما اللغة ومداراتها في تجربة الشاعر "نضال القاسم". كما أن الكتاب جاء استطلاعا لتجربة شعرية خصبة ومديدة ومتعرجة لشاعر بقامة "نضال القاسم". وتتبع القاموس اللغوي لدواوين القاسم ومداهمتها من أبواب ثلاثة تعالج اللفظ والتركيب بنيويا تارة وأسلوبيا تارة أخرى، وقد أحاط حسام العفوري هذا القاموس بتشخيص التصور الذهني في إنتاج الكلام، وفي تحديد منازل الألفاظ وتماهياتها، وفي الوقوف عند لغة الألوان التي تزدحم فيها دواوين القاسم. وهي تجربة متنوعة شديدة الازدحام بينة الركام تتجاوز القيمة المباشرة إلى ما هو معقد وعصي على التأويل.

 

وقد أكد "د. العفوري" على تعميق دراسته اللغوية على محامل الأدب النثرية عند "نضال القاسم" الشاعر ذي النزعة الإنسانية، وامتلاكه رؤية دؤوبة البحث دائما عن أشكال وأبنية ومناخات حداثية اللغة والأفكار.

وركز "د. عفوري" على مصطلح ميكانيزم الذي أجراه في نهر الأدب لتحويله من سياقه في علم النفس وميكانيكا حركة الأشياء، ليكون في نسيج الأدب بإعادة تدويره، وتطبيق آلياته على الشعر والأدب، وهو نحت جديد.

حيث أن الميكانيزم خاضع للرغبة والجدل والفعل، وهو نظام تشغيل تفاعلي لحياة الإنسان وتمييزه عن الحيوان الذي يمتلك فقط "الرغبة والفعل"، وهو غير واعٍ، وخاضع للغرائز فقط.

الفصل الأول من الكتاب ناقش التصورات الذهنية وإنتاج الكلام، والتصورات المتخيلة والعبارة الشعرية بين المتن والهامش، والبواكير الشعرية لنضال القاسم - الكلمات المفتاحية، ومقاربة زمكانية في البواكير الشعرية،

والعبارات الافتتاحية في التصور، والتصوير في فكر نضال تمثلات العناصر الأربعة في شعر نضال القاسم،

والقيمة المضافة في التصور والتصوير.

 

أما الفصل الثاني فقد جاء الى دراسة

منازل الألفاظ المعجمية بين الترميز والتأويل، ومنازل الأبنية اللغوية بين الاستعمال والإهمال، والأبنية المهجورة المستعملة أبنية الألفاظ المعربة.

الفصل الثالث ناقش موضوع فيزيائية الألوان وتطبيقها أدبيا، من خلال موضوع: منازل الألوان ودلالتها الإيحائية من الحقول الدلالية إلى الحقول المعرفية. يعتبر كتاب "د. حسام عزمي العفوري" دراسة نقدية معمقة رسخت مفاهيم أدبيّة جديدة.

 

 

 

 

 

 


المجموعة النثرية

"حانات الذكرى" للأديبة "أنمار فؤاد منسي"

 

"حانات الذكرى" يتنافس ازدحامها ما بين الذات ورغائبها وآمالها وأفراحها وأحزانها، وللمحيط بالذات لُجَج من الخيبات السابحة عكس حياة الإنسان الطامح لعيش رغيد على بساط الطمأنينة والأمان.

و"حانات الذكرى" ما هو إلا معادلة أديبة أرادت تعديل المعادلة للتوافق مع فيض ودفق مشاعرها، ولكن ما العمل إذا اصطدمت الشفافية بالغلظة الجامدة.

الشاعرة تحاول أن تصنع معادلة بين ما بضميرها العاشق للجمال والنقاء والإقبال نحو الحياة.

عندما افترضت نفسها ساقية في حانة، تتلوّن فيها المتناقصات في حانات ذكرى. لذكراها حانات وليس حانةِ. ويا للخوف إذا سكِر روّادها جميعا. وأظنّ القارئ سيسكر بلا خمر من واقع مؤلم بكافة تجاعيده.

والمشاعر المنبثقة عن الذات تتجمد على عتبات وطن منكوب بدكتاتوريَّاته. طامس من أخمص قدميه إلى رأسه اغتصابًا من عدوّ داخليّ وخارجيّ.

وهو ما تجلّى في نص "الحسرة" ص٦٤. فقد حكى: خيبة الأمل برموز قياديّة. احتلّت صدارة الأوطان؛ فزرعت الموت والخراب والدمار، وأغرقت التراب بفيض ينابيع الدموع والأحزان. (هي بلاد ترى فيها العجب// بلا أجنحة، وأقدامٍ مشلولة// وآلهة وصور كبيرة// طاووس هناك وثعلب على الضفة الأخرى// أسد ينقض على فريسته// وقرد في جهة أخرى يراقص أنثى شقراء لعوب//باعوا أنفسهم للشيطان// وكراسي العروش مخلوعة الكرامة// لا ندري متى نهاية المستبدين).

وفي نصِّ "كان يا ما كان" ص٦٩، نلحظ استدعاء التاريخ. وكأن "أنمار" تتلمس دروب العز والانتصارات، بكراهة واقع مُرٍّ، مليء بالانكسارات. ضاجّ بالخسائر. فتقول: (كان ياما كان// يا سادة يا كرام. يروي الزمان لمن عاشوا// على هذي الأرض// /من باد ومن ساد// حكايا العرب الكنعانيين// والرسل: عيسى المسيح ومحمد خاتم الأنبياء// والزير، وعنترة العبسي وعمر بن الخطاب وصلاح الدين// وسفن السندباد، ما زالت حديث الأمم// وعن إقليدس الأكبر). هذا الاستدعاء للرموز لا يمكن أن يأتي عبثًا، ولك يكن من فراغ، بل تقف وراءه جُعبة ملآى بما فيها، واعية لما ذهبت إليه.
للمُتتبّع نصوص "حانات ذكرى" سيتوقّف بكل تأكيد، أمام نصوص مثقفة بُنِيت بطريقة سهلة، ناهلة بمفردات من قاموس "أنمار منسي" واسعة الاطلاع والثقافة، بلمسة الوضوح والبساطة، واستدعاء رموز التاريخ قديمها وحديثها على محمل النصوص الناضحة ألمًا، مخبوء تحت ملاءة الحياة العواطف والأشواق والحب والتواصل.



 

رواية أوزور  

للروائي محمد أبو الهيجاء. الأردن

 

منذ قديم الزّمان والعالم مُتعلّق بظواهر الطبيعة الغامضة التي لم يجد لها حلًّا، وعوالم الأسطورة والجنّ، والسّحر والإيمان به، وكان للسّحرة منذ عهود "هاروت وماروت" ومن بعدهما وصولًا إلى الفراعنة إلى وقتنا الحاضر، لم تنقطع سيرة السّحرة، وكُتّاب التمائم والحُجُب، وهم يبيعون للناس الأوهام.

هو ما جاءت على معالجته بطريقة درامية رواية "أوزور" للكاتب محمد أبو الهيجاء، التي  انطلقت من إسار الجزء الأول إلى الثاني. حيث أن الأول اتّخذ عنوان الهجين من نوع الفنتازيا، حيث إنه تمّ تسليط الضوء على قضية مهمة في مجتمعنا الحالي، ألا وهي الاتجاه للسحر لتغيير الأقدار.

 وغاص في لُجّة الأحداث عميقًا، لسبر أعماق المجتمع الحقيقيّة، بالبحث والتدقيق فب الأسباب والنتائج المحتملة وغير المحتملة. من خلال عمل روائي بمنحاه بمزاوجة الواقع والخيال. كما سلّط الضوء على الحكم الشرعيّ لحُرمة السِّحر، غير القادر على تغيير حقائق الأقدار، أو  أيّ شيء في هذا الكون. وبدأ بربط الأحداث المتفاوتة زمانًا ومكاناً، بدأت فضاءات الرواية الزمانيّة عام 1947، لتنتهي في جزئها الأول بعام 2019.

فضحت رواية "الهجين" نتائج ممارسات السّحر  المتراكمة، وكان لخيال الكاتب دورًا بارزًا في رسم خُطاه في البناء الدراميّ لروايته. بأدق التفاصيل لوساوس النفس الأمارة بالسوء، التي تميل للانتقام، وعقد حلف مع الشيطان لإنزال الأذيّة والشرّ بالآخرين.

من خلال البحث في عوالم السّحر الظاهرة والخفيّة، المعلومة والمجهولة، ومنها على سبيل المثال التزاوج ما بين الإنس والجنّ، والحيل التي يلجأ لها المشعوذون للتلبيس على النّاس ممّن لديهم قناعات في هذه الاتجاهات.

كما فسّرت أحداث الرواية بعضًا من ميول النفس البشرية للسّحر، فالجهل، الحاجة، والانتقام البغيض بإفساد العلاقات الاجتماعية.

ومن خلال ذلك اتجهت الرواية لمعالجة القضية الفلسطينية، بتسليط الضوء على القضية من خلال شخصيات "ثريا" و"نوح"، وحياتهم البسيطة، التي اعتمدت على فلاحة الأرض، وكيف للاحتلال الصهيوني أن يدمر كل تلك البساطة والجمال والإرث بغاراته الغاشمة، وصور القتل والظلم واضحة جلية في بداية الأحداث.

وفي الجزء الثاني من رواية "أوزور"(ملحمة القرابين)، وتبيّن أن كلمة أوزور: هي اسم لخرافة عبرانية تعود لحقبة عام ١٨٠٠م؛ فأوزور كما هو في هو الجنيّ المخيف. وبتأمّل غلاف بلونيْها الأسود والأبيض، يبدو أنّه دلالة الغموض والسوداويّة، بنظرة حادّة من العينين الزرقاوين، دليل الانتقام.

الفضاء الزماني والمكاني لهذا الجزء من أوزور "ملحمة القرابين" كان ما بين ١٩٨٠_ ٢٠١٩،  فيما بين الأردن ولندن، ففي لندن كان مسرح الحدث وما بين القصر الكبير الذي تعيشه "ستيفاني"، والمكتبة، والكنيسة، والمقبرة رقم 57. أما الأحداث الخاصة في الأردن كان ميدانها "غرفة المصح"، ومكتب الدكتور حسام صافي.

وتبقى رواية "أوزور" جزءًا توثيقيًا من الحياة العربيّة الرّاهنة، والقضيّة الفلسطينيّة التي ما زالت هي القضيّة المركزية عربيًا وإسلاميًا، وتتمحور حولها قضايا الصّراع العربي الإسرائيلي على مدار سنوات طويلة، مما شغل المنطقة أجمع بمشاكل مُستجدّة أبعدت الاستقرار عن شعوب المنطقة عمومًا.

 

 

 

كتاب (غروب مشرق)

للأديبة الأردنية "ميسون الباز"

 

"غروب مشرق" الإصدار الأول والميلاد الأدبي البكر للأديبة الأردنية "ميسون الباز"، و هو نصوص أدبية تتلوّن طرائقها التصنيفيّة والقرائية: ما بين الومضة والخاطرة والشذرة القصيرة والقصيرة جدًا. وانزياحية العنوان تتجلّى بفتح فضاءات التأويل بمفارقات، تستدعي التساؤلات والمزيد منها؛ فحين تشرق الشمس وتغرب؛ توحي بدورة الحياة المتكاملة، أمّا اللّيل والنهار بالرغم من أنهما على طرِفيْ نقيض؛ فلا يُعرَف أحدهما إلا بالآخر .. فهما ثنائية الوجود المتتالية رغم اختلافها، ما بين النور والظلام، ما بين الأسود والأبيض. امتازت المجموعة بسهولة ورشاقة وبساطة الأسلوب، وأداء المفردات الذي سعى لإيصال المعنى المراد، بمعاني رسالية بقيمة الادب، وفعاليته العميقة في الحياة الاجتماعيّة الشعبيّة؛ لتفهمه الأمهات والجدات والشباب والأطفال، والبسطاء. هكذا عبّرت "ميسون الباز" عن كل ذلك بجملة من الومضات والخواطر التي تناغمت ببناء لغوي جميل ، وأفكار غاية في الدقة، بتصوير أنيق لتجارب حياتية كثيرة ؛ على محمل القيم الدينية والاجتماعية، والحِكَم والمواعظ المطروحة في منظومتنا الحياتية بقوالب أدبية، نتيجة تراكم الخبرات التي استمدتها الكاتبة من انخراطها بالعمل الثقافي والاجتماعي. وحسب الكاتبة، قالت: "ربما يكون هناك انتكاسات وكَبَوات وعَثَرات وخَيْبات لكن بالعزيمة والاصرار والإرادة نعود للنهوض من جديد". وهذا ديدن كل منجز أدبي عندما يكون المنجز الأول. "غروب مشرق" يعني الفرح بعد الحزن، والابتسامة بعد الدموع، والنجاح بعد الفشل، والتفاؤل بعد التشاؤم، والأمل بعد اليأس، إنها المتناقضات التي تعطي كثيرًا من معاني الجمال للحياة، وأملًا في العيش المتفاعل إيجابيًا.

أخيرًا مع هذا الاقتباس الجميل من الكتاب: "تمهل يا قطار العمر .. أعدنا الى الوراء قليلا، لالتقاط ما أضعنا في الطريق من أشياء, للبحث عمن فقدنا من أحبة، وتحقيق ما هرب من أمنيات وأحلام .. أعدنا الى طفولتنا؛ فقد أدركنا كم كان جميلا ذلك الوقت" .

 

 

 

المجموعة القصصية (بوابة المطر)

للأديب الفلسطيني (راكان حسين)

 

عن دار كل شيء ناشرون للنشر والتوزيع في حيفا صدر حديثا المجموعة القصصية الأولى للقاص راكان حسين بعنوان (بوابة المطر).
تقع المجموعة في ١٥٣ صفحة من القطع المتوسط. تضم بين ثناياها خمسة عشر نصا قصصيا متنوعا في الطرح والأفكار والأسلوب.
وتتنوع حكايات قصص المجموعة الخمسة عشر فتلخص تجربة الفلسطيني من بداية اللجوء بعد النكبة إلى رحلة المقاومة وصولا إلى تجربة اللجوء إلى أوروبا.

وقد اعتمد القاص فيها الأسلوب المباشر في بعض قصصه وغير المباشر في البعض الآخر.

ومن ضمن المواضيع التي حاول القاص الإضاءة عليها قضايا الانتماء والغربة وواقع المخيمات والتجمعات الفلسطينية. إضافة الى جوانب هامة من الحرب في سوريا وآثارها المباشرة و التي أصابت عائلته وبلدته.
ومن أبرز النصوص المتناولة (شتاتلوس) والتي يتطرق فيها القاص لقضية تصنيف اللاجئ الفلسطيني عند لجوئه في أوربا.
ونص (الخبيئة) التي أعاد فيها القاص الاعتبار لكنعانية الزمن الفلسطيني وارتباطه بالأرض فتحدث عن الكحل والسحر الكنعاني.
والجدير ذكره أن القاص راكان حسين من لاجئي قرية مغار حزور قضاء طبريا في فلسطين المحتلة وقد لجأ ذويه بعد النكبة الفلسطينية عام 1948 الى منطقة خراب نجيل في الجولان السوري المحتل ومن ثم إلى مخيم درعا فتجمُّع المزيريب.

 

 

 

 

 

الأديب محمد زعل السلوم

أيقونة سورية

(13) مجموعة شعرية ورواية خلال شهر

 

عندما كلفني صديقي الشاعر والروائي محمد زعل السلوم بأعماله الشعرية وروايته "مشرد البوسفور" كنت أعتقد بأنه سيطبع عمل واحد لكنه فاجأني بمخزونه المعرفي، وقراره الجريء بطباعة معظم أعماله الشعرية التي لم يكن  ليتسنى له طباعتها من قبل بل بقيت طي الأدراج، وبالفعل عملنا معاً ولساعات طويلة على إعادة تنسيق ومراجعة الأعمال، وقد أحسن إذ فطن لأهمية الاحتفاظ بما كان يكتب؛ فقام بجمعها من جديد بملفات إلكترونية، وذلك منذ كتاباته النثرية الأولى عام 2003 في عمليْه الشعريين "ألفية بغداد" وألفية الجنون" ثم "النبش والهذيان"، وكان له مجموعة شعرية ضائعة كتبها عام "2004"، ولم يطبعها في حينه. طبع ديوانه "الريم والحب" الذي كتبه عام 2005 ليصبح عند الطباعة تحت اسم "أوبوا" عام 2014 لدار بعل بدمشق.

لكن مغامرته الكبرى بطباعة خلال أقل من شهر نهاية عام 2020-2021 من أعماله التي لم يطبعها من قبل مثل "ألفية بغداد"، و"هافامال" و"إكليل الغرباء"، و"هانا واساكو"، و"تغريدات الليل والوجد" و"الخوارج على الحب" ورائعته "نثريات حالمة" وغيرها إنما تعبر عن كل مرحلة وتاريخ حل على سورية ومحيطها منذ عام 2003 إلى عام 2021.

كانت القصيدة النثرية الزمنية عند الشاعر محمد زعل السلوم قد عبرت ليس عن حالة زمنية فحسب بل ما هو متوقع، وما سيحل فيما بعد، تلونت قصائده بين الأبيض والوردي والرمادي والأسود.

وكافة كتاباته عبرت عن غيرة على وطن ضائع وشعوب ضائعة وأنظمة تتساقط وتتهاوى فتتساقط وتتهاوى. وهو ما يميز كتاباته في عمقها وسرياليتها وتركيبيتها وانزياحاتها؛ فتارة تتحول لأمواج عاتية وغضب طبيعة أو ثورة كما في هانماي الياسمين حين يقوم بتوأمة كوارث اليابان عام 2011 وكارثة سورية.

ربما يدخل أدبه أحياناً فيما يمكننا تسميته أدب الكوارث العربية عموماً والسورية خصوصاً.

فمنذ سقوط بغداد وغزوها عام 2033 وهو يرى "أبوابنا الرثة" ومأساة "الكرسي" العربي وفضيحة الدكتاتوريات بأنها مجرد أوراق مهترئة مر عليها غبار الزمن وباتت بلا قيمة ولا هدف ولا حتى مشروع فهي مهترئة منذ سقوط القومية العربية وتحرير الجولان وفلسطين، ونهاية المدارس القومية العربية الثلاث المتطرفة من بعثية وصدامية وقبلهما وخلالهما الناصرية، لتغيب عواصم الفكر والقرار العربي شيئاً فشيئاً من القاهرة فبغداد ودمشق.

هذه المآسي فسرها شاعرنا محمد زعل السلوم بنهاية الصدامية وبوابة العرب الشرقية منذ عام 2003 ورغم محاولته عبر كولاجه اللغوي في ألفية الجنون بأنه قبيل غزو بغداد. هل يمكن لصوت الانسانية أن ينتصر. بالطبع مثل هذين العملين إضافة للنبش والهذيان منع اتحاد الكتاب العرب نشرهم بحجة اللغة في حين سمح بطباعة "الحب والتكوين" و"أوبوا" وتلك الرقابة اللعينة التي تعيشها أقطار العرب. لكن شاعرنا وجد الفرصة أخيرا لولادة أعماله الممنوعة وغيرها دفعة واحدة وعبر دار "شرفات" في تركية وصولاً لديوان "مادالا-أيتام محمد" في رمزية اللاجئين السوريين فيما بعد الكارثة السورية. في الحقيقة يصعب علي الحديث عن 13 ديوان شعر، ورواية ذاتوية قصيرة رائعة هي "مشرد البوسفور".

في هذه العجالة لمقال مختصر. كان الشاعر عاشقاً على الدوام للمرأة وكان للمرأة وجودها فتارة هي "هانامي الياسمين" وتارة هي الأمل عبر "هانا واساكو" وتارة هي دمشق في "وتبقى دمشق" وتارة هي أسطورة الحكمة الاسكندنافية "هافامال" وتارة الغزالة والاستثنائية والوطن. فموضوع المرأة في قصيدته ونثريته وصلت لقمتها في "الخوارج على الحب" حين قرر التصوف عن الحب والتمرد عليه إلى ما لانهاية. لكنه يعود للحب مرغما في نثريته الجميلة "تغريدات الليل والوجد" ويصبح لون قصيدته حمراء دموية في "إكليل الغرباء وكأنه الماتادور في مصارعته مع ثيران الحياة وربما هذا الثور هو الحب. تعددت مواضيع محمد زعل السلوم في طروحاته ورغم تنوع موضوعاته وزمنيتها إلا أنها تناسب مختلف التواريخ بلا منازع, فكينونة الروح الانسانية رغم بساطة كلماته وعبثيتها وإصراره على لغة الحياة اليومية، إلا أنه يوصل رسالته في النهاية، ففي ديوانه "عُرمة قمح" يعبر أو بالأحرى يتبنّى فلسفة أوشو فعندما تقرأ قصيدته في الصباح ستجدها مختلفة في المساء وفي اليوم التالي والذي يليه، وكأنك تقرأها في كل مرة بطريقة مختلفة حسب شعورك من فرح أو حزن ومن وجع أو نشوة وهنا تكمن مهنية الشاعر الخام المختلف والمميز، العميق والمعبر وهذه حالة نادر في الشعر لا تشبه إلا كاتبها.

 

 

 

 

 

 

 

 

رواية (سرى كانيه - الحب والحرب)

للروائي السوري عبد المجيد محمد خلف

 للمأساة لسان روائي ليحكي المأساة السورية. والعنوان يتألف من جزأين "سرى كانيه" وهي عبارة عن منطقة رأس العين في شمال شرق سوريا من محافظة الحسكة، و"سرى كانيه" هو الاسم الكردي لمدينة رأس العين) والجزء الثاني سيرة الحب والحرب.. بالمعنى الإنساني بأبعاده الواقعية. والحب= حياة. والحرب= موت. وما بين الحب والحرب مسافة تعد بالأنفاس، كذلك بين الحياة والموت مساحة عظيمة تستحق ان تأتي روائيا على لسان الأبطال. كما وثقته رواية "سرى كانيه. حب وحرب".

وللرحيل أوجه متعددة، وأكثرها بؤساً هو أن تدير ظهرك لمنزلك، وتشعر بأنك تغادره إلى غير عودة، بينما تبقى الأشجار متجذّرة في ذلك المكان، الذي حملت فيه حقيبة سفرك، وانطلقت تجوب الدروب كلها بحثاً عن مسكن ما يأويك، بعدما انقطعت مياهك عن منزلك، لتبقى الغصّة في القلب، ترفض أن تخرج، ما دامت طرق العودة قد أغلقت منافذها، لتفتح المخيمات فمها لكل وافد جديد، نازح قُدَّ قلبه من ألم، يحاول أن يلملم تفاصيل المشهد الأخير للوداع عبثاً، ضاعت مدينته (سرى كانيه)، ربما يقول بينها وبين نفسه، ولكن بعد رأى التصميم الذي في عيني حبيبته، أعلن ولادة المدينة مرة أخرى.

(سرى كانيه - الحبّ والحرب)، رواية المأساة التي كانت، وما زالت تحفر في أوردة أناسها ذكراها عميقاً، لتظهر ملامح تلك الذكرى على وجوههم، وفي عيونهم، ليمضوا حاملين بنادقهم، وبعضاً من بقايا أمل يتسلّحون به من أجل العودة إلى الأرض التي شربوا من مياهها، وقضوا فيها أجمل أيام حياتهم، ويرفضوا حياة الذل في المخيمات..

عاشق وعد حبيبته بالخلاص، وحبيبة تدفع في جبهات القتال عمرها، وأب يرفض مغادرة المدينة حتى اللحظة الخيرة، وما بينهم جميعاً، آلة حرب لا تهدأ أبداً، وتصرّ على أن تحصد أرواح البشر من دون رحمة، لتكتب تاريخ المدينة بالدم، بعد أن ظنّ البشر بأن الحبل السريّ للدمار قد ولّى بعد نهاية الحروب الدموية في الحياة.

 

 

فوز رواية بجائزة ناجي نعمان لعام 2021
)
وكان اسمها سوريا)

 للروائية (ماجدولين الرفاعي).سوريا

 

حققت رواية الكاتبة السورية ماجدولين الرفاعي "وكان اسمها سوريا" بترجمتها الإنكليزية(IT WAS ONCE CALLED SYRIA) الفوز بجائزة ناجي نعمان الأدبية للعام 2021، بعد عشر سنوات من حصولها على ذات الجائزة عن مجموعتها القصصية(قبلات على الجانب الآخر).

رواية وكان اسمها "سوريا" والمترجمة إلى الإنكليزية والفرنسية، تتناول الحرب السورية بكافة منعطفاتها ووجعها، المعتقلات، اللجوء، التشرد، قطع الكهرباء والماء، وجميع سبل الحياة الاخرى.
تدور الأحداث أولًا في سوريا، من خلال قصة حب تعيشها البطلة "روان" مع حبيبها "كمال"، ثم تنتقل الأحداث إلى دول أخرى، ضمن سلسلة من النكسات والخيبات، حيث تنتهي الرواية دون ان تنتهي الحرب.
وعن سبب ترجمتها إلى عدّة لغات تقول المؤلّفة: "بأنّها تريد للعالم أن يفهم، ويدرك ما حصل للشعب السوري الذي يعشق الحياة ويحبها" .
وقد سجل عدد المرشحين المتقدمين لنيل جوائز "ناجي نعمان" الأدبية رقما قياسيا جديدا هذا العام، قد يكون بسبب حجر فيروس كورونا ، إذ بلغ 3217مشتركا ومشتركة، جاؤوا من إحدى وثمانين دولة، وكتبوا في ستين لغة ولهجة، منها العربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والصربية، والفارسية.

 

 

 

 

 

 

كتاب (أرواح عابرة)

للأديبة إيمان صالح العمري. الأردن

 

عابرة سبيل... عابرة دروب الأدب على متن بساط الأرواح بنورانياتها العجيبة، التي تُضفي الجمال والبهاء على الحياة وعلى الكون أجمع بكلّ ما فيه.

"إيمان العمري" تستشعرُ قيمة الحرف برقّة شفيفة، وبمتابعة تجلياتها، لا بدّ من التوقف في رحاب فكرها الهادف، لتسبين للقارئ دروب ومنعطفات كتابها "أرواح عابرة" الصادر حديثًا: (أنـا لسـتُ إلَّا عـابرة سبيل تقتـاتُ علـى عـطـر الحـرف، وبلاغـة رزق المعـاني، أصحو على دهشـة غـيـابي في حضـوري إذ يرتـديني الكـلام، وأغفو على عظيم معاني الله في حضرة ما صنع الله!.

أسْتَلُّ رنين الصوت من صدى الوجود ما أشدَّ فصاحة هذا النهار ، وما أبلغ حضـورك للتوقيع! ولأنّي أكتبُ الآن سيهطل الحبر على كفِّ غيمـة؛ لأزرع بـيـن أعينــكـم صـباحًا أنيقًـا يلـيـق بـحضـوركـم.. صـباح الشَّـمس التـي صـنعت مِـرْوَدًا مـن كُـحْـلَـة الـغـيـم، فتوضَّـأْنا بالمسـك المُعتَّق.. وهكذا رأينا الحياة!).

 

الكتاب هو مجموعـة أدبيـة نثرية  تتميز بشحنتها الإيمانية الرقيقة، وتأملات تستوقف القارئ الحصيف بتشكيلاتها الفلسفية ذات الأبعاد الروحية والحياتية العميقة؛ لتستوقف العابر للتأمُّل والتفيّؤ بوارف ظلالها؛ فتستثير مكامن النفس والعقل بتساؤلات ووقفات لا بد منها في الحياة.

وفي وصف كتاب "أرواح عابرة" يتوزع ما بين الشـعر الموزون والنثري، والخواطر والمقالات النقدية، هو حشد أدبي متنوع المناهل والمشارب برؤى عابقة بنورانيّاتها بمزاوجة حاذقة مع الواقع، وانتخاب منه الأصلح والأسمى، برسم معالم السمو والحب والإخاء الإنساني، على محمل فكر إصلاحي يروم الخير، ويتّسم بالمسحة الإنسانية بشموليتها، التي عبرت عنها الكاتبة بوسائلها اعتبارا من الومضة أو القصيدة أو الخاطرة.

وفي التوقف أمام العنوان (أرواح عابرة)، لاستدراك بعض من رؤاه المشيرة إلى العبور، والعبور من حالة إلى حالة، ومن عالم إلى آخر، تفنى الأجساد وتبقى الأرواح في السموات العلا.

وفي تتبع بعضًا من عنوانات النصوص داخل الكتاب، نتوقف أمام دلالات العنوان الرئيس: (عابرة سبيل، سكون الجواب، تضادَّات الروح، خطيئة الحضور، فجيعة النهاية، وجه الضنى، شهيق الروح، سقف العبارة، رائحة التراب، نقطة الموت، أهوال الطين، ضجة القبر، رماد المعنى)، وإذا كانت العناوين عتبات للكتب والنصوص، بتتبعها تتبيّن مقصديّة النصوص، ومن ورائها يقف كاتبها.

وقد حمل الغلاف الأخير للكتاب، هذه العبارات المؤثرة بتركيزها عالي المستوى، بذوق أدبي يكشف عن نفس أدبية ذوّاقة تتمتع بها الأديبة "إيمان العمري".

(يا قبل القبل... وبعد البعد، وما بينهما من شهقة النبض، وبوح الكلام: إني لفحت من نار البوح، وبرد الغرام، حسرتُ وجهي عن رهان العمر عن زماني عن مكاني؛ لأموت وحدي في ظلال جمر حرفي في شرح مكانك. اِسّاقَط دمع الخوف رطبا جنيا يتيقظ السعف لهزة الحنين في آخر سحر الموج سحر الليل... الحياة.. سحر النهار تصحو في آخر العمر مضى القطار).

 

 

 

مجموعة قصصية "يوميات نانا"

للأطفال

للأديب والفنان "عماد المقداد"

 

فقد صدر للفنان والأديب "عماد المقداد" أول مجموعة شعرية موزونة له بعنوان (نغيمات الرحيل) قبل عامين، وقبل  فترة صدر له كتاب قام بجمعه والإشراف عليه، وهو عبارة عن كتابات نقدية متخصصة بلوحاته. بعنوان ( دراسات وقراءات ) .كما صدر له مؤخرا كتاب (الفنان الصغير ) لتعليم الرسم دليل المعلم والطالب .

وأخيرًا صدرت خلال الفترة الماضية (سلسلة يوميات نانا للصغار) خاصة بأدب الطفل، للفنان التشكيلي عماد عبدالله المقداد، وهي عبارة عن مجموعة قصصية تستهدف الأطفال من سن ( 4 -11 سنة )  يمكن وصفها بأنها: مكونة من عدد ((6 قصص مقاس A4 كل قصة ١٦ صفحة)) مختلفة المضمون، وتدور محاورها جميعًا حول قضايا السلوكيّات الحميدة، كالرحمة والتعاون وطاعة الوالدين والطموح وغيرها.

صيغت بأسلوب شعري سلس جاذب للقارئ سواءً الطفل أو المربي، وفي آخرها صفحة للحوار التفاعلي حول مضمون القصة، وتذهب أيضًا إلى قضايا الترفيه المتنوعة، التي تتمحور حول نفس القصة من توصيل الصورة بالكلمة، وحل المتاهة والفروقات العشر لتنمية قدرات الطفل بالملاحظة ورسم الأشكال والتلوين وغيرها.

الأديب والفنان التشكيلي عماد المقداد والذي أمضى حياته في رسم الجداريات التعليميّة للأطفال طيلة ٣٠ عاما، ورسم من خلالها العديد من المناهج التعليمية في عدد من الدول العربية في الفصول الدراسية، وتفاعل عن كثب مع الطفل؛ مما أهله للقيام بهذا العمل؛ وهو العارف  باحتياجاته المعرفية والسلوكيّة والترفيهيّة، وشغفهم بالرُّسومات الكرتونيَّة.

كلّ هذا نفذهُ، وقدّمه من خلال ابتكاره لشخصيّة "نانا" الكرتونيّة، وهي بطلة القصّة؛ تُعالج الأحداث، والمواقف بشخصيتها المحبوبة، وفق النظم المثالية للتربية. كما أنه في العام 2021 فاز بالمركز الأول في مسابقة منتدى الجياد في أدب الطفل.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ديوان "عشتار وجراح الأندلس"

للشاعر "محمد نصيف" . العراق

 

صدر حديثًا في عمّان/ الأردن. ديوان "عشتار وجراح الأندلس" للشاعر العراقي "محمد نصيف". الفائز بجائزة (سعيد فياض للإبداع الشعري) لعام ٢٠١٩/م.

 وكأنّ الشاعر مهجوس بتاريخ بعيد ألقى بظلاله على الحاضر، وتبيّن ذلك من دلالة عنوان مجموعته "عشتار وسقوط الأندلس"،  وما بين سقوط بغداد الأول (١٢٥٨/م)، وسقوط الأندلس (١٤٩٢/م). مسافة هبوط حضاري تحت سنابك الغزاة، وكأنّ صخب التاريخ، وعبق الحضارة تسرّبا من بين يدي عشتار؛ وُصولًا لسقوط بغداد الثاني (٢٠٠٣/م). وحلّ الخراب في بلاد الحب والسلام، ليتمدد ويعمّ ديار العروبة والسلام، وعشتار هي رمز الحب والجمال، الحرب والتضحية عند حضارات منطقة بلاد الرافدين ونواحيها. وفي هذا المنحى يخبرنا الشاعر محمد نصيف: (وإذا كانت عشتار البابلية رمـزت إلى إعادة الحياة للأرض بعد جدبها؛ فإن «عشتاري» أومأت إلى إعادة الحب لهذه الأرض).

وفي فلسفة القصائد قال الشاعر: («عشتار» التي اقترن حضورها بالحب والجمال والخصب كانت مُلهِمَتي، ولأنّها المرأة والحبيبة والأم والوطن؛ كتبتُ لها أعذب الأوزان وأحلـى القـوافي وأرق الكلمات وأعمق المعاني).

وحسب التواريخ المثبّتة في نهاية كل قصيدة؛ فقد تبيّن أنها كتبت على فترات زمنية متباعدة.

ومن خلال متابعة القراءة للديوان؛ ظهرت المزاوجة والممازجة ما بين الوجدان والفكر، المختمر بخبرات مكتنزة في دواخل الشاعر، اكتسبها على مدار سنوات؛ فشكّل تجربته الشعرية على مَهَل منذ بداية تفتح وعيه الأدبي، وفي هذا الصدد يقول: (آمنتُ بأن الحبر يمتلك قوّة الرصاصة، وأن الكلمة سلاح آخر في الدفاع عن الوطن). قصائد الديوان استوعبت أفراح، وأحزان، وهواجس، وخيالات، وطموحات، كلّ ذلك توشّح برومانسية شفيفة بذرت الحب في القلوب؛ فكانت بلسمًا لإنعاش الأرواح، واستفزاز الخيالات، والتحريض على الجمال، وإشعال شمعة وسط هذا الظلام لتنير الدروب، لتجديد الأمل في النفوس بضوء هناك في آخر النفق.

  وجميع قصائد الديوان عبّرت عم تصوير حيّ ومباشر لحياة الشاعر، وبموازاة ذلك أجّج الوضع الذي ساد الساحتين السياسية والأدبيـة جـذوة مخيلته؛ فكتبـتُ مـن وحـي تجربتـه عـن الذات والوطن والأمل بالقادم. الجدير بالذكر أن هذا الديوان هو الرابع المطبوع ورقيا للشاعر "محمد نصيف"، والأول (الأزهار تموت في آذار) و(على أجنحة الجراح) و(العراق.. مروءة وسيف - قيد الطبع).

وعنوان الديوان الرّئيس مُستمَدٌّ من عنوان فرعي لنصّ قصيدة، فقد حملها وحملته، نصٌ جبّار طغى بقوّته على باقي القصائد الجديرة بالتأمّل والقراءة، لما تُمثّل من حالة زمانية ومكانية حملت دلالات شاهدة على العصر.

 

 

 

 

 

 

 

(عابر أحلام)مجموعة قصصية

للأديب (سامر المعاني). الأردن

 

صدر حديثا مجموعة قصصية بعنوان (عابر أحلام) للأديب والقاص (سامر المعاني)، احتوت على العديد من نصوص قصصية قصيرة. تستعرض نماذج مختلفة من القضايا الاجتماعية ببعض تناقضاتها، والمظاهر الحياتية المتنوعة، والمواقف الإنسانية، معتمداً على الالتزام  بأبرز معايير، ومتطلبات القصة القصيرة بالاختزال والتكثيف والإيجاز والمفارقة، ومستعيناً في العديد من النصوص بتوظيف الرمزية والكوميديا الهادفة.

والعنوان (عابر أحلام)، فعابر الأحلام يُحلق في فضاءات الحياة، وتطورات الزمن الهارب من حمأة الواقع، والأحلام ربما تكون أضغاثًا - رؤيا من الشيطان- وهي أضغاث أحلام: وحاصلها أنها ليست رؤيا صالحة فيها تبشير أو تحذير وليست أيضاً من مكر الشيطان، ووسوسته؛ فيكون معها تحزين وتكدير.

والرؤيا التي تكون من حديث النفس لا تأويل لها سواء سَرَّت صاحبها أو أحزنته. ورغم أنه عابر مستعجل الوصول إلى هدفه، لا يتوقف عند التفاصيل الدقيقة. لكن "سامر المعاني" في تأطير رُؤاه الفكرية على محامل القصِّ؛ فأبدع في رسم الصورة بتشكيلاتها المجملة والمفردة، للفت الانتباه للزوايا المعتمة، وإضاءتها بدرايته الأدبية، مرة بالتصريح وأخرى بالتلميح، لإيصال رسالته بيسر وسهولة.

وفي العادة فإن العابر متعجل، لكن المفارقة أن هذا العابر انتبه للمكان باعتباره ميدانًا وفضاء للنصوص، وجعل منه حيزاً بارزاً ضمن المجموعة القصصية(عابر أحلام) فاختار عنوان (بوابة العقبة) بدلالته، حيث يقول: "هي العقبة آخر أسوار الفرح المسكون فينا، مكنز أسرار الأردنيين الذين يجدون بها ياسمينة الدار وشرفة الوطن المطلة على الجمال، يعشقون لونها وبحرها وحضنها الدافئ".

 أما دلالات عناوين النصوص واضحة فيما هي ذاهبة إليه: (1) على لسان كاتب، زمن الكورونا (2) قلب أسود(3) الهاتف مغلق (4) اللقاء بعد الأخير(5) أغاني المطر و(6) رسائل حب. وكذلك باقي عناوين المجموعة.

وللأديب المعاني العديد من الاصدارات السابقة في القصة (ستائر المساء - عابر أحلام)، وفي مجال الشذرة كتاب (رُؤى الحروف - أحلام الكرى -أصداء السُّكون - لا مساس للحزن)، وفي النقد الأدبي- (منارات عربية) إصدار إلكترونيّ.

 

 

 

 

 

بطاقة تعريفية بكتاب "هو الذي يرى" للأديب والفوتوغرافيكي "محمد الصمادي"

 

صدر حديثا كتاب "هو الذي يرى" للأديب "محمد علي فالح الصمادي". فكما هو معروف فإن العمـل الإبداعـي يستوعب، مـا كتبـه الآخـرون كالتناصّ والاقتباس، وربمـا توظيف إبداعـات أخـرى فـي إعادة تدوير لإنتاج نص جديد، بنكهة جماعية كما حدث في كتاب "هو الذي يرى".

وللمُتتبّع لمسيرة الأديب والقاص "محمد الصّمادي" يلحظ بشكلٍ جَلِيٍّ موهبته الأدبيّة من خلال نصوصه القصصيّة، وبالانتقال  إلى الجانب الإبداعيّ الآخر عند "محمد الصّمادي"، جانب الفنّان فلا أدلّ على ذلك، إلّا كالماء المنبثق من بين صخور (عجلون) الصمّاء؛ ليُشكلّ حالة فريدة في مجال الفنّ (الفوتوغرافي)، وهو يجوب بكاميراته كافّة الأصعدة الثقافيّة توثيقًا، ليصبح المرجع الأوّل على السّاحة؛ لمتابعته الحثيثة لكافّة النّشاطات الكثيرة في إربد وعجلون على الأخصّ، وكلّل هذا الجهد إعلاميّا من خلال موقعه الأدبيّ (مجلّة ألوان للثقافة والفنون)؛ لاستيعاب هذا الجوّ المليء الأفكار، ويتّخذ منه نافذة للإطلال منها على السّاحة الثقافيّة العربيّة والعالميّة، وإيصال صوت مجتمعه إلى العالم الخارجيّ.

التّشكيل البصريّ، وتجسيم الصّورة للقطة مسروقة من عالم مضى، وأصبح في دوائر النّسيان، فإنّها تُعيده من جديد طازجًا بنكهة الماضي.

"إنّه هو يرى" هذا الكتاب الذي احتوى على مجمل من عاينوا قراءة وكتابة لتجربة "محمد الصّمادي"، وبمكافأته وردّ الجميل بالجميل وذلك بتوثيقهم لمسيرته، وجاءت على شكل مقالات نقدية ونصوص برؤى أدبية، أو شهادات إبداعية، كلها فصلت وأضاءت دروب تجربة "محمد الصمادي" ومسيرته المضخة بالعطاء، كما أنه أرشيف ضخم امتدّ بتغطيته لسنوات عديدة، استهلكت حياته ووقته وجهده بلا كلل ولا مللٍ، عن طيب نفس وخاطر ورضا داخليّ.

وبوصفه لكتابه، يقول الأديب الصمادي: "غمرني شعور أني في وطن الاستثناءات، حتى لسألت نفسي كثيرا: أأنا فعلا هنا؟ أم أني غيري على بوابات الفرح تلك.. مفاتحهـا كـل حـرف وكلمة وهمسة وصورة وذكرى قدّمتموها لي أعزائي، غرستموها فَسائِلَ أمل، وكبرت الأفكار والأبجديات والصـور مـعـكـم وزهـوتُ أنـا.. حتـى مـا وسعتني أرض ولا سماء".ص5

ويقول أيضًا: "عندما سأل المراسل الحربي في جبهة القتال الجندي: كيف تدافع عن وطنك؟ أطلق عليه الرصاص!.

السؤال الصعب هنا: كيف ألتقط الصـور.. ومن أية زاوية؟ كيف نختار اللحظة؟ متى ترضى عـن صـورتك؟.

أسئلة كثيرة لا أجد أية إجابات لأي منها.. عندما يكون هناك نشاط ثقافي أجدني أبحث عن مكان أقتنص فيه صورة تعبر عن حالة الشخص.. أتجول دون إرادة في وجوه الجمهور، وكثيـرًا مـا أعتبرني خرجت من المعركة أو الحادثة مُنتشيًا.. فرحًا.. حائرًا.. ناقمًا.. وراضيًا.". ص7.

وللأديب محمد الصمادي العديد من الإصدارات، وهي:

-الحب للجميع والدعوة عامة. بانوراما/١٩٩٣.

-شذرات وقطوف. نثر/١٩٩٤.

-الأرض الأولى. بانوراما/١٩٩٦.

-يوميات ميت على هامش الحياة. نثر /٢٠١٣.

-حنين وسبع أخريات. قصص/٢٠١٤.

 

 

 

 

بطاقة تعريفية بالمجموعة القصصية

(حبوب زرقاء) للأديب الأردني (نصر أيوب)

 

صدرت حديثًا مجموعة قصصية (حبوب زرقاء) للأديب (نصر أيوب) وهي تجربته الأولى في القصّ، تحتوي على ثمانية عشرة نصًا.

والنص الأول (حبوب زرقاء) هو الذي استحوذ بوهجه الدلاليّ المُشاكس تباهيًا على باقي النصوص، فكان أن تربّع ليكون عنوانَ المجموعة الرّئيس.

وهو أطولها ذهابًا في متاهات السرد القصصي، وقد سلط أضواءه على  بعض القضايا الريفيّة، وما فيها من فقر وتناقضات ما بين السلبيّة والإيجابيّة، وفي هذا يُمكننا تصنيفه ضمن دائرة الأدب الاجتماعيّ. وأمّا القصص الأخرى؛ فكانت ما بين قصيرة وقصيرة جدًّا.

قدّمت الأديبة السوريّة "نجاح ابراهيم" قراءتها النقديّة التحليليّة؛ فأكّدت فيها على تجربة الكاتب الحياتيّة، وأثرها الواضح من خلال قصصه.

جاءت كثير من نصوص المجموعة بثوب الكاتب نفسه، حيث كان بطلها، وهذا بحدّ ذاته من ملامح ذكرياته على سبيل المثال، أو جزء من سيرته الذاتية، والأدب القصصي يحتمل مثل هذه التجارب الشخصية، أو ربما كان البطل من أفراد أسرته أو أصدقائه الذين على دراية بهم، ويعرف عنهم الشيء الكثير، الأمر الذي يقود إلى التسليم بواقعيّة أغلب القصص الواردة في الكتاب.

والواقعية خط أدبي له منهج واضح، استنهضه الكتاب والأدباء في آدابهم المختلفة، وإضافة ملاءة خيالاتهم عليه، ليكون في دروب الحداثة كمادّة أدبية معتبرة.

نصوص المجموعة القصصيّة سلّطت الضوء على الواقع، بخطوطهِ وألوانهِ، وأفراحهِ وأحزانهِ، بياضه وسواده، بارتفاعه وانحداره، بسموّه وتفاهته.

هذا الواقع مليء مُتخَم بمخزوناته، ومنها ما كان ناصعًا، وهو ما رَكّز عليه "نصر أيوب" بثياب مُزركَشةٍ بانفعالاتنا، ومُطرَّزةٍ بمشاعره، فكان لزامًا عليه أن يرتديها، ليكون من أبطال قصصه، التي عايشها أو تعايش معها، بكلّ ما فيها من مظاهر وتباينات ومشاعر، وانكسارات صنعها الإنسان وشهدها المكان، وسجَّلها الزمان على صفحات الورق، الذي لا زال يشتمُّ رائحته، وهو يستعرض شريطًا مُفعمًا  بالذكريات المرتبطة بشخوصها وزمانها ومكانها.

وقد صدر للأديب "نصر أيوب":

-ديوان شعـر "حكـم الـقـدر".

-"أرصـفـة الـغـيـاب" ومضـات الأدبيـة.

-"حبوب زرقاء" مجموعة قصصية.

 

 

انعكاس الحرب السورية

على نتاجات الأدباء السوريين خلال عشرة سنوات

إضاءة على المجموعة الشعرية "بين شروقها وغروبها"

للشاعر "طارق قطف"

مقدمة:

بداية لا يمكن عبورنا هذه المتاهة، وتجاوز قصّة الشاعر "علي بن الجهم" حينما وَفَد على الخليفة المُتوكّل، وأراد مدحه بقوله:

"أنتَ كالكلب في حفظكَ الوُدِّ//وكالتيْس في قِراع الخُطوب". وكان أن عرف الخليفة بحسن نواياه، فأمر بأن يأخذوه إلى الرُّصافة بغداد  الجديدة آنذاك- بعد مدة استدعاه، فأنشد الشاعر:

"عيونُ المهَا بين الرُّصافة والجسر// جَلبْنَ الهوى من حيثُ أدري ولا أدري".

تغيُّر البيئة بين الصحراء ومُعطياتها، وبين المدينة ودروبها وتشعُّباتها، انعكست على طريقة التفكير جُملةً وتفصيلًا؛ فكان الأداء مُختلفًا تمامًا.

بعدما تقدّم بهذا المدخل اللّطيف للموضوع؛ فإنّ الشّاعر "طارق قطف" الذي نحن في رحاب احتفاليّة منتدى الجياد بالتعاون مع مديريّة ثقافة إربد. نحتفي معهم به وبأشعاره نشدو بها كما أرادَ لها أن تكونَ وتتردّدَ على ألسنتنا، وهو واحد من الأدباء السُوريّين الذين أنتجوا أدبًا جديدًا بوسائله وأغراضه وأدواته، ولمن تتبّع الحالة بمجملها بِتَأنٍّ وبَصيرة؛ سيرى بما لا يدعُ للشكِّ مجالًا  في هذا المنحى، المُثقل بألفاظِ وتعابيرٍ مَهمومةٍ بآلامِ وجِراحِ وطنٍ مُثخَنٍ.

نَتاجٌ مسكونٌ بالخوف، مليءٌ بالقلق. البحثُ عن الذات هاجس السُوريّين عُمومًا، والأدباءُ أشدُّ ألمًا؛ لرؤيتهم المُرهفة ما بين مُتفائلٍ ومُتشائمٍ، ومن تَاهَ في زحمة الحدَث، وتلاشى، واختفى بلا أثرٍ يُقتَفى.

كما أنّ القارئ لن يجدَ صُعوبة تُذكر في تحديد مسار أيّ أديب سوريّ؛ إذا ما قرأَ شيئًا من نَتاجِه، ولو صفحةً واحدةً وبيُسرٍ وسُهولةٍ؛ فإنّه سيُحَدّد هُويّته إن كان مُعارضًا أو مُؤيّدًا. وعلى رأي المثل العربيّ القائل: "كلُّ إناءٍ بما فيه ينضَحُ"، و "المكتوب يُقرأ من عُنوانِه".

 

وقفة مع العنوان:

"بين شروقها وغروبها" فما بين شروقٍ وغروبٍ مساحةُ زمنٍ تُعدّ بالسّاعات، مؤكَّدٌ أنّ حركة الحياة تمشي مع عقارب السّاعة لا تتوقّف، وعبارة العنوان بصِياغتها كأنّها تشبيهٌ بليغٌ: الشروق للشمس هو ميلاد يوم جديد، وبِغُروبها ينسحبُ النّور أمام هجمة الظلام. حُذِفت كلمة الشمس، وبقيت إشارات وصفيّة تدلّ عليها.

وفي المجاز نذهب بتفكيرنا لفلسفة الموقف باتّجاه الوطن "سوريا"، بإشارات العنوان المؤشّرة نحو ضمير غائب، من الممكن استثماره تأويليًّا، للاستشهاد بإشاراتٍ تقاربيّة على عِقْد من الحرب والموت والدمار والتهجير واللّجوء، وهذا الوجه الآخر للعنوان المُتوافقِ مع موضوع هذه الإضاءة.

وقفات مع بعض من نصوص المجموعة:

بالرجوع إلى المجموعة "بين شروقها وغروبها" لاستجلاء بعض المعاني والأفكار التي شكّلت نصوصًا كشاهدة عيان، وتأريخًا سطّرته بأفكار شعريّة، تتحرّك بين كلماتها موسيقى: (الأنين.. الجراح.. الدمار.. الموت.. التهجير.. الخيمة.. المؤامرة)، الحزن والدموع والخوف والسواد الذي لفّ الحياة السورية من جنوبها إلى أقصى شمالها، ومن المتوسط غربًا حتّى دجلة والفرات شرقًا. روافد الدّموع الغزيرة نابت عن السنوات العشرة، فلم تدع لمُعدّلاتِ فيضان (العاصي وبردى واليرموك ودجلة والفرات وقُويْق) بالانخفاض، رغم سنوات القحط.

1- "الشارع منزل آخر// فلا تستغربي أني جلست في الشارع// جلست في العراء و الخلاء// في مخيم الزفت والشتات// مخيم الموت// كأيّ بيت للخلاء// وليلى والذئب والغايات // مخيم الموبقات و المهلكات". ص ١٦.

2- وفي نصٍّ آخر بعنوان (دوّن يا طفلي مأساتي): "سطر ينبوعك واتبعني// وأعطر من نفحك آياتي// غرد في روعي واملأني// أملًا يستقصي في ذاتي// واغرس يا حلمي: آمالي// يا أجمل أسمى غاياتي، اغْرس في نبضي صنبورا// أحداقك سعدي .. ملهاتي". ص٢٥.

 

 

3- (بنو وطني): "أيَقِضي بيننا عدل..؟// وتشهد لي بها شمسي// ويرحل عني ظلامي// وتُعتَقُ ساحة النفس// ويُطلَق قيد أحلامي". ص ٢٨.

4-                        (الشعب الجمهور): "المخرز// والدعشري والزعيم والعقيد// والواوي والسّاطور// الجربةُ والحربةُ والنّغلةُ// والصّايع والصانع والمانع والنّاهد السّاهر سوسو// وفيفي وشيخنا العَرعورُ// والطامع والبائع والتاجر والسالب الناهب// واللص والدخيل// والسارق المسيطر// والجاهل الدّاهل// والتاجر المتاجر التويجر// الآمرون والمتنمرون والمتأمّرون كثر// وشعبنا المقيد المأسور والمأمور// المارقون والخوارج// والناحرون أسرفوا// وشعينا المنحور// والمجرم السفّاح الناقم الواتر// وشعبنا الموتور// والعالم الكاذب المُتباكي// والمُتبرّع والمُتبرّعُ السّخيُّ والباذل المشكور// وشعبنا المسحور والشاكر المبهور". ص٣٠-٣١.

الخاتمة:

بهذا الإيجاز أبحرنا في لُجّة مجموعة الشاعر "طارق قطف" الشعرية. "بين شروقها وغروبها"، لعلّ فيه تدليلًا كافيًا على عنوان هذه الإضاءة بوضوح تامٍّ، وهذا جانب بسيط من جوانب المجموعة الشعريّة الكثيرة، والتي تحتاج للكثير من الإضاءات والكتابات النقديّة لتبيان جوانب أخرى.

 

 

 

بطاقة تعريفية برواية

"غزالة الكهف" للأديبة السورية "ريمة خطاب"

 

صدرت حديثاً "رواية غزالة الكهف" للأديبة "ريمة خطاب". الرواية بمفاهيمها العامّة ذات أبعاد اجتماعيّة؛ فسلّطت الضوء على قضايا المرأة بشكل عام، وما تلاقيه من إهمال وتهميش في مجتمع شرقي بملامحه الذكوريّة، التي لا تقبل بسهولة بمشاركة المرأة، وأن تكون الندّ للندّ، مع القبول من الطرفين بالفروقات الخَلقيّة، وهي سِمَة البشر جميعًا. وفي هذا المنحى تكون الرواية بكافة أبعادها ومآلاتها ذات أبعاد اجتماعيّة جديرة بتسليط الضوء على زواياها المعتمة والمسكوت عنه، بذلك تُصنّف في مسار الواقعيّة الاجتماعيّة، ضمن دائرة الأدب الاجتماعيّ.

 تناولت رواية "غزالة الكهف" موضوع التعتيم على المرأة، ومصادرة حقوقها، وحرمانها من التعليم في فترة الثمانينيّات خاصّة في بعض البيئات الريفيّة السوريّة، كانت النظرة لكثير من الآباء بعدم رؤيتهم لفائدة التعليم للبنات، حيث كان غير مسموح لها بمتابعة دراستها، والتغوّل كذلك على باقي شؤون حياة المرأة، ولم يكن  لها الحق في اختيار شريك حياتها، بل يُعدّ ذلك معيبًا، ومُخلّ بشرف العائلة، وفي هذا الإطار المُنغلق انطواءً على مفاهيمه المُتوارثة، وربّما تتقاطع مع أحكام وطبيعة الدين الإسلامي الحنيف، مما كرّي رؤية تجاه المرأة وقضاياها في التربية والتعليم والزواج وبناء الأسرة التي هي اللّبنة الأولى في بناء الفرد والمجتمع والأمّة.

كما أن الرواية سلَّطت الضوء على معاناة فئة مُعيَّنة من الناس، وهم الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث كانت ترزح تحت وطأة ظلم المجتمع الذي لا يملك ثقافة القبول، وينبذ هذه الفئة المهمشة، والمستضعفة، وينظر إليهم على أنهم عبء، وعالة على المجتمع، وطرحت بأسلوب أدبي مشوق مشاكل نفسية، وعقداً كانت نتيجة لتلك النظرة الخاطئة، وبيّنت كيف أنه برغم وجود عائق صحي لدى هؤلاء الأشخاص، إلّا أنهم قادرون على العطاء والإنجاز، وإثبات الذات، ووضع بصمة خاصّة بهم تقدم الفائدة للبشرية،  وتخلد ذكراهم عبر السنين الطويلة، وذلك عبر الإصرار على إثبات الذات المبنية على محمل الجد والطموح والمثابرة.

"غزالة الكهف" رواية مُستوحاة من الواقع المرير الذي عاشته، وعانت منه الكاتبة؛ فلخّصت بمئتين وثلاث عشرة صفحة مأساة جيل كامل من النساء السُوريّات اللّواتي تعرّضن للظلم والاضطهاد، والقمع.

وأبرزت بلونها الخاصّ ككاتبة قوّة وإصرار المرأة على التحدّي، والثبات،  ومواجهة أعتى الصِّعاب، وتجاوز المِحَنْ بعزيمة، وشجاعة لا حدود لها،  وكيف أنّ المرأة السُوريَّة استطاعت فرض وجودها في جميع المجالات في العمل، على جميع الأصعدة، الاقتصاديَّة، والسياسيَّة، والاجتماعيَّة.

رواية "غزالة الكهف" هي صرخة في وجه الظلم، والتخلف، والعنصرية، هي رسالة لكل مستضعف مُحاطٍ بالمحبطين، والظالمين ليثبت، ويقاوم،  ويعمل على تحقيق الذات، والآمال؛ فبالعمل الدؤوب، والأمل تُصنع المعجزات، وتُقهر الأهوال، وتُذلل الصّعاب، وُصولًا لقمم الأمجاد، كما فعلت البنت  "غزالة" بطلة رواية ( غزالة الكهف).

 

 

 

 

بطاقة تعريفية

بكتاب "للأشياء أسماء أخرى"

للأديبة روند كفارنة"

 

صدر حديثاً كتاب "للأشياء أسماء أخرى" للأديبة "روند كفارنة"، صفة هذا الكتاب أنه تعبير نثري أدبي ما بين الخواطر والقصة القصيرة.

حاولت الأديبة "روند الكفارنة" بذائقتها الأدبية أن تبني لنفسها مدينة صغيرة تتفيأ ظلالها، لتسطيع الجلوس فيها بحُريّة، وتستطيع التفكير بنا يروق لها، وأن ترسم شوارعها، ومن ثمّ تتمكن من قراءة نفوس سُكانها، لتخبرهم أيضًا: أن الأشياء ليست محصورة بتحجيم طموحاتها كامرأة. طموحها أن تكتب لتحيا وتتعايش مع واقع، تمزج بتآلف بين الألم ولذّة الكتابة، لتوائم بين دفق مشاعرها بعقلانيّة تتماهى مع  شخصيّات قصصها، هي تتجاوز الزمان والمكان ليندثر أثرهما في كثير من نصوصها، رغم أنهما عنصران أساسيّان لأي نصّ قصصي، وبذلك يكون النصّ مزيجًا ما بين القصّ والخاطر. كلّ ذلك جاء من لغة سهلة سلسة، تغوص في أعماق فكريّة، تتمحور حول المرأة ككيان اجتماعي يمثل ثنائية قطبي الحياة والوجود.

وبالتوقّف بداية لاستجلاء أمر العنوان "للأشياء أسماء أخرى"، لتلفت انتباه القارئ بأن لكلّ شيء اسم ظاهر، وهناك أيضًا اسم غير معلن، وهذا الأمر  يسوق إلى قضية التأويل والتفسير ما بين الظاهر والباطن، ولا يكون هذا الأمر إلّا في احتماليّة التأويل لأكثر من وجه، وهنا تذهب بالقارئ إلى الزاوية الأخرى غير المضاءة، وهي ما لم يتمكّن أي شخص من رؤيتها حتى يستطيع تفسيرها.

بالفعل أن للأشياء أسماء أخرى، وما الضير إذا استخدمت، وسُوّقت على محمل من التجديد الأدبي، وفي طرائق التعاطي الرشيق مع مفردات اللُّغة بتدويراتها اللا متناهية من توليدات للمعاني بالتقديم والتأخير.

وبتتبع العنوانات المفهرسة في آخر الكتاب، نتوقّف عند بعضها: (أحمر شفاه- امرأة على حدود حلم- حتى تحب- خبز الحب- ندم ويضع بتلات - اعتراف- أحلام مترفة)، وبنظرة أولية تتحدّد معالم هذه النصوص بدلالات العناوين هذه؛ لنذهب أنها نصوص اجتماعية، بأبعادها ذات التداخلات ما بين رجل وامرأة، وحب وكراهية، وعواطف وأشواق.

كما أن طائفة أخرى أخذت طابعًا أفصحت عن طبيعة زمكانيّة ما ربّما لم تُعرفا على وجه الخصوص، لكنّ دلالة العناوين المُضمَرة أشارت إليه: (شجرة الليمون-  حب في الثمانين قصة حقيقية- مجرد حقل ألغام- سفر- حاكم جلاد عودة الموتى- في مجمع السفريات- ذات مطر). وفي هذه العجالة تتبين طبيعة ما ذهبنا إليه في حقل الدلالات المضمرة للعناوين، وهو خلاف اعتراف الأديبة "روند كفارنة" بأنّها تجاوزت الزمان والمكان، ولكن نصوصها أبت عليها ذلك.

وفي طريق آخر نذهب لتذوُّق بعضًا من جماليّات نصوص الكتاب:

·            "هـي مـن تحملُ على عاتقها كلّ الذنـوب الـتي تفكـر بهـا النساء ليلًا، تتسللّ بخفّة تحت أرديتهن الخفيفة التي تكشـف أكثر مما تستر، وعـن جدائـل شـعرهن البكـر التي لم يمسـد عليهـا رجـل أحبها بجنـون".

·            "تخبرنـي: أنّ الرغبـة الـتي تغلفهـا النساء بضحكات مجنونة لا تأسرها، وأنّ القُبلة التي تتمنّى أن تكون بشغف لا تأتي بقطار الخـوف".

·            " إن انسكاب روحها في جسد رجـل آخـر هـي آخـر الأمنيات. كيف سأعود الى المدينـة، وأخبرهـنّ: أنّ المـرأة الـتي كُلفـتْ بقتلهـا، هـي مـن تحمـل المدينـة في إصبعين، وتنير الطريق لبقيةّ النساء".

·            " قبل أوّل فاصلة وضعت لغربة الروح، كان حينها البطل المنهك الذي خلقتُه في قصّتي يخبرُ نساءه: أنه لم يعد يرغب بجنسهنّ، وأنّ المرأة الوحيدة التي أحبها غدت من الماضي". ص٢١١.

·            "يسألني هذا الرجل الساكن في شراييني: كيف أعلم أنك تلك المنشودة؟.

أجبته: كما نحتاج التجارب لنتعلم، بعض الأحيان نحتاج كثيرا من الإعادة، أنا مثلاً لدي علاقة مفاتيح بها الكثير من المفاتيح، حين آتي مكتبي صباحاً، أجرّبُ المفاتيح كلّها كلّ مرةّ. حتّى أصل إلى المفتاح المنشود". ص١٩٩

والكتاب مليء بعبارات فخمة بنسجها القوي والمتين، والذي يتلاءم مع طبيعة جميع نصوصه. والقارئ المُتذوِّق لا يملُّ من تتبّع كافّة النُّصوص لاستجلاء جماليّاتها.

       

 

 

 

 

بطاقة تعريفية بالمجموعة القصصية

(الخروج من قبو الميتافيزيقا)

للقاصة المصرية (عبير نعيم)

 

صدرت حديثاً في القاهرة المجموعة القصصية "الخروج من قبو الميتافيزيقا" للقاصة "عبير نعيم". العقل البشري دائم البحث بقضايا الوجود، وتشغله كثيرًا قضايا الخَلقْ والنشأة والوجود، حتى يصبح هاجسًا حقيقيًا لا يهدأ أبدًا.

فالوجود لا بد له موجد بالضرورة، وموجد الوجود هو الإله الواحد الأحد، الذي لم تدركه طبيعة العقل البشريّ القاصرة، وكون الإله كفكرة غير مادية ملموسة لها حيّز أو ذات حجم، كان ذلك مُحفّزا للبحث الدائم عن طبيعة وكُنه الإله، الذي لم تُدرك إلّا آثار قدرته المحسوسة والملموسة، ومن هنا نشأت قضية الإيمان بالغيب.

ومع تنّوع طرائق التفكير في السعي الحثيث للبحث عن الإله، ونبيّ الله إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء، بداية آمن بظاهرة الشمس لمّا تفكّر وتأمل فيها، فقال: "هذا ربي"، وكذلك للقمر أفِل، جاء التفصيل القرآني;

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76الأنعام)

فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (الأنعام77)

فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (الأنعام78)

" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260/ البقرة)

القارئ لنصوص المجموعة لا بد أن تتكوّن لديه، فكرة مُحاكاة ما ورد في القرآن الكريم فيما ورد بخصوص سيدنا إبراهيم السلام، وقصة الخلق والبدء والنشأة.

 

 

العنوان:

معروف أنّ أيّ عنوان هو واجهة النص، وهو عتبة دخول مشروعه إلى رحاب النص، الغوص في بواطنه، وربما تأتي بعض العناوين المُحكمة، لتلخيص فكرة الكتاب ومآلاتها التأويليّة.

وبالتوقف أمام عنوان المجموعة "الخروج من قبو الميتافيزيقا"، وهو عنوان النص الأول في المجموعة حسب ترتيبه، وفيه وصف دقيق لعملية الولادة الأولى، ووصف دقيق للضيق والضنك الذي يُعانيه الجنين، من هنا تبتدئ رحلة الحياة، والبحث عن الإله.

وفي كلمة "قبو" يتبادر للذهن الظلام والضيق، والمغارة والكهف، وكلها تجور في فلك المعنى المراد.

وفي تبسيط لمفهوم كلمة "ميتافيزيقا"، التي أصبحت مصطلحًا دلاليًا على: "ما وراء الطبيعة أو الماورائيات أو الميتافيزيقا، هو فرع من الفلسفة يدرس جوهر الأشياء. يشمل ذلك أسئلة الوجود والصيرورة والكينونة والواقع. تشمل المواضيع التي تبحث ما وراء الطبيعة فيها كلا من الوجود، والأشياء وخواصها، والمكان والزمان، والسبب والنتيجة، والاحتمالية".

العنوان جاء على محمل أربع كلمات "الخروج"، و"من"، و" قبو"، و"الميتافيزيقا"، نخلُص إلى فكرة القلق والتمرّد الداخليّ إلى المألوف، والعودة إلى فكرة البداية، والبحث الدائم عمّا غاب عن العقل، واحتجب عنه، والإنسان بطبعه عدوّ ما يجهل.

 

في رحاب النصوص:

توصف المجموعة "الخروج من قبو الميتافيزيقا"، بأنها جاءت مُركّزة حول جدلية فكريّة قديمة متجددّة، ذات مفاهيم بعيدة، تحثّ على إعمال الفكر، وإشغال العقل بالبحث عن الذات، "من أنا؟"، "ولماذا خلقت؟"، و"كيف خُلقتُ؟".

"الخروج من قبو الميتافيزيقا"، و"أعمار الموتى"، و"جزء من اليقظة"، و"فوتوغرافيا"، و"رسالة من عصفور طليق"، و"كيف نصنع إله"* تنبيه لتصويب خطأ طباعي (إلهًا بدل إله) ، و"محنة عقيدة"، و"دماء على جدار المعبد"، و"مذكرات فأر"، و"الهروب عبر البعد الرابع".

 عشرة عناوين لعشرة نصوص قصصية هي محتوى مجموعة الأديبة "عبير نعيم"، أخذت مساحة سبعين صفحة فقط، مقارنة مع مجموعات مُشابهة كانت ضعف ذلك، ولكن هنا التركيز القوي، ليس بحاجة للمُطوّلات، بل أفسح المجال للسباحة في عوالم الفكر والتحليل والتأويل حول فكرة الإله الواحد المُتفرّد بالألوهيّة، الخالق والصّانع والرازق، الجدير بالعبادة.