السبت، 30 نوفمبر 2019

شهادة إبداعية - عن الروائي والقاص توفيق جاد

شهادة إبداعية - عن الروائي والقاص توفيق جاد
قدمت في حفل توقيع روايته (بنش مارك) في ملتقى إربد الثقافي بتاريخ ٢٠/١١/٢٠١٩

بقلم- الروائي محمد فتحي المقداد
ليس غريبًا أن تكون الموهبة قدَرًا، تبقى كامنةً كبصيص نارٍ تحت الرّماد زمانًا بانتظار فرصتها المُواتية بالظّهور علنًا جليّة كالشّمس في ضُحاها.
تتملّكني الحيرة عندما يُطلب منّي الكتابة عن صديق. خوفًا من عدم إيفائه تمام حقّه أو جزء منه. ولكن لابدّ من المجازفة.
المشهد يتّسع بمساحة الرؤية الواضحة أمام موهبة أدبية تأخّرت إلى جاءت في موعدها، وأن تصل مُتأخرًا خير من عدم المجيء، وصديقنا المُحتفى به (توفيق أحمد جاد)، لم يتركه اسمه نهبًا لأعنّة الرّياح تأخذه في اتّجاهات شتّى، بل منحه النصيب الأقوى والأسمى من اسمه بمعانيه، فهو مُوفّق، محمودُ الصّفات، جادٌّ باجتهاده ومثابرته اشتغالًا على نفسه.
جاءت تجربته الأولى(الصّرير) تتهادى على مسارات خطوط القصّة القصيرة النّابعة من واقع الحياة المُعاش، بأسلوبها المُبسّط المفهوم بيُسر وسهولة مُبتعدة عن التعقيدات المُرمّزة التي تحتاج لكثير من التأويل والتفسير.
وبعد اجتياز الدرجة الأولى من السُّلّم، لم يتوقف (توفيق جاد) عندها، بل ارتقى درجة أخرى، حاملًا معه روايته الأولى (الغداء الأخير) من وحي الشّتات الفلسطينيّ بتفصيلات وحوادث أصبحت في ذمّة التاريخ، لتنمو الرواية بحدثها السّرديّ مع الجيل الأوّل من أبناء المُهجّرين والنّازحين من ديارهم، من خلال تشابكات الحياة الاجتماعيّة في الأردنّ موطنهم الجديد.
ومزاوجة ما بين تعالقات ومُخرجات ما حدث للشعب الفلسطينيّ. بمقاربات واقعيّة أضفت مصداقيّة في سرد الحدث الروائيّ.
وتابع (توفيق جاد) مُخربشًا خواطره على جدار قلبه، وخلاصة مُصفّاة لتجربته الحياتيّة، جاءت على شكل خواطر ومقولات مُثقلة بحمولات الحكمة والنصيحةِ مُوحيةٍ بوعيه العميق، ودرايته في إدارة مفردات كتابه (خربشات).
ومن صميم عمله على مدار سنوات كمسّاح، ودراسته المساحيّة أيّام شبابه، انتبه لموضوع مهنته؛ لتكون نقطة مرجعيّة رافدة للمشهد الثقافيّ بأبعاده المُتعدّدة، بمنجزه الروائيّ الأنضج تحت عنوان (بنش مارك) وإن كنتُ تمنيّتُ عليه استبدال العنوان باسم عربيّ دالّ على الحدث السرديّ، مثلًا ليكون (حجر مسّاح) أو أي شيء آخر بلسان عربيٍّ مبين.
و(بنش مارك) هو مصطلح مساحيّ عبارة عن نقطة مركزيّة مرجعيّة للمسّاح يرجع إليه،  كلّما احتاج العمل في محيطها وجوارها. وألقى الضوء على معدّات المساحة وأدواتِها ومصطلحاتِها.
كما أجاد بنقل المكان وخصوصيّة من مدينة عمّان إلى صفحات مقروءة. الرواية اجتماعيّة  بمفردات أحداثها ما بين الطموحات والآمال، وما تحقّق منها، ومليئة بالوقائع والأحداث المُكتسية بزمانها ومكانها.
توفيق جاد لم يتوقّف عند حدود نفسه، بل انطلق إلى جواره من خلال العمل التطوّعي العامّ مع منتدى الجياد الثقافي أوّلا،  من ثمّ مع الجمعيّة العربيّة للفكر والثقافة في الرمثا.
من خلال هذين الصّرحيْن مدّ يده للمواهب الشّابّة، بمحاولة دفعها إلى ميدان الثقافة، وأهم إنجازاته كان كتاب (عتبات صغيرة) أشرف عليه طباعة، بعد ان عمل مسابقتان للهواة، وكان له شرف توثيق الحدث وإخراجه للجمهور بكتاب جميل.
تتبدّى لنا قفلة الرؤى كما الأرض، باختتام شهادتي هذه عن صديقٍ وفيٍّ مُثابرٍ مُحبٍّ.
رؤيتي بما عرفتُه، كما السماء الكاشفة لكلّ تفاصيل الجانبِ المضيءِ عند توفيق جاد، ولم تكن ملفّقة هذه المرّة كما شهدتُ سابقًا على العتمة، وهو الذي اهتممتُ به، بعيدًا عن الشخصنة والخصوصيّات.
تحياتي لكم أحبّتي على كرم المتابعة. دام فضلكم

إربد ٢٠١٩/١١/٢٠