السبت، 15 أغسطس 2020

الأستاذ نوران الحوراني.. بقلم محمد فتحي المقداد

 كلمة لا بدّ منها: 

للصديق (نوران الحوراني) 


بقلم الروائيّ-  محمد فتحي المقداد

 

من محاسن لجوئنا أنّه فتح لنا أبوابًا جديدة، ونوافذ أطلننا منها إلى الآخر، وتلاقحت المعارف والثقافات، وتحفزت الأفكار للإبداع عن الكثيرين من أبناء بلدي خاصة في الأردن، البلد الذي فتح قلبه وصدره، فكان كالأم وصدرها الحنون.

ومما يجدر قوله: "الأردن يتقدم دول الجوار بخمسين سنة على الأقلّ في مجال الحريّات الشخصيّة".

وعلى الساحة الأردنية التقيت بالعديد من الفعاليات المحلية والسورية والعربية، ومنذ سنوات مجيئي في بداية العام ٢٠١٣، وفي كلّ صيف أرى عمّان خلية نحل نشطة ثقافيا على الصعيد العربي أجمع، يؤمّها الشعراء والكتاب والأدباء على مختلف جنسياتهم وانتماءاتهم ومرجعايتهم الفكرية والسياسية، وقد واعتلوا منصاتها الثقافية، وجمهور الأردن يستمع ويصفق لهم.

في عمّان كان لقائي الأول بالأستاذ (نوران الحوراني) ابن مدينة درعا، أسرني بلباقته منذ أول دردشة بيننا على المسنجر، وكان اللقاء الأهم وجهًا لوجه في وسط البلد في عمّان، وعلمت أنه يحمل بكالوريوس لغة فرنسية من جامعة دمشق، ثقافته الواسعة لم تأت من فراغ، فعمله في مكتبة (دنديس) أتاح له التعامل مع الكتب والأدباء والباحثين والأكاديميين، وفي أوقات فراغه القليلة يقرأ فيما يروق له، لا سيما اعظم كتب الأدب والعلم والدين بين يديه وفي متناول يده.

ابتسامته كانت دليله إلى قلبي، تواضعه الجمّ أسرني، حلو منطقه في الكلام استحوذ على اهتمامي لكي أستمع إليه بكل شغف.

لا يخفى طيبه ونقاؤه على من يلتقيه ولو لمرة واحدة، روحه مرحة رغم دواخله الموجوعة.. يعمل بجد ونشاط لا يكسل ولا يتأفف، ولم يمنعه تقدم العمر من مزاولة عمله بهمة عالية، واخلاص، ونصح، ومثابرة. تحياتي لك أبا رامز الغالي


عمان - الأردنّ

٦/ ٧/ ٢٠٢٠

المحامي ابو غانم. كتب

 كتب الأستاذ المحامي محمد الغانم أبو غانم.. عن الروائي (محمد فتحي المقداد) 

___----____

*لاجئ سوري حوّل المحنة إلى منحة ونقل في حقيبته وجيوب معطفه الممزقة  تراث بصرى الشام والشام وفي الطريق وعلى وقع القصف والرُعب طارت ذكرياته الورقية أدراج الرياح لكن  تلافيف مخه النظيفة احتفظت بتفاصيل وشيفرة المكان ...*


*حطّ رحاله بمخيم الزعتري حيث الغبار والزوابع وهجير الصيف وحرّه والرمال المتحركة والصحراء الممتدة وضيق الأُفق وقسوة العيش ...*  


*لم يستسلم ولم يرفع الراية ولم ينتظر طويلاً هبات وأعطيات المحسنين ولم يقف على أبواب الجمعيات ولم يتسول في الطرقات أو ينصب ويحتال بل شحذ الهمة وفعّل الإرادة ورقص فوق الرمال وجعلها صديقة وأيقن بأن التكيّف ضرورة والضعف والاستكانة عار وشنار وأن بصرى ستعود وإن طال الزمان وما بصرى إلّا من الشام والشام تبدأ من الشام نفسها وتمر بالقدس وبيروت وتحط رحالها بعمان ولبصرى شقيقات من مرضعة رومانية جرش وأم قيس وبيت راس وطبقة فحل وغيرها وكذلك أخت كبرى لأب عربي اسمها البتراء العظيمة ...*


*نهض اللاجئ من قمقمه وسنّ مقصه وبدأ يزيّن للناس رؤوسها وذقونها مقابل أن يحصل على ما ينفق به على أسرته وبرع في عمله وبات له زبائن يقصدونه لا بقصد الحلاقة والتزيين فقط وإنما للاستمتاع بحديثه، والسعيد من وقف أديبنا أبو هاشم فوق رأسه لدقائق يقص له شعره ويقرأ عليه ترانيم الأدب. *


*ماذكرناه هو مقدمة لرسالة بالغة الوصف خطّها أديبنا بثقة وتؤدة حتى بات صالون حلاقته مزاراً وملتقى عشاق الأدب كالعقاد ومي زيادة وما أن تدخل دكانه المتواضعة حتى تواجهك الكتب متشابكة ومعلقة كـ حدائق عدن.*


*لأديبنا الفذّ زوايا وحوارات أدبية نقدية على منابر ثقافية وخدمات مكتبية من طباعة وتنسيق ومراجعات إملائية ولغوية ونشاطات على دوريات متخصصة ومجلات وصحف  وكذلك اصدارات ومقابلات ولقاءات وكتب مطبوعة منها :*

*- رقص السنابل.*

*- كرسي الاعتراف.*

*- إضاءات أدبية.*

*- الطريق إلى الزعتري( رواية ).*

*- خيمة في قصر بعبدا ( رواية ).*

*- دوّامة الأوغاد ( رواية ).*

 *وأخرى عديدة في طريقها إلى الولادة.*


*ألف تحية لأديبنا الروائي السوري الكبير  محمد فتحي مقداد أبو هاشم ولكل لاجئ رسم طريق عودته بعرق وجهد وصبر .*

*#خربشات_أبو_غانم*

خاطرة على قارعة الأدب

 خاطرة على قارعة الأدب

____________________


على شُرفة حانةِ ذكرى ثَمْلَى احتضارًا..

دهاليز اتّسعت ساحاتها لتَرنّحات كآبتي المقبورة في صدري.

وانزلاق ابتسامة على شفتيّ؛ تستدرجُ أكوام حسد، 

وعيونٌ تتملّاني.. تنهشُ بقايا من بقايا هيكلي الواهن.

تستقوي.. تزدري..!!

تنشط في اعتلاء مراتب قهري..

ترقص طربًا على أنغام جراحاتي..!!

بسمتي صكّ امتلاكي الكون، ومفتاحه.

بكلّ ثقة أعلنها: "أنا متفائلٌ حدّ الفجيعة" .

متسائل: "أعليكَ حرارة؟ ".

وقيل كذلك: "يبدو أنّه تناولَ دواءً ليس له".

آخر مُخاطبًا نفسه: "مسكينٌ.. حِجابه ضاع منه".

_________

 *(الحجاب - التميمة المكتوبة تعلق في الرقبة وتتدلى على الصدر) 


الروائي محمد فتحي المقداد

قراءة نقدية للاستاذ أحمد علي بادي/ على قصة (الصرصور المغامر)

 كتب الاستاذ/احمد علي بادي -السعودية

قراءة نقدية على نصّي(الصرصور المغامر) قصة قصيرة

==========

*من العتبة الأولى للنص يبدأ الإيحاء بدرامية النص (الصرصور المغامر)،

وهنا رمزية يمكن إسقاطها على أولئك المسحوقين الذين دائما ما يحاولون التسلل عبر الحدود بحثا عن لقمة عيش كريمة فلا يجدون الاختناق بالإهانة.

*هنا اختيار موضوع الصرصور وهو يتسلل بغنيمته الحقيرة التي بالنسبة له عظيمة، مع وجود ذلك العسكري المرمي به ايضا هناك في العراء كان رائعا واسقاطاته الساخرة.

*لعل هنا المكان وتوحد الجندي فيه هو الشخصية الأولى في القصة وهو يصنع الخط الميلودي في القصة   ثم تأتي شخصية الصرصور لصنع خطا هارمونيا اثرى القصة وأبرز الرؤية.

*القصة بدأت بوصف المكان وإدخال القارئ شيئا فشيئا فيه ثم تتقاطع معه مشاهد الصرصور في رحلته المغامرة مع حيرة الجندي وتردده في امر ذلك الصرصور، وهنا تقع بؤرة الصراع التي يذهب إلى نهاية علت فيها الكوميديا السوداء.

*لغة القصة قوية ولائقة، هناك فقط تكرار يمكن الاستغناء عنه، للدقة أكثر: (انتفض جسمه، بقوة كامنة مدخرة في جسمه)، لاداعي لـ(جسمه) الأولى.

*أسلوب الوصف استخدم هنا ربما لحاجة رسم المكان والرواي العليم بضمير الغائب كان هو ما اعتمد عليه الكاتب.


تحياتي لك ا.محمد🌷

،،،،،  ،،،،،،

الصرصور المغامر


قصة قصيرة

بقلم- محمد فتحي المقداد


سكونٌ استحوذ على المكان بسطوة لا تُقاوم، مثير لشهوة تساؤلات، تبدأ، وتبتعد مسافات لتلامس حوّاف الكون، تشتهي النهاية لتصل إلى جواب شافٍ، إن ينتهي سؤال حتى يزاحمه الآخر على احتلال الصدارة في نفس صاحبه. 

الصرصور جادٌّ بعمله هذه المرّة، كتلة عظيمة الحجم إذا ما قورنت مع حجمه الأضأل منها، صارت ككرة قدم من الدحرجة المستمرّة على الرمال، يسوقها بقدميْه الخلفيّتيْن، رأسه عكس اتّجاه سيره، ومن غير المعلوم كيف يحدّد مساره لايصال غنيمته إلى جحره، ألا فكّر بأنّه ربّما ضلّ وحاد عن طريقه، ولاخاف السقوط في حفرة ستكون خاتمته النهائيّة فيها. 

يسير غير آبه بأيّ منطق مسموح أو ممنوع، الكرة تتدحرج بسهولة وأحيانًا بصعوبة إذا ما صادف تبّة تراب تعتلي قليلًا، أو حجر ناتئ رفضتِ الأرض احتواءه كاملًا، وضاقت ذرعًا برأسه المُدبّب يوجع خاصرتها. 

ما لم يخطر بالبال، أّنّ حاجزًا اصطناعيٍّا هذه المرّة حال بينه وبين إكمال خطّ سيره، بسطار العسكريّ الواقف في نوبة حراسته، في هذا المكان النائي بجغرافيّته على حدود الوطن، في آخر نقاط التقاء الحدود، هنا لامجال للخطأ أبدًا، فالنسبة القليلة منه قاتلة، لايمكن التّسامح أو التغاضي عن الهنّة؛ فالهنّة تستوجب العقوبة الصّارمة. 

خفّت حدّة حرارة الشّمس اللّاهبة، وانكسر الظلّ إلى مثليْه، ففي مقياسه أن وقت العصر فات من أكثر من ساعة، هذا تقدير سكّان الصحراء خبرتهم هدتهم لاكتساب معارف تخصّهم وحدهم، مجهولة لأبناء المدينة المرفّهين بما يستحوذون عليه من وسائل الرّاحة. 

تتزحلق رجلا الصرصور الأماميّتيْن، عندما يدفع بشدّة لتجاوز العقبة الكأداء، وهي تستعصي على قوّته، يدفع بأقصى ما لديْه، ويفشل المرّة تلو المرّة. 


*** 


العسكريّ واقف عيناه ساهمتان في الأفق الهادئ حدّ الرتابة المملّة بقسوتها، الموحشة بانقطاع سُبُل الحياة المُيسّرة منها، الفراغ من حوله فجّ الحضور باتّساعه ينهش الكوْن بنهَم، الصمت مطبِق بجبروت على المساحات مدّ السّمع والبصر.

دُخان سيجارته يخترق الفراغ مُوزّعًا حلقاته على الاتّجاهات محاولُا ملأه، قانون التلاشي أصدر قراره بمنع التجمّع والتجمهر، وكأن قوّات مكافحة الشّغب مُتأهبّة؛ لتفريقه ولا تسمح بتجمّعه، ثانية ينفثُ الدُخان مصحوبًا بأنفاسه الحرّى، لا زالت نوبة حراسته في بداية، لم يمض منها سوى نصف ساعة، قطع شروده عندما انتبه للصرصور وهو يصطدم ببسطاره، فتح عينيْه على اتّساعهما، الدهشة أفغرت فيه، رافعا حاجبيْه متأمّلًا المنظر، شعور مفاجئ بدبيب الحياة من حوله، اكتشف أن تشاركيّة الحياة مع الصرصور في هذا الخلاء القاصي؛ أشعره بمن يقتحم وحدته القسريّة، فلا يسمع إلّا زمجرة الرياح معظم الأحيان، ونتائجه من الزوابع وهي تسدّ الأفق فتظلم نفسه وتنقبض روحه وينخض مدى رؤيته في مراقبة الحدود وتُصعّب عليه القيام بمهمته على أكمل وجه، أو ينتظر أفواج السّراب المتلألئة المهرولة إليه من بعيد ولا تصل إليه. داهمته الرحمة و الرأفة، ولم يؤنبّه ضميره عندما رفع بسطاره للأعلى لتسهيل عبور الصرصور وكتلته التي يدفعها، انتفض فجأة، اهتزّ جسمه امتدّت يده إلى سلاحه الجاهز، خامره الشكّ أنّه يخون أمانته، عندما سمح للصرصور القادم من الجهة الأخرى للحدود، تجمّد إحساسه وغادرته الرحمه، عندما قرّر الإطباق عليه وهو تحت أرضيّة بسطاره تمامًا.

انحفضت قدمه قليلًا، صوت قويٌّ من أعماقه هتف به: "دعه يمرّ، إنّه صرصور لا يضرّ ولا ينفع، وهو من سكّان هذه البقعة، ولا يعترف بخطّ الحدود الوهميّ، ولا معرفة له بالممنوع و المسموح". 

*** 


الحرص الشديد بتنفيذ مهمّته، استذكر مقولة مدرّبه في الدورة: "النملة غير مسموح لها باجتياز الحدود". تنازعه تأنيب الضمير، واستقرّ رأيه على كتمان الحادثة، في اللحظة الأخيرة، تذكّر معاينة الكرة المتدحرجة، تأكّد أنّا قطعة من بُرازٍ آدميٍّ، انتفض جسمه بقوّة كامنة مُدّخرة في جسمه، تتبّع خط سير الصرصور لمسافة مئة متر، ليتأكّد بما لا يدع مجالًا للشكّ، وهو يتذكّر مقولة: "أن البعرة تدلّ على البعير". 

تناول جهاز اللّاسلكي للاتصال مباشرة بقائده للتبليغ عن الحادث. استنفار جميع مخافر حرس الحدود للبحث الدقيق، تحرّك على كلّ المحاور، بتصميم قويّ على: "أنّ الوطن أمانة في أعناقنا".


10 \ 1 \ 2018