شاربان
معقوفان
أقصوصة
بقلم. محمد
فتحي المقداد
حانتْ اِلْتِفاتةُ منِّي
لذلك الرَّجُل، الواقف أمام مرآةٍ غير نظيفةٍ في الحمَّامات العامَّة. تأمَّلتُ
حركة أصابعه الرَّشيقة بتفتيل طَرَفَيْ شاربيْه المعقوفيْن للأعلى. بعد اِطمئنانه
على وضعِهِما الطَّبيعيِّ؛ أظنُّ بل مُتأكِّد من عدم اِسْتطاعة الصَّقر بالوُقوف
عليهما، ولأنَّهما ليسا عريضان فكثافتهما الوُسطى غير كافيَة، لا تُؤهِّلُ إلَّا
عُصفورًا صغيرًا بحجم البُلبُل؛ للتَّغريد فوقهما.
بخُطوات مُنمَّقة
مُتَبَخْتِرِة، يتمايل معها جَذْعه الأعلى بإيقاعٍ داخليِّ شِبه راقص، لا يُشبه تمايُل
الثَّمِل على أنغام موسيقى بائسة رديئة.
ما إنْ أصبحَ بمُحاذاتي، حتَّى
غطَّى على خيالِ "طوني حنَّا"، الذي اِنْتصَب أمامي هذه اللَّحظة، بطلعته
المُفعمة بالحياة. لكنَّه كان صامِتًا ملامحه حائِرَة.
أطلقتُ اِبْتسامتي المُعجبة بشاربي
الرَّجُل. بادرته بلكمة مُرفقة بابتسامة:
-"حِلْوين".
بادَلَني نظرة شُكْرٍ بطَرَف
عَيْنه، اِسْتمرَّت خُطُواته نحو المَخْرَج بلا توقُّفٍ، لاحظتُ خُطوط جبهته
المُتغضِّنة غاصت عُمقًا، وكشرة وجهه تميلُ إلى العُبوس. صوتُ حذاء الكَّعب العالي
سابَق صاحبته قدومًا ليس إلى مكاننا بل إلى سَمْعِي. اِلْتَفَّ الرَّجُل بنصف اِسْتدارة
نحوي، واِبْتسَم.
الثلاثاء ــــــــا
20\ 5\ 2025