الخميس، 8 أبريل 2021

الفكرة ذات الجرس الموسيقي 8

 

 

الفكرة ذات الجَرْسِ الموسيقيّ

(8)

بقلم – محمد فتحي المقداد

 

 

   للأفكار قيمةٌ ماديّة ومعنويّة عالية في ذهن من يُقدّرونها، ولا وجه للمقارنة بينها وبين العادية، أو التي ما زالت لم تروِ نُضجًا في عقول أصحابها، فضلًا أن تُنشر للعلن وللعموم.

   وهي دليل ذهنيّة وعقل الكاتب، ومدى اتّساع آفاقه المعرفيّة بشواهدها وأدلّتها وحيثيّاها، وتكليلًا لموهبته ذات القابليّة الإبداعيّة المُتزاوجة بتقنيّة الصّنعة الكتابيّة في كافّة مجالاتها الفكريّة والأدبيّة.   

   فنحن نقف الآن على أعتاب فكرة ناضجة بتفرّدها، وبطرحٍها الجريء الجديد المُبتكر الجدير بالاهتمام، لعلنّي لا أغادر الحقيقة، إذا أطلقتُ عليها الفكرة الذهبيّة، وفي المجال الأدبيّ هو ما سأذهب إليه في هذه العُجالة. وفي الشّعر بجميع أشكاله وألوانه، هناك الموسيقى الخارجيّة المُتولدّة عن استخدام الأوزان والقوافي والمُحسنّات البديعيّة، لتخلق تناغمًا لائقًا سَلِسًا داهِشًا بفنيّه عالية المُستوى، وهو ما تتجلّى فيه قُدرات الكاتب الموهوب أو غير ذلك.

   بالتوفيق بين الموسيقى الخارجيّة والدّاخليّة، ندخل في التنظير  للجرس الموسيقيّ للفكرة، عند استلهامنا النغم الخفيّ المُتولّد في أنفسنا، عند قراءتها الأعمال الأدبيّة المميّزة سواء كانت شعراً، أو نثراً؛ فنغمة باعثة للحماس فينا، و أخرى جالبة للحزن والكآبة، ومثيرة للحنان والحنين.

   بتتبّع مصدر النّغمات المُختلفة المُتولّد في النّفوس؛ لتبيّن لنا مَلَكَة الكاتب، وحِسّه المُرهّف، بحُسن اختياره الدّقيق لكلماته، بتوافقاتها المُنسجمة المتآلفة بدلالاتها، بعيدة عن التنافر، وتسيل كالماء في رقّته وسلاسة جريانه، وكلّ ذلك دليلٌ أيضًا على ثقافة وسعة اطّلاع الكاتب، وثراء مُعجمه اللغويّ، والتبحّر العميق في توليد فرائد اللّغة وتفجير ينابيعها.

     بالعودة إلى مُصطلح العنوان:(الجرس الموسيقي: الذي هو الكلام، وتكلّمُت بشيء وتنغّمت، وجرست وتجرست: أي تكلمت بشيء وتنغمت. والجرس: الصوت، وقيل: الصوت الخفي، وقيل: الحركة، وتنصرف اللفظة إلى نغم الكلام، ويقال: أجرس: علا صوته).

   على أنّ الجَرْس يُعدّ من الموسيقى الداخليّة للألفاظ لأن: (الألفاظ داخلة في حيّز الأصوات، كالذي يستلذّه السَّمع منها، ويميل إليه هو الحسن، والذي يكرهه وينفر عنه هو القبح). بين قوسين من مصادر الأنترنت.

   والجرس الموسيقي تداخل ما بين عناصر النص، بدءًا من اختيار الكلمات والأحرف، وتشكيلها في جُمل ومقاطع ومشاهد؛ تحمل في ثناياه أنفاس الكاتب وصدق عاطفته، للاستشعار حرارة أنفاس ما كتب، وترك الأثر المأمول، وتُخلّدُ في العقول حِفظًا وتِردادًا كلّما جاءت مناسبتها، طازجة كأنّها خارجة للتوّ من فم كاتبها.

(من كتابي – كيف.. كاف.. ياء.. فاء)

 

عمّان – الأردن

ــــــــا 8\ 4\ 2021

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق