الاثنين، 12 أبريل 2021

كولاجات الفكرة (12)

 

 

كُولاجات الفكرة

(12)

بقلم: محمد فتحي المقداد

 

   الفكرة الوهّاجة المُتَوثّبة تفرضُ نفسها بِقُوّة على السّاحة الثقافيّة، بما تُقدّم

من إثارات فكريّة للقارئ، وبما تتركُ من أثر عميق في نفسه، وفتح فضاءات  الإشغالات الذهنيّة بالتدقيق والتَّساؤلات.      

ما تتعدّد الرّؤى التأويليّة لأيّة فكرة، وتشكيلاتها الأدبيّة بما تحمل من مضامين تُلامس الواقع، مُنطلقة لمهمّتها الأسمى، ألا وهي النّهوض والارتقاء به، من خلال الإشارة لمشاكله، ومُعالجة قضاياه, رغم أنّ الكاتب ليس مطلوبًا منه إيجاد الحلّ والدّواء، وإنّما هي وظيفة أصحاب القرار، من يملكون مفاتيح الحلّ والرّبط.

وفي الوصف المُقدّم آنِفًا للفكرة، هو ما أقصد به الكولاج، أو الكولاجات.  والمصطلح هذا هو: (تكنيكٌ فنِيٌّ يقومُ على تجميع أشكال مُختلفة لتكوين عمل فنّي جديد. إنّ استخدام هذه التقنيّة؛ كان له تأثيره الجذريّ بين أوساط الرّسومات الزيْتيّة في القرن العشرين، كنوع من الفنّ التجريديّ، أو التّطوير الجادّ؛ وقد تسميته بذلك من قبل الفنّانيْن "جون براك" الفرنسيّ، و"بابلو بيكاسو" الإسبانيّ في بدايات القرن العشرين) *من مصادر الأنترنت.

   بالنّظر لما تقدّم، لا بدّ من تطبيقات هذا المصطلح في مجال الأدب، هو بداية لأستاذي الأديب المرحوم "محمد مُستجاب" في كتبه القّيِّم "نبشُ الغُراب". وبداية قراءتي لهذا الكتاب عندما صدر العام2010ضمن سلسلة كتاب مجلة العربي، تأثّرتُ جدًّا بطريقته الفاتنة السّاحرة، بحيث كنتُ أقرأ المقال الواحد مرّات، استهواني التّجريب في هذا المضمار، وعلى طريقتي اقتداء بِمُستجابٍ، وبدأت بكتابة أوّل مقال، أطلقتُ عليه (مقالات مُلفّقة)؛ بجُزأيْه الأول المطبوع والثاني المخطوط.

وعليه؛ فالتلفيق: ليس من الكذب والدّجل والدّسائس. بل من الترقيع والترتيق، بجمع الأشياء غير المُتجانسة، والمُتنافرة في سياق واحد؛ لتُصبح مادّةً مُعتبَرةً لها كيان، بعد مزجها وصهرها في بوتقة واحدة، وحُضور على السّاحة الأدبيّة.

   وبقياس الأشياء على مُتشابهاتها، ونظائرها؛ تبيّن لي أنّ التّلفيق هو كولاج، يتشابه معه في طريقة الإعداد للوحة، والفكرة عند تكوينها لمقطوعة أدبيّة، من الممكن أن نُطلق عليها لوحة أدبيّة،  كما هي لوحة الفنّان الزّيتيّة.

 

(من كتابي: كيف.. كاف.. ياء.. فاء)

عمّان – الأردنّ

12\ 4\ 2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق