قراءة على رواية
( هبة النيل) الأديب يحيى البحاري.
----------------------
الرواية من منشورات دار العنقاء (عمّان – الأردن)
تقع في 73 صفحة من القطع المتوسطة
---------------------
البيئة السودانية تحتفظ بنكهتها المضمّخة بعبير النيل، المتدفق حياة وحباً، فكان الحب هبة النيل، فالحب نتيجة للعلاقات الإنسانية المتشابكة فيما بين فئات المجتمع، بأفراحها وأحزانها، بآمالها وطموحاتها، بنجاحاتها وإخفاقاتها، بإيمانها وكفرها، بتواصلها و إنزوائها.
هاهم ناس الرواية الذين انتقلوا من واقعهم البعيد جغرافياً عنّا، انتقلوا إلى صفحات الرواية، بمهارة قلم البحاري الحاذق، بتصوير أدق حالات المشاعر الإنسانية.
حبه للنيل تشارك مع البنت أمل، يأتي هو لتأمل قوة النيل ، و صفاء زرقة مياهه، كلما تأتي، ذهبت الجفوة، وجاءت الإلفة، ليكون اللقاء الأول ويرتقي للتعارف، وتمييز الهوايات المتشابهة إلى حد التطابق.
تكلل التعارف، ليصبح تقارباُ مكللاً بالحب المتبادل، ثم الوعد بالزواج الذي تمّ، والبنت أمل تنطوي على جرح عميق، تغلفه بسرية تامة، يؤرقها بألم ممضٍ أقلقها وهي تعلم بأنها ليست ابنة الناقص، ولا تعلم من هم أهلها حقيقة.
رواية "هبة النيل" نقلتني إلى أجواء رواية " ضو البيت " فتبدو روح الطيب صالح وكأنها تسري مع مياه النيل لتستقي منها هبة النيل الروح السودانية البسيطة بمعيشتها، وأخلاقها الرفيعة بتواضع جمّ, مع فارق الإيماءات الجنسية الفجّة في " ضو البيت " بينما " هبة النيل " ملتزمة بقالب الحشمة بعيدة عن تلك الإيماءات، بينما حدث صراع فكري ما بين الشيوعي، واعتباره مأفوناً فكرياً، يبتعد عنه الناس متقززين من سلوكياته الحياتية.
وقد سلّط الكاتب الضوء على الاعتقادات الخرافية لدى الكثير من الناس، وذلك من خلال أشخاص الرواية، ما بين مصدّق ومُكذّب للمشعوذة، التي تبتز من يقع في دوّامتها، وكثيراُ ما ينجو أحد من شرورها المستطيرة، واجتنابها خوفاً من أذاها، صراع عجيب ينتشر في تقريباً مع معظم المجتمعات الإنسانية، وخاصة في مناطق الفقر.
ويبقى أن الكاتب لامس الكثير من القضايا ملامسة خجولة، مروراً عابراً، وتجاهل الكثير من تفاصيل الزمان و المكان، وطريقة التعاطي الحذرة مع الحلول الذي أذهب الكثير من متعة القراءة لديّ، حيث افتقدت نقاطاً عبر ثنايا النص بحيث أنه لم يكتمل في ذهني، مما أشعرني بالفراغ الذي لو لم يكن لكان البهاء والتألق.
وترجع أمل بطريقة بسيطة لتتعرف على أهلها، بطريقة بسيطة جداً، ويلتئم الشمل وترفرف السعادة على الأسرة من جديد. فالحب هبة النيل..
محمد فتحي المقداد
عمّان \ الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق