الثلاثاء، 19 مايو 2020

قراءة على مجموعة الصرير لتوفيق جاد

قراءة

على مجموعة " الصرير " للقاص توفيق أحمد جاد

 

بقلم - محمد فتحي المقداد

 

صدرت مجموعة الصرير القصصية، للقاص توفيق أحمد جاد في (103) صفحة من القطع المتوسط، تصدّرَها الإهداء من المؤلف، وتلاه التقديم للأستاذ يوسف أحمد أبو ريدة من فلسطين، ومن ثم جاءت دراسة نقدية للشاعر و الأديب عبد الرحيم جداية بعنوان " التوتر السطحي و المشاعر الكامنة " في مجموعة صرير. توزعت المجموعة على مساحة إحدى عشر نصّا، ما بين المتوسط والطويل نسبيًا.

البساطة السردية كانت ميّزة المجموعة، بتركيزها الشديد على إيصال الفكرة المتمثلة بمجموعة من القيم الاجتماعية السائدة، في محاولة الارتقاء المجتمعي من خلال تسليط الضوء على السلبيات المتضخمة في واقع ينسلخ شيئًا فشيئًا منها، لأسباب كثيرة، منها الانفتاح على العولمة، ودخول التقنيات لدقائق الحياة على نطاقات واسعة، وكان لها التأثير المباشر على اكتساب قيم جديدة ربما لا تتوافق، و تختلف كثيرًا أو قليلًا مع قيمنا العربية و الإسلامية المحافظة.

المجموعة متأججة بالمشاعر الإنسانية الفيّاضة دِفقًا فيما بين النفس الأمّارة، وبين إشراقات الروح الناصعة، لتأصيل مفهوم القيمة الحقيقية الموحية بالتماسك الاجتماعي الذي كان فيما مضى، متقابلًا مع واقع متناقض كُليًا مع موروثنا، مُستخْرَجًا من ذاكرتنا الجمعية، والعودة إلى مكنوناتها، لاستخلاص العبر و العظات منها.

الوعظيّة واضحة غير متوارية خلف غِلِالةٍ من أوشحة النسج الأدبي الجانحة عند كثير من الكتاب إلى الرمزية، أو الإغراق في الرمزية التائهة في مدارات تجعل العقدة تنفلت من يد القارئ. 

والنص الأول في المجموعة كان تربويًا بامتياز، وتسليط الضوء على صبر الجد على حفيده الطائش الأرعن يتيم الأبوين، ومحاولات الجد الحثيثة لتقويم سلوكيات الحفيد المنحرفة، وتحذيراته المتكررة من رفقاء السوء و ذوي الأخلاق السيئة، وكان أسلوب الجد حكيماً، وحكمة الشيوخ صبورة وقورة اكتسبت الخبرة، و دفع بحفيده من خلال خوض التجربة بنفسه، لزيادة الاقتناع، و رسوخه في حياته كمبدأ، ليجعل منه عنصراً صالحاً مفيداً لمجتمعه.

و النص الثاني " الصرير" هو الذي اتخذت المجمعة عنوانها منه، حيث أصبح الصرير ظاهرة نفسية مقلقة لها الكثير من التعرجات، و المنحنيات الجديرة بتفسيرها، وبسط الكلام عنها باستفاضة.

 و في النص الثالث " الحُلٌم" جاء موضوع الرفق بالحيوان هو علامة النص المميزة، وأنّ اللُّقَمْ تردّ النقم، وهو ما أذهب عن بطل النص الهواجس النفسية التي منعته من النوم والراحة.

و هكذا باقي نصوص المجموعة، لا يخلو منها نص من فائدة مقتنصة، أو موعظة مكتسبة، أو تأكيد على قيمة عالية السمُوّ في النفوس الصافية.

تتسم المجموعة بالصفاء الروحي و النفسي، و تأكيدها على الإعلاء من شأن القيم الروحية والنفسية، لترسيخها في دروب الجيل من جديد، بإعادة التأكيد عليها في كل مناسبة دون التردد في ذلك.

أهيب بصديقي توفيق جاد أن يكون قد تأنّى قليلًا بالمراجعة، وإعادة التنقيح أكثر من مرة، لتلافي الأخطاء الكيبوردية التي أساءت لجماليات نصوصه، وإعادة النظر في نسج بعض التعابير، لتتوافق أكثر في استقامتها مع السياق للتوضيح، التعجّل أضر بالمجموعة، ورغم هذه التحفظات فإنها لا تنقص شيئًا من قيمة المجموعة، ولكن النقد هو الذي يظهر جماليات الكتابة الإبداعية, وتجليتها بأفضل صورة.

عمّان \ الأردن

17 \ 7 \ 2016


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق