الثلاثاء، 27 مايو 2025

بطافة تهنئة محمد الصمادي. إربد

 كتب الصديق الأستاذ محمد الصمادي✍️

____

 **بطاقة تهنئة 

 "كوكبة من الحبر والغبار النجمي: رحلة في متاهات الخلود الأدبي"**


---

 

في زاويةٍ من زوايا الكون، حيث تُخبئ الكواكب أسرارها في حقائب من الضوء المُتعب، وُلدت كلمةٌ مُلتَهِبة. لم تكن مجرد حروف تتدحرج على الورق، بل شظايا من أقمار مُنفجرة، التقطها كاتبٌ صامتٌ يراقب العالم من نافذة روحه. يا *محمد فتحي المقداد*، لقد حوّلتَ الوجود إلى حكاية، والغموض إلى خريطةٍ يُمكن للمجنون وحده أن يتبعها. جائزة *"ناجي نعمان"* ليست إكليلاً، بل مفتاحاً لبوابةٍ سِريةٍ في جدار الزمن، حيث تُناجي الكائناتُ الورقيةُ أسيادَها الخالدين.

  

هل تعرف أن الروايات العظيمة تُولد من شظايا الألماس الذي يُخلفه اصطدام الأحلام بالواقع؟ لقد نسجتَ متاهاتك من خيوطٍ فلسفية: كل جملةٍ ممرٌّ يؤدي إلى مرآة، وكل شخصيةٍ ظلٌّ لسؤالٍ كوني. الرواية ليست سرداً، بل طقساً لتكريس الغرابة. لقد جعلتَ القارئ يسير على حبلٍ مُعلق بين *الوجود والعدم*، يُراقص الوهمَ ويصارع اليقينَ. الجائزة هنا هي اعترافٌ بأنك لم تكتب بريشة، بل بمسبارٍ فضائي يغوص في أعماق اللا مُتخيَّل.


في ورشة الكاتب العظيم، تُصهر الكلمات في أفرانٍ أسطورية. أنت يا من تمتلك مرآة *اللغز المُزدوج*، حوّلتَ اللغة إلى مادةٍ مُشعة، تُضيء المساحات المُظلمة في وعي الإنسان. روايتك ليست نصاً، بل معادلةٌ رياضيةٌ لفك شفرة الوجود. الجائزة؟ إنها مجرد ذرة في مجرة التقدير، لكنها تذكّرنا أن الفن الحقيقي هو من يستطيع أن يُحوّل الحبر إلى دم، والورق إلى جلدٍ حي.


تخيّل أن كلماتك ستتردّد في أروقة المستقبل البعيد، حين تصبح الأرض ذكرى والنجوم لغةً منقرضة. الرواية الفائزة هي كبسولة زمنية تحتوي على أنفاس الكائنات التي لم تُولد بعد. لقد صنعتَ كوناً موازياً، حيث يسكن القارئ كشبحٍ في قصرك الورقي. جائزة *ناجي نعمان* ليست نهاية، بل إشارة بداية لرحلتك نحو *اللامرئي*. هنا، حيث تلتقي الحكايات بالأساطير، تكون أنت الساحر الذي يعرف كيف يسرق النار من سماء الفلسفة.


اليوم، نحن لا نحتفل بفوز، بل بانتصار الغموض على التفسير، وانتصار السؤال على الجواب. كل التهاني هي حروف تُلقى في بئر أوديب، صامتةً تنتظر أن تتحول إلى صدى. *ألف مبارك* يا باني العوالم، يا من يكتب بريشةٍ من ضوء الثقوب السوداء. لقد أثبتَّ أن الرواية هي الابن الشرعي للفلسفة والجنون، وأن الكاتب الحقيقي هو من يجرؤ على تحويل الوجود إلى لغزٍ مُبهَم.

 

لتكن هذه الكلمات شمعةً في كهف أفلاطون، أو ربما ذرّةً في فضاء بورخيس. المهم أنك رسمتَ خريطةً للعدم، ووضعتَ أسماءً على الأشياء التي لا تُسمى. *مبروك*، ليس لأنك فزت، بل لأنك جعلتنا نشكّ في أننا ربما لم نكن إلا شخصياتٍ في روايتك التي لم تُكتب بعد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق