الفكرة
بين نكبة ونكسة
(19)
بقلم
– محمد فتحي المقداد
إذا انحدرت الفكرة من هزيمة إلى أخرى، فتتلفّع
بأقنعة التخاذل سلوكًا لتبرير موقفها أولًا، ثمّ لتبرير الهزيمة بالتهويم والتلاعب
بالألفاظ.. وبالعودة لما كتب من نكبة ١٩٤٨مرورًا بنكسة ١٩٦٧. العلامتان المُميّزتان،
للانكسار العربيّ بشكل عام.
وفي رحاب اللّغة ما يُغني الموضوع، والفهم
الدّقيق لمؤدّى كلمة نكبة: وهي (مُصيبة مُؤلِمة تُوجِع الإِنسان بما يَعِزّ
عليه مِن مال أو حَميم، تُصيبه بخَسارة عظيمة، رَزيئة، فاجِعة. "مَوْته
نَكْبة لأُسرته"، و هي: نازِلة عَظيمة ومُصيبة جماعيَّة تحِلّ بعدد كبير مِن
النَّاس، كارِثة)، وتكلّلت النّكبة باغتصاب فلطسين الجُزء الأغلى على قلوبنا،
ومهوى أفئدتنا من وطننا العربيّ، وقيام الكيان الصّهيونيّ الغاصب.
وكلمة (نَكْسة هي: إخْفاق، هزيمة،
اِنْكِسار، خِسارة. نكْسةُ المرض: معاودة المرضِ بعد البُرْء). وفي التحوّل
الذي ترسّخ في ثقافتنا العربيّة الجمعيّة: بأنّها نكسة عسكريَّة، خسرنا فيها
(الجولان في سوريا، سيناء مصر، الضفّة الغربية في فلسطين). وما زال الكلام في
موضوع النّكسة محرَّم وممنوع تداوله وتعاطيه على نطاقات عربيّة واسعة. لِمَسَاسَه
الفاضح المُباشر، لأوضاع سياسيّة قائمة مُتورّطة، وتتستّر تحت مِلاءات المُقاومة
والممانعة، الأسطوانة المشروخة التي صدّعت أدمغتنا، بمحالات فاشلة لإقناعنا
بانتصارات دون دونكيشوتيّة.
التسّاؤل الآخر القائم: لماذا كان الالتفاف
على الاعتراف بالهزيمة في المرّتين، واستبدلهما بمصطلح نكبة ونكسة؟. الاستخفاف بالعقول
مهنة حاذقة يقوم بها دهاقنة السّياسة، رغم انكشافها بشكل فاضح ومهين.
عمّان – الأردنّ
ـــــــــا
29\ 4\ 2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق