الجمعة، 19 مارس 2021

أربعة نصوص/بتوقيت بُصرى

 أربعة نصوص (ق. ق. ج) 


##مازالت ملامح البؤس الظاهرة على وجه ذاك المانيكان الطفل،  القابع قسرًا أمام محل لبيع التراثيات والأنتيكا في وسط البلد، تعاودني حينًا بعد حين. لباسُه التراثيّ لم يُغيّر من الواقع شيئًا. 

ارتسمت صورة وجه ابني على وجهه. تسمْرتُ أمامه طويلًا، وقلب البائع يتراقص فرحًا بتوقّفي، هو لا يعلم بضياع محفظتي، انْعقَدتْ كتلة بين حاجبيْه المشدوديْن، تشكيلاتُ خطوطٍ ومُنعرجاتٍ موحيةٍ بالغضب. 

انسحبتُ بهدوء، تبعني المانيكان راكضا بعد أن تبدّلت قسماتُه. تناثرت أجزاؤه عندما تعثّرت قدمه.##

___________


##كيف لي بسؤال صاحب مكتبة مشهورة في دمشق: "أريد شراء صورة للرئيس".

وأنا أقف على حافّة هاوية الجنون؛ لدرء ما كان يُقال عنّي هناك من اتّهامات لا أحتمل عواقبها.

وأنّهم وضعوا خطًّا أحمر تحت اسمي، وكثيرًا من الإشارات. 

استجمعتُ بقايا شجاعة قديمة، عيون صاحب المكتبة اخترقتني في الصميم، ثم مسحتني طولًا وعرضًا، أذهلتني نظراته.

هزّ رأسه  للأسفل مع رفع حاجبيْه مُتعجّبًا..!، أوحت لي حركته بانتظار سؤالي: "أريد شراء الرّ...".

اللعنة..!! كيف سقطت الصورة من صيغة السؤال. 

بسرعة أقفل أبواب المكتبة، وغادر دون التفاتة منه للوراء، بعد أن دفعني بكامل قوّته خارجًا. حيْرتي ما زالت تؤرّقني منذ سنوات: "كيف عرف هذا الرجل قصدي قبل أن أكمل طلبي؟".##

___________


##في وسط البلد أثناء جولة مليئة بالحنين والشوق، طال انتظارها. كان القرار الأخطر في حياتي؛ حينما اشتريتُ السيف البتّار من أجل تقشير الخيار.

التاجر انخرط في نوبة ضحك هستيريّة مُعتبِرًا خُطوتي ساذجة.. تلبّستني ندامة الكُسَعيّ؛ لأنّه عرف بنواياي الحقيقيّة.##

__________


##صدمة عظيمة، إثر إعلان وفاة الفارس المنهزم.

في لحظة حاسمة قرّر الفرار على قدميْه.

خوفًا من الفرار جاثيًا. على حدّ قوله في تصريح سابق له.##


(الروائي/ محمد فتحي المقداد)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق