الاحتيال على الرّغيف (خاطرة)
بقلم: الروائي محمد فتحي المقداد
جميع الصّباحات مزدحمة بأفكار يومها: الرّغيف أوّلًا قبل كلّ شيء، دوافع القلق دائمًا تأتي من أجله؛ يحارُ المرء بكيفيّة تأمينه؛ فبالسرقة والرّشوة وقطع الطّريق والتهديد والكذب وحلفان عظم الأيمْان.
أتاني مشهد ذلك الأعرابيّ الحاج إلى بيت الله الحرام، حينما التقى بالعالم الأصمعيّ طالبًا منه موعظة؛ فقال: (وفي السّماء رزقكم وما توعدون) الأعرابيّ لم يَحِرْ سُؤالًا، استدار مُودعًا شاكرًا.
وفي الموسم القادم من الحجّ التقيا مُجدّدًا؛ فبادر الأعرابي بالسّلام على الأصمعيّ؛ طالبًا الموعظة لهذا العام، بعدما تفكّر حوْلًا كاملًا بالسّابقة.
أجابه الأصمعيّ: (فَوَربّ السّماء والأرض إنّه لحقٌّ مثلما أنّكم تنطقون)، وهذا هو الشِّقُّ الثاني من الموعظة، وهما مُكوّنا آية كريمة من القرآن الكريم.
وكأنّني بالأعرابيّ، أنّه سمع ووعى، وتفكّر عامًا آخر بموضوع الرّزق، وازداد يقينًا بثبات وعزم، وإيمان لا يتزعزع: الله وحده هو مُقسُم الأرزاق.
جنيُ الرّزق بالتوكّل على الله، والكسب الحلال، والجدّ والمُثابرة قيامًا على العمل. لو كانت خاصيّة الرّزق بيد البشر؛ لاستأثر بها الأقوياء حارمين منها البشر جميعًا، ومن حكمة الله في خلقه أن جعل بيده مفاتيح الرّزق والأجل وأسبابهما.
من كتابي (من أوّل السّطر)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق