السبت، 9 مايو 2020

المربي الفاضل موسى حمدان السويدان

المُربّي الفاضل الأستاذ 
(موسى حمدان السّويدان)
بقلم الرّوائي – محمد فتحي المقداد
   يحقّ لبصرى خاصّة.. ولحوران ولسوريّة عامّة، أن تفتختر وتشمخ عاليًا، بأبنائها البررة، الذي أفنوا أعمارهم في تنشئة الأجيال، وبُناة الأوطان، الذين قضوا أعمارهم في سلك التربية والتعليم، وهم على كثرتهم، ولكن هناك الأميز والمميّز، والأستاذ (موسى حمدان السّويدان –أبو مجدي) رحمه الله. 
   كان أحد قادة الفكر والرأي والثقافة في مجتمع بصرى الشام الرّيفيّ الفلّاحي، وهو من الجيل على كافح وناضل حتّى وصل إلى الدراسة في دار المعلّمين العُليا في القاهرة أيّام الوحدة بين سوريّة ومصر1958 حيث قضة ثلاث سنوات هناك مدّة دراسته، مع إخوته من الطّلبة المتفوّقين من كافة المحافظات السّوريّة والمصريّة. 
   الأستاذ (موسى) هو من مواليد بصرى الشّام 1943من القرن المنصرم، بعد الانفصال 1961 رجع إلى سوريّة، واستكمل دراسته في مدينة حمص، وبعد التخرج تم تعيينه كمدير مدرسة في قرية (الجوخدار) من الريف الغربي في محافظة درعا المحاذي للجولان، ببعد ذلك عمل لمدة سنتين في قرية (صماد) جنوب بصرى الشّام في عام1963.
  عندما دخلت المدرسة في العام (1971)، ان الأستاذ موسى مديرًا للمدرسة الشّرقيّة نسبة للحي الشّرقيّ من بصرى، وهي (مدرسة بصرى الثانية للبنين)، آنذاك كانت المدرسة الغربية نسبة للحارة الغربيّة، وهي (مدرسة بصرى الأولى للبنين) غرب (باب الهوى)،والتنافس بين المدرستين كان على أشدّه في المسابقات الثقافيّة بين الأوائل والمتُفوّقين، والمباريات الرياضيّة، وعلى ما أذكر في العام 1972 أنّه أُجريَت مباراة كانت تاريخيّة لكرة الطّائرة، أخذت قوّتها وقعها في قلوب أهل بصرى؛ لأنّها جرت أحداثها في قلعة بصرى العتيدة، وعلى أرض مُدرجّها الشّهير، فكانت عظيمة عندما فازت مدرستي الشّرقيّة، وخرجت جماهير الحارة الشرقيّة من القلعة بهتافهم الخالد: (المعامل للعمّال.. والكاس للشرقيّة). يحملون أعضاء الفريق على الأكتاف، وهم يرفعون الكأس فوق الرّؤوس.
   الأستاذ موسى جلس مديرًا للمدرسة الشرقيّة لمدة 14 عام، فكانت إدارته قويّة جديّة صارمة في تعاملها مع الطّلاب. ويعتبر من ألمع المدراء بوضع بصمة بقيت طويلًا، وأصبحت جزءًا من العمليّة التعليميّة، وكان شخصّا بطبيعته قياديًّا ومُبادرًا. ومتفانيًا في عمله، فقد الدّوام وقتها على فترتين صباحيّة ومسائيّة، والمسائيّة فقط كانت في الأيّام الزوجيّة من الأسبوع (السّبت - الإثنين- الأربعاء)، وكان هناك في المساء قد فرض الطلّاب دروسًا مسائيّة، تجري في المدرسة، وقد طلقوا عليها اسم (المُطالعة) لمراجعة الدّروس وتأكيد حفظها، وهذا خارج ساعات أوقات الدّوام الرّسميّ، وتطوّعًا بلا مقابل، ولم النّاس يعرفون موضوع الدّروس الخصوصيّة، لأنُ الحالة التعلميّة كانت تبذل قُصارى ما تملك من جهد، لكن لمّا هبطت سويّة التعليم في المدارس، انتشرت موضة الدّروس الخاصّة في البيوت، ويدفع أهالي الطّلاب الأموال الطّائلة على ألادهم لتحسين تحصيلهم العلميّ.
   في العام 1976 سافر إلى الإمارات العربيّة المتّحدة، وعمل مُدرّسًا هناك، وعاد بعد استقالته إلى بصرى في العام 1988. وأثناء وجوده هناك بادر بأفعال الخير التي لا يعرفها الكثيرين عنه، فقد سعى بجمع وحثّ أصدقائه هناك لجمع مبلغ من المال ساعدوا ببعضه المحتاجين، اشترى به مُكبّرات الصّوت والإذاعة للجامع العمريّ وتحديث كافّة الأجهزة، مما كان نقلة نوعيّة وقتها. في إيصال صوت الأذان والتذكير إلى أرجاء بصرى التي تباعدت في جميع الاتجاهات. وعمل كذلك على تجديد للأثاث في المسجد، وفرشه   بالموكيت، مع إرساله لأدوات كهربائيّة للتنظيف ساعدت خادم الجامع وأعانته على القيام بمهمته على أكمل وجه. و كذلك جرى تغيير الإضاءة القديمة، وتجهيز مُصلّى  خاصّ للنساء في أحد الزّوايا. 
   عاش كريمًا ومات شهيدًا سعيدًا مع اثنين من أحفاده  بعد صلاة الجمعة أثناء خروجهم من جامع خالد بن الوليد في الحيّ الغربيّ، وحتى آخر يوم في حياته حين اصطحب أحفاده معه إلى صلاة الجمعة واستشهد حينها مع اثنين من أحفاده في ــــا 15\ 6\ 2012.  
   رحمه الله وتقبّله مع النبيّين, والصّدّيقين، والشّهداء، والصّالحين في جنّات النّعيم، وحسن أولئك رفيقًا، ومن الجميل أن أكتب عن إنسان مثل الأستاذ (موسى السّويدان) فلم أعرف عنه إلّا كلّ هدوء وطيب معشر، صادق في تعاملاته، لم يأكل حقًّا، ولم يفتر على أحد، كان خيّرًا مُحبًّا للخير وأهله، دائم البّشر ودودًا. 
الجمعة ــــا 9\ 5\ 2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق